ذكريات من سجن رقم 1 عام 1985 حلقه 13

سمير فاضل النجار

الحوار المتمدن-العدد: 5058 - 2016 / 1 / 28 - 22:20
المحور: المجتمع المدني
    

~ سيد نجم و ابو طه وأنا وكُتيبْ ممنوع داخل السجن ~

سيد نجم موقوف ينتظر محكمته وهو مسؤول غرفتنا انسان هادئ نحيف بنيه يرتدي معظم الأحيان غطاء رأس ~ عرقجين ~ ، وجهه باسم عندما يتكلم ، طيب قلب متدين لا تفوته صلاة وهو على المذهب الجعفري ، تهمته كما يعرضها أبو كريم ~ جرو ~ وأمامه وبأسلوب لا يخلو من النكته أن السيد كان مكلف في وحدته أن يصلي على جثث الموتى الجنود من ضحايا القتال في الحرب العراقيه الايرانيه ولكنه ضبط بانه كان يخفي بعض أسلحة قتلى الجيش ويهربها ولا يسلمها لوحدته العسكريه .
فد يوم سيد نجم أخبرني وعلى انفراد وكان مرتبكاً أن قاطعنا فقط سوف يخضع للتفتيش يوم غداً من قبل ادارة المعتقل حسب ما وصلته هذه المعلومه - كانت له معرفه ببعض حرس السجن كونهم من نفس محافظة البصره - وأنه أي السيد يحتفظ بكتاب يتضمن أدعيه دينيه وخطب أو توجيهات لعلماء دين شيعه ورجاني أن أسلم هذا الكتيب الى أبو طه لخفيه في القاطع الثاني ~ قاطع التبعيه - وهو كتيب صغير بحجم كف اليد أو أصغر حروفه ناعمه ولم أمعن في تصفحه سوى اني علمت من سيد نجم انه ممنوع التداول! -

أبو طه صديقي وهو صديق سيد نجم أيضاُ وقاطعهم غير خاضع للتفتيش غداً حسب خبر لا نعرف مدى دقته او الغايه منه غير أن التفتيش هو ظاهره روتينيه واحياناً بسبب وشايه .
طبعاً هذا التصرف من سيد نجم أقل ما يوصف به هو تصرف غير حكيم فما هي العبره من مجازفة ادخال هكذا كتاب للمعتقل والاحتفاظ به في ظروف الحرب مع ايران والسيد متهم بقضية سلاح ؟
على كلٍ وافقت بدون تردد لمعزّتي بسيد نجم رغم اني بعيد عن اتجاهاته الدينيه ولا أعتقد أو اؤمن بهذه الكتب وفقهها الديني ولكني أحترم وأجد نفسي قريباَ من كل اتجاه معارض للبعث ودكتاتورية صدام ٠-;---;--
وجدت أبو طه وهو صديق مؤتمن في ساحة المعتقل ، ساحة المعتقل يتمشى فيها السجناء لكل القواطع مشتركاً وحرس السجن يراقبون عند البوابه الرئيسيه ومنتشرون فوق سطوح أبنية المعتقل المطلّه على الساحه
فتمشيت معه منفرداً في الساحه وأستطلعت رأيه في طبي اخفاء الكراس في قاطعهم كون قاطعنا سوف يفتش يوم غد حسب معلومه وصلت لنا فوافق الرجل وجلبته له من زنزانتنا بعد كنت قد أخفيت هذا الكتيب - داخل مجله قديمه - وسلمت المجله وبداخلها الكراس لابو طه دون أن أتطرق لأسم صاحب الكراس ولم يسألني الرجل عن ذلك ، خطرت على بالي فكره حينها حيث طلبت من أبو طه أن يخفيه تحت سخان الماء الحار في حمام قاطعهم تحسباً من تفتيش قاطعهم أيضاً ففي حال العثور عليه من قبل مفتشي السجن سوف يتعذر عليهم معرفة عائديته ومن اخفاه ، حيث كان هناك حمام داخل كل قاطع وتوجد مسافه صغيره بين الأرض وقاعدة سخان الماء الحار المرفوعه عن الارض قليلاً بواسطة أرجل أو مساند معدنيه للسخان -

فعلاً في اليوم التالي تمّ تفتيش قاطعنا فقط ولم يعثر السجانون على شئ محضور في داخل الزنزانات ومر الأمر بسلام ٠-;---;--
بعد انتهاء التفتيش بساعات طلب مني سيد نجم ان أعيد له الكتيب فاعدته له بعد أن جلبته من أبو طه وهو سعيد بالعوده الميمونه لكتابه، أظن أن السيد كان يعتقد أن هذا الكتيب هو كطوق حمايه له من عاديات الزمن داخل السجن !.

وأنا هنا أسأل نفسي هل كان من الموجب على انسان عاقل ان يُدخل للمعتقل هكذا كرّاس والذي سبب لنا كل هاي الخبصه ودوخة الراس وكان من المحتمل أن يكسر ركاب ناس ؟ .

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل