|
أديب في الجنة (42) * قوانين طبيعية وطموحات لقمانية !!
محمود شاهين
روائي
(Mahmoud Shahin)
الحوار المتمدن-العدد: 5068 - 2016 / 2 / 7 - 02:26
المحور:
الادب والفن
أديب في الجنة (42) * قوانين طبيعية وطموحات لقمانية !! بدا الملك لقمان في حيرة من أمر هذا الكوكب الذي بدا أنه يتشابه مع كوكب الأرض حتى بعقائده ودياناته . كان يجلس أرضا في مواجهة الملكة ويعبث بعود في قشرة الأرض التي كانت جافة . تساءل وهو يرنو إلى وجه الملكة الذي بدا متألقا تحت أشعة شمس دافئة: - يحيرني أمر هذا الكوكب يا حبيبتي لا أعرف ماذا في مقدوري أن أفعل مع آلاف المعتقدات ؟ وماذا سأفعل بهؤلاء الكهنة مغتصبي الأطفال . - أشك في أن يصعب هذا الأمر عليك يا حبيبي ! - ما يحيرني في هذه المعتقدات أن كل معتقد يظن أنه المعتقد الصحيح وباقي المعتقدات خطأ وأن أتباعها كفرة . والمشكلة التي لا تقل أهمية في المعتقد نفسه ، الذي يبدو أنه إيمان في ظاهره ، بينما الفسق والفجور ينخران باطنه ! تأملي هذا المعتقد الذي نحن أمامه الآن إيمان في الظاهر واغتصاب أطفال في الباطن ، رغم أن الدين يقوم على كبح الشهوات واحتقار الملذات ! - لكن ماذا يفعل المجلس الإتحادي الذي يشرف على الكوكب ، لماذا لا يضع حدا لهذه الصراعات ؟ - يبدو لي أنه مثل الامم المتحدة ومجلس الأمن على كوكب الأرض عاجزان عن الفعل ! فاجأ الملك والملكة سرب من الجرذان البيض يقدم نحوهما . توقفا للحظات عن الحوار وراحا يتأملان السرب القادم . توقف السرب على مقربة منهما وشرعت بعض الجرذان في الوقوف على قوائمها الخلفية وكأنها تؤدي تحية للملك والملكة. هتفت الملكة : - ماذا تريد هذه الجرذان ولماذا لا يبدو أنها خائفة منا ؟! بدا الملك مطرقا متفكرا ويبدو أنه ذهب بعيدا في طرح التساؤلات وعثر على الإجابات : - يبدو أنها جائعة ! وأشار الملك بحركة من يده وإذا ببركة كبيرة من الحليب تنبثق على بعد خطوات منهما. شرعت الجرذان في الهروع نحو البركة واحتساء الحليب لتشكل بأجسادها دائرة بيضوية حول بركة الحليب . - ولماذا لم تخف وبدا أنها متآلفة معنا كما هي متآلفة مع الناس ؟ - لأنها اعتادت التآلف معها من قبل الناس خلال آلاف الأعوام ! - وهل الأمر نفسه يحدث مع الجرذان في دولة أخرى قد تبعد عن هذه مئات أو آلاف الكيلو مترات ؟ - بالتأكيد لا . فربما يقتلونها هناك . أو يأكلون لحمها . فينتفي التآلف ! - هل ستدخلنا في الإنتخاب الطبيعي يا حبيبي ؟ - ممكن ! - كيف ؟ - يبدو لي أن معظم العقائد في هذه الدولة وربما في بعض الدول الأخرى وليس جميع دول الكوكب ذات منشأ واحد ،وكلها أو معظمها تتفق على احترام الحيوان ، بغض النظر إن كان الحيوان نتاجا روحيا لدورة تناسخية بشرية أدت إلى أن تحل الروح الإنسانية بعد الموت فيه ، أو عدم ذلك . هذا الإحترام الذي نشأ من آلاف الأعوام كون المعتقدات قديمة جدا ، راح يؤثر في الكائنات الحيوانية ويصبح جزءا من طبيعتها ، بل ويدون في المورثات ، لتنشأ الحيوانات اللاحقة على طبيعة عدم الخوف من الإنسان . وبالمقابل نشأ الإنسان الذي يحترم الحيوان . انظري إلى الحمام في بعض دول الأرض يحط على أكتاف الناس في بعض الدول ويهرب منهم في أخرى . لذلك يكون صيدا سهلا لمن يضطرون من الدول التي تأكل الحمام إلى الإقامة في دول لا تأكل لحمه ، فما عليه إلا أن يجلس في حديقة مصطحبا بعض الحبوب ليفردها في كف يده! شعرت الملكة أن الملك أدخلها في دوامة من الأسئلة التي لا تنتهي. هتفت بعد لحظة صمت : - هذا يعني أن المعتقد أو بعض ما يأتي فيه وخاصة الأسس التي يقوم عليها يمكن أن يؤثر بيولوجيا في الإنسان ويصبح جزءا من طبيعته بغض النظر عن سلبيته أو إيجابيته ! - هذا صحيح يا حبيبتي . - كيف تفسر إذن وجود معتقد كالذي نحن أمامه الآن يرى أن الجنس دنس وينبغي تطهير النفس منه ، ومع ذلك يحدث العكس فيتم اغتصاب الأطفال ؟! - سؤالك رهيب يا حبيبتي ! الإجابة باختصار هي : لأن المعتقد من أساسه خطأ ، لأنه يتناقض مع قوانين الطبيعة !! وكل معتقد خطأ لن تكتب له الديمومة ، وإلا لكنا الآن نعبد عشتار بكل تجلياتها ، مع أن عبادتها كانت تعبر عن عصور تجلي الأمومة ، واحترام المرأة ، بل وتقديسها ، عكس العصور البذيئة التي رأت المرأة دنسا وكائدة وناقصة عقل ، وما زالت تمتد فينا !! الجنس والتلاقح بشكل عام أساس غريزة البقاء والتكاثروهو حق للإنسان والحيوان والنبات أوجدته وأقرته قوانين الطبيعة ، ولا يحق لأي دين اعتباره دنسا! وهنا قررت الملكة أن تذهب بعيدا في الخيال . سألت : - وهل تظن يا حبيبي أنه سيأتي يوم يشهد فيه ولو فئة من البشر، مثلا : أن لا إله إلا الله وأن لقمان حبيب الله " ضحك الملك وهتف : - آه منك يا عفريتة أنت !! قد يحدث هذا يا حبيبتي ،وهذا لا يعني أن المعتقد سيكون بالضرورة صحيحا ، وإذا كان صحيحا أو شبه صحيح قد يحتاج إلى مليون عام ليؤثر في التكوين البيولوجي للبشرية ، وإلى مليون عام أخرى ليصبح قانونا طبيعيا ! - يأ إلهي يا حبيبي أنت تنسف كل شيء في المفاهيم البشرية ! - أبدا يا حبيبتي أنا لم أنسف كل شيئ . فكل ما لم ولن يتناقض مع قوانين الطبيعة سيبقى . وحين أقول قوانين الطبيعة، لا أستبعد أي كائن من الطبيعة نفسها ، وعلى البشرية أن تدرك أن فكرا اجتهاديا دينيا أو فلسفيا مر عليه بضعة آلاف أو بضع مئات من الأعوام ، ليس أكثر من نقطة في محيط فهم الوجود وهو ليس الحقيقة المطلقة وإن كان في بعض جوانبه يحمل شيئا منها . - حسنا يا حبيبي . لنعود إلى ما سألتني حوله من البداية . ماذا ستفعل بالكهنة مغتصبي الأطفال هنا ؟ - سألتك لتساعديني يا حبيبتي ! - أقترح أن نتحقق من الأمر أولا كي يكون في يديك ما تواجه به رئيس الكهنة . - كيف ؟ - سندخل بشكل سري إلى غرف الأطفال والراهبات . - أحسنت ! هيا إلى العمل يا حبيبتي . أشار الملك بحركة من يده . وإذا بهما يختفيان هو والملكة ليظهرا في غرفة يقيم فيها بعض الأطفال . ***** يتبع
#محمود_شاهين (هاشتاغ)
Mahmoud_Shahin#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أديب في الجنة (41) * الأنوناكي والطوبى التي لا يعرف الكهنة م
...
-
ساعة مع الله !
-
الدين والعقل البشري! شاهينيات 1163
-
أديب في الجنة (40) * العشاء في بحر معلق في السماء !
-
أديب في الجنة (39) * قوانين خارقة وإعجازية !
-
أديب في الجنة (38) * انقلاب تكنولوجي ينتج إلها تكنولوجيا !!
-
أديب في الجنة (37) * غيرة ملكية وحديقة محلقة في الفضاء !
-
أديب في الجنة ( 36) * وحدة الوجود ومذهب الملك لقمان!
-
الدين اليهودي في الإسلام ! شاهينيات 1164 .
-
أديب في الجنة (35) * الوجود مادة وطاقة لا تنفصلان !
-
أديب في الجنة (34) *مستقبل كوكب الأرض لا يبشر بالخير !
-
* أديب في الجنة (33) * بشر يتعبدون لأنفسهم دون أن يدروا !!
-
أديب في الجنة (32) * الألوهة في الإنسان ،والإنسان في الألوهة
...
-
أديب في الجنة (31) * تجليات الحب على الأرض وفي السماء!
-
أديب في الجنة (30) * حوارات فلسفية على موائد سماوية وراقصات
...
-
أديب في الجنة (29) * الوجود بين منطق العقل ومنطق الأسطورة !
-
أديب في الجنة (28) *الملك لقمان في كوكب الملحدين !
-
أديب في الجنة (27) - نسمة الغدير- ترحل إلى السماء!
-
أديب في الجنة 26 * روض شمنهوري يفوق الخيال!
-
أديب في الجنة 25 * الرحيل إلى الخلود الأبدي في حفل بهيج !
المزيد.....
-
فنانة لبنانية شهيرة تكشف عن خسارة منزلها وجميع أموالها التي
...
-
الفنان السعودي حسن عسيري يكشف قصة المشهد -الجريء- الذي تسبب
...
-
خداع عثمان.. المؤسس عثمان الحلقة 154 لاروزا كاملة مترجمة بجو
...
-
سيطرة أبناء الفنانين على مسلسلات رمضان.. -شللية- أم فرص مستح
...
-
منارة العلم العالمية.. افتتاح جامع قصبة بجاية -الأعظم- بالجز
...
-
فنانون روس يسجلون ألبوما من أغاني مسلم موغامايف تخليدا لضحاي
...
-
سمية الخشاب تقاضي رامز جلال (فيديو)
-
وزير الثقافة الإيراني: نشر أعمال لمفكرين مسيحيين عن أهل البي
...
-
-كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟
...
-
ألف ليلة وليلة: الجذور التاريخية للكتاب الأكثر سحرا في الشرق
...
المزيد.....
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
-
الهجرة إلى الجحيم. رواية
/ محمود شاهين
المزيد.....
|