حيدر نضير ابراهيم
الحوار المتمدن-العدد: 5048 - 2016 / 1 / 18 - 17:44
المحور:
الادب والفن
ضمدت ساقها المجروح بشال والدتي الملبد بالدعاء ، رطبت بدمع ام الشهيد فرعها العطش، ورقها الجاف ، رفعت عن رئتها اعشاب الرماد ، ثم قلت لها صباحك وطن ايتها السوسنة العراقية شاء من شاء وابى من ابى . ستكوني بخير مثل اي شبر ارض اغتصب فعاد يعلو مع العلم يرفف عبيرا للاجيال ، يقول انا موجود لا يمكن ان انسل في زنزانة المحتل .
ايتها الزهرة هل لي ان اخبرتك شيئا من ذاكرتي ، وهل لك ان تمنحي لي الصبر والوقت ، ام انك مثل اي جندي منزوف العمر والجرح والمستقبل لايعرف من الوقت الا توقيت الشمس والقمر الحزينان علينا والفرحان لنا . ايتها الوردة العراقية الذي يحاول التكفير ان يجعلك غير ذلك ، اليك من ذاكرتي بعض من صباي القديم فبعد مرور عامين على وجودي في الحرب تذكرت خجلا الماضي ، كيف كنت انشغل بالماكل والمشرب وساعات الهدر وكان ابي العراق ينزف .. الان علمني وطن سومر التقوى ، نسيان عهد اللاشعور وزمن الدلال والسرور .. كل القادم من المعارك غنى ، كل ما اذكره الان انني في كنز لا يفنى ، تعلمت ياشبيهة اطفالي ان الكنز هو وطن ، الوطن هو عراق ، ومنه ادم عجين البدأ ، خمرة الصالحين والصالحات . اتذكر انني ابدلت زوجتي بالحذر والترقب والسهر ، وابنتي بالبندقية ودوي المدفعية ، وامي بالتوكل على الله والوطن وابي بالنصر او الشهادة .
ايتها الزهرة المتمعنة في كبد الحال لقد بقيت طيلة عمري محاصرا بالوطن والشعر ، اينما اهرب من احد يلقى الاخر حبه علىّ فاقع حبسه العشقي المؤبد . اتذكر في ايام مضت انني كنت دائم التامل في حضرة دجلة او الفرات ، اتامل سحر القافية المكسوة بالبرحية بغداد بالرصافة والكرخ .
هكذا شبت عشبة الوطن داخلي ، نقل الريح بذرته داخل كفي المتعرق حرجا اماماك يا عراق فتبرعم واخضر قلبي وصرت مشخابا اخر دون ان اشعر يخضر به العنبر والتين والزينون .
#حيدر_نضير_ابراهيم (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟