أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إيمان أحمد ونوس - عيوب الماضي مناقضة لمفاهيم الحاضر














المزيد.....

عيوب الماضي مناقضة لمفاهيم الحاضر


إيمان أحمد ونوس

الحوار المتمدن-العدد: 4835 - 2015 / 6 / 12 - 00:28
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    






العيب، مفهوم أو مصطلح تتعامل معه المجتمعات الإنسانية كلٌ حسب قيمها وأعرافها وتقاليدها المختلفة. رغم أن العيب في مجتمع ما قد لا يكون كذلك بالنسبة لمجتمع آخر.
إلاَ أن العيب في مجتمعاتنا الشرقية- العربية يتخذ منحىً غالباً ما يكون محصوراً فقط بالأنثى دون الذكر. وهو ما تعززه التربية الأسرية- الدينية بكل أبعادهما، من خلال أن كل ما ليس محرماً على الفتاة، هو خاضع لمفهوم العيب، وهكذا تبقى الفتاة معتقلة أبداً ضمن شرنقة الممنوعات من المحرمات، وهالة العيب فيما هو متاح لها.
والأمثلة في الواقع أكثر من أن تُحصى، فمثلاً، مسموح للفتاة بالضحك، ولكن من العيب أن يعلو صوتها أو تقوم بضحكات غير متزنة من منظور الأهل والمجتمع، بينما لا يُحاسب الشاب على أيَ شيء من هذا القبيل. أيضاً مسألة تدخين الفتاة، هي مسألة تقع بين مدٍ وجزر في المجتمع وفقاً لعادات كل بيئة، فحين نجدها عادية عند البعض، تكون محرّمة لدى بيئات أخرى. لكنها بالمجمل تقع ضمن إطار العيب الاجتماعي الذي لا يحبّذ منظر فتاة تدخن، لاسيما في الشارع أو في الأماكن العامة، حتى في تلك البيئات التي لا تمنعه، بينما هو حق للشاب، لاسيما أنه في أحيانٍ كثيرة من مظاهر الرجولة الأساسية وفق المنظور التقليدي الذكوري، وبديهياً لا مجال لمناقشته في كل البيئات.
وهناك قضايا أعمق بكثير من هذه يشملها مفهوم العيب، كأن تعترف الفتاة بحبها لشاب ما.. فإن هذه من الكبائر حتى لدى الفتاة ذاتها- أجري استطلاع في وسط طلاب الجامعة بهذا الشأن- فأعربت خلاله العديد من الفتيات عن رأيهن بهذا الموضوع على أنه عيب، ولا يمكن أن تعترف هؤلاء الفتيات بمشاعرهن حتى لو متنَ عشقاً... إنه موروث عمره عمر المجتمع وقيمه السائدة.
إلاَ أن ما نلحظه اليوم، أن هذه المفاهيم قد تخلخلت بحكم التطورات التي طالت القيم والأعراف ومفاهيمهما في ظل سيادة الحداثة والعولمة ووسائل الاتصال المتعددة بفضائياتها اللامتناهية، والانترنيت وملحقاته.
فمثلاً، حتى منتصف أو أواخر القرن الماضي، كانت مهنة الغناء عيباً يطول الشاب والفتاة معاً، لكن فيما بعد أصبح شبه عادي للشاب، وبقي معيباً بالنسبة للفتاة. أما اليوم فنرى كيف يُشجع بعض الآباء بناتهم على المشاركة في البرامج المختصة بانتقاء الأصوات وسواها من البرامج المشابهة، كالتمثيل مثلاً.
أيضاً، وبالعودة إلى مسألة التدخين للفتاة في الشارع أو الأماكن العامة وغيرها، نجد أنها قد خضعت لتلك التأثيرات، فبتنا نراها منتشرة في المجتمع كالأرجيلة أيضاً رغم استمرار التحفّظ الشديد لدى البعض.
حتى موضوع اعتراف الفتاة بمشاعرها للشاب، مع أنه وكما أعربت بعض الفتيات في الاستطلاع المذكور يعتبر عيباً بالنسبة للفتاة، إلاَ أنه لم يعد كذلك لعدد غير قليل منهن تحت مسمى الحرية والحق الشخصي، أو الصدق مع الذات والمشاعر، ويندرج في هذا الإطار مسألة التحرش اللفظي التي كانت محصورة بالشباب تجاه الفتيات، إلاَ أننا نرى اليوم ويُروى لنا عن فتيات يقمن ببساطة بهذا الفعل ومن أعمار وشرائح متعددة..!!!
أما في مجال العمل، فقد كانت هناك عيوب تكبّل الفتاة لممارستها سابقاً مهنة التمريض أو السكرتيرة، أو النادلة في مطعم أو مقهى. أمّا اليوم، فقد انعتق امتهان الفتاة لتلك الأعمال من منظار العيب الاجتماعي الذي كان سائداً.
فكيف تبدّلت النظرة والمفهوم ذاته بين الماضي والحاضر..؟ وما الأسباب وراء هذا التغيير..؟؟!!
باعتقادي، تأتي في مقدمة الأسباب وكما أسلفنا:
1- تبدّل نظرة المجتمع إلى الفتاة التي تبدّلت أوضاعها وأدوارها أيضاً، بسبب خروجها للتعليم والعمل، ومساهمتها في بعض الأمور الهامة للمجتمع، كالتمريض الذي مارسته بعض النساء أثناء الثورة ضد الاحتلال الفرنسي مثلاً.
2- التغيّرات الطارئة على قيم ومفاهيم المجتمع، لاسيما مع انتشار الفضائيات، ودخول معظم الأفراد ومن أجيال مختلفة عالم الانترنيت، وبالتالي الاطلاع على حياة الشعوب الأخرى والتأثّر بها.
3- تأثير الوضع الاقتصادي على المجتمعات عموماً، بما يفرض من مفاهيم وقيم تتوافق وقوانين اقتصاد السوق في عالمنا المعاصر، إضافة إلى الوضع المعاشي المتدهور بحكم قوانين هذا الاقتصاد، وما يتبعه من فقر وبطالة فرضت على الإنسان مفاهيم وقيم جديدة دفعته للقيام بأي عمل، وحتى من قبل الفتاة في الأسرة، كي تساعد في تأمين متطلبات العيش ولو بالحدود الدنيا( العمل بالإعلانات، السكرتارية، التمثيل والغناء، النادلة وما إلى ذلك..) طالما بقي هذا العمل ضمن إطار قيم ومفاهيم الكرامة الإنسانية سواء للفتاة أو الشاب.
4- رغبة الشباب العارمة( من الجنسين) بالشهرة والنجومية السهلة على كافة المستويات، دون الوقوف عند رأي الأهل، خصوصاً في محيط الطلبة الدارسين في المدن الكبيرة.
5- استسهال الشباب للأعمال ذات المردود المادي المعقول، والابتعاد عن ممارسة أعمال تتطلب جهداً فكرياً أو عضلياً- إن وجدت- لتلبية احتياجات الدراسة والمعيشة.
من هنا، نجد أن مفهوم العيّب ما بين الأمس واليوم قد تبدّل في المجتمع، فما كان عيباً في الماضي، بات اليوم مقبولاً، بل ومرغوباً أو مطلوباً حتى من قبل المحافظين على القيم والتقاليد والتراث.



#إيمان_أحمد_ونوس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طاقات الشباب بين متاهات العولمة... والواقع
- الرجولة.. مفاهيم أم مواقف..؟
- ما بين الحاجة والواقع المرأة عماد اقتصاد الأسرة
- نساء سوريا طرّزن وشاح الجلاء وتحملن اليوم أسمال الحرب
- التحوّلات السياسية الطارئة وآثارها على المرأة
- البطالة والفقر والتهميش تخلق مناخات العنف والإرهاب
- الشرعة الدولية واتفاقياتها ومعاهداتها في مهب رياح الأزمة الس ...
- أمراء السعودية يشرّعون الاتجار بالقاصرات السوريات
- قرار أممي جائر بحق اللاجئين السوريين في الخارج
- الحكومة تعتمد جيوبنا المهترئة رافداً أساسياً لخزينتها.
- منظمات المجتمع المدني(الأهلي) ضرورة هامة للارتقاء بالمجتمع و ...
- هل انفرط عقد السوريين الاجتماعي..؟
- التعاطف الإنساني الاجتماعي
- التعاطف الإنساني الاجتماعي ترياق الأزمات ومرارة الواقع
- ما الإعمار في وطن أبناؤه مهشَّمون ومهمّشون..؟
- رغم القهر والدمار في بلادي ما يستحق الحياة
- القانون رقم/6/ لعام 2014 اغتيال وتهميش للهيئة السورية لشؤون ...
- وضع المرأة في الحروب والنزاعات المسلحة والموقف الدولي منه
- التربية الذهنية ضرورة مُلحة للنهوض بالإنسان والمجتمع
- قضايا المرأة والاستحقاقات القادمة


المزيد.....




- فيديو أسلوب استقبال وزير الخارجية الأمريكي في الصين يثير تفا ...
- احتجاجات مستمرة لليوم الثامن.. الحركة المؤيدة للفلسطينيين -ت ...
- -مقابر جماعية-.. مطالب محلية وأممية بتحقيق دولي في جرائم ارت ...
- اقتحامات واشتباكات في الضفة.. مستوطنون يدخلون مقام -قبر يوسف ...
- تركيا .. ثاني أكبر جيش في الناتو ولا يمكن التنبؤ بسلوكها
- اكتشاف إنزيمات تحول فصائل الدم المختلفة إلى الفصيلة الأولى
- غزة.. سرقة أعضاء وتغيير أكفان ودفن طفلة حية في المقابر الجما ...
- -إلبايس-: إسبانيا وافقت على تزويد أوكرانيا بأنظمة -باتريوت- ...
- الجيش الإسرائيلي يقصف بلدتي كفرشوبا وشبعا في جنوب لبنان (صور ...
- القضاء البلغاري يحكم لصالح معارض سعودي مهدد بالترحيل


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إيمان أحمد ونوس - عيوب الماضي مناقضة لمفاهيم الحاضر