أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - محمد عبد المجيد - انتحار الرئيس المصري حسني مبارك















المزيد.....

انتحار الرئيس المصري حسني مبارك


محمد عبد المجيد
صحفي/كاتب

(Mohammad Abdelmaguid)


الحوار المتمدن-العدد: 1351 - 2005 / 10 / 18 - 10:17
المحور: كتابات ساخرة
    


لليلة السابعة على التوالي طاردت الكوابيس الرئيس حسني مبارك، ولم تفلح كل محاولات التهدئة والمسكنات والزيارات المتكررة من وزير الصحة وكبار أطباء الصحة النفسية.
وأخيرا استجاب سيد القصر لطلب ملح من سيدة كل القصور التي همست في أذنه قائلة: أبو علاء.. لقد آن الوقت لأن تستدعي مفسرا للأحلام لعله يكتشف السر في الكوابيس التي أحالت فراشك لواحد منها ولياليك لجحيم كأنه لا ينتهي مع استيقاظك.
جاء الشيخ على عجل، ووقف أمام الرئيس ويداه ترتعشان، والخوف قد دب في كل أوصاله، وأسنانه تصطك ببعضها فتحدث صوتا مثل أنين امرأة عجوز أصابتها حمى شديدة.
حاول الرئيس التخفيف عن المسكين ممنيا النفس بتفسيرات مبهجة تحيل كوابيسه في قادم الأيام إلى أحلام سعيدة.
قال قبل أن يفغر الشيخ فاه: رأيت في اليوم الأول أنني أقف أمام أربعة وعشرين عفريتا من الجن، لكل واحد قرنان فوق رأس من نار تستند على جسد مشوه، وفي الوجه عينان تخرجان نزيفا من حمم.
كان العفاريت كلهم يحملقون في وجهي، ثم فجأة جعلوا يصرخون بأصوات كادت تصيبني بالصمم، فهل لديك تفسير؟
قال الشيخ: نعم ،سيدي الرئيس، لو أعطيتني الأمنَ والأمان، ولم تأمر رجالك بالقائي في غيابات السجن بعد خروجي من قصرك.

قال الرئيس: أعطيكهما، وتفسر لي بكل صراحة!
قال الشيخ: أما العفاريت الأربعة والعشرون فهم سنوات حكمك، والحمم التي تخرج من العينين هي عذابات المصريين في ظل ارهابك وسطوتك.

أسرها الرئيس في نفسه ثم أردف قائلا: وفي الليلة الثانية رأيت آلاف النساء يتشحن بالسواد، ويلطمن وجوههن، ثم يرفعن أيديهن إلى السماء ولم أتبين الدعاء لكنني سمعت اسمي، ورأيت سحبا حمراء تتجمع، ثم تتكور، وتتجه ناحيتي، فاستيقظت على الفور.
قال الشيخ: أما النساء فهن زوجات وأمهات وأخوات وبنات ثلاثين ألف معتقل حرمتهم أنت من نعمة الحياة الطبيعية والأسرة وتربية الأطفال، فرفعن ايديهن إلى السماء داعيات الله تعالى أن ينزل عليك غضبه ومقته، وأما السحب الحمراء فهي غضبة شعبية عارمة تنتظر فقط كارثة توقظ المصريين فيكتشفون كل جرائمك في ربع قرن.

حاول الرئيس اخفاء غضبه على الشيخ، وتمالك نفسه ثم قال: وأما الليلة الثالثة فقد رأيت فيها المساجد والكنائس تفتح أبوابها، ويدخلها المصريون، ثم تغلق أبوابها ويتسلل منها نحيب واجهاش بالبكاء وصرخات، وسمعت اسمي يتردد في جنبات كل دور العبادة.
قال الشيخ بعد أن تراجع قليلا للوراء خشية أن يصفعه الرئيس: هذا الكابوس يشير إلى معاناة كل المصريين، مسلميهم وأقباطهم، تحت حكمك، وأنهم لضعفهم وخوفهم وجبنهم لا يملكون إلا صب اللعنة على من أوصلهم إلى هذا الحال، فأصبحت مصر غير مصر التي عرفناها، وأضحي المصريون غير المصريين الذين عاشوا في هذه الأرض الطيبة آلاف السنين، فجئت أنت تعبث بالنفس المصرية، وتحيل عاليها سافلها، وتهيمن بفسادك وعالم الفهلوة والبلطجة والنهب والهبر حتى بدا المشهد المصري غريبا على كل من يقوم بزيارة أرض الكنانة.

تسمرت عينا الرئيس لبرهة من الوقت، ثم أكمل كأنه لم يسمع تفسيرات الشيخ: وفي الليلة الرابعة رأيت أسياخا من شواظ من نار على هيئة أشباح تجري ورائي في مكان متسع فوق جبل أسود اللون تنحدر أطرافه إلى واد سحيق لا تراه العين المجردة، والأشباح تدفع بي إلى السقوط، فسقطت من على فراشي الوثير في قصر العروبة وأنا أتصبب عرقا من هول الكابوس.
تملكت الشيخَ شجاعةٌ فجائية، وبدأ يتفحص وجه الرئيس ثم قال له: إنهم، سيدي الرئيس، ضحايا التعذيب والضرب والركل والامتهان والاغتصاب وانتهاك الأعراض التي حدثت في السجون وفي أقسام الشرطة والتخشيبات برغبة منك، ورضا تام، وبهجة واضحة لتنفيذ أوامرك بأن يحيل الساديون من ضباط الأمن حياة مواطنيك إلى قطعة من الجحيم الأرضي. أما الأسياخ فهي تمثل رعب رعاياك من تهديدات ضباطك بوضع العصا في فتحة الشرج لكل من تسول له نفسه مناهضة نظام حكمك.

أطرق الرئيس خجلا من هذا العار المفضوح أمامه، ثم قال للشيخ دون أن ينظر إلى عينيه: وفي الليلة الخامسة شاهدت ملايين من الناس يرتدون ثيابا رثة ومتسخة، ويفتحون صناديق القمامة يبحثون فيها عن طعام يسد الرمق، وعلى ربوة عالية تجلس مجموعة من الأشخاص في شرفة قصر من قصور الأحلام ، وترتدي ثيابا من حرير، ويبصقون على جامعي القمامة وأنا قد انتابتني ضحكات هستيرية متقطعة.
قال الشيخ وقد ارتفعت نبرة صوته: أما جامعو القمامة والباحثون فيها عن كسرة خبز فهم رعاياك في نهاية السنة السادسة من ولايتك الخامسة، وأما من يبصقون عليهم من شرفة القصر فهم لصوص الوطن الذين صنعْتَهم في سنوات الذل والقهر والقمع والاذلال، فكانوا ينهبون بلدك تحت سمعك وبصرك، ويدخلون الغبطة لنفسك المريضة التي ما كرهت شيئا في الدنيا مثلما كرهت المصريين .

كاد الرئيس يهوي بكفه على وجه الشيخ، لكن فضوله جعله يصمت حتى يقص آخر كوابيسه، فقال: أما الليلة السادسة فقد رأيت فيها فيما يرى النائم عشرات الآلاف من الأفاعي الصغيرة تصدر صوتا رفيعا مزعجا يصم الآذان، وأنا أقف في وسطها، وهي تتجه ببطء، وتخرج وتدخل ألسنتها في حركة منتظمة كأنها تريد أن تبتلعني مجتمعة!
قال الشيخ وهو ينظر للرئيس نظرة ازدراء: هذه الأفاعي الصغيرة تمثل فيروسات الكبد التي طاردت، وأمسكت بتلابيب ثلث سكان بلدك بفضل اصرارك على اختيار أسفل السافلين للتحكم في طعام وشراب المصريين، فلم يكتفوا بهذا لكنهم استوردوا كل السموم والمواد المسرطنة لتصبح النجاة من مرض معوي أو وباء كبدي في عهدك معجزة صحية بكل المقاييس.

وقف الرئيس، وأشاح بوجهه إلى الناحية الأخرى، ثم أعاد النظر إلى وجه الشيخ وقال: وأما الليلة السابعة فقد رأيت فيها أنني في غابة متوحشة تجري فيها الوحوش المفترسة في كل اتجاه باحثة عني وأنا أقف أمامها فلا تراني، ثم فجأة يهجم علي أحدها فتنتبه كل الوحوش إلى وجودي، فيوقظني جرس الهاتف من الكابوس لأجد نفسي في القصر المعمور، ومصر كلها كما تسلمتها تخضع لي، ويتبرع المصريون بالمديح في اذلالي إياهم فلا أدري إن كنت في اليقظة أم في المنام.
قال الشيخ وقد نهض من مكانه استعداد لمغادرة المكان: إنها، سيدي الرئيس، عشرات الآلاف من الشكاوى والعذابات والاستجداءات والتقارير الخاصة والصحفية وبلاغات مواطنيك الذي لم يجدوا لديك أذنا صاغية، فكانت مصر تنحدر في الرياضة والاقتصاد والادارة والاعلام والصحة والدواء والتعليم والمساواة والتسامح والفنون والآداب والدور الوطني والقومي، وأنت لا تكترث، ولا تأبه، ويزداد طمعك للسلطة، وجشعك للسطوة، وشهوتك لجعل كرامة المصريين أرخض من تراب الأرض، وحياتهم أقل قيمة من الجيفة والديدان.

فجأة لمعت في عيني الرئيس دمعتان كأنهما خارجتان لتوهما من ضمير استيقظ فجأة، وأدار الرئيس ظهره للشيخ، ثم توجه بخطى وتيدة لمكتبه، وفتح الدرج الثاني، وأخرج بحذر شديد مسدسا كان قد تلقاه هدية من جنرال كبير زاره في مزرعته ببرج العرب.
أمسك المسدسَ كمحترف وقائد قديم للطيران، وتقدم صوب النافذة التي تطل على مساحة خضراء شاسعة، ثم صوب المسدس الأنيق إلى ما بين عينيه وفوق الأنف في ملتقى الحاجبين، ثم أغمض عينيه وأطلق في سرعة عجيبة رصاصة قاتلة كأنه كان يخشى أن يتراجع عن هذا القرار.



#محمد_عبد_المجيد (هاشتاغ)       Mohammad_Abdelmaguid#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عبد الناصر .. عشرون عاما على ذكراه الخامسة والثلاثين
- رسالة خاصة من الرئيس حسني مبارك .. طُزّ في حمارك
- الحوار المتمدن وطائر الشمال .. كلمات شكر
- عقيد متقاعد : نعم اشتركت في قتل جون جارانج
- رسالة مفتوحة إلى الملك عبد الله بن عبد العزيز .. هل تستطيع أ ...
- نعم .. أنا مسلم رغم أنفك
- الانقلاب العسكري القادم في تونس
- الخليج والرئيس حسني مبارك .. قراءة في علاقة غريبة
- الرئيس بشار الأسد .. سجين أم سجان؟
- عبقرية الحماقة لدى العقيد
- غباء السُنّة .... غباء الشيعة
- القبض على الرئيس مبارك في جحر بشرم الشيخ
- جنازة الرئيس حسني مبارك
- حمار يقدم شكوى إلى الرئيس حسني مبارك
- وقائع محاكمة الرئيس مبارك .. كتاب يبحث عن ناشر
- حمار يقدم أوراق ترشحه للرئاسة
- إنقلاب عسكري في مصر .. البيان رقم واحد
- كلاب السيد الرئيس
- رسالة من مبارك للمصريين .. سأجعلكم تزحفون على بطونكم
- الجنسية الخليجية .. الشرف المستحيل


المزيد.....




- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- مصر.. الفنان بيومي فؤاد يدخل في نوبة بكاء ويوجه رسالة للفنان ...
- الذكاء الاصطناعي يعيد إحياء صورة فنان راحل شهير في أحد الأفل ...
- فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل ...
- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
- فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر ...
- هاجس البقاء.. المؤسسة العلمية الإسرائيلية تئن من المقاطعة وا ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - محمد عبد المجيد - انتحار الرئيس المصري حسني مبارك