أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هفال عارف برواري - دور العرق التركي في صناعة التاريخ الإسلامي















المزيد.....



دور العرق التركي في صناعة التاريخ الإسلامي


هفال عارف برواري
مهندس وكاتب وباحث

(Havalberwari)


الحوار المتمدن-العدد: 5073 - 2016 / 2 / 13 - 11:36
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كي نستطيع أن نتعامل مع أي فصيل أو عرق في الشرق الإسلامي كما كان يفعله المستشرقون؟فعلينا دراسة طبيعة هذا العرق وكيف أستطاع ان يشغل حيزاَ كبيراَ في المنطقة ويثبت جدراته في فرض قوته ومكانته كقوة وكرمزية لمثل ولآيدولوجية معينة وكيف استطاع أن يخلق هالة من القداسة كسلطة روحية بجانب السلطة الزمنية , والمثال هنا العرق التركي ..... لكن لن أدخل في طبيعة هذا الشعب وماهي مميزاته بحيث استطاع ان يثبت وجوده في الواقع الإسلامي , لكن سأبين فقط كيف كان للعرق التركي الدور الكبير في صناعة الأحداث في التاريخ الإسلامي كواقع حال وكقوة فرضت نفسها على الساحة الإسلامية ودورهم في صناعة الأحداث ولم يكونوا مجرد قومية هامشية كما يظنه البعض لذلك كان علينا أن ندرك هذه الحقيقة التاريخية وأن نتعرف على مناطق نفوذها ودورها التاريخي في الحفاظ على ماكان يسمى ببيضة الإسلام في حينها وحمايتهاخارجباً من المتربصين وخاصة من الإمبراطورية الشرقية المتمثلة بالبيرنطينيين والإمبراطورية الغربية المتمثلة بالرومان وكذلك حمايتها من الداخل المتمثل بالمطامع العرقية المتغلفة بمذهبية تحولت فيما بعد الى طائفة مغايرة تماماً لأغلب المذاهب الدينية السائدة في العالم الإسلامي والتي تمثل الغالبية العظمى والحاكمة ، وقد ظهرالعرق التركي على الساحة السياسية كقوة لها القدرة على القيادة والحكم وكذلك حماية الأمة ( حسب المفهوم التاريخي لها) من التدخلات الخارجية والداخلية

وكصورة جلية لها فقد ظهرت في فترة الخلافة العباسية حيث كانت مركزية الدولة مهلهلة في عهدهم وتكونت في عهدها دويلات وإمارات كانت شبه مستقلة وهزيلة لا تهتم أكثريتها لمركزية الخلافة وكانت عرضة لأي هجمة افرنجية( صليبية كما هم سموها) من الغرب والبيزنطينيين المتربصين دائماً بالشرق!
وفي هذه الفترة تم :


أولاً) ظهور دولة بني سلجوق العظيمة
وهي قبيلة أنحدرت سلالتها من أتراك الغز ومن قبيلة قنق تحديداًعلى يد مؤسسها (طغرل بك)

* ( طغرل بك) أسس هذه الدولة عام 1037م / 429 هـ وهي تعتبر قبيلة من 23 من قبائل الغز التي كان موجودة في منطقة ماوراء النهر في تركمانستان الحالية والتي تمتد من هضبة منغوليا وشمال الصين شرقاً الى بحر الخزر ( بحر قزوين)
لكنها انتقلت في النصف الثاني من القرن السادس الميلادي نحو آسيا الوسطى في هجرات ضخمة لأسباب اقتصادية وسياسية ونزلت بالقرب من شواطيء جيحون واستقرت في طبرستان وجرجان فأصبحوا بالقرب من الأراضي الاسلامية التي فتحها المسلمون بعد معركة نهاوند وسقوط الدولة الساسانية في بلاد فارس 641م-21هـ))
[ دولة السلاجقة/د. علي محمد الصلابي]
دخلت هذه العشيرة في الإسلام أثناء عهد زعيمها ومؤسِّس السلالة (سلجوق بن دقاق )سنة 960م
حكمت هذه الدولة حيناً من الدهر كافَّة إيران عندما قضوا على الدولة البويهية الفارسية الشيعية التي كانت فترة حكم دولتها اكثر من قرن ونصف لذلك أقدموا على انقاذ الخلافة العباسية من الانهيار على يد البويهيبن حيث أصبح خلفاء بنوعباس كالدمية بأيديهم؟؟
فقد كانت الأسرة البويهية الشيعية تسيطر على العراق قبل قدوم السلاجقة حيث أسس البويهيون في فارس والعراق والأهواز وكرمان والري وهمذان وأصفهان إمارات وراثية أدت إلى إيجاد نوع من الاستقرار السياسي في دولة الخلافة العباسية، ولكنهم كانوا قد سيطروا على مقاليد الأمور، وتصرفوا بشكل مطلق لكن هذا الاستقرار كانت تشوبه بعض الاضطرابات الناتجة عن النزاعات المذهبية بفعل تشيع الأسرة البويهية،،،،
المهم تمدد نفوذ السلاحقة بعد القضاء على البويهيبن الى بغداد والشام وأعطوا للخلفاء هيبتهم وكذلك المذهب السني؟ومن المناطق التي سيطروا عليها كانت أفغانستان ووسط آسيا وُصولاً إلى كاشغر في الشرق، فضلاً عن الأناضول غرباً وُصولاً إلى مشارف القسطنطينية،
لكن بعد موت طغرل ورث ابنه الب أرسلان.
* تقلد ( ألب أرسلان )مقاليد الحكم، فتابع توسعة الدَّولة بخوض حربٍ جديدة مع الإمبراطورية البيزنطية، التي انتزعَ منها جورجيا وأرمينيا ومُعظم الأناضول في أعقاب انتصاره السَّاحق عليها بمعركة ملاذكرد سنة (463 هـ)،انتشر السلاجقة في آسيا الصغرى وضموا إلى ديار الإسلام مساحة تزيد عن 400ألف كيلومتر، كما تعتبر هذه الموقعة نقطة تحول في التاريخ الإسلامي فلأول مرة يقع الإمبراطور نفسه أسير في أيدي المسلمين، وتعد هذه الموقعة أكبر نكسة في تاريخ الإمبراطورية البيزنطية إذ أصبحت الأراضي البيزنطية تحت رحمة السلاجقة ولذلك يسميها بعض المؤرخين باسم الملحمة الكبرى وتمكَّن من مدِّ مساحة الدولة إلى سواحل بحر إيجة. كما انتزع أيضاً حلب ومكة والمدينة من الدولة الفاطمية ،
توفي ألب أرسلان بعد معاركه مع البيزنطيين بسنواتٍ قليلة،،فتولَّى الحكم ابنه ملك شاه.

* (ملك شاه)، الذي وَسَّع الدولة بفتح أجزاءٍ من بلاد الشام بما فيها مدينة القدس
وازدهرت في فترته المدرسة العقلانية كونه كان مولعاً بها فتح مدرستين عظيمتين في بغداد ونيسابور ، سمين بالمدارس النظامية تسمية بوزيره المولع بالعلم ( نظام الملك)كما من اشهر العلماء الذين تخرجوا من هذه المدارس هو الإمام الغزالي ؟
كما أسسوا المدرسة الحنفية في بغداد،،،،،،
بعد وفاة ملك شاه بدأت تتفكك هذه الدولة وانهارت بعد ذلك،وزادت في انهيارها باغتيال قادتها وسلاطينهاعلى يد التنظيمات الشيعية الباطنية الذين كانوا بارعين فيها؟؟
إلا أنَّ فروعاً مختلفة من سلالة السلاجقة تمكَّنت من البقاء بعدها وحكمت أجزاءً كبيرة من البلاد الإسلامية، ومن أبرزهم :
1- سلاجقة الروم في الأناضول
الذين كان نفوذهم في الأراضي التي استطاع السلاجقة الاستيلاء عليها من الروم في آسيا الصغرى وأستمر نفوذهم حتى سنة 700هـ/ 1301م حين استطاع الأتراك العثمانيون القضاء عليهم

2- سلاجقة كرمان في فارس
حيث بدأ نفوذهم في الجنوب الشرقي لفارس وفي بعض مناطق الوسط سنة 433هـ /1042م واستمر حتى سنة 583هـ/ 1187م حين قضى التركمان على سلطانهم هناك..
3- سلاجقة العراق
وهم أمراء السلاجقة الذين سيطروا على العراق والري وهمذان وكردستان وأستمر نفوذهم من سنة 511هـ / 1117م إلى سنة 590هـ /1194م حيث تمكن الخوارزميون من القضاء عليهم.
4- سلاجقة دمشق وحلب في الشام
وقدكان نفوذهم في المناطق التي استولى عليها السلاجقة من الفاطميين أو الروم في الجزيرة والشام وانتهى نفوذهم سنة 511هـ/ 1117م على أيدي أتابكة الشام والجزيرة.

من اثار الدولة السلجوقية هو تكوين دول تعود أصولها للترك وهي :


ثانياً) الدولة الخوارزمية .. شاهات خوارزم

وهي سلالة تركية حكمت في خوارزم (ما وراء النهر) ثم تركستان، أفغانستان، إيران وأجزاء من العراق، في الفترة ( 1077-1221م)
وكان المقر: قونا أوركنش: حتى 1212 م، ومن ثم سمرقندمنذ 1212 م.
فخوارزم هي منطقة في آسيا الوسطى، تقع عند المجرى الأدنى لنهر جيحون. تحدها من الشرق صحراء "قزيل كوم"، التي تفصلها عن "ما وراء النهر". وتفصلها من الغرب صحراء قراقوم عن خراسان. وتتلاقى في جنوبها الصحراوان حيث ينفذ نهر جيحون. وتقف حدودها الشمالية عند شواطئ بحر خوارزم (آرال). وتقع اليوم في غرب أوزبكستان.

نشأت الدولة الخوارزمية بين أحضان دولة السلاجقة التي حكمت مناطق واسعة في الشرق الإسلامي، فقد ظهر في عهد السلطان السلجوقي ملك شاه بن ألب أرسلان مملوك نابه في بلاطه، يسمى "أنوشتكين" نجح في أن يحظى بتقدير السلطان ونيل ثقته، فجعله واليًا على إقليم خوارزم
فمؤسس السلالة أنوشتكين وقدكان من مماليك السلاطين الغزنويين. علا شأنه أثناء خدمته مع السلاجقة، ثم عينه هؤلاء والياً على خوارزم. وبعد وفاته تمتعت الدولة باستقلالية كبيرة في عهد ابنه قطب الدين محمد (1097-1128 م) و في عهد حفيده علاء الدين أتسز (1128-1156 م).

بدأ الخوارزميون بالتوسع في خراسان، ففي الوقت الذي بدأ الضعف يدب في أوصال الدولة السلجوقية كانت الدولة الخوارزمية تزداد قوة وشبابًا، حتى تمكنت من إزاحة دولة السلاجقة والاستيلاء على ما كان تحت يديها من بلاد، وكان السلطان "تكش" بطل هذه المرحلة، وتعد فترة حكمه التي امتدت أكثر من ربع قرن (568-596هـ / 1173-1200م) العصر الذهبي للدولة الخوارزمية، فقداستطاع تكتش أن يخلف السلاجقة في بلاد فارس (إيران) عند استيلاءه على خراسان بأكملهاسنة 1187 م، ثم توسعه حتى إقليم الري سنة 1192 م وأصبح بعدها حامي الخلافة العباسية الجديد.

وسار تكتش شوطاً في مضمار عظمة الدولة تاركاً بقية الشوط لابنه علاء الدين محمد فبلغت الدولة أقصى اتساعها أثناء عهد علاء الدين محمد (1200-1220 م) . ضم الأخير منذ 1206 م إلى مملكته أراضي دولة الغوريين في أفغانستان. توسع في بلاد ما وراء النهر حتى بلغ أطراف منغوليا في الشرق.
قضى على دولة القراخانات في سمرقند سنة 1212 م.

وللعلم فقد تزامن اتساع الدولة الخوارزمية وازدياد نفوذها بظهور (المغول)، وبروز دولتهم على يد "تيموجين" المعروف بجنكيزخان الذي نجح في السيطرة على قبائل المغول ومنهم قبائل التتار، وإحكام قبضته عليهم، ليكون دولة المغرل القوية
وعندما قام علاء الدين محمد بتحدي جهنكيز وخان زعيم القبائل المنغولية مما جعله يتعرض للغزو المغولي المدمر فهلك طريداً ملاحقاً من المغول،وتلقى الخوارزميون هزيمة قاسية أمام المغول،
ولما آلَ الحكم إلى ابنه جلال الدين منكبرتي (618-628هـ/1221-1239م) الذي كان قائداً يمتلك صفات القائد الفذّ لكن الظروف التاريخية كانت أقوى منه فقد اعتلى الحكم والمغول يسيطرون على بلاد ما وراء ولم يستطع أن يصمد أمام الطوفان المغولي مما أدى الى مقتله (1239م )بعد معركة خاسرة في أوضاع مجهولة عندما فرَّ إلى جبال كردستان بعد أن داهمه المغول عند آمد( دياربكر)في أعالي نهر دجلة وقتلوا كثيراً من قواته، وبموته انتهت دولة شاهات خوارزم.
وبهذا تكون الدولة الخوارزمية أول دولة إسلامية تطأها أرجل المغول وتجتاحه جحافلهم التي لا تبقي ولا تذر. فالمذابح الجماعية والانتقام القاسي والبطش والتنكيل مفردات معروفة عند الغزاة المغول. ومن أبرز الأسباب التي أدى الى إنهيار دولتهم هو جور الحكام الخوارزميين وغياب أي مشروع سياسي وعسكري وركونهم إلى الدنيا وتنازعهم وخلافهم الداخلي في حين كان خصمهم شديد العصبية وافر العدة متنوع العتاد مسكوناً بمشروع عسكري طموح ؟.


ثالثاً) الدولة الزنكية التي كانت أيضاً كأمتدادللدولة السلجوقية.....

وهم من أصول تركمانية من قبائل ( السبايو) ذات العرق التركي لكنهم كانوا يعتبرون مماليك السلجوقيين وكانوا يعرفون بالأتابكة وهناك من يطلق على حكمهم بالحكومات الأتابكية ( أي بمعنى مربي الأمير أو الأمير الوالد) ثم أصبح الكلمة تطلق على الأمراء الأقوياء والبارزون.

الـدولـة الزنكـيـة :

* مؤسسها هو ( عماد الدين الزنكي)فقد وُلد عماد الدين زنكي بن آق سنقر بن عبد الله آل ترغان في سنة [477هـ / 1084م] في أسرة تنتمي إلى قبائل (الساب يو) التركمانية، وكان والده "آق سنقر" مملوكًا للسلطان السلجوقي "ملك شاه"، وكان مقربًا إليه، ذا حظوة ومكانة لديه، وقد اعتمد عليه في كثير من الأمور فلم يخذله قط، وهو ما جعله ينال ثقته ورضاه، وزاد من منزلته عنده، ورفع من قدره لديه.وحظي بلقب {قسيم الدولة}اي شريك الدولة وهو لقب لم يحظي به أحد ، كذلك تم تعبنه فيما بعد بسلطان على حلب لكن بعد وفاة ملك شاه نشب صراع بينه وبين الن ألب أرسلان مما أدى مقتله ومن ثم تم نقل أبنه عمادالدين الى ولاية الموصل
وتولى الأمير (كربوغا )أمير الموصل تربية عماد الدين زنكي وتعهده بالعناية والرعاية وتعليمه فنون الفروسية والقيادة والقتال، وترقى في سلك الجندية ليصبح قائدًا لشرطة بغداد ويعطيه لقب الأتابك أي (مربي الأمير)؛ ذلك لأنه توسم فيه الخير والصلاح والنجابة، وعهد إليه بتربية ولديه. بقي عماد الدين مواليا لولاة الموصل الذين عينهم السلطان محمد بن ملك شاه، ورافقهم في معاركهم. إلى أن ولاه السلطان محمود بن محمد على ولاية الموصل،،،،
ومن هنا بدأت الدولة الزنكية(1127-1174م)التي ظهرت في شمال سوريا والعراق
ويعتبر عماد الدين هو صاحب فكرة أيجاد مشروع توحيد الإمارات الاسلامية ضد الغزوات الصليبية و وتكوين حلف قوي ضدهم
وبدأ فعلاً بتنفيذ هذا المشروع عندما توجه الى كل من هذه الإمارات وضم كل من حلب ومن ثم حماة وانتزع الحصون والقلاع من الصليبيين فتوجه الى إنطاكية وضواحيها وامتد نفوذه ليصل الى أهم إمارة عند الصليبيين بعد ( بيت المقدس) وهي ( الرُها) أي ( أورفا ) !!الإمارة الاستراتيجية والحيوية ؟والتي تشكِّل تداخلاً مع الأراضي الإسلامية، فتمكن بذلك من تطهير الأراضي الداخلية وحصر الوجود الصليبي في الشريط الساحلي ،،،الى أن تم أغتياله من قبل التنظيمات الشيعية الباطنية في قلعة ( جغبر) الحصينة والمطلة على نهر الفرات من جهة الشرق.
* جاء من بعده أبنه ( نور الدين زنكي) الذي اتخذ دمشق عاصمته وسار على نهج أبيه في تكوين الجبهة الإسلامية
، وقام بتحصين بلاد الشام وبنى الأسوار على مدنها، وبنى مدارس كثيرة منها العادلية والنورية ودار الحديث، ويعتبر نور الدين أول من بنى مدرسة للحديث، وقام نور الدين ببناء الجامع النوري بالموصل، وبنى الخانات في الطرق،وكان متواضعًا مهيبًا وقورًا، يكرم العلماء، وكان فقيهًا على المذهب الحنفي، وهو الذي وضع الأسس السياسة المتكاملة التي كانت تتضمن توحيد بلاد الشام أولاً، ثم توحيد بلاد الشام استطاع أن يضم معظم ديار بكر وحصن كيفا الى حلفه التي كانت تحت حكم فخر الدين أرسلان بن داود بن سقمان بن أرتق،
ولم يغب مصر عن ذهنه التي كانت تحت حكم الدولة العبيدية الفاطمية التي ظهرت كتحدي للخلافة العباسية فقد خالفتها باعتناق التشييع وقد كانت مصر بالنسبة له مفتاح النصر التي كانت تعاني من الاضطرابات والتي كانت بالنسبة له كمصدر للطاقة البشرية الإضافية والواردات المادية التي تسد نفقات الجهاد، وخطوة تمهيدية للقضاء على مملكة بيت المقدس وهو لم يناضل في ضمها إلا من أجل هذه الغاية، وقد أعتبر هذه هي الخطوة الثانية حيث تمكن والده بتنفيذ الخطوة الأولى
والخطوة الثالثة كانت تتضمن طرد الصليبيين
وكان التوحيد في نظره يتضمن توحيد الصف والهدف في آن واحد، فأما توحيد الصف فهو جمع بلاد الشام ومصر في إطار سلطة سياسية واحدة، وأما توحيد الهدف فهو جمع المسلمين تحت راية مذهب واحد هو مذهب أهل السنة.

************************************************
ومن الملامح البارزة في حياة نور الدين محمود علاقته بصلاح الدين الأيوبي الكُردي إذ تولى نور الدين تربية صلاح الدين منذ صغره؛ فكان له بمنزلة الوالد والمعلِّم، وكان يدربه على فنون القتال، ويغرس فيه حب الجهاد في سبيل الله ،ثم عينه بعد ذلك قائدًا للشرطة، ثم أرسله بصحبة عمه أسد الدين شيركوه إلى مصر، استجابة للوزير شاور ضد ضرغام الذي استعان بالصليبيين، وبعد انتصار أسد الدين ووفاته، تولى صلاح الدين الوزارة في مصر للدولة العُبيدية، رغم كونه سُنيًّا، وعمل صلاح الدين على تنفيذ أحلام نور الدين، وأحلامه الشخصية، وأحلام المسلمين جميعًا بالقضاء على الدولة العبيدية، وعادت مصر دولة سنية مرةً أخرى، وأضاء وجهها المشرق من جديد.
فقد كانت علاقة نور الدين محمود بصلاح الدين بعد إسقاط الدولة العبيدية حسنة إجمالاً، وبخاصة أن صلاح الدين قام بتنفيذ الأمر الصادر إليه من نور الدين بوجوب الدعوة للخلافة العباسية بوصفه نائبًا عنه، وقائدًا لقواته في مصر، وقد حدث توترات بينهما كانت سببها في اختلاف وجهات النظر السياسية حيث رأى نور الدين محمود في بلاد الشام أنها بمنزلة الأرض الرئيسية للمعركة ضد الصليبيين، وتطلع إلى مصر كمصدر للطاقة البشرية الإضافية والواردات المادية التي تسد نفقات الجهاد، وخطوة تمهيدية للقضاء على مملكة بيت المقدس وهو لم يناضل في ضمها إلا من أجل هذه الغاية، أمّا صلاح الدين فقد كان مقتنعًا نتيجة للصراع بين القوى الثلاث في الشرق الأدنى الإسلامية والصليبية والبيزنطية حول مصر بأن هذا البلد يشكل في الوقت الراهن مركز الثقل في العمليات العسكرية.
كمابينه د/ محمدسهيل طقوش في كتابه ( تاريخ الزنكيين)
وبموت نور الدين زنكي أنتهت الدولة الزنكية وتمكن صلاح الدين من ضم الشام تحت رايته بعد ان اضطربت الأوضاع في بلاد الشام بفعل الخلافات بين الأمراء؛ فاستغل الصليبيون ذلك, وهاجموا الأراضي الإسلامية؛ مما استدعى تدخل صلاح الدين, وجعل نفسه تحت سلطة الخليفة العباسي
ومن هنا بدأ تاريخ الدولة الأيوبية وتلقب صلاح الدين بالسلطان عام 1174 م، واستولى على حلب عام 1181 م وامتد سلطانه إلى مناطق شمال النهرين،منها آمد وسنجار قاد بعدها الجهاد ضد الصليبيين واستطاع أن يسترد القدس عام 1187 م - بعد انتصاره في حطين .
رابعاً) الــدولـــة الـعثـمـــانيـة :

ينتسب العثمانيون الى قبيلة تركمانية يرئسها سليمان جد عثمان كانت تعيش في كُردستان وتزاول حرفة الرعب لكنهم هاجروا الى بلاد الأناضول عام (1220م-617هـ) هرباً من الغزو المغولي بقيادة جنكيزخان على العراق وشرق آسيا الوسطى واستقروا في أخلاط وهي مدينة قريبة من بحيرة وان ، وعندما خلفه ابنه ( أرطغرل ) واصل تحركه نحو الشمال الغربي من الأناضول هرباً من المغول وفي الطريق وجد قتالاً بين سلاجقة الروم المسلمين والبيزنطينيين النصرى فتقدم بكل حماس وحمية دينية للدفاع عن إخوانهم المسلمين وأدى الى تغيير كفة الميزان لصالح المسلمين وكان سببا ً لتقوية علاقته مع سلاجقة الروم وأعطى قائدهم أراضيَ في ااحدود الغربية للأناضول بجوار الثغور في الروم وأتاحوا اهم فرصة توسيعها على حساب الروم وقد حقق السلاجقة حليفاً قوياً ضد الروم وكانت نواة لنشأة دولة فتية متحالفة مع سلاجقة الروم وعند وفاة ( أرطغرل) خلف الحكم من بعده ابنه ( عثمان )الذي سار على نهج ابيه في سياسة التوسع على حساب أراضي الروم وسميت فيما بعد الدولة بإسمه

1- واصل عثمان الأول مؤسس الدولة العثمانية جهوده في نشر الإسلام في مناطق الثغور، كان ل عثمان صفات مميزة كالشجاعة عندما تحدى الجيوش الصليبية المتحالفة للقضاء على دولته الفتية وكان يتميز بالحكمة عندنا ساند السلطان السلجوقي علاء الدين ضد الروم مما نال رتبة الإمارة وسمح بسك عملة باسمه ويتصف بالصبر وكيف قام بفتح الحصون والبلدان في مناطق شديدة التعقيد والتحصن ومن أصعبها كانت مدينة بورصة المنيع عام 1317م وكذلك كان يتميز بجاذبية ايمانية تأثر كثير من قادة بيزنطة بشخصيته ودخلوا في صفوف دولته ، حتى أن جماعات كثيرة دخلت تجت لواءه ( غزريان) أي غزاة الروم التي كانت تصد هجمات الروم وجماعة ( الإخيان) أي الإخوان وهم جماعة التجار المتديين الذين يهتمون بخدمة ثغور الجهاد والمشاريع الخيرية كبنغء المساجد والتكايا والمستشفيات والاهتمام بنشر ثقافة الاسلامية ،
وصفات أخرى كالعدل بين رعيته والوفاء والتجرد وله وصية لإبنه ( أورخان) حفظ لنا التاريخ فيها دلالات حضارية ومنهجية سار عليها الدولة العثمانية.

2- واصل أورخان عمليات الجهاد الإسلامي المنظم وأسس جيشاً إضافياً له مواصفات خاصة من المتطوعين والمجاهدين ويتم تربيتهم ازبية استثنائية والذين كانوا يتصفون بصفات البسالة سميت ب( الإنكشارية) حققوا انتصارات ملفتة .

3- تمكن مراد الأول ثالث أمراء آل عثمان من دخول البلقان، وتحقيق العديد من الانتصارات التي توجت بفتح مدينة أدرنة سنة 1361م، وهزيمة القوى النصرانية ونقل العاصمة من بروسه إلى أدرنة التي عمرت بالمساجد والمدارس، وأصبحت نقطة انطلاق لمواصلة الفتوحات الإسلامية في أوربا
استولى الجيش العثماني على العديد من مدن شرق أوربا، ومن أبرزها صوفيا عاصمة بلغاريا التي تم الاستيلاء عليها في عام 787هـ/ 1385م،
وتساقطت مدنها أمام ضربات العثمانيين، ووصل العثمانيون إلى المورة وأخضعوها لحكمهم وأصبحت معظم بلاد البلقان تحت الحكم العثماني.

م 4- فتح محمد الثاني القسطنطينية عاصمة الدولة البيزنطية في عام 857هـ/ 1453
ذلك الفتح الذي يعد نقطة تحول فاصلة ليس فقط في تاريخ العثمانيين، بل في تاريخ الصراع بين الصليبين المتمثلين بالغرب والإسلام .
وأطلق على القسطنطينية اسماً إسلامياً جديداً هو إسلامبول
ولاننسا دور الفاتح المعنوي للقسطنطينية وهو ( الشيخ آق شمس الدين).

4- في عهد السلطان سليمان القانوني استولى على بلكراد ورودس وبودابست ووصلت قواته إلى فيينا آخر نقطة وصل إليها العثمانيون في فتوحاتهم بأوروبا ووصلت أمبراطوريتهم الى اوج عظتها في عهده والذي اشتهر به واقترن باسمه هو وضعه للقوانين التي تنظم الحياة في دولته الكبيرة.

5- في عهد السلطان العثماني بايزيد الثاني (1480 - 1511م)قام بمعاونة ومساعدة السلطان المملوكي ( سلطة المماليك)لإعادة إعمار وتطوير أسطوله البحري وإمداده بخبراء عثمانيين ضد الزحف البرتغالي نحو الأماكن المقدسة .

*****************************************

فقد كان لهم دور كبير في:

* التصدي للزحف البرتغالي والمشروع الصليبي نحو الأماكن المقدسة من البحر الأحمروتعزيز موانيء اليمن وتغذيتها باسطول بحري ضد اي عدوان برتغالي وضد المشروع الصليبي وتحالفهم مع الأحباش شرق افريقيا والتصدي لهم واقشال مخططاتهم.
* التصدي للجبهة الصليبية البرتغالية الاسبانية ومحاولة احتلالهم شمال أفريقيا بعد سقوط الأندلس وقتم سليمان قانوني مساندة أهالي طرابلس من زحف جيوش القديس يوحنا نحوهم ومحاولاتهم لتغيير الوجه الاسلامي في كل شمال افريقياكما فعلوا بالاندلس ,
بل قاموا بملاحقة فرسان القديس يوحنا وطردهم من رودس ثم من ليبيا عام 1551م، وكذلك قاموا بكسر شوكة الإسبان في حوض البحر المتوسط .

* من جانب آخر وقفت الدولة العثمانية أمام زحف الصفويين الشيعة الذين تمكنوا من الاستيلاء على العراق، ونشر المذهب الشيعي في الأناضول، وراحوا يحملون الناس قسراً على الدخول في مذهبهم
وكان من نتيجة ذلك قيام السلطان العثماني سليم الأول بغزو فارس والالتقاء مع الصفويين بوادي جالديران في أواخر عام 920هـ/ 1514م في معركة رهيبة استطاع فيها العثمانيون هزيمة الصفويين في جالديران ودخول عاصمتهم تبريز في 14 من رجب 920هـ وضم ولايتي ديار بكر وكردستان إلى بلاده والاستيلاء على خزائن الشاه، والقضاء على المد الشيعي في الأناضول والعمل على انحساره في العراق.
وبذلك استطاع العثمانيون حماية المذهب السني من خطر الزحف الشيعي الذي كان الشاه إسماعيل الصفوي يأمل في نشره في كافة أنحاء المشرق العربي والقضاء على المذهب السني. ولم يكتف العثمانيون بذلك، بل خاضوا العديد من المعارك مع الفرس دفاعاً عن العراق الذي كان الفرس يتطلعون إليه دائماً، ويرغبون في صبغته بالصبغة الشيعية ولو بحد السيف .
* وبعد أن دخل العثمانيون مصر أصدرت الدولة العثمانية مرسوماً يمنع اليهود من الهجرة إلى سيناء على أساس أنها تضم الوادي المقدس طوى الذي كلم فيه الله سبحانه وتعالى موسى عليه السلام،
ومن ثم استولى العثمانيون على قسم كبير من الحبشة (1529م – 1542م) في المعركة التي دارت رحاها بينهم وبين القوات البرتغالية،حيث كانوا يقاتلون الى جانب الأحباش والتي أنهزم فيها معسكر الاحباش شر إنهزام وتشتت قوتهم ولم يعودوا قوة يخاف منها .

* محاولات السلطان عبدالحميد الثاني بتشكيل الجامعة الإسلامية لحماية البلدان الإسلامية من الأخطار التي تحيط بها، وإنقاذها من حالة التفسخ والركود الذي تغلغل بين أفرادها
وقيامه بإنشاء سكة حديد الحجاز التي تصل دمشق بالمدينة المنورة، وبذلك شهدت الأراضي الإسلامية المقدسة لأول مرة في التاريخ خطّاً حديدياً، يخدم حجيج بيت الله الحرام، ويوفر لهم الأمن والسرعة والراحة بعد أن كانوا يستخدمون قوافل الجمال ويتعرضون للعديد من المخاطر
ضد استيطان اليهود في فلسطين. فعندما عرض عليه هرتزل حل أزمته المالية نظير السماح لليهود بالاستيطان في فلسطين، رفض طلبه وحسم الموقف معه بقوله: "إني لا أستطيع أن أتخلى عن شبر واحد من الأرض؛ فهي ليست ملك يميني، بل ملك شعبي. لقد ناضل شعبنا في سبيل هذه الأرض ورواها بدمه، فليحتفظ اليهود بملايينهم " .



#هفال_عارف_برواري (هاشتاغ)       Havalberwari#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حكم تعدد الزواج حسب مراد القرآن والحلول المسموحة بحيث لاتناق ...
- توضيح فكرة الهجرة الى الحبشة ومدى سماحتهم مع الآخر...
- ذكرى عاشوراء والثورة الحسينية الخالدة ...
- وثيقة كامبل السرية تتجدد بحلة جديدة!
- مكان ومكانة المسجد الأقصى تاريخياً وفكرياً..
- فعلاً السلفيون المداخلة منحرفون عقدياً وفكرياً وخُلُقياً
- حرب أوروبا مع تركيا على أرض الشرق !!
- حقائق تاريخية ستُقال ؟
- نُم قرير العين يا ولدي !
- تركيا والعمق الإستراتيجي والمخاطر الفكرية والإقتصادية داخل م ...
- فتح القسطنطينية( إستانبول)بعيون الغرب...
- صلاة الجمعة و خطبة الجمعة ....
- دراسة قضية الإسراء والعروج [قرآنياً-علمياً]
- داعش وخلفيتها الآيدولوجية السلفية وأخطبوطية الدعم !!
- زواج السيدة عائشة بعمر 9 سنوات مغالطة تاريخية ومناقضة قرآنيا ...
- مفهوم السارق في القرآن
- الخَمر وحُكمه في الإسلام
- بيان معنى كلمة( الضرب ) ومفهوم (القِوامة) في القرآن !
- هل نحن أمام تشكيل محور أقليمي جديد برعاية سعودية بعدالإنقلاب ...
- لا رجم في القرآن !!


المزيد.....




- تكريم الملياردير المصري محمد منصور بوسام الفروسية يثير انتقا ...
- طلاب في جامعات بريطانيا يحتجون مواقف جامعاتهم من الحرب على غ ...
- مخاوف من تقسيم السودان بعد تشكيل الدعم السريع إدارة مدنية في ...
- بوليتيكو: مصر طلبت تمويلاً ومساعدات عسكرية من أمريكا استعداد ...
- رئيس وزراء بولندا يكشف عن -جدل مثير- أشعله نظيره الإسباني في ...
- محققون صينيون في باكستان للتحقيق في هجوم انتحاري راح ضحيته 5 ...
- إيرلندا.. التوجه لمحكمة العدل ضد إسرائيل
- محكمة -باسمانّي- تقضي باحتجاز متورط تاسع في هجوم -كروكوس- ال ...
- فريق RT يرصد أوضاع مدينة ياسينوفاتيا
- الدفاع المدني في غزة: مئات الشهداء في محيط مجمع الشفاء لم نت ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هفال عارف برواري - دور العرق التركي في صناعة التاريخ الإسلامي