أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - اسعد الاماره - الإسقاط وإعادة صياغة السلوك














المزيد.....

الإسقاط وإعادة صياغة السلوك


اسعد الاماره

الحوار المتمدن-العدد: 5096 - 2016 / 3 / 7 - 15:55
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


الإسقاط والاستدماج أسلوبان يعتمدان على تمايز الأنا "الذات" عن العالم الخارجي من شأنهما أن يخففا عن النفس في لحظات الألم والاحراج لكي تستعيد النفس إعادة صياغة السلوك في التعامل بعد أن آختل ولو للحظات أو دقائق أو ساعات.
الإسقاط Projection هي حيلة أو عملية تلجأ إليها النفس البشرية في حلها للصراع الدائر في الشخصية حول دافع نفسي معين بأن تتلخص من هذا الدافع فترميه، أي تسقطه على شخص خارجي أو أي شيء خارجي، كما أوردتها موسوعة علم النفس والتحليل النفسي وتضيف الموسوعة بمثال ذلك أن يسقط البخيل دافع البخل على الآخرين فيصفهم ظلمًا بالبخل الشديد دون أن يفطن إلى أن البخل جزء من نفسه هو وليس من الآخرين، وهكذا فنحن نميل إلى أن نسقط دوافعنا وأحاسيسنا وميولنا التي نستنكف من الاعتراف بها على غيرنا من الأشخاص والأشياء بحيث نراها ملتصقة بهم بعيدة عنا، بعد أن تخلصنا منها بعملية الإسقاط. تتم عملية الإسقاط بشكل لا شعوري دون أن يفطن بها الفرد، وأحسن تطبيق لهذا الميكانزم" الحيلة الدفاعية" في المثل العربي القائل كل إناء ينضح بما فيه.
لا نغالي إذا قلنا أن الإسقاط عملية هجوم لاشعورية يحمي بها الفرد نفسه بالصاق عيوبه ونقائضه ورغباته المحرمة أو المستهجنة بالآخرين، فضلا عن إنها لوم للآخرين على ما فشل هو فيه، بسبب ما يضعونه أمامه من عقبات، فلسان حاله يقول "فأنا أكره شخص ما ولكني أقول هو يكرهني، هنا أريد أن أتخفف من إثمي"
ويستخدم هذا الميكانزم الدفاعي- الحيلة الدفاعية- الآلية الدفاعية عند الفنان بشكل عام والفنان التشكيلي بكثرة حيث يسقط مشاعره لاشعوريًا على اللوحات التي يرسمها، وكلما كانت الرمزية والتكثيف عاليين فيهما كانت تمتد جذورها إلى أعمق نقاط النفس وهي مرحلة مبكرة جدا في تكوين شخصيته وبها يستطيع أن يزيل آثار صراعاته بالمقاومات الداخلية والخارجية، ويحكم حصاره حوله حتى لا يظهر عليه ما يشتم منه أي ضعف أو نقص إنساني، فيكون الإسقاط هنا محاولة لاستعادة التوازن النفسي الداخلي الذي ينعكس على التوازن النفسي الخارجي، كذلك تخفي آلية الإسقاط عند الفنانين نعمة القدرة على التعبير فنيًا عن أعمق وأوغل مشاعره النفسية تخفيًا حتى عن نفسه، وهي المشاعر التي تشد بقوة من يطالع تعبيراتهم الفنية سواء كانت اللوحة أو القصة أو المسرحية أو أي إنتاج فكري من الأغراب عن أنفسهم، دون أن يدركوا من أين تتاتى هذه المكبوتات المشحونة التي لم تجد لها التفريغ المقبول اجتماعيا، فلذلك كلما كانت قوة النتاج الفكري مؤثرًا، كلما كان صراعه الداخلي أقوى، حتى صار هذا النتاج أكثر تجاوبًا وآسرًا في تأثيره على المتلقي أو المشاهد أو المتطلع على اللوحة أو العمل الفني.
إن الإسقاط يظهر قوة التأثير المخفي من مشاعر وشحنات وإنفعالات وغموض النفس والقلب والعقل الذي يفكر بصمت ولا يبوح بما في داخله لانه يحمل بين ثناياه العديد من الرغبات المجنونة وغير المقبولة اجتماعيًا، هذه الرغبات والانفعالات الأليمة ذات الصلة الوثيقة بالحاجات الهامة التي لم تستطع أن تنفذ، سوف تؤدي إن لم تجد التفريغ المقبول إلى الحصر أو القلق المتصل بالحاجة إلى إثبات الذات أو الحاجة إلى الأمن، وهذا بدوره يؤدي إلى التوتر أو التهيج الزائدين حتى تتجاوز إمكانيات الفنان للاستجابة فيزداد لديه التشتت والذهول والتوهان والتشرد الذهني.. ولا نبالغ إذا ما تعتريه حالات من الذعر الخفي، ويقول"دانييل لاجاش" الحفز حالة من التفكك والتوتر تحرك الإنسان الذي لا يهدأ إلى أن يخفض التوتر ويستعيد تكامله، بوساطة التفريغ بالاسقاط وهي حاجة للتنفيس ايضًا، ويضيف"لاجاش" يصاحب ظهور تفريغ الحاجات لون من الانفعال يندرج بين اللذة والألم.
يكاد الفنان أن يشبه الاشخاص الذين يمتلكون قدرات عالية من الذين يتخذون من الهزل مهنة لهم حيث يسقطون انفعالاتهم بشكل مقبول اجتماعيا، والفنان وجد في موهبته الفنية وسيلة مقبولة اجتماعيا لتفريغ انفعالاته الحبيسة التي كانت تهدد اتزانه، ويقول"مصطفى زيور" ومن هنا كانت الموهبة الفنية ضرب من التصعيد، أي إفراغ الانفعالات التي قد تؤدي إلى الاختلال المرضي بطريقة تحفظ لصاحبها اتزانه، ويكون الإسقاط كآلية دفاعية تساعد في حفظ الاتزان وهي تتيح تفريغًا يكسبه جمال الإنتاج حقًا اجتماعيًا، فضلا عما يتيحه من مشاركة الآخرين للفنان في معالجة الانفعالات على نحو مقبول، ويجد صدى نتاجه في اللاشعور الجمعي لدى كل الناس، فهو استطاع أن يطلق سراح مكنونات النفس من اللاشعور إذا ما تدثر بالجمال وتهذب تهذيبًا مقبولا اجتماعيا.



#اسعد_الاماره (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النكوص -الارتداد- محاولة للتكيف
- الإرهاق والقلق واساليب الارشاد و العلاج النفسي!!
- البلوغ والتشنجات العقلية
- التربية ومشكلة التعصب
- بناء الإنسان.. يظهر أبنيته النفسية !!
- الندم.. مدخل سيكولوجي لمحنة الذات
- النفس..دوامة الحياة غير المنتهية
- المتظاهرون في العراق ليسوا جماهير ..إنهم الشعب بأسره
- عصا الديمقراطية ستؤدب الفاسدين في العراق
- الإفتتان الديني..مدخل لمصادرة العقل!!
- الملل النفسي..مدخل للاكتئاب!!
- تأملات نفسية لمحنة الفقدان
- جدل الإنسان
- محاولة لتفسير مطولة شعرية للشاعر الدكتور ريكان إبراهيم جلسات ...
- أفكاري .. مزقتني؟
- الإرادة ..السواء المطلق!!
- الانسان والحياة..جدل دائم؟
- الصحة النفسية ..الجمع بين الأضداد في إطار واحد
- الاكتئاب ..هل الحياة ليس لها معنى!!


المزيد.....




- الرئيس التركي يؤكد تمسك أنقرة بحل الدولتين في قبرص وإنهاء عز ...
- حافلات إجلاء تدخل السويداء وجهود لاستدامة وقف إطلاق النار
- الرئاسة السورية تتسلم تقرير لجنة التحقيق في أحداث عنف الساحل ...
- إيران تجري محادثات نووية مع الترويكا الأوروبية
- إسرائيل تجهز خطة بديلة لـ-المدينة الإنسانية-
- حافلات حكومية تدخل إلى السويداء لإجلاء المصابين والمحتجزين
- مسلحون من عشائر البدو في سوريا: -نلتزم بوقف إطلاق النار مع ا ...
- عريضة شعبية تجمع أكثر من مليون توقيع لألغاء قانون يُجيز مبيد ...
- إسرائيل ترفض تمديد تأشيرة مسؤول أممي ندد بقتل مجوّعي غزة
- فوكس نيوز: إسرائيل تبحث مع دول إنزال مساعدات جوا في غزة


المزيد.....

- الصورة النمطية لخصائص العنف في الشخصية العراقية: دراسة تتبعي ... / فارس كمال نظمي
- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - اسعد الاماره - الإسقاط وإعادة صياغة السلوك