أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود شاهين - أديب في الجنة (39) * قوانين خارقة وإعجازية !















المزيد.....

أديب في الجنة (39) * قوانين خارقة وإعجازية !


محمود شاهين
روائي

(Mahmoud Shahin)


الحوار المتمدن-العدد: 5061 - 2016 / 1 / 31 - 03:51
المحور: الادب والفن
    


أديب في الجنة (39)
* قوانين خارقة وإعجازية !
وهو يمثل أمام الملك لقمان بملابسه الرثة القذرة وشعره الطويل المشعث وقدميه العاريتين الوسختين هتف العالم المجنون مخترع الإنسان الآلي المطور الذي تمرد عليه وجعل من نفسه
إلها أزهق أرواح ملايين البشر وأخضع دول الكوكب لسيطرته . هتف متسائلا مخاطبا الملك :
- من أنت وماذا تريد مني ؟
قيل للملك لقمان أن العالم جن حين هاله ما رأى من أفعال الإنسان الآلي الذي صنعه . فقد راح يفعل ما يتناقض مع البرمجة التي صمم عليها . وبطرحه هذا السؤال على الملك لقمان جعل الملك يشعر أن الرجل غير مجنون إلى الحد الذي قيل له عنه . فقد بدا له أنه لم يحتمل الصدمة التي تلقاها من مصنوعه فحدث له ردة فعل إرادية سلبية .
- أريد أن أعرف على ماذا برمجت إنسانك وهل انقلب فعلا على ما برمجته عليه أم أن حب السيطرة والهيمنة والتسلط وحتى فكرة الألوهة كانت من أصل البرمجة ؟ لكن قبل أن تجيبني أريدك نظيفا وبملابس نظيفة .
وكان الملك لقمان قد سخر قواه لجعل العالم يتقبل ما يطرحه عليه بل ويستعيد ما يمكن أن يكون قد فقده من قواه العقلية .
لم يقاوم العالم حين وجد نفسه يحمل إلى حمام بخاري وتنزع ملابسه ليجلس وسط حوض من البلاط يتصاعد منه بخار ساخن ..
*****
عاد العالم بعد أن أصبح إنسانا آخر يليق به العلم ليمثل في حضرة الملك لقمان ،وقد ارتدى زيا عصريا أسود وشذب شعر رأسه وذقنه اللذين غزاهما الشيب ليغلب بياضهما على سمارهما ، وقد تفوح منه رائحة عطر أخاذ ضمخه به الخدم الجن . وبدا الرجل لا يخلو من وسامة يخالجها وقار العلماء .
- هه ! الآن أنت الإنسان العالم كما أريدك أن تكون !
هتف الملك لقمن .
- أشكر حضرتك . لو أن بنو قومي اهتموا بي كما اهتممت أنت لما جننت !
- لماذا لم يهتموا بك ؟
- لأنهم رأوا أن علمي قادهم إلى الخراب ، فهم لا يعرفون حقيقة الإنسان الذي صنعته وخاصة حين لم يروا منه إلا ما رأوه .
هذا هو الموضوع الذي سنتناقش حوله . لكن الآن أنت جائع ، تفضل لتناول بعض الطعام والشراب . وسيكون بيننا حديث قد يطول . لم تخبرني ما اسمك ؟
- اسمي عالم ! وربما هنا يكمن سر تعلقي بالعلم !
- أنا اسمي لقمان . يقال أنني ملك على الجن بالدرجة الأولى وربما على الإنس بالدرجة الثانية . رغم أن أحدا لم يتوجني على الإنس كما أنني لم أتوج نفسي على أحد . وهذه زوجتي الملكة نور السماء . وهذه السيدة هي أمنية العقل رئيسة كوكب الإلحاد الذي قرر مخلوقك أين يغزوه !
- وأين هو الآن !
- للأسف دمرته ! لأنقذ كوكبكم من شره .
- فعلت خيرا ! لو تمكنت من الوصول إليه لدمرته بنفسي . كان يحيط نفسه بالآلاف من الحراس الآليين .
- أعرف ذلك .
*****
بعد تناول طعام الغداء على مائدة زخرت بالمأكولات المختلفة والمشروبات المنوعة . هتف الملك لقمان :
- سنعود الآن إلى السؤال الذي طرحته عليك في البداية ،وقبل أن تدخل الحمام ." أريد أن أعرف على ماذا برمجت إنسانك وهل انقلب فعلا على ما برمجته عليه أم أن حب السيطرة والهيمنة والتسلط وحتى فكرة الألوهة كانت من أصل البرمجة ؟"
- سؤال جلالتك صعب للغاية وليس في الإمكان الإجابة عنه إجابة قاطعة !
- لماذا ؟
- لأن البرمجة لا تستند إلى مفردة لغوية فحسب بل إلى قصص وتعاليم تترجم أو تشرح المفردة ، فإذا ما أردنا أن نبرمج المحبة مثلا في إنسان آلي لا يكفي أن نضع في البرمجة مفردة " محبة " أو ما يرمز إليها ، لكي يمارس الإنسان الآلي المحبة ، فهو لن يعرف معنى المفردة إلا إذا وجدت شرحا وافيا لمعناها . وإذا ما أردنا برمجة أشمل ،فلا بد من مئات القصص المتنوعة عن الحب ،وإذا ما أردنا موسوعة عن الحب والمحبة فقد نحتاج إلى ملايين القصص والتعابير ولن تكون البرمجة مكتملة بالمطلق لمعاني الكلمة ، فالمعاني ليست معان فقط بل حالات إنسانية . ولنفترض أن إنسانا ما سأل إنسانا آليا ، قائلا " هل تحبني ؟"
فإن الإنسان الآلي لن يجيب ب ( أحبك ) أو ( أنا أحب كل الناس ) أو أية إجابة محتملة أخرى ما لم تكن موجودة ضمن البرمجة .
- وهل برمجت المحبة في إنسانك أم أنك أهملتها ؟
- للأسف لم يخطر في بالي أن إنساني سيسعى إلى المحبة أو أن أحدأ سيسأله عنها ، ولهذا أهملتها وربما هنا يكمن خطأي الفادح . فإنساني كان مبرمجا على التنفيذ فقط بالدرجة الأولى
وعلى محاولة الحد الأدنى من الإبداع بالدرجة الثانية ، كأن يكون قادرا على المحاكمة العقلية إذا ما واجه موقفا لم يكن مبرمجا عليه . ولم يخطر ببالي أنه سيبدع أكثر مما توقعت في هذا المجال .
- هل برمجته على معاني التفوق والتميز والتسلط والألوهة مثلا ؟
- بحدود وخاصة في التفوق . لكني لم أعرف أنه سيكون قابلا للتأثير في الكائنات والتأثر بها بحيث اكتسب منها وخاصة من الإنسان غريزة البقاء بل والبقاء للأقوى فنما في برمجته الخارجة عن إرادتي عشق الألوهة كونه وجد أنها الأقوى والأبقى . وهذا ما لا أستطيع معرفة الآلية التي تم بها . فهي مسألة تتجاوز قوانين العلم لتدخل في قوانين الطبيعة التي تشكلت وتطورت عبر مليارات السنين . وما تشكل عبر مليارات السنين وأصبح في الإمكان اختزاله في نواة متناهية في الصغر ، لا يمكن معرفة آليته خلال بضع مئات أو آلاف من السنين .
ما أعرفه توقعا أن الكائنات تتأثر بسلوك وأفعال وجمال الكائنات الأخرى فينتج لديها طموح في أن يكون لها سلوكها وأفعالها وجمالها بل وهيكلها. يختزن هذا الطموح في وعي الكائنات ويتفاعل إلى أن يصار إلى انتاجه في الكائنات اللاحقة عبر صيرورة معقدة وخارقة وإعجازية من تفاعلات المادة والطاقة .
- هذا ما نسميه الإنتخاب الطبيعي عندنا . لكن ألا ترى أن هناك طاقة كونية وعقلا كونيا لهما دور أساس في المسألة .
- أكيد . الطاقة معروفة ومكتشفه وهي موجودة في كل مكان ،ولا يمكن لشيئ أن يتم دونها ، لكن السؤال هل يتم بعقل أم بدون عقل . وهل العقل كوني أم أنه ذاتي . على الأغلب أنه كوني .
- هل تعترف بالألوهة ووجود إله ؟
- لا أستطيع أن أجزم بوجود إله ، كما لا أستطيع أن أجزم بعدم وجود إله ، فهذه مسألة لم يحلها العلم بعد ، ما أجزم به ، هو أن المفاهيم التي قدمها أسلافنا عن الألوهة هي مفاهيم بشرية خاطئة بالمطلق ! قد نستثني المسؤولية عن الخلق إنما بمنطق خطأ.
- هل يمكن أن تكون الطاقة السارية في الكون هي الألوهة أو ما يمثلها ؟
- احتمال ممكن .
- وهل تعرف وجودها كألوهة أو لا تعرف ؟
- هذا يحتاج إلى الألوهة نفسها للإجابة عنه . أي إلى الله !
- هل في مقدورك تحديد الثغرات التي استغلها إنسانك لينقلب عليك وعلى المجتمعات ويحمل فكرا عدوانيا .
- للأسف ليس بالضبط . إنساني مبرج على أكثر من خمسين مليار معلومة فلا أستطيع تحديد المعلومات المستغلة . لكن في الإمكان القول أنها المعلومات المتعلقة بالتفوق والتميز والمحاكمة والإبداع وما إلى ذلك .
- أشكرك أيها العالم . سنكمل حوارنا . إنما حول ما تراه لمستقبل دول كوكبكم بعد أن قضيت لكم على الطاغية . وآمل أن لا أكون قد ارتكبت خطأ بتدميرة . على أية حال المعلومات التي يحتويها لم تدمر . الجهاز الخارجي هو الذي دمر فقط .
- المعلومات مخزنة في أرشيفنا فلا مشكلة .
- في مقدورك الآن أن تأخذ بعض الراحة .
****



#محمود_شاهين (هاشتاغ)       Mahmoud_Shahin#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أديب في الجنة (38) * انقلاب تكنولوجي ينتج إلها تكنولوجيا !!
- أديب في الجنة (37) * غيرة ملكية وحديقة محلقة في الفضاء !
- أديب في الجنة ( 36) * وحدة الوجود ومذهب الملك لقمان!
- الدين اليهودي في الإسلام ! شاهينيات 1164 .
- أديب في الجنة (35) * الوجود مادة وطاقة لا تنفصلان !
- أديب في الجنة (34) *مستقبل كوكب الأرض لا يبشر بالخير !
- * أديب في الجنة (33) * بشر يتعبدون لأنفسهم دون أن يدروا !!
- أديب في الجنة (32) * الألوهة في الإنسان ،والإنسان في الألوهة ...
- أديب في الجنة (31) * تجليات الحب على الأرض وفي السماء!
- أديب في الجنة (30) * حوارات فلسفية على موائد سماوية وراقصات ...
- أديب في الجنة (29) * الوجود بين منطق العقل ومنطق الأسطورة !
- أديب في الجنة (28) *الملك لقمان في كوكب الملحدين !
- أديب في الجنة (27) - نسمة الغدير- ترحل إلى السماء!
- أديب في الجنة 26 * روض شمنهوري يفوق الخيال!
- أديب في الجنة 25 * الرحيل إلى الخلود الأبدي في حفل بهيج !
- أديب في الجنة 24 * حب بلا شروط وأمهات منجبات !
- القدس تاريخيا بين منطق العقل ومنطق الجهل والخرافة !*
- أديب في الجنة 23 كوكب الحب والجنون والأحلام !
- أديب في الجنة (22) الوجود تحقق خيال !
- أديب في الجنة (21) فصل الختام في رحلة الملك لقمان الفضائية ا ...


المزيد.....




- -يوم أعطاني غابرييل غارسيا ماركيز قائمة بخط يده لكلاسيكيات ا ...
- “أفلام العرض الأول” عبر تردد قناة Osm cinema 2024 القمر الصن ...
- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود شاهين - أديب في الجنة (39) * قوانين خارقة وإعجازية !