أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي دريوسي - حدث في قطار آخن -36-















المزيد.....

حدث في قطار آخن -36-


علي دريوسي

الحوار المتمدن-العدد: 5067 - 2016 / 2 / 6 - 21:22
المحور: الادب والفن
    


نعم لقد جاء دوري لأخبركم شيئاً عن هذا البلد الذي اشتريتُ فيه وقبل صعودي إلى قطار آخن بساعات قبراً يتسع لجسدي وذكرياتي، سأحدثكم عن بلدٍ سأموت فيه، لكن ليس قبل أن أروي لكم كل ما حدث معي في قطار آخن!

كيف تتّعرف إلى بلدٍ ما؟
ليس فقط عن طريق إتقان اللغة بل بواسطة العيون الذكية والزواج!

حالما تتزوج الألمانية الشقراءُ رجلاً شرقياً لعوباً، تهمس في أذنه في لَيلَة الزِّفاف والدُّخْلَة: لكَ يا كنزي الصغير أَنْ تشتهي مستقبلاً كل الأطعمة ومن كل الأوطان... في الشوارع، في الأماكن العامة، في الحدائق وفي البارات... شريطةَ أن تجلبَ شهيتك معكَ إلى وطنك الوحيد، الذي هو أنا، عليكَ أن تتناول طعامكَ بشهيةٍ عالية، فقط هنا، في بيتنا ومن هذا الصحن! ثم تشير بأصابعها إلى أسفل بطنها...

إذا صادفتَ شخصاً ما في أحد الشوارع الألمانية، في يومٍ صيفي حار، يلبس شورتاً وفي قدميه صَّنْدَلاً جلدياً وجورباً نظيفاً سميكاً أَبْيَضَ اللَّوْن، فاعلمْ أنّه ألماني أباً عن جد، يعيش مع عائلته في بيت ريفي كبير، لعلّه يعمل كمعلم مدرسة في المرحلة الابتدائية.

إذا شاهدت عن بعد شخصاً ما في ألمانيا، يقف بجانب محل ما أو يمشي في شارع ما، مرتدياً بيجامة أديداس وبوط أديداس، أو ماشابه من ماركات... فاعلم أنه شخص غريب وغير رياضي، لعله روسي، بولوني، تركي صبغ شعره، يوناني، عربي، أفريقي أو أسيوي.

إذا رأيتَ في أحد صباحات أيام العمل الإسبوعية عن بعد شخصاً يقف في أحد الشوارع الألمانية ويتحدث إلى جاره أو إلى شخصٍ آخر لا على التعيين، فاعلمْ ودون الْتِبَاس بذلك، بأنّه شخص غير ألماني، اعلمْ بأنّ كلاهما غريب.

إذا اِلتقيتَ شخصاً ما في ألمانيا في حفلة عيد ميلاد مثلاً، دعاه إليها شخص ثالث شرقي المَنْبَت... إذا رأيته يأكل ويأكل ويأكل رغم الدسم وزيت الزيتون، يضحك ثم يأكل، يتذوق الأطعمة كلها، حتى المقلية منها لدرجة الوجع، يضحك من جديد ويداعب كرشه ويقول: "سأجرب هذا المساء كل شيء، سأجرب حتى الشاي العربي الأسود الثقيل، سأجرب حتى الخبز التركي المعلّب، سأجرب حتى البقلاوة..." ثم يَتَوَدَّدُ فجأة لمضيفه مادحاً حتى الموسيقى الشرقية مهما كان نوعها، تلك التي لا يستسيغها في الحالات الطبيعية، يلتفت لطاولة الطعام من جديد، يجرب مذاق الأطعمة كلها، ينظرُ بوجه صديقته الصبورة، يضع يده على مؤخرتها اللطيفة كالفجر، يحميها من نظراتِ شرقٍ جائع، يسألها مداعباً: الطعام لذيذ، لذيذ هو هذا الطعام... أليس كذلك يا كنزي الثمين؟
إذا اِلتقيتَ هذا الشخص العجيب فاعلم حينئذٍ أيها القاريء العزيز ودون أن ينتابك الشَّكُّ للحظة واحدة بأنّه شخص ألمانيّ الأب والأم.

يمتلك الرجل الألماني من المعرفة العامة العريضة أفقياً، ومن المعرفة الاختصاصية العملية أو العلمية الضيقة شاقولياً، ما يكفيه كي يكون فخوراً بنفسه، يعشق العمل ويعرف الكثير لكنه لا يتكلم بالسياسة ولا بالدين، لا يهزمه شيئاً إلّا المرأة، لا ينحني إلّا أمام الرجل الأجنبي، الذي يفوقه علماً ومعرفةً وذكاءً وعشقاً للعمل. كثيراًما يُقال: "يحيا الألمان كي يعملوا، يعيش السعداء منهم في هامبورغ."

إذا سُمِحَ لك مساء يوم عطلة في ألمانيا، في ديسكو أو خَمّارة أو دار سينما، أن تُلقي نظرة فضولية إلى داخل محفظة نقود ذكورية مجهولة، ولم تعثر في داخلها على "Sildenafil" بالإضافة إلى شفرة وظرف "Cocain"، فاعلم أنّ المحفظة تعود إلى رجل غير ألماني.

إذا سُمِحَ لك أن تلقي نظرة ذكورية فضولية إلى داخل حقيبة يد أنثوية ولم تعثر في داخلها على كوندوم وحبوب "Pill" وعلبة دخان، فاعلم أنّ الحقيبة تعود إلى إمرأة غير ألمانية.

يستهلك الألماني ما يعادل ثمانية إلى عشرة غرامات من الملح يومياً... ما زال البُحَّاث مختلفين بالرأي حول المقدار الغرامي الحدي المسموح تناوله من ملح الطعام يومياً، بعضهم يرى أنّ تناول أكثر من ستة غرامات يومياً من الملح ليس صحياً، بعضهم يرى أنّ تناول أقل من ثلاثة غرامات يومياً هو أمر غير صحي أيضاً... لكن البُحَّاث متفقين على أنّ الانشغال بممارسة الرياضة وتخفيف الوزن والتوقف عن التدخين أهم بكثير من الانشغال بكمية الملح اللازمة للجسم صحياً... أليست بَكْتِريا نقص الرياضة في الشرق هي أحد وأهم الأسباب الرئيسية للمرض والموت والحرب!؟

في ألمانيا تقع مدينة هاملن، قديمة ورومانسية، مدينة الجرذان ورجل المزمار، مدينة الغلمان الذين اختفوا، هناك تستطيع أن تُمضي الليل في فندق صائد الفئران، أن تزور معرضاً للحرف اليدوية، أن تشتري فأرة من شوكولاته، أو تأكل قطعة خبز على يئة فأرة ناعمة، من هنا أو هناك تستطيع أن تقرأ تلك الأسطورة التي خلدها الشاعر الإنكليزي روبرت براونينغ عام 1842 بقصيدة الزَّمَّار صاحب الوعود.

في ألمانيا يوجد إحصائيات لكل التفاصيل اليومية تحت إشراف معاهد أبحاث أخصائية، النتائج الاستطلاعية لأحد البحوث العلمية الجديدة، طويلة الأمد، تحت إشراف معهد أبحاث الجنس والطب الشرعي-الجنائي والطب النفسي في مستشفى جامعة هامبورغ إيبندورف توضح أن الحياة الجنسية الطلابية لدى الشابات الألمانيات تَتَبّدل بشكل ديناميكي كل بضع سنوات... يبدو اليوم أن النساء-الطالبات الشابات أكثر انفتاحاً على الممارسات الجنسية الجديدة مما كانت عليه في التسعينيات، ومع هذا أصبحن أكثر وفاء للشريك مما كان عليه الأمر سابقاً...
44 بالمائة من النساء يذكرن أنهن قد شاهدن مرة واحدة على الأقل فلماً إباحياً برفقة الشريك، أما في منتصف التسعينيات فلم تتعد هذه النسبة 30 في المئة. تضاعفت نسبة النساء اللواتي جمعن خبرات وتجارب مع ألعاب العبودية الجنسية من 18 إلى 36 في المئة. بلغت نسبة النساء اللواتي يستخدمن جهاز-لعبة الهزاز 38 في المئة، بينما لم تتعد 11 في المئة في بداية التسعينيات. على الرغم من الانفتاح الجنسي الهائل وتوفر كل الإمكانيات الاجتماعية والاقتصادية، فإن النظرة إلى الخيانة العاطفية قد تغيرت، إنهن ينظرن للعلاقات الجنسية الجانبية بامتعاض، بلغت نسبة الشابات اللواتي ذهبن مع آخرين في علاقة جانبية لمرة واحدة على الأقل حوالي 8 في المئة، أما في بدايات التسعينيات فقد وصلت هذه النسبة إلى حوالي 34 في المئة.

هناك فارق كبير بين الرجال والنساء، بينما تقوم المرأة بالبوس لأنها فقط تريد أن تبوس، يفهم الرجل بوستها مباشرةَ على أنها دعوة للذهاب إلى ما أبعد من ذلك. 96 في المئة من النساء يفضلن القبل على العنق. يشتهينها أكثر مما يشتهيها الشباب والرجال بعشرِ مرات على الأقل. تشتهي النساء بوسات الأذن أكثر مما يتمناها الرجال بمرتين على الأقل، فهي غالباً لا تحرك مشاعره، هذا ما يقوله خبراء القبل، في المقابل، يحب الرجال أن يُعّضوا من قبل النساء في الشفة السفلى تحديداً، لأنها تظهر لهم أن الشريك يتمتع بعاطفية.


في ألمانيا يعرف الرؤوساء ما يقولون...
هنا يقول ريتشارد فون فايتسكر، الرئيس السادس لجمهورية ألمانيا الاتحادية:
"إن تكنولوجيا اليوم هي خبز الغد، وعلم اليوم هو تكنولوجيا الغد".


في ألمانيا تُصدِّر الشركات معدات عسكرية إلى المملكة العربية السعودية ... رغم الِانتهاكات الشنيعة لحقوق الإنسان هناك!
وصلتْ قيمتها في السنوات الخمس عشرة الماضيةحوالي 2,6 مليار يورو...
الدولة التي تقوم بتنفيذ إعدام عشرات الأشخاص في يوم واحدٍ، لا تحتاج إلى مزيد من أدوات القتل التي تُصدّر إليها، يا سادتي الألمان.
يقول اليساري الألماني غريغور غيزي:
"هل يُمكن لبلٍد مثل ألمانيا، الذي يتغذى من الحروب والأزمات الكبرى، أن يتطور بشكلٍ جيد؟ لا للحرب، نعم لحظر صادرات الأسلحة!"


هل أخبرتكم عن عن هذا البلد بما يكفي؟
أليس مُمِلّاً هذا الحديث؟

إذا تمكنت من الهروب من نساء الكوكايين ولهيب أجسادهن، إذا وصلتُ إلى غرفتي دون أن تخترق جسدي رصاصة عابرة، سأعدكم ألّا أتكلم عن هذا البلد، سأعانق صديقتي مانويلا، سأبكي أمامها كطفل!

ما زالت الشوارع نائمة في هذه المدينة الرمادية، سأطلب اللجوء في أقرب بيت، عند أول اِمرأة، سأشرح لها معاناتي، ستفهمني، سَتُربّت على كتفي، على خدِّي، كي أهدأ، ستمسح على شعري لأسترخي وأنام، سأنزلق إلى قلبها كانزلاق الألماني إلى العام الجديد، بمناسبة رأس السنة وقبل أيام منه يتمنى الألمان لبعضهم البعض اِنزلاقاً هادئاً إلى العام الجديد، اِنزلاقاً مصحوباً بالجمال والنجاح والصحة...

سأقول لها من باب الشكر والاِمتنان: سأُضيفك إلى ذاكرتي ما حَيِيتُ!
ستجيبني: طوّل بالك أيها الوسيم الهارب الغاضب، لا تسعتجل، لا اِمرأة تستحقُ الإِضافَة إِذا لَمْ تَكُنْ قد وجدت ضَالَّتَها الْمَنْشُودَة، تلك الإبرة الضائعة في كومة القشّ الأصفّر، قبل أن تلتقيك!
سأفرح لحكمتها، سأسألها: وهل وجدت الإبرة قبل أن تلمحينني على عتبة بابك؟
ستقول بتهكم: لم تَعَثَر الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ عليها إِلّا بعدَ أن اِلْتقتكَ!
سأقول بحزنٍ: هل تقصدين بأنك لا تستحقين الإِضافَة والتخزين في الذاكرة؟
سترد على اندهاشي: سأبقى مُنْهَكة، لأنني وَجَدَتها في القشور، بعد فُقْدَان الأمل والتَّوَازُنِ والثِقَة بأصالَةِ المعدن!
سأقول: لا أفهم ما تقولين؟
ستجيبني بحكمة: الإبْرَة البُوصلَة إمّا أنْ تكون في اللُّبّ حيث أَصالَة البُذُور أو لن تكونْ!
سأكرر السؤال: للمرة الثانية لا أفهم ما تقولين؟

يا الله كم أنا مُتعب، أين أنت يا اِمرأة؟ حتى لو لم أفهمك؟



#علي_دريوسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حدث في قطار آخن -35-
- حدث في قطار آخن -34-
- حدث في قطار آخن -33-
- حدث في قطار آخن -32-
- حدث في قطار آخن -31-
- حدث في قطار آخن -30-
- حدث في قطار آخن -29-
- حدث في قطار آخن -28-
- حدث في قطار آخن -27-
- حدث في قطار آخن -26-
- حدث في قطار آخن -25-
- حدث في قطار آخن -24-
- حدث في قطار آخن -23-
- حدث في قطار آخن -22-
- حدث في قطار آخن -21-
- حدث في قطار آخن -20-
- حدث في قطار آخن -19-
- حدث في قطار آخن -18-
- حدث في قطار آخن -17-
- حدث في قطار آخن -16-


المزيد.....




- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي دريوسي - حدث في قطار آخن -36-