أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إبراهيم اليوسف - خطاب السعار














المزيد.....

خطاب السعار


إبراهيم اليوسف

الحوار المتمدن-العدد: 5092 - 2016 / 3 / 3 - 05:36
المحور: الادب والفن
    


خطاب" السعار"

إبراهيم اليوسف
يسأل المرء نفسه، وهويتابع مايقدم عليه بعض من الكتاب والكتبة، من مواقف، لايمكن أن تبدرعن أي "أزعر"، وذلك لأنه حتى لهذا الأنموذج الأزعر، نفسه، ثمة ضوابطه التي يتقيد بها، ولايخرج عنها إلاضمن حالة سايكولوجية، وحشية، يفترض بالكاتب، حتى المبتدىء، أن يترفع عنها، لاسيما عندما تنطلق كتاباتهم، من بؤركيدية، لا علاقة لها البتة، بمنظومة القيم الأخلاقية التي تحصن الكاتب، وتجعله يلتزم بها، بما يجعله يناقش حتى ما يطرحه خصومه في الموقف، هؤلاء الذين ينكرون عليه، ليس حرية رأيه-فحسب- وإنما حياته، أيضاً، وقد امتلأت المكتبة الكلاسيكية بتلك الحوارات الحادة، التي طالما تمت بين أصحاب آراء متضادة، بحيث يكون لكل طرف من الأطراف قاعدته الفكرية التي تنطلق منها، تاركين للمتلقي، تشكيل موقف ما، إلى جانب هذا الرأي، أوالآخر، أوحتى نفي الرأيين معاً، والخروح برأي آخر.
بعد بدء الثورة السورية، وظهور التشكيلات الاجتماعية، والثقافية، المتناحرة، صارفي إمكان أي متابع حصيف أن يقول:"هل كان هؤلاء يعيشون بيننا حقاً؟"أو"أليس من الضروري أن يكون هناك في حدود محيط أي كاتب ينتهك حرمة الكتابة ويسيء إلى المتلقي أن يقنعوه بالإقامة في أي مصح عقلي، شأنه في ذلك شأن أي كائن يصاب بعدوى السعار، إذ يعد الحرص على علاجه، حتى وإن كان عبرالحجرعليه، إلى أن يبرأ، من أولويات مهمات هؤلاء، لأن سلاح الكلمة بات له الآن مفعول-القنبلة الذرية- ذات الخطورة الأوسع من خطورة براميل ال"تي إن تي" التي يستخدمها القاتل، ولابد من أن يكون أي سلاح من هذا النوع، في أيدي أسوياء، معافين، لهم آراؤهم في هذه القضية، أوتلك، على هذا النحو، أو ذاك، ولكن، ضمن شرط الكتابة، وشرط الرأي، لا ضمن فهم الإرهابي الذي يقدم في لحظة استعماء على تفخيخ نفسه، والضغط على زر التحكم، أو عبرالريمونت كونترول المخصص، ليردي ضحاياه، ضمن زمن محدد، ومكان غيرمحدد، مفتوح، على أمداء القارات كلها، بعد أن أصبحت ثورة التقانة، والاتصالات، في خدمة خطاب الشر، كما هي في خدمة خطاب الخير.
ربما كان متوقعاً، في ماقبل، أن يصادف أحدنا، في مكان ما، أحد هؤلاء المنفلتين عن القيم، المتجردين من الأخلاق، وقد يتعرض إلى الأذى المعنوي أوالجسدي، على يديه، نتيجة عنفه السعاري، الأعمى، بيد أنه كان يعد طفرة اجتماعية، متفهمة من قبل الوسط الاجتماعي، غيرأن حدود هذا الأنموذج جد ضيقة، وقدكان ممكن التجنب، حتى وإن كان أحد الذين يستطيعون تفريغ شحنات عنفهم-كتابياً- ضد سواهم، علناً، أوسراً. إذ أن تأثيره كان غيرذي شأن، وربما أنه لم يبق أحد، لم يتعرض للأذى من قبل هذا الصنف، لاسيما إذا كان صاحب رأي، أوموقف، أوممن يحققون الإنجازات للصالح العام، بما يسيل لعاب بعضهم، وقد تؤدي الاحتقانات المزمنة التي يعانون منها، إلى التنفيس عنها، عبرمثل هذه الممارسة الدنيئة.
إن مايحدث الآن، من قبل أنفارمن الكتاب والكتبة الذين باتوا يتفاعلون مع وسائل الإعلام المتاحة:المرئية، والمسموعة، والمقروءة، وقبل كل ذلك عبرالفضاء الافتراضي، من خلال تقديم خطاب مبني على أسس عدوانية، انتحارية، إنما هوانتهاك لم يعد يمارس بحق شخص، أوأسرة، أومؤسسة، أو جماعة، وإنما هوانتهاك معمم، يستشعره أي متلق، وكأنه هوالمعني، مادام أنه منفلت، متهور، أرعن، ضغائني، ثأري، لابد من التوقف ملياً عنده، وتشريحه، وتعريته، وفضح آلياته، معرفياً، بعيداً عن لغة ردات الفعل التي قد نلجأ إليها، في ما إذا كنا المستهدفين من قبلها، على نحومباشر.
صحيح، أن من يقدم على هذه الكتابات السعارية، إنما يعزل نفسه، بعيداً عن النخبة التي يفترض أنها موجودة، وأنه دأب على موضعة نفسه ضمنها، هذه النخبة التي لما يزل ينظرإليها، رغم كل أسباب تقصيرها، بحق ذاتها، باعتبارها لم تمارس وظيفتها على الشكل المرجو، وهوما أدى إلى تشويه صورتها، وافتقاد الثقة بها، إلا أن هذا الحكم غيرخاضع للتعميم، باعتبارأن هناك، من لم يتخل عن دوره، حتى ضمن أصعب ظروف الحرب الممارسة على إنسانه، داخلاً اللجة، أياً كان موقعه، وهومايمنحه شرف الموقف، ويعيد الاعتبارإلى طابورالكتبة الذين تخلوا عن الدورالافتراضي لهم، نظراً لاعتبارات عديدة، لامسوغ لها، بل نظراً لاعتبارات ساقطة، في أي امتحان حقيقي.
وسط غبارالحرب، ودخان حرائقها، وشميم رائحة شوائها للأخضرواليابس، بات بعضهم يخندق الكلمة في موقع المفخخة، في سلوك يبز سلوك ممارس-الإرهاب- إساءة بحق الآخر، إما ترجمة لغل ثأري قديم، أو طمعاً في لفت النظرإليه، بعد أن غدا خامل الذكر، أومستقوياً بعنف البندقية التي لايجرؤاستخدامها في موقعها الحقيقي-ساحة الحرب- ويبدوأن هؤلاء، باتوا ينطلقون من مساحة الأحقاد التي تنشأ-عادة- في ظروف القتل والدمار والتهجير، ليوغروا إلى صدور-قبضايات الحرب والحقد- حالمين بأدوارمستقبلية ما، حتى وإن كان مقابلها إعدام ماقدمه بعض هؤلاء من نتاج ثقافي، وقد كان الأجدربهم، أن يكونوا دعاة خطاب متزن، مكتوب بلغة الحكمة، والعقل، حتى وإن ساورتها انفعالات ما، من دون أن تؤسس لثقافة الكراهية البائسة التي لم تنطلق الثورة السورية، من أجلها، أصلاً، وإنما من أجل أهداف نبيلة، تم إجهاضها، أمام أعيننا، لدواع كثيرة، لابد من أن يتناولها الكاتب المعني، بكل جرأة، وشجاعة.




على الكاتب الذي يمتلك رؤية الثورة، ويمتلك أخلاقياتها، وطهرانية المبادىء السلمية الأولى التي انطلقت منها، ويدرك مسؤوليته التاريخية، إزاء ماهومطلوب منه، أن يكون رده على الخطابات الكيدية، البائسة،الرخيصة، التي تبدرمن نظيره المختلف، ولوالمتجني، والمفتقدة إلى منظومة التقويم الأخلاقي، بماهومعرفي، صرف، متسامياً على ماهو مبتذل، أو مهاتر، أو حتى شعبوي، لئلا يكرس ثقافة العنف، بدلاً من دحضها، وكبحها، وهتكها، مهما تمادت رحى الحرب في طحن منظومة القيم لدى بعضهم، بعد أن بان كل على حقيقته، كأحد أهم منجزات الثورة السورية التي أسقطت ورقة التوت عن العورات بلاتحفظ.



#إبراهيم_اليوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- على أبواب جنيف 3 سوريا:صورة فوتوغرافية متخيلة بالأسود والأبي ...
- أزمة المثقف الكردي
- هل يقتل الفنان التشكيلي نفسه حقاً؟ الفنان مالفا أنموذجاً
- من قتل الرئيس السوري؟:حكاية هرشوالبرازي الذي قتل سامي الحناو ...
- قامشلي الوادعة في معادلاتها الموقوتة
- في استقراء الأبعاد الثلاثة: بدلاً عن مقدمة-لديوان إلى مشعل ا ...
- عودة الروح في المجلس الوطني الكردي وأسئلة السياسي والثقافي
- آلة الاستبداد ولذة المواجهة (شهادة ذاتية)
- جكرخوين في آخر مظاهرة له في قامشلي:
- أكون ولا تكون....!
- إلى متثاقف نطاط:
- أحد مشوهي تفجير-قامشلي الإرهابي-:أحمد خوجة صورة فوتوغرافية.. ...
- عمرحمدي: ماوراء اللوحة1
- بعد مئة عام على تأسيسه: أسئلة المشروع القومي وأخطار تقرع الب ...
- عمرحمدي: ماوراء اللوحة
- -على هامش أطروحة المنطقة العازلة-: التدخل التركي واقعاً وتحد ...
- عبدالباقي حسين كان عليك أن تنتظر أكثر..!
- بطولات جبان
- بطولة الماضي والزمن المضارع...!.
- نداء إنساني:انقذوا اللاجئين السوريين في معسكرات اللجوء البلغ ...


المزيد.....




- هتستمتع بمسلسلات و أفلام و برامج هتخليك تنبسط من أول ما تشوف ...
- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إبراهيم اليوسف - خطاب السعار