حيدر نضير ابراهيم
الحوار المتمدن-العدد: 5084 - 2016 / 2 / 24 - 21:00
المحور:
الادب والفن
دعاء امي ليلا سمعته وانا هناك في الحرب ، جائني على جنح سجادتها يلوع ويلتهب ، حط على يدي كعصفور مغمس بدمع تشرين .. فناجى بصوته الشجي عودتي منتصرا ، ورجوع الحمامات المهجرة الى اعشاشها المحررة .
دعاء العراقية له موقف سجله سِفر التاريخ باحرف نورها القدسي ، فمن كان عندها ولد هناك طلبت عودته سليم ، ومن كان لديها ولدان دعت عودة احدهما سليم والاخر كبشا للعراق ، ومن كان شغلها وطن ومصير رجال ، قدمتهما بين يد الله ، وقالت هذه عاصمة الخلق الاول " بلاد الحب والاثر والشهادة مابين النهرين " ، وهذا ابنها الموجوع منذ صيرته الحياة فكانت .
لا زلت اتذكر وداع كبدها الشهيد مع باقة من اصحابه الورود الظاعنة ، لا زلت متاكدا انهم بقوا احرارا بعد موتهم لا زلت اذكرهم في المعركة حين يغادرونا مبتسمين هادئين راضيين مرضين ، يخيل لي ان ملك الموت قد زارهم على هيئة نبي الله يوسف عليه السلام ، وقد فارقوا الحياة من شدة الجمال .
في ذلك المساء لم يكن ذكر من خفضت الجنة جناحها وقالت سيري بامر من ربك وحده حاضرا ، فقد ايقضتني فجرا ، همس مسبحة ابي السوداء ، عندما كانت تتمتم دعاء : باسمك العظيم ، الجميل الحليم ، اطل من عمر هذا الشيخ العجوز ، وامنح سبابته وابهامه عندك الفوز ، قلبه اليك يتقرب خلال كلم سومري هو الاندر والاعجب ، يحممنا فجرا بتسبيحة امرأة تدعى الزهراء ، فينجلي الهم وينزلق عن الخرز البلاء ، ثم تدور بنا الادوار ويناجيك لحفظ الاحرار . رجاءه اليك يا اعلى يا قدير يتخطى المسافات ويمسح جبين كلَ من حمل الوطن في قلبه قبل الذخيرة ، هو سلاح الانبياء لدحر الغرباء .
بعد حين من الان امسى الوجع مهزم من ذاكرة البساتين فقد عاد طائر السعد من الغابات البعيدة بعد غربة قسرية ، اطمئن على اشعة الامن هنا وانسياب حركة السعف في جنبات الريح ، وكانها تلوح سلاما لفلاحها النشيط العاشق للقمح والساقية . رجعت العصافير تدوزن صوتها على اله الناعور وهو يجلى العطش عن التين والزيتون . علمت ان الحمام يحن مثل اي طفل عراقي الى مهده الاول ، عشه الزهدي الذي نامت افراخه على تنويمه ام الشهيد حين كانت ترضع طفلها وتهيئه لقادم الايام " دللول يلولد يبني دللول ، عدوك عليل وساكن الجول " .
#حيدر_نضير_ابراهيم (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟