حكام الإمارات وتحقيق العدل المستحيل

محمد عبد المجيد
صحفي/كاتب
(Mohammad Abdelmaguid)

الحوار المتمدن-العدد: 1378 - 2005 / 11 / 14 - 11:04
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية
    

ترِكةُ الحكم التي ورثها الشيخ خليفة بن زايد ليست فقط رفاهية وبترولا وفائضا في الميزانية ودولة يحسدها على خيراتها الأقربون قبل الأبعدين.
أمام الشيخ خليفة مهام أخرى تنوء عن حملها الجبال وفي مقدمتها الخلل الهائل في التركيبة السكانية الناتج عن سياسة لكل إماراتي عشرة من الخدم وأربعة سائقين وثلاث مربيات لأولاده رابعهم زوجته!
القنبلة الآسيوية انفجرت فعلا بعد تحذيرات من المتخصصين والخبراء والمخلصين لهذا البلد امتدت ثلاثين عاما دون أن تجد أذنا صاغية، والآن جاء وقت العلاج بعدما صم المسؤولون آذانهم عن الوقاية قبل تفشي هذا المرض .. أعني الهيمنة الثقافية واللغوية والذوقية والحضارية لفقراء الوافدين الآسيويين على بلد عربي من المفترض أن يكون لكل واحد من شيوخه وحكامه عدد لا نهائي من المستشارين في كل المجالات الادارية والثقافية والعلمية والسياسية والمحلياتوفي مقدمتها المشهد المستقبلي للدولة العربية وعاصمتيها أبو ظبي ودبي وليس مومباي وكلكتا.
القضية الثانية هي القلق الذي يسيطر على حياة من وهبوا حياتهم لهذه الدولة وتقدمها وتطورها وأداروا ظهروهم للوطن الأم من أجل العطاء الكلي للدولة المضيفة .. دولة الإمارات العربية المتحدة.
الجنسية الإماراتية التي لا يعترف الحصول عليها بقوانين إنسانية أو مؤسساتية ولكن بالواسطة فقط، فإن كنت هنديا أو فارسيا أو باكستانيا ووهبك الحظ رضا ومحبة مسؤول إماراتي ينتهي اسمه بآل نهيان أو آل مكتوم فقد فتحت لك السماء كوة تطل منها على الجنة الإماراتية أنت وأولادك وتصبح حاملا لجواز سفر تنحني له مؤسسات الدولة ويلغي من حياتك كلمة ( تفنيش على أول طائرة ) فور تصديق السلطات لوشاية أو غضب مسؤول كبير عليك.
إمام أحد المساجد قضى تسع عشرة سنة لا يعرف أولاده غير الامارات وطنا وحبا وعشقا يتم صفعه على وجهه داخل المسجدولا يستطيع الشكوى خشية أن يعيدوه على أول طائرة لبلده.
عشرات الآلاف من المصريين والسوريين واللبنانيين ومن كل الجنسيات العربية الأخرى قدموا أعمارهم مصحوبة بأرواحهم لهذا البلد الطيب، لكنهم لا يزالون يجددون تأشيرة الاقامة وبعضهم ولد له أحفاد من آباء لم يحصلوا على الجنسية الإماراتية.
تحقيق العدالة في التركيبة السكانية والجنسية الاماراتية تمثل بداية تعديل المشهد الإماراتي غير المستقيم
هل يعقل أن يستقبك في المطار ضابط جوازات بنجالي لا يفهم لغتك العربية؟
هل من المعقول أن يتولى هندي رئاسة وفد إماراتي عسكري لدولة أوروبية لشراء أسلحة وهي من أخص خصوصيات وأسرار الدولة؟
في بعض المكتبات ومحلات بيع الصحف في دبي تختفي صحيفة ( البيان ) تحت الصحف الهندية والأوردية والانجليزية بحجة أنها صحيفة الأقلية العربية من أهل البلاد وضيوفهم ؟
آلاف من الاماراتيين والعرب الذين أنفقت عليهم الدولة الكثير، فتعلموا في الخارج وحصلوا على شهادات عليا، ودرسوا اللغة الانجليزية في بريطانيا واستراليا وكندا والولايات المتحدة، فلما عادوا اعوجت ألسنتهم بانجليزية آسيوية ، وطغت طريقة نطق اللغة من السائق والمربية على هذا العائد، فبدلا من أن يؤثر هو في المناخ الثقافي السائد، تأثر سلبا
وهذا ينسحب على الذوق والمزاج العام ونوعية الطعام ومجمل الحياة العامة
دولة الامارات العربية المتحدة التي يجمع العرب على أنها حققت طفرة رائعة في كل المجالات تتعرض لخطر الذوبان العربي في كثافة آسيوية ، ولو حدث لا قدر الله ما تشهده باريس وضواحيها من غضب الشباب من أصول غير فرنسية فإن الامارات ستجد نفسها في مواجهة طوفان لا يبقي ولا يذر
انقاذ دولة الامارات أمانة في أعناقنا جميعا، وكشف الخطر الذي تتعرض له واجب علينا لعل حكامها يتنبهون قبل فوات الأوان
التجنيس حق من حقوق المغترب الإنسان وعائلته وأسرته الصغيرة وأولاده، وينبغي أن لا يخضع لوساطة أو محسوبية أو مكالمة هاتفية من أحد الشيوخ الكبار.
التجنيس حماية للدولة فعاجلا أو آجلا ستتعرض لخطر من الخارج إن غضب عليها الكبار، وليس أمام صاحب القرار إلا انقاذ الوطن، فلا قيمة للمال والرفاهية دون تحقيق العدالة الاجتماعية، والمساواة بين المواطنين وبين من أعطوا للإمارات عرقهم وجهدهم وحبهم وولاءدهم.

محمد عبد المجيد
رئيس تحرير طائر الشمال
عضو اتحاد الصحفيين النرويجيين
http://www.tearalshmal1984.com

[email protected]
Fax: 0047+ 22492563

#محمد_عبد_المجيد (هاشتاغ)       Mohammad_Abdelmaguid#          

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل