أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - قحطان جاسم - الطفولة المقموعة في رواية - ارواح ضامئة للحب- للقاصة والروائية العراقية صبيحة شبر














المزيد.....

الطفولة المقموعة في رواية - ارواح ضامئة للحب- للقاصة والروائية العراقية صبيحة شبر


قحطان جاسم

الحوار المتمدن-العدد: 5067 - 2016 / 2 / 6 - 21:23
المحور: الادب والفن
    


الكتابة مهمة صعبة وشاقة والاصرار عليها يكشف عن شجاعة لدى الانسان، خصوصا في مجتمعات ترتبك فيها الاحوال والافكار والسلوكيات, يُشترى ويباع فيها كل شيء. ولهذا ارى ان رواية صبيحة شبر " ارواح ظامئة للحب" الصادرة عن دار ضفاف، الشارقة عام 2015، هي كتابة شجاعة بغض النظر عن المستوى الفني الذي حققته الرواية او طبيعة الافكار التي طرحتها
تواصل الكاتبة صبيحة شبر الكتابة منذ صغرها واصدرت العديد من المجاميع القصصية والروايات. ورغم الصمت الذي يكاد يكون مطبقا حول ادبها وما قدمته من جهد في هذا الاطار ، فقد سعت مخلصة لنفسها لمواصلة الكتابة بشجاعة. وتتلخص هذه الشجاعة في انها ، تحاول بغياب حوارات نقدية حول ادبها وما يتضمنه من ايجابيات او اخفاقات، التي لا يمكن لأيّ أديب ان يزدهر ويتطور ويكتشف اخطائه وحسناته بدونها، ايجاد مكانة لها في عالم الأدب. انه اصرار اسثتنائي يحتاج الى صبر لا حدود له، لا يعضده الا الاخلاص للكتابة والايمان به.
تعالج الرواية عالم طفولة" بسمة" وعائلتها ، والمحيط الذي عاشت فيه قبل ثورة 14 تموز ،و التناقضات الاجتماعية والاخلاقية التي تهيمن على عقلية أب بسمة وعائلتها . فرغم ان أب بسمة، تدخل مدرسة الكتاتيب وتتعلم قراءة القرآن ، ثم يسمح لها الدخول في المدرسة ،الا ان ابيها العامل، الذي يرتبط بالحركة الثورية آنذاك، ويحلم بعالم جميل خال من الاستغلال والظلم، يبقى مع ذلك مشوش الافكار والسلوكيات. فادراكه اونظرته الى الاخلاق وموقفه من سلوك ابنته في حالة شد وجذب... وهذا التناقض يكشف لنا طبيعة العلاقات الاجتماعية القائمة وطريق التفكير النابعة منها.
تحاول الرواية من خلال التركيز على طفولة بسمة، ان تكشف لنا بعض الاشكالات التي تواجهها الفتاة في مجتمع شبه مغلق. تعيش الفتاة في عائلة كبيرة ، الاب يعمل عاملا ، والام ربة محاطة بافراد كبار اخرين من العائلة. الاب متناقض في سلوكه فهو من جهة خانع الى التقاليد العامة المحيطة به، وخصوصا النظرة المتخلفة الى الفتاة، الا انه من الجهة الاخرى يسعى ان يكون منفتحا تجاه طفلته، ويمنحها بعض الحرية ، طالما هي تتمسك بالحدود المرسومة لها. فحين يكتشف الاب ان الجارة الارملة اعطت بسمة آلة موسيقية فانه يغضب قائلا :" هل تريد ان تعلمها ومنذ الآن قلة الادب وسء الخلق ، وعلى الغواية" ( الرواية، ص.35). في نطاق عائلي كهذا فان السيطرة والمراقبة على السلوك لا يقتصر على العائلة، فقط بل ويتجاوزه الى العمة والجد والجدة ،ويمتد حتى الى الجيران. نلاحظ كيف ان العمة تحاول مرات عديدة ان تقيد حركات بسمة؛ عندما تلعب مع صديقاتها، او حين تطرح اسئلة فضولية، او تحاول ان تتطلع الى عالم الكبار. حتى حين تتعرض بسمة الى الضرب و تحاول ان تدافع عن نفسها تنهرها العمة قائلة لها: " كان يجب عليك ان تسكتي، البنات لا يضربن الاولاد، سوف يقولون انك قليلة الادب !" (الرواية، ص. 71) . على هذا النحو نرى ان الاخلاق هنا تعني بنظر العمة واخرين، بما فيهم أم بسمة ، إذعان الفتاة الى قوانين الكبار ومفاهيمهم وعاداتهم المكتسبة، التي تتحكم بها نظرة ذكورية استعبادية.
من خلال بسمة نكتشف أيضا حالات اخرى لقمع الطفولة حيث تتزوج صديقتها حليمة التي لا تكبرها الا بسنوات قليلة، يقوم اخوها المعتل عقليا بقتلها بحجة الشرف. (الرواية، ص.120). كبرت حليمة يتيمة مع امها واخوها المعتل عقليا، ولذلك كانت بنظر المجتمع غير متربية لانها تربية ام وليس اب. نكل بها عماد ابن الاقطاعي فاغواها واستغلها وفعل بها ثم تركها . لم يعاقب عماد على فعلته بل تم بدلا عن ذلك معاقبة حليمة ،إذ قام البعض بتحريض اخيها المعتل عقليا، فقام بطعنها حتى الموت.( الرواية،ص.120-121)
بسمة كانت تطرح اسئلة كثيرة ، فهي طفلة ذكية ، الا ان الاسئلة تكون احيانا دخيلة على عقلية طفلة بمستواها، الى درجة انها تطرح سؤالا: " أبي لماذا نجد بعض الناس لا يملكون الطعام الذي يحتاجون ، والبعض الآخر يملك امولا كثيرة؟ ( الرواية، ص.123)
تنتهي الرواية بحدوث ثورة 14 تموز التي تعني " تغيير في الاوضاع ومنح العاملين مكتسبات ما قامت به ايديهم من اعمال ، والمساواة بين الناس في التمتع بالحقوق والخيرات (الراواية ، ص. 163). كما يجيء على لسان أب بسمة.
الرواية تدلل عموما على قدرة الكاتبة بالتواصل السردي والقدرة على قص الاحداث وخلق صيرورة خاصة تدور حول ثيمة واحدة.. لكن القاريء يفتقد شيئا من الديناميكية سواء في بناء شخصيات الرواية والتعمق شيئا في سايكولوجية اشخاصها او خلفياتهم و عمق الاحداث وتفاعلها ونموها ، ناهيك عن لغة الرواية الوصفية التي بقيت عند سطح الاشياء والموضوعات . كما ان هناك بعض الاطالة غير المبررة خصوصا في الفصول الاخيرة التي لم تضف شيئا لثيمة الرواية، التي تعالج غياب الحب والقمع الاحتمعي والتربية المتزمتة والنظرة المتخلفة للفتاة..
مع ذلك، فقد بذلت الروائية صبيحة شبر جهدا لا ينكر لتقديم عمل ادبي يعالج قضية كبيرة ومهمة، ربما كان من الافضل ان تتناولها في اطار اكثر معاصرة لزمننا ..خصوصا ان هذه القضية ما تزال حاضرة في حياة مجتمعاتنا رغم التغيرات الكبيرة التي طرأت عليها. وبهذا تكون روايتها بمثابة مساهمة لاضاءة هذه القضية الانسانية المهمة ادبيا.


00 00



#قحطان_جاسم (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفرادة الشعرية وتجليّ الذات في ديوان - أغنية شخصية - للشاعر ...
- الفكاهة السوداء وفضح الزيف البشري في كتاب - فوق بلاد السواد- ...
- الشاعر الايطالي سيزار بافيز ..عاش ومات وحيدا..!
- الغواية وضحايا النساء في رواية -هسيس اليمام- للروائي العراقي ...
- البحث عن الحرية في رواية - قلب اللقلق- للروائي العراقي زهير ...
- -الحب والصمت-
- الى صديقي الشاعر ابراهيم البهرزي..نعدك لن تكون وحدك !
- كتاب سجين الشعبة الخامسة .
- الكرنفال الإيروتيكي في ديوان - أرافق المجانين الى عقولهم- لل ...
- كتابة على جدران المدن المستباحة (9)
- - فكرة وفضاء الصمت - في ديوان - مكان ما في اللانهائي - للشاع ...
- - أيّ طريقٍ سلكتَ؛ المصيبةُ قادمةٌ ! -
- - كإشاعة منسية ستذوي في الهروب ..!
- - ليس الا ظلك والوحش النائم فيك !!-
- - يشتم الغواةَ ويدّقُ على الصنوج -
- عبث الحرب وفضائعها في ديوان - قميص قدّته الحرب- للشاعر العرا ...
- صلاح فائق: الشاعر الذي يحرضنا على التحديق في تفاصيل الكون .. ...
- الأغتراب وتشرذم الذات في رواية - قشور بحجم الوطن- للروائي ال ...
- الدولة الاسلامية في العراق ( داعش) وصراع المصالح !!
- العدد الجديد من -مجلة قضايا اسلامية معاصرة- مساعي مثابرة لتح ...


المزيد.....




- صناع أفلام عالميين -أوقفوا الساعات، أطفئوا النجوم-
- كلاكيت: جعفر علي.. أربعة أفلام لا غير
- أصيلة: شهادات عن محمد بن عيسى.. المُعلم والمُلهم
- السعودية ترحب باختيارها لاستضافة مؤتمر اليونسكو العالمي للسي ...
- فيلم من إنتاج -الجزيرة 360- يتوج بمهرجان عنابة
- -تاريخ العطش-.. أبو شايب يشيد ملحمة غنائية للحب ويحتفي بفلسط ...
- -لا بغداد قرب حياتي-.. علي حبش يكتب خرائط المنفى
- فيلم -معركة تلو الأخرى-.. دي كابريو وأندرسون يسخران من جنون ...
- لولا يونغ تلغي حفلاتها بعد أيام من انهيارها على المسرح
- مستوحى من ثقافة الأنمي.. مساعد رقمي ثلاثي الأبعاد للمحادثة


المزيد.....

- سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي / أبو الحسن سلام
- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - قحطان جاسم - الطفولة المقموعة في رواية - ارواح ضامئة للحب- للقاصة والروائية العراقية صبيحة شبر