ذكريات من سجن رقم 1 عام 1985 حلقه 12

سمير فاضل النجار

الحوار المتمدن-العدد: 5046 - 2016 / 1 / 16 - 18:35
المحور: المجتمع المدني
    

سيد نجم يقرأ وبصوت خافت أدعيه وآيات لدفع البلاء في تلك الليله ونحن مستمعون صامتون كأنه متيقن أن هذه الأدعيه ستنقذنا من الشرّ المنتظر في اليوم التالي .
عند الصباح تم اصطفاف قاطعنا في الساحه بناء على أمر حرس السجن وبدء أحدهم بالتكلم وخيرنا بين عقوبة الرياضه الجماعيه للكل أو التبليغ الآن عن من أهان الحرس أثناء الواجب ليلة أمس ، فرفعت يدي وقلت له أنا من قال ولكن لي توضيح . فطلب مني الخروج من الجمع فخرجت واوقفوني جنبهم ثم بادر و نطق أبو كريم ~ جرو ~ بالقول أنا عندي شهاده فليس المقصود الحرس بل الكلام كان موجه ليّ، ثم تبعه سيد نجم بالقول أنا أريد أن أشهد أيضاً فأمروا الجميع بالانصراف عدانا نحن الثلاثه وأخذونا الى غرفه خاصه بهم مجاوره للبوابة الرئيسيه للقواطع الأربعه ، وطلب مني أحد عرفاء الانضباط الكلام ، كان اسمه محمد الضبع - لا أعرف هل هذا هو لقبه الحقيقي أم مجرد كنيه اختارها لنفسه - وبجواره انضباط السجن الآخر اسمه - جميل - عن ما أريد قوله فأخبرتهم وبحضور السجينين الآخرين أبو كريم وسيد نجم البطاط أن أبو كريم طلب مني مناوشته كوب ماء وانا من باب الممازحه قلت له أجيبلك - قزرقط - وتصادف ذلك مع قول الحرس - سِر الليل - .
ثم طلبوا من أبو كريم الكلام فأعاد نفس روايتي - وحسب الاتفاق - بل سلسلها أحسن مني ثم طلبوا من سيد نجم البطاط الكلام فأيد ما قلناه وبكل ثقه باعتباره سيد ومحل تصديق لما يقول .
فانبرى الجلاوزه بداية بالكلام الجارح.. موجهيه للسيد و بعدها التفت - جميل- الى أبو كريم فضربه على رأسه بشده و سقطت الشطفة أو غترة غطاء الرأس من رأسه ~ شعرت لحظتها بذنب كبير لان الاذى الذي لحق بهؤلاء الأعزه كان بسببي ~, ثم صفعني - جميل - بقوه على أذني، مباشرة بعدها عصبوا عيناني وذهبت معهم مشياَ وفهمت من حديثهم مع بعضهم أننا ذاهبون الى النقيب مساعد آمر السجن ، - هذا الضابط تكريتي ابن عمر هزاع نسيت أسمه الأول سبق أن تطرقت له في حلقه سابقه عند زيارته لقواطعنا ووصفه لنا بالمجرمين - ، وكنت في حالة دوخه من أثر ألم اذني وعيناي معصوبه ولم يتكلم كثيراً هذا الضابط بل بدء بتعذيبي بنتلات كهربائيه مؤلمه جداً على كتفي وظهري ولدقائق فقط ولكنها دقائق ألم جسدي فظيع يمتد لكل اطراف الجسم . ثم جلبوني لساحة قاطع السجن وانا في هذا الحال وطرحوني أرضاً ورفعوا قدماي للأعلى وبدء أحدهم بضرب فلقه بعصى على باطن القدمين كانت الفلقه مؤلمه في البدايه فقط وبعدها لم اشعر بألم الفلقه فقدمي أصبحت كأنها مخدره .،
تم حجزي بعدها في المحجر لمدة يومين بغرفه منفرده بأبعاد لا تتجاوز 1.5x2.5m متر ولا يوجد فيها غير صفيح معدني للتبول وقضاء الحاجه، بابها بليت حديد لا ترى من خلاله شئ وليست كأبواب زنازنين القواطع الأخرى وهي قضبان حديديه ، يوجد شباك صغير جداً في أحد الجدران قريب السقف تستطيع من خلاله معرفة الليل من النهار .


ما قرأت على جدران هذه الغرفه وهي مبيضه بالجص وطلاء قديم أسماء مع تواريخ سابقه لقسم ممن سكنوها وسلبت أرواحهم بعدها محفورة على الجدران وقسم يذكر اسم مدينته ، لحد اليوم أذكر أن أحد الشهداء سبق كتابة أسمه رحمه الله بكلمة ~ اني المرحوم .. أسمه أو أسم أبيه كان عبد الحسين ~
أخرجت أنا وأعدت الى زنزانة القاطع بعدها وقد أخبرني أحدهم بأني محضوض كوني لم أحال بتهمة تهجم .
----------------
سأورد في حلقه قادمه مشاهدتي لقيام محمد الضبع وجميل بتعذيب أحد السجناء القادمين الجدد بشكل وحشي فضيع قبل ادخاله المحجر .
كذل سأذكر ما يتعلق برائد قصي آمر السجن وقتها وقيامه بابدال اسم أحد المشمولين بقائمة حكم اعدام بآخر ونفذ الأعدام بالسجين الثاني وعوقب على اثرها رائد قصي بحبس يقال 10 سنوات .

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات