أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - إيمان أحمد ونوس - ما بين الداخل والخارج قيمنا متبدلة














المزيد.....

ما بين الداخل والخارج قيمنا متبدلة


إيمان أحمد ونوس

الحوار المتمدن-العدد: 5055 - 2016 / 1 / 25 - 23:31
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    




رهف فتاة تجاوزت العشرين من عمرها ببضع سنوات وهي أرملة وأم لطفل يتيم، لم تكمل تعليمها الجامعي بعد..
اضطرت رهف مرغمة بحكم القيم والمفاهيم المجتمعية التقليدية للعيش في بيت أخيها ووليّها في غياب الأب والزوج، ورغم أنه تربطها بزوجته علاقة قربى، إلاّ أن هذه العلاقة سيئة للغاية من منطلق تقليدي يحكم غالباً أن تكون العلاقة ما بين الكنّة وأهل الزوج علاقة غير إيجابية، مما دفع بزوجة الأخ إلى الإساءة المقصودة أو غير المقصودة للأرملة الشّابّة، خصوصاً وأن والدها المسافر قد خصص لها إيراد محل تجاري لتتمكن من إعالة نفسها وابنها، إضافة إلى أنها جامعية، في حين أن زوجة الأخ لم تنل من التعليم سوى ما يسمح لها بالقراءة والكتابة، ومن هنا، فقد تمّ التضييق على حياة رهف بمنعها من الخروج من البيت بمفردها ولو بصحبة ابنها، كما مُنعت من إكمال تعليمها الجامعي بحجة عدم التعرّض لأقاويل الأقارب والجوار وهي الشّابة الصغيرة التي لا تتوانى عنها العيون الراصدة أبداً لكل حركة منها، ما جعلها إنسانة حزينة ومقهورة، ضعيفة مستكينة لقدرها.
هذه الضغوطات المتعددة والدائمة دفعت رهف للتفكير بالهجرة هرباً من قيم المجتمع وظلم زوجة الأخ التي حاصرتها حتى في أنفاسها، أملاً بحرية أفضل تتيح لها العيش بكرامة وإنسانية افتقدتها في ظل قيم وعادات لا ترحم.. وكان لها ما أرادت.
وصلت رهف إلى إحدى الدول الأوربية التي تستقبل المهجرين بعد رحلة مضنية عاشت خلالها معاناة رهيبة لم تكن تتصور أنها تمتلك القدرة على مواجهتها أو تحمّلها منفردة وبجرأة أدهشتها، مما دفعها للمضي في اختيار نمط حياتها التي تنشد بعيداً عن قائمة الممنوعات والرفض الاجتماعي لإنسانيتها في وطنها، محتفظة بقيمها الأخلاقية التي نشأت عليها. وبحكم الحياة الجديدة التي فرضت عليها اكتشاف او اتخاذ أساليب جديدة كي تتعايش مع واقعها الجديد، فقد تخلّت عن العديد من المحظورات المجتمعية السابقة، أوّلها خلع ذلك الجلباب الذي يعيق حركتها، مع أنه كان تقليداً وسمة أساسية من سمات وتقاليد بيئتها المحافظة، وثانيها أنها اقتنت دراجة هوائية تساعدها في شراء حاجياتها من الأسواق بحكم بُعد مكان إقامتها، إضافة إلى ضرورة توفير قيمة تذاكر الركوب الغالية لتتمكن بالمبلغ المخصص لها من العيش دون حاجة للآخرين. كل هذا وسواه من إجراءات وتصرفات كانت محظورة عليها في بلدها، وطبعاً بعلم الأهل ورضاهم فقط لأنها بعيدة عن أعين الناس هنا والتي كانت لها بالمرصاد في كل حركة أو سكون أو نَفَسْ.
ما عاشته رهف سواء في الداخل أو الخارج يؤكّد لنا أن الكثير من القيم التي يحملها غالبية الناس ويتمسكون بها ما هي إلاّ بدافع الخوف من الآخرين المماثلين، وليست بدافع قناعة راسخة ومتجذّرة يفرضها الدين دائماً، وبالتالي فإن هذه القيم يمكن لها ان تختلف باختلاف الأشخاص المتواجدين في ذات المحيط الاجتماعي، مثلما يمكن لها أن تزول بزوال المؤثّرات والقيم الاجتماعية المرابضة أبداً في عمق وساحة تربية قائمة على هواجس ومحرمات مرتبطة فقط بالمرأة ومحاولة إبعادها عن ساحات الحياة بكل أبعادها، وكذلك حجبها عن الآخر الرجل بحكم تشوّه النظرة الاجتماعية للعلاقة بين الجنسين والمحصورة فقط بالعلاقة الجنسية، وهذا بالتأكيد يقودنا إلى أن ما نعيشه في مجتمعاتنا المقيّدة دوماً بتابوهات لا يمكن الاقتراب منها أو مجرد محاولة المساس بها( الدين، الجنس، والسياسة) ما هو إلاّ بفعل الكبت والقمع والخوف من الآخر، وبالتالي الخوف من الخروج من شرنقة تلك التابوهات، كي لا تخسر النخب الحاكمة(رجال الدين- ذكور القبيلة- وأنظمة الحكم) سلطتها وسلطانها، وإلاّ كيف لنا أن نفهم أو نعي أو نقبل بتبدّل قيمنا وعاداتنا المتجذّرة فينا ما بين الداخل المقيّد والخارج الحر للشخص ذاته..؟



#إيمان_أحمد_ونوس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الهجرة ملاذ للمرأة من شرنقة العنف
- لا حرية للنساء بعيداً عن حرية الرجال
- سوريا وأطفالها في نفق مظلم
- الاستثمار في النساء يحفّز التنمية..!!*
- المرأة تحارب خطط صندوق النقد الدولي
- لا تُبنى الأوطان إلاّ بسواعد شبابها
- عيوب الماضي مناقضة لمفاهيم الحاضر
- طاقات الشباب بين متاهات العولمة... والواقع
- الرجولة.. مفاهيم أم مواقف..؟
- ما بين الحاجة والواقع المرأة عماد اقتصاد الأسرة
- نساء سوريا طرّزن وشاح الجلاء وتحملن اليوم أسمال الحرب
- التحوّلات السياسية الطارئة وآثارها على المرأة
- البطالة والفقر والتهميش تخلق مناخات العنف والإرهاب
- الشرعة الدولية واتفاقياتها ومعاهداتها في مهب رياح الأزمة الس ...
- أمراء السعودية يشرّعون الاتجار بالقاصرات السوريات
- قرار أممي جائر بحق اللاجئين السوريين في الخارج
- الحكومة تعتمد جيوبنا المهترئة رافداً أساسياً لخزينتها.
- منظمات المجتمع المدني(الأهلي) ضرورة هامة للارتقاء بالمجتمع و ...
- هل انفرط عقد السوريين الاجتماعي..؟
- التعاطف الإنساني الاجتماعي


المزيد.....




- رابـط التسجيل في منحة المرأة الماكثة في البيت عبر الوكالة ال ...
- تونس: أكثر من 60 ألف محضر عدلي في جرائم عنف ضد المرأة والطفل ...
- إيران ـ قانون -العفة- الجديد استمرار لقمع حريات النساء
- عفاف شعيب تنتقد فنانات خلعن الحجاب وتتصدر التريند
- البرلمان الأوكراني يتخذ الخطوة الأولى لتعبئة النساء
- شاهد كيف تمكنت امرأة بلا تذكرة من التسلل على متن طائرة ركاب ...
- الصحة بغزة:كارثة حقيقية تواجه الاطفال حديثي الولادة جراء نفا ...
- الصحة بغزة:كارثة حقيقية تواجه الاطفال حديثي الولادة جراء نفا ...
- محاكمة سفّاح الغربية.. قتل 4 نساء وقطّعهن أشلاء
- الوكالة للتشغيل تعلن شروط التسجيل في منحة المرأة الماكثة بال ...


المزيد.....

- الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات / ريتا فرج
- واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء / ابراهيم محمد جبريل
- الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات / بربارة أيرينريش
- المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي / ابراهيم محمد جبريل
- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - إيمان أحمد ونوس - ما بين الداخل والخارج قيمنا متبدلة