أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح راهي العبود - السيد الحبوبي وبعض من شعره المُغنى .















المزيد.....

السيد الحبوبي وبعض من شعره المُغنى .


صباح راهي العبود

الحوار المتمدن-العدد: 5055 - 2016 / 1 / 25 - 16:23
المحور: الادب والفن
    


السيد الحبوبي وبعض من شعره المُغنى.
لكي يكون أي منا شاعراً لابد من أن يمتلك مسبقاً مقدرة وإستعداداً فطرياً وموهبة شعرية وتمكن لغوي يؤهله لذلك ,إلى جانب مايلزم من أجواء محيطة لإثارة الملكة الشعرية وإظهارها , ثم صقلها وتطويرها. وهذا ما حصل لشاعرنا المجاهد السيد محمد سعيد الحبوبي المولود في النجف عام 18/3/1849 ميلادية والذي فتح عينيه في بيت وبيئة علم وشعر وأدب ,فتشبع بهذه البيئة ودرس علومه وآدابه الأولى فيهاعلى أيدي كبار علماء النجف وأدبائها. سافرمع والده الى حائل حاضرة نجد وهو مازال فتى يافعاً قاطعاً على ظهر الإبل طريقاً صحراوية طويلة. وعلى الرغم من أن هذا السفر كان محفوفاً بالمخاطر إلا أنه وفر للحبوبي فرصة مشاهدة الصحراء الممتدة التي لم يألفها من قبل بكل مظاهرها الطبيعية والتي إنعكست على شعره وإسلوبه الأدبي . شاهد هضابها وسهولها وسيول المياه التي تنحدر نحو الوديان ,والواحات التي تتجمع عندها القوافل لترتوي بمائها العذب ولتستريح بعد عناء . شاهد قطعان الظباء تجوب المراعي و أسراب الطيور تحلق في السماء, وراقب الشمس في أثناء شروقها وغروبها تبعث ألوانها الزاهية ,وتمتع بمناظر السحب والمطر والطل وكل ما يبعث المتعة في النفس . ولم ينس منظر قوافل الإبل المرتحلة التي كان يصادفها في الطريق وهي تسير بخطوات منغومة على وفق حدو حاديها ينشد لها فتندفع ضاربة الأرض بخفافها باعثة صوتاً ترتاح له النفس وتؤنسها وتخفف عليها وحشة الطريق. كل هذه الأجواء طبعت في ذاكرة الحبوبي الفتى اليافع أجمل الصور وأروعها حركت وأثارت في قلبه بدايات مشاعر الحب العذري ,وأججت في ذاته أحاسيس شعرية نمت وترعرعت على مدى ثلاث سنين أمضاها في حائل ليعود بعدها الى النجف وقد بلغ العشرين من عمره ليجدها في أوج مجدها الأدبي والشعري ,فانسجم مع تلك الأجواء ,و تجلى ذلك بحضوره الدؤوب للأندية الأدبية وبيوتات الشعرالنجفية ليخالط فطاحل الشعراء ويتأثر بهم , فاستطاع مسك زمام أمر الشعرالذي ظهرت فيه واضحة آثار ذكرياته والصورالجميلة التي طبعت في ضميره في أثناء ترحاله الى حائل, فأخذت قابلياته الشعرية تنموبسرعة مع نمو أحاسيسه وخيالاته, فكانت موشحاته وقصائده مثار إعجاب كل من قرأها أو إستمع إليها من الشعراء والأدباء ومحبي الشعر الراقي لما تميزت به من رومانسية الألفاظ والمعاني والمفردات التي إستعار الكثير منها من لغتنا الجميلة والتي كاد بعضها يندثر في عالم النسيان , فمنح شعره موسيقى عذبة تثيرالعواطف والشجن وتمنحه عذوبة وقوة في السبك بين حسن الألفاظ ورقة المعاني ,وإستطاع أن يمزج بينهما بمقدرة وتمكن .
لقد خاض السيد الحبوبي في شعره كل مجالات الشعر وأغراضه من وصف ومدح وهجاء ورثاء وغزل وحكم وأمثال وغير ذلك. وعرف بمقدرته الشعرية الفائقة في وصف الخمرة رائحة وآنية وتأثيراً في شاربها وما تسببه في الجسد من خدر وإنتشاء , ثم وصف جلاسها وندمائها .فهو يراها بيضاء كالشمس, حمراء كالياقوت ,معتقة بالدير ,تلطف الأطباع وتعالج النفوس والأمراض والتعب والعناء والحزن والمآسي , بل هي الروح التي تعيد الحياة للموتى.
قام فيها ناشر الى القبور ..... فهي الروح التي أعيدت للجسوم
وله أيضاً :-
وحميا الكأس لما صفقت ..... أخذت تجلى عروساً بيديه
خلتها في ثغره قد عتقت ..... زمناً وإعتصرت من وجنتيه
من بروق الثنايا إئتلفت ..... في عقيق الجزع, أعني شفتيه
ولقد بلغ في وصفه للخمرة حداً لم يسبقه به شاعر من قبل على الرغم من أنه لم يرها أو يتذوقها طيلة حياته وهو العالم التقي الفقيه.وعندما كان يُعاب على قوله الغزل ووصف الخمرة كان يجيب :-
غير أني رمت نهج الظرفا ..... عفة النفس وفسق الألسن
لما بلغ الحبوبي قمة مجده الشعري فتحت عليه نار حملة شعواء قادها بعض الإسلاميين بلغت حد التشهير الجارح ووصلت قمتها لما عيٌره كبير الفقهاء زمنذاك الشيخ محمد كاظم الأخوند عندما أعطى الحبوبي رأ يه في مسألة دينية مغايرة لما طرحه الشيخ الذي رد على الحبوبي مهاجماً ( أين أنت من هذا ؟ إنما أنت تحسن القول :- ياغزال الكرخ ) في إشارة الى قصيدة الحبوبي في الغزل.
يا غزال الكرخ وا وجدي عليك ..... كاد ستري فيك أن ينهتكا
هذه الصهباء والكأس لديك ..... وغرامي في هواك إحتنكا
فاسقني كأساً وخذ كأساً إليك ..... فلذيذ العيش أن نشتركا
فإذا جدت بها من شفتيك ..... فاسقنيها وخذ الأولى لكا
وجدير بالذكرأن هذه القصيدة سجلت بصوت الشاعر الجواهري لشدة إعجابه بها.
بهذه الروح السمجة وسلطة بعض ممن عاصروه والذين أزعجتهم نجاحاته إتخذ الحبوبي قراره
فأقسم على ترك الشعر وهو في سن الأربعين لنخسر بذلك الكثير من الإبداع الشعري , وليتفرغ هو الى علوم الفقه والإجتهاد ,وليقود في أيامه الأخيرة جموع المجاهدين عام 1914 الى البصرة والشعيبة لمقارعة الإنكليز المحتلين مما سبب تعطيل تقدم القوات الغازية نحو الشمال سبعة شهور. وسجل له التاريخ إنتصارات على العدو في عدة معارك ,لكن تفوق الإنكليز بالسلاح والمؤن أجبر المجاهد الحبوبي على الإنسحاب بعد أن قدم الكثير من التضحيات ليموت بعدها كمداً ,وليدفن في الناصرية في 15/6/1915 .
إتصف شعر الحبوبي بالقوة والمتانة في كل ما يتطلبه من المواصفات والقواعد والأصول التي يتطلبها الشعر الراقي ,ومع ذلك فلم تتوفر لهذا الشاعر فرصة الإنتشار خارج حدود العراق حينذاك ,ولم ينتبه له الشعراء العرب حتى بعد وفاته بسنوات. وقد ظهر هذا جلياً من خلال مؤتمرالموسيقي العربية في القاهرة عام 1932عندما غنى محمد القبنجي مقام الأوج بأبيات مختارة من قصيدة السيد الحبوبي ( شمس الحميا ) والتي أطربت كل الحضور , لا بل إن العديد منهم قد جن جنونه في أثناء الأداء . وعندما سمع الشاعر أحمد شوقي بذلك (وهو أمير الشعراء) ,طلب مقابلة القبنجي كي يسمع بنفسه ما غناه من شعر أصبح حديث كل من حضر المؤتمر. يقول القبنجي :- في أثناء اللقاء سألني شوقي عن سر الإعجاب الذي حظيت به في المؤتمر ,وعن الشاعر صاحب الأبيات الشعرية المغناة . فأخبرته بأنه العلامة الكبير السيد محمد سعيد الحبوبي , فطلب مني إعادة أبيات الشعر تلك ,ففعلت ,وعجب أشد العجب لدى سماع هذا الشعر وحفظها على الفور, ثم أخبرني بأنه لم يسمع بإسم الشاعرمن قبل, فإستغربت من ذلك وقلت له محتجاً ( حتى الصغارفي العراق يعرفون أحمد شوقي ,لكني أعجب من أمرالمصريين وشعرائهم عندما لا يعرفون شاعرنا العظيم ).
الأبيات التي إختارها القبنجي من قصيدة (شمس الحميا) وغناها في المؤتمرالموسيقي عام 1932 : -
شمس الحميا تجلت في يد الساقي ..... فشع ضوء سناها بين آفاقي
سترتها بفمي كي لا تنم بنا ..... فأججت شعلة ما بين آماقي
مسودة الجعد لولا ضوء غرتها ..... لما هدتني إليها نار أشواقي
يهدي إليك بمرآها وبسمعها ..... جمال يوسف في ألحان إسحق
ضممتها فتثنت وهي قائلة ..... بالغنج رفقاً لقد قصمت أضلاعي
وبت أسقي وباتت وهي ساقيتي ..... نحسوا الكؤوس ونسقي الأرض بالباقي
في المؤتم ذاته غنى القبانجيي مقام الرست لبعض من أبيات قصيدة الحبوبي ( يا يوسف الحسن ) الذي يطلق عليها أحياناً (لح كوكباً) .الأبيات المغناة :-
يا يوسف الحسن فيك الصب قد ليما ..... فإن رأوك هووا للأرض تعظيما
لُح كوكباً وإمش غصناً وإلتفت ريما ..... فإن عداك إسمها لم تعدك السيما
وجه أغروجيد زانه جيد ..... وقامة تخجل الخطي تقويما
يانازلي الرمل من نجد أحبكم ..... وإن هجرتم ففيما هجركم فيما
حرمت وصلي كما حللت سفك دمي ..... صدقت شرعك تحليلاً وتجريما
ونظراً للشهرة الكبيرة التي حظيت به هذا القصيدة بعد أن غناها القبنجي وأبدع فيها أيما إبداع ,إندفع لأدائها العديد من قراء المقام منهم يوسف عمر (بمقام منصوري) ,ورشيد القندرجي وحسن خيوكه.وفي أعقاب ذلك إنتبه الكثير من الملحنين والمطربن العراقيين والعرب لجمال شعر لحبوبي وموشحاته مثل الفنان الكويتي إبراهيم الخشوم الذي غنى( يايوسف الحسن) ذاتها بلحن جميل مختلف. أما المطربة زهور حسين ذات الصوت المميز المحبوب فقد إختارت أبيات محددة من قصيدة الحبوبي ( لاتدرلي أيها الساقي رحيقا) لتؤديها بمقام( دشت ) لتذهل به عشاق غنائها الكثر لما تمتلكه من صوت عذب وأداء قل نظيره ,وبهذا الأداء فقد خلدت زهور حسين إحدى روائعها التي لازال الناس يطربون عند سماعهم لها.
لاتدرلي أيها الساقي رحيقا ..... أنا من خمر الهوى لن أستفيقا
ورشيق القد قد أرشفني ..... في مغاني لهوه خمراً وريقا
عذلوا فيك ولو لحت لهم ..... عدلوا فيك وما ضلوا الطرقا
وعلى الكرخ فسلم إن لي ..... رشأ في ذلك الحي عشيقا
ماج ماء الحسن في وجنته ..... فغدى في موجه الخال غريقا
ولقد أثار النجاح الذي حققته زهور حسين بإختيارها أبيات من شعر الحبوبي العديد من المطربين منهم قاريء المقامات حامد السعدي الذي أعاد قصيدة (يا يوسف الحسن) بمقام دشت . فرقة الإنشاد وبقيادة الصولو عامر توفيق أدت موشح ( طرز خداك العذاران) للحبوبي بأداء جميل ونجاح شجعها على الإستمرارفي أداء موشحات أخرى منها موشح (مداك ما لا يحصر) وغيرها.
طرز خديك العذاران ..... تطريزة الورد بريحان
خداك من ورد ومن نرجس ..... عيناك والقامة من بان
مرائر العشاق شققتها ..... فإخضر منك الأحمر القاني
لو كنت في دار كمصر وفي ..... حي مدان حي كنعان
ماكنت إلا يوسف يا رشا ..... أو فقهته يا يوسف الثاني
ولعل من أجمل الموالات التي قدمها الفنان الرائع سعدي الحلي هو موال من شعر الحبوبي من قصيدته :-
يقولون من نار قد تكون خده ..... عجب وماء الحسن في الخد سلسالُ
أجل هو من نار وما إجتمعا ..... وقد قيل من ماء فيا بُعد ما قالوا
فلو كان من نار لما إخضر روضه ..... وبات بأيدي الشوق تجليه آمالُ
وما هو من ماء وإن سال رقة ..... ولوكان من ماء لما إحترق الخالُ
إختار سعدي الحلي بيتين رتبهما من هذه الأبيات الأربعة بطريقة متماسكة تامة المعنى ورائعة جداً وكالتالي:-
يقولون من نار قد تكون خده ..... وقد قيل من ماء فيا بُعد ماقالوا
فلو كان من نار لما إخضر روضه ..... ولوكان من ماء لما إحترق الخالُ
ثم أتبع هذا الموال ببيت من أبوذية مقيد بالمعنى الذي ورد في البيتين الشعريين الآنفين فأبدع في ذلك أيما إبداع.



#صباح_راهي_العبود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفنان التشكيلي محمد حسين جودي ......... مطربة الحي التي لات ...
- ما خنت هواك ولا خطرت ..... سلوى بالقلب تبرده
- أعزاء القوم .... والإذلال الجائر
- الدود الأبيض والدود الأسود
- مائدة نزهت ... وأغانيها السياسية
- الكم والنوع وإنتفاضة العراقيين.
- التلفون ..... وذكريات خمسينية.
- وزارة مقترحة بعد إنتفاضة المضطهدين.
- بمناسبة الذكرى الستين لإنتفاضة أهل الكوفة عام 1956.
- إنتفاضة أهل الكوفة عام 1956 ..........بمناسبة ذكراها الستين.
- إبن عمها أكبر منها سناً وحجماً.
- عصابات بأنماط متنوعة.
- تقديرعمر الآثار
- تراث غنائي عراقي.............حضيري أبو عزيز
- محسن جبرالكوفي ...مطرب عاشق مات مسلولاً
- ذكريات مدرس في مدرسة مسائية
- نوري .....وبصمة الجسد
- سلاماً نساء العالم.. ...عشية اليوم العالمي للمرأة
- القفز من فوق السياج
- قيطان الحذاء المفقود


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح راهي العبود - السيد الحبوبي وبعض من شعره المُغنى .