|
الأردن وصندوق النقد الدولي ..آمال خائبة
أسعد العزوني
الحوار المتمدن-العدد: 5087 - 2016 / 2 / 27 - 11:46
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
أدق وصف يمكن ان يطلق على صندوق النقد الدولي ، هو أنه يمارس دور " القاتل الإقتصادي " بإمتياز، لأنه يمارس هذا الدور بعد دراسة معمقة ،وبإتقان عز نظيره ، وصولا إلى الهدف المنشود ، وهو إشعال الحرائق تحت كل قدم لمسؤول في الصندوق ، تطأ أرض دولة فقيرة هدف ، ولنا الأمثلة الصارخة في كل من دول امريكا اللاتينية وإفريقيا واليونان والعراق . وأقرب مثال هو اليونان التي كادت أن تعلن إفلاسها بسبب إقتراضها من الصندوق ، ولو لم تقف معها دول الإتحاد الأوروبي ، لإنهارت مبكرا ، كما أن العراق الآن يعد مثالا صارخا على سيالسات صندوق النقد الدولي ،الذي طور عمله بعد أن كان يهود في السابق وهم المشهورون بالربا ، يقرضون الفقرا ء ومن ثم يطلبون منهم السداد وفي اوقات صعبة ، ولن ننسى قصة تاجر البندقية وبطلها شايلوك اليهودي ، الذي طلب من معسر أقرضه ، رطلا من لحمه مقابل دينه ، لكن القاضي كان اذكى من اليهودي عندما إشترط عليه عدم إسالة أية نقطة دم عند قص اللحم من المدين المعسر . في مرحلة سابقة وقعت الحكومة الأردنية إتفاقية مع صندوق النقد الدولي ، مكنت الصندوق من الأردن ووضعته بين فكيه ، وإشترطت على الأردن ان يتبنى برنامجا إصلاحيا إقتصاديا ، يعود بالضرر على الشعب الأردني ، وبالتالي على النظام ،لأنه لا يوجد نظام في العالم يشعر بالراحة والطمأنية والإستقرار ، في حال وصل الشعب إلى درجة من الضغط الإقتصادي والإجتماعي لا تطاق ، ووصلت اليد البغيضة إلى لقمة الخبز. كانت تلك الإتفاقية تمثل فرصة للأردن للحصول على قرض بمبلغ ملياري دولار ، وتحض الدولة في الأردن على الإنسحاب من دورها السيادي في السوق ، ما يرهق كاهل المواطن صاحب الدخل المحدود أصلا ، ويدفعه للتفكير في امور ، ربما لن يفكر فيها لو كان مرتاحا إقتصاديا . المحور الذي يشتغل عليه صندوق النقد الدولي هو رفع الدعم الحكومي عن العديد من المواد الأساسية ، وصولا إلى الإلغاء التام ، وهنا سنكون قد وصلنا إلى لحظة الصفر لنفجر الصاعق ، تماما كما حصل في العديد من الدول الفقيرة في العالم الثالث ، التي نفذت رغبات صندوق النقد الدولي على أصولها . رئيسة صندوق النقد كريستينا كوستيال تحدثت أخيرا عن مناقشات الصندوق مع الحكومة الأردنية ، والرغبة الملحة في إختيار برنامج تسهيل الصندوق الممتد ، مدعية ان الصندوق أسهم في إجتياز الأردن لما واجهه الإقليم ، علما ان القول الصحيح ان هذا الصندوق اليهودي هو الذي يجر الأردن إلى الهاوية .كما إدعت المسؤولة الدولية ان الصندوق عمل على تحسين أداء الإقتصاد الأردني ، ولا أدري عن أي أداء تتحدث ، ونحن نعاني من إنعدام التسويق الخارجي ، وعدم التوسع الصناعي والتجارة الخارجية بسبب الأوضاع الحالية ، وكذلك الغلاء الفاحش الذي يضرب السوق الأردنية ، وإنخفاض القيمة الشرائية للدينار ، وإتساع مساحة الفقر في البلاد ، وإنعدام الطبقة المتوسط ، بمعنى أن الغني إزداد غنى ، والفقير إزداد فقرا . ولم تخف تلك المسؤولة انها تهدف إلى توقيع إتفاقية جديدة مع الأردن ، من أجل "ضبط" ادائه الإقتصادي وضمان تنفيذه ل"روشتة "الصندوق ، وضمان خلخلة امنه تلبية لرغبة مستدمرة إسرائيل . ليس تبليا القول ان المديونية في الأردن قد إزدادت في عهد حكومة د.عبد الله النسور الذي جيء به فرضا لينفذ أجندة الصندوق ، ولا أغالي إن قلت أن د.النسور كان من افضل الأدوات التخريبية التي عملت لصالح صندوق النقد ، لأنه نفذ المطلوب منه دون ان يرف له جفن ، أو ينتفض قلبه لصراخ طفل عجز أبوه عن توفير جرعة حليب له ، ومع ذلك يقول مسؤولو الصندوق أن المديونية في الأردن قد إنخفضت . آخر النقاشات بين الحكومة والأردن مؤخرا إتسمت بالمواجهة الإتهامية من قبل رئيس وفد الصندوق للحكومة الأردنية انها لم تطبق المطلوب منه على الوجه الأفضل ، وأنها تتساهل في ذلك ، دون ان يعلم أن سياسة النسور- لو لا رحمة الله بشعبنا وعقلانيته المتناهية وعدم رغبته في ان يكون طعاما لسمك البحر المتوسط – مدعاة للثورة الجامحة لما لها من إنعكاسات على الشعب الذي لا يجد في غالبيته قوت يومه . يدعو صندوق النقد الدولي إلى الخصخصة وبيع القطاع العام ، وهذا ما اثبت فشله عندنا في الأردن ، كون التطبيق تم بطريقة مغايرة لما هو متبع ،لأن بيع الشركات الخاسرة هو المتبع في العالم ، بينما نحن في الأردن قمنا ببيع الشركات الرابحة وغير المكلفة بأثمان بخسة ، إشتراها الشريك الإستراتيجي وغالبا ما يكون يهوديا ، ومن ثم باعها بأرباح خيالية ، ناهيك عن عدم إستفادة الخزينة من عائداتها . ويدعو الصندوق ايضا إلى تنمية القطاع الخاص وإعفاء المستثمرين الأجانب من الرسوم والضرائب ، ومنحهم الحق في تحويل أرباحهم بالدولار والعملة الصعبة ، وكل ذلك يؤدي إلى الضغط على الفقراء وتخفيض سعر العملة الوطنية لصالح العملات الأجنبية . مختصر القول أن السير في ركب صندوق النقد الدولي يودي إلى الهاوية ، ويخلق توترا شديدا ، يصل في مرحلة ما إلى الإنفجار وعندها لا ينفع الندم.
#أسعد_العزوني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
سيناريوهات التدخل البري في سوريا
-
وثيقة كيفونيم الإسرائيلية
-
زوال الدنيا أهون من قطرة دم مؤمن
-
إشهار كتاب (قصة طموح) للقاضي الدولي العين تغريد حكمت
-
المصالحة الفلسطينية ...مرة أخرى
-
مؤتمر جنيف 3...العبث بعينه
-
أمريكا ..السعودية ..إيران
-
مضايا ..الموت المفاجيء
-
إنتفاضة القدس ...الدهس والطعن وقضايا أخرى
-
إسرائيل تريد بقاء الأسد لأنه يرفع الشعارات.. ولا يحاربها ...
...
-
مناسبة سحّابية عطرة
-
إطلاق تيار سياسي جديد في الأردن
-
خطاب الملك في واشنطن ينصت له جيدا ولكن.....
-
صراع عربي- إيراني جديد
-
الأردن ...لماذا يجوع ويعطش؟
-
كش داعش
-
فرقة نهاوند الإفريقية –الفلسطينية شوكة في حلق وعيون الإحتلال
-
إختتام فعاليات الموسم السابع للحنونة ..إيذان ببداية المشوار
-
فرقة -الطنبورة - ..قلب مصر النابض بالعروبة
-
أبو حمور: الوطن العربي يحتاج 3.5 مليون فرصة عمل سنوياً وتمكي
...
المزيد.....
-
وسطاء المفاوضات يدعون إسرائيل وحماس لإبرام اتفاق وقف إطلاق ا
...
-
3 منهم حالتهم خطيرة.. إصابة 10 أشخاص بحادث في إستاد جامعة لش
...
-
بالتزامن مع خارطة طريق بايدن.. ما دور رئيس -سي أي إيه- في مف
...
-
أمير الكويت يصدر أمرا بتزكية الشيخ صباح خالد الحمد المبارك ا
...
-
فيديو طريف لمشجع يطلب التقاط صورة مع ولي العهد السعودي والأم
...
-
اضطرابات في حفل التخرج بجامعة شيكاغو تضامنا مع خريجين عوقبوا
...
-
مصر.. تفاصيل جديدة في قضية -سفاح التجمع- حول -5 وشوم على جسد
...
-
إيران.. زهرة إلهيان تقدم أوراق ترشحها للانتخابات الرئاسية ال
...
-
-العملية رقم 2000-.. -حزب الله- يسقط مسيرة إسرائيلية من نوع
...
-
كراتشفيك: الديمقراطيون مستعدون لإلقاء اللوم على ترامب في أي
...
المزيد.....
-
هواجس ثقافية 188
/ آرام كربيت
-
قبو الثلاثين
/ السماح عبد الله
-
والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور
/ وليد الخشاب
-
ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول
/ بشير الحامدي
-
ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول
/ بشير الحامدي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|