أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح راهي العبود - الفنان التشكيلي محمد حسين جودي ......... مطربة الحي التي لاتطرب.















المزيد.....

الفنان التشكيلي محمد حسين جودي ......... مطربة الحي التي لاتطرب.


صباح راهي العبود

الحوار المتمدن-العدد: 5015 - 2015 / 12 / 16 - 14:01
المحور: الادب والفن
    


كان ذلك خريف عام 1959 عندما دخل علينا في الصف شاب من أبناء مدينتنا علمنا بعدها إنه معلم الرسم وإسمه محمد حسين جودي حنوش ,وللوهلة الأولى أدركنا ونحن لما نزل شباب مراهقين صغار إننا أمام رجل يمكن إختراقه بسهولة , وإتضح ذلك جلياً بعد أن أبدى معنا من روح التسامح والطيبة والخلق العالي الذي لم نألفه من قبل من لدن أي من مدرسينا ففسرناه بتفكيرنا القاصرعلى أنه ضعف في الشخصية ,وقد حاول معنا إبتداءاً ومن خلال مقدمة طويلة توضيح أهمية الفن في الحياة وفي مجال الهندسة وبقية العلوم ودوره في إشاعة المحبة والجمال وغير ذلك .ثم بدأ يشرح لنا بإخلاص المبادئ الأساسة في بناء اللوحة الفنية ومستوى النظر وفوقه وتحته. وأزاء كل ماطرحه من مفاهيم كانت ردود فعلنا تافهة ,ولم نصدق أن يوماً سيأتي لنرى أستاذنا هذا وقد إمتلك ليس ناصية الفن والتشكيل حسب وإنما تعداها ليكون من أشهروأروع فناني العالم في مجال الطرق على المعادن والحفر على الخشب والتصرف بالحجر ليخلق منها أشكالاً تكاد تنطق.
لم يخطر في بال فناننا يوماً أن تكليفه من قبل إدارة المدرسة بسد شاغر حصل بغياب مدرس الإنكليزية وتلفظه أمام الطلاب لإسم خضيربالإنكليزية الواردة في واحدة من القصص بشكل (جودار) ستكون وبالاً عليه,إذ ومن يومها حلت عليه لعنة اللقب الذي غلب على إسمه بعد أن فرضه وأشاعه بخبث من لا ضمير له ولا أخلاق من الطلاب الفاشلين وبضمنهم واحد يرتبط معه بعلاقة القرابة !!. ومما زاد في عذابه أكثر معاناته من أمور أخرى خاصة به لا نسمح لأنفسنا بخوض غمارها.
لقد تتلمذ على يدي أستاذنا الرائع محمد حسين جودي المئات من الطلاب من الكوفة وبرز منهم فنانين رائعين منهم ماجد البصري وثامر الخفاجي ومحمد علي الجنابي وجواد كشكول وعلي الجابري وسعد تويج ومحمد لقمان وغيرهم ,أصبح بعضهم من مشاهيرالفن ,وقدم على مدى سنوات عمره الحافلة بالعطاء مايقرب من أربعين كتاباً تبحث في الفن وفلسفته والتراث والتربية الفنية ,كما إنه من القلة النادرة التي درست أصول الفن في أوربا. أما عن ولادته فكانت في الكوفة عام 1939 من عائلة فقيرة تسكن في أحد البيوت البائسة في طرف السراي .مات أبوه وهو لما يزل طفلاً ليتركه مع أمه التي فقدت بصرها بعد حين . ولما لم يجد الرعاية والعناية المطلوبة إضطر للخروج مبكراً الى معترك الحياة فاشتغل عاملاً في مجال البناء خلال العطلة الصيفية ليوفر لقمة العيش الكريم. ثم تخصص في أعمال (الدرازة) ونجح وأجاد في ذلك وبقدرة عالية لما يمتلكه من روح فنيه ظهرت آثارها في هذا العمل. والدرازة لمن لايعرفها هي ملء الحزوز والفتحات بين طبقات الطابوق بالجص أو السمنت بشكل خطوط أنيقة وجميلة مما يضفي على البناء جمالاً أخاذاً. بعد إنهاء المرحلة المتوسطة من دراسته عام 1956 توجه ليكمل دراسته في معهد الفنون الجميلة في بغداد بعد أن إجتاز إمتحان الكفاءة بتميز واضح لينهي دراسته في المعهد بعد سنين ثلاث ,وكان الأول على دفعته التي تضم العديد ممن أصبحوا من مشاهير الفن التشكيلي في العراق منهم على سبيل المثال كاظم حيدر.و فور تخرجه نسبته وزارة التربية لتدريس مادة الرسم في متوسطة الكوفة التي تحولت الى ثانوية بعد حين..
بدأ جودي حياته الفنية بالقيام بتكبير الصور الفوتوغرافية لمجموعة من أصدقائه ومن وجهاء مدينته (مثل صديقه جودي الأوتجي والوجيه جعفر الشيخ علي وغالب نوري وصاحب خليل وغيرهم) مستعملاً جهاز الفانوس السحري لهذا الغرض ليتسنى له بعد ذلك رسمها بالقلم الفحمي ,وهذه الصور ماتزال محفوظة باعتزاز لدى الأبناء والأحفاد تزين غرف الضيوف في البيوت.
كان لي الشرف لأن أكون زميلاً لأستاذي هذا ومنذ عام 1966 بعد تخرجي من الجامعة وتعييني مدرساً للفيزياء في ثانوية الكوفة, ثم صديقاً لي ولمجموعة من خيرة الشباب الذين كانوا يكنون له المحبة والإحترام مثل الفنان ماجد البصري وحسن وداعة وصلاح شيحان ونزار سعد وشاكر عبد الأمير وجواد كاظم ياسين وآخرون غيرهم , كنا نقضي وقتاً جميلاً في المقاهي المطلة على ضفاف الفرات في الكوفة الحبيبة كمقهى عزيز وناس ومقهى سيد إدريس الملاصقة لجدار مسجد النبي يونس (ع) ,وهذا القرب من المسجد حفز الفنان جودي على تنفيذ لوحة جدارية رائعة وغاية في الجمال ( 3متر × 1.5 متر) على أحد جدران المسجد تمثل قصة النبي يونس(ع) لحظة لفظ الحوت له . ومما يؤسف له أن هذه اللوحة أتلفت وآلت الى أنقاض بعد الترميمات التي جرت على المسجد ,ولم يدرك القائمون على الترميم أنهم قضوا على لوحة فنية ثمينة نادرة رائعة.
في واحدة من جلساتنا في المقهى إقترحنا على أستاذنا وصديقنا فكرة إكمال دراسته خارج البلد مشيرين الى مايملكه من تمكن رائع في الفن وقدرة
يجب أن تنال مجالها الأوسع خارج صفوف المدارس الأكاديمية , فكان إقتراحنا هذا خير محفز له لتنفيذ خطوة واسعة يمكن أن تنقله الى عالم المجد والسمو فقدم أوراقه على الفور الى وزارة التربية التي رشحته للحصول على زمالة دراسية في هنغاريا إحدى عواصم الفن والجمال. وهكذا شد صديقنا رحاله ليكمل دراسته في أكاديمية الفنون التطبيقية في العاصمة بودابست وليتخرج منها عام1971حاصلاً على شهادة الدبلوم العالي بعد أن إكتسب مهارات راقية ومتميزة في فن الطرق على النحاس ومعادن أخرى ليعود الى وطنه برفقة زميلته في الأكاديمية بعد أن تزوجها هناك ,لكن زوجته هذه إصطدمت بمجموعة من المشاكل والمصائب غير المتوقعة لاسيما وأن مجتمع الكوفة المحافظ لايتحمل منظر إمرأة سافرة تتجول في أزقة الكوفة وأسواقها مثلاً,كما أن زوجته الأولى لم تغفر له فعلته تلك على الإطلاق وهي إمرأة ليست سهلة ولاتتحمل ماجرى,فما كان على زوجته الهنغارية إلا إتخاذ قرارها الحاسم بالعودة الى ديارها مودعة حبيبها والعراق الى الأبد , فإنطوى فناننا على نفسه لفترة طالت يدرٌس في مدرسته صباحاً ويقضي بقية يومه في بيته يمارس الأعمال الفنية من لوحات تشكيلية ونماذج نحاسية وأعمال الذهب والمعادن المكلفتة بالمينا فأضحت تلك الفترة من أكثر فترات حياته غزارة وجودة في الإنتاج الذي نال إعجاب الناس وبالأخص مجموعة الفنانين ,وكانت الكوفة حاضرة في كل ما أنجزه من أعمال بمناظرها وتراثها .ولما برزت الحاجة لطرح نفسه كفنان يشار له بالبنان , ولغرض توسيع دائرة الشهرة بادر بإقامة معرضه الشخصي على قاعة كولبنكيان في بغداد في تسعينات القرن الماضي. ثم إنشطرت طموحاته وإتسعت فقرر عرض أعماله في غالبرات الفن في عواصم مختلفة وبالأخص الأوربية منها,وأثرى متاحف العالم بإنتاجه الرائع المتميزفنال جرائه شهرة كبيرة لم يحلم بها يوماً .
في فترة التسعينات حيث حوصر العراق إقتصادياً بقرار دولي جائروظالم, قررالفنان جودي مغادرة العراق الى الأردن لتتلاقفه مراكز الفن فيها فكلف بمهمة التدريس في المعاهد الفنية العليا وتخرج على يديه الكثير من دارسي الفن ,وهناك توفرت له فرصة ذهبية لنشرمايملكه من علوم وقدرات في فن الطرق على المعادن حتى ناله الإجهاد وأضناه التعب فأصيب بمرض السكري ثم لتبدأ بعدها سلسلة الشكوى من آلام العيون تلاه ضعف في البصربتأثير أبخرة الحوامض المنبعثة في أثناء عمله في المعادن وتطويعها.فعاد الى بغداد ليعين بمنصب مدير لمركز التراث الشعبي في الإسكان ببغداد ثم ليحيل نفسه على التقاعد . وبمساعدة وجهود تلميذه في ستينات القرن الماضي إبن الكوفة البار الدكتور صاحب خليل إبراهيم توفرت له فرصة تقديم محاضرات في الفن والتراث الفني والجمال في الإذاعة العراقية, إذ بثت له محاضرات قيمة بهذا الصدد. ثم تفرغ لتأليف مجموعة راقية أخرى من الكتب الفنية إضافة الى كتبه السابقة التي تتحدث عن الفن وعن تجاربه في هذا المجال وسنأتي الى ذكرها في نهاية بحثنا هذا.وأما التي تم تأليفها منذ مطلع القرن الحالي والتي تم طبعها بين عامي 2005 و 2007 فهي :-
فنون العرب قبل الإسلام (184 صفحة) , مبادئ في التربية الفنية وأشغال النحاس (144 صفحة) , العمارة العربية الإسلامية (144صفحة) , الحركة التشكيلية المعاصرة في الوطن العربي (264 صفحة) , فنون وأشغال المعادن (100 صفحة) ,الفن العربي الإسلامي (248 صفحة) , الأبعاد التربوية النفسية والجمالية في فنون الأطفال , قضايا الفن والتربية الفنية , تعليم الطرق على النحاس , أشغال الطرق على النحاس , الفن والنقد التشكيلي والتربية الفنية , الجديد في الفن والتربية الفنية , إتخاذ التراث كمدخل لتدريس الفن.
كان في كل كتاب ينجزه يحرص على طرح فلسفته ووجهة نظره في الفن والتراث .فهو يعتقد بأننا بحاجة الى تطوير فنوننا وجعلها غاية نبيلة ,ويفترض أن الفنان الحقيقي هو الذي يبحث عن تاريخه وتراثه بأساليب وطرق مستمدة من روح التراث الأصيل بعيداً عن ما تتركه التأثيرات الدخيلة وخاصة الغربية منها والتي تسعى لتحطيم البنى الفكرية والثقافية في بلداننا العربية والإسلامية من خلال فرض نظرياتهم وفلسفاتهم وتطبيقها علينا , وتشويه فنوننا ليكون هذا المسعى عاملاً معوقاً لحركة تطوير فنون الأمة ونهضتها. كما يعتقد الفنان محمد حسين جودي أن تصحيح ما فعله الآخرون من تشويه يتأتى من خلال التوجه لدراسة جمالية الفن العربي والإسلامي وتوظيفها لإبتكارأساليب جديدة تعيد ثقتنا بأنفسنا وبفننا وتراثنا الذي تجلى في ما تركه السلف من منحوتات وزخارف ورسومات على جدران الجوامع والقصور . كما يؤكد جودي على أن حضارتنا تلك هي من أبرزالحضارات في تاريخ البشرية التي إتسمت بفيض من القيم الإنسانية من خلال عطائها الثر ,فالعرب هم اللذين إبتكروا ( الأرابسك ) في الزخرفة , و( التكفيف ) بالفضة والذهب ومعادن أخرى , و(التمويه) بالمينا في الزجاج , و(التطريز) بخيوط الذهب في صناعة الملابس . الى جانب إبتكاراتهم المهمة في الخط والكتابة العربية في الأنسجة والبسط والسجاد ,وكذلك في النقش والحفر على الخشب وأعمال الجبس والآجر والرخام والزجاج وكثير من الفنون والأعمال والصناعات اليدوية ,إضافة الى فن التصوير,وهذا ما جعل الأوربيين يقبلون عليها بعنف وإندفاع كبيرين لتكون حضارتنا الفنية رافداً مهماً من روافد الحضارة الإنسانية جمعاء بعطاء خصب ,وعاملاً مهماً من عوامل النهضة الأوربية . وكان الفنان جودي دائم التحذير من التأثر والإنغماس بالمفاهيم الغربية الغامضة التي سوف يكون لها أثرها المدمر لفكرنا ولرؤيتنا العربية السليمة,وتؤدي بالتالي الى عزل فنانيننا عن تراثهم وماضيهم وتغلق الباب على إبداعاتهم. وكان يؤكد في كتبه على أهمية رعاية الأطفال الموهوبين والذين ستتسع مواهبهم مع نضوجهم الفكري لتزداد عمقاً وتخصصاً, فهي موروثهم الذي يستند الى قوة فطرية طبيعية , لكنها تختفي وتتضاءل عندهم في الكبر في حالة ما تعرض الموهوب الى ما يجبره على التقليد والمحاكاة التي تعيق موهبته وتفقده حريته وتشده الى مفاهيم الغرب وثقافتهم وتراثهم ليرى الجمال بعين الغربيين ويتذوقه ويتحسسه كما هم فتضيع بذلك مواهبه الفطرية وإتجاهاته الذاتية التي تبعده عن تراثه وحضارته ,فهناك فرق مابين وسائل التعبيرعندنا وبين ما لدى الغربيين من وسائل يتحسسون هم من خلالها بلذة وتحظى بإهتمامهم وخاصة النخبة اللذين تبهرهم الفنون التشكيلية المعبرة عن همومهم وقضاياهم وتسهم في حل مشاكلهم ,لكنها لاتفعل فعلتها تلك مع أفراد مجتمعتنا . ويدعو الفنان جودي الى السعي لإزالة التركات التي سيطرت على أذهان وعقول فنانينا. كما يدعو من جهة أخرى الى ضرورة خضوع مناهجنا الدراسية الفنية الى عمليات تجديد وتطوير تقود الطلبة والباحثين الى أفكار تقدمية ,والى عدم التشبث بالنمط الكلاسيكي الذي يحمل بين طياته معلومات أكل الدهر عليها وشرب تعيق الطالب عن التجديد . وهو لايريد مناهج ترهق الطالب المراهق ,ولايريد له أن يكون ناقلاً لما يشاهده من أشياء حقيقية كالطبيعة الصامتة والمناظرالطبيعية والصور الفوتوغرافية ورسم الأشخاص والنماذج, فتقل بذلك الموهبة ويموت الإبتكار وتلغى شخصيته, فيصبح ظلاً لشخصية الكبار وصورة مشوهة عنهم ,وهو يريد منهجاً يدفع الطالب للتعبير عن هذا العالم بصورة متنوعة لا يكرر أشكالاً أو ألواناً طبيعية دون لمسات تغيير . يريده منهجاً يؤكد على الصور الذهنية التي تخدم النمو العقلي للطالب وتمكنه من صياغة تعبيره الفني من خلال إيقاع الخطوط والألوان وعلاقتها التشكيلية. وجودي دائم الإتهام لمشاهير الفن الغربيين , ويعد تجاربهم التي قاموا بها مفتقرة الى وعي وإدراك حاجات الإنسان الأساسة التي تجلب له السعادة بعد أن طغى عليها الجانب المادي الذي يفتقد الى الجمال والروحية على العكس من الجانب الإنساني.وهو يحذر التشكيليين العرب والنخب المثقفة من التأثر بالنظريات الغربية من دون وعي وإدراك والذي يعيقهم عن أحداث التطور الفكري والفني ويبعدهم عن التعبير بإستقلالية عن قضاياهم الأساسة وموروثهم العظيم. وأوصى الفنانين بمسايرة العصر وجعل أعمالهم الفنية بخدمة كل ما هو إنساني وتجاوز التأثيرات الأجنبية والنقل التقليدي لأعمال الأجنبي بما فيها القديم والحديث . وأوصى زملائه المعلمين بتعويد طلابهم على ترك الإقتباس والنقل الجامد لخبرات صناع الأدوات المعدنية وإعادة تشكيلها وتقليد الحرفيين في أعمالهم ونماذجهم الجامدة إذ أن هذا يعيق الإبتكار والإبداع في أعمال المعادن والتي ستنعكس حتماً على خبراته وقدراته الموروثة .
ولابد من أن نأتي على ذكر وإدراج بقية عناوين الكتب التي تم تأليفها من قبل الفنان القدير محمد حسين جودي ومنذ أن بدأ بذلك إضافة الى ما ذُكِرسابقاً.
أسس ومبدئ تعليم الفن للكبار والصغار , نمو التفكير الإبداعي للطلاب , تاريخ الأزياء الحديث , إبتكارات العرب في الفنون وأثرها في الفن الأوربي في القرون الوسطى , طرق تدريس العلوم , نحو إستراتيجية عربية جديدة في الفن والنقد التشكيلي , نحو رؤيا جديدة في الفن والنقد التشكيلي , المداخل الصحيحة لتعليم الفن , آراء وأفكار جديدة في الفن وتأصيل الهوية , الجديد في الفن والتربية الفنية , الرسم والأشغال اليدوية في المدرسة الإبتدائية , الموجز في تاريخ الفن القديم في العالم , مدخل الى علم الجمال , علوم الذهب وصياغة المجوهرات , جماليات الفن الإسلامي , التربية الفنية وأصولها , تاريخ الفن العراقي القديم , قضايا الفن والتربية الفنية , التأثير العربي في الفنون الأوربية في القرون الوسطى , العمارة العربية الإسلامية ( خصوصيتها , إبتكارها , جماليتها ) , مراحل تطور أشكال التصوير الأولي عند الإنسان القديم في العالم .
عام 2010 وفي يوم صيفي قائض وأثناء وجودي في بناية المديرية العامة للمناهج والكتب في باب المعظم , أثار إنتباهي رجل كبير في السن يتوكأ على عصا ويخفي عينيه بنظارة سوداء قاتمة وهو يجوب أروقة المديرية . وبعد التدقيق في شكل هذا الرجل إتضح لي وعلى الفور أنه أستاذي وصديقي وإبن مدينتي الفنان الأروع محمد حسين جودي , فما كان مني إلا التقدم منه مرحباً بحرارة , لكنه لم يكترث كما كنت أتوقع ,ثم بادر وسألني....
- صباح ..... ؟ ,أجبته مستغرباً نعم , هل نسيتني ؟؟!!
- كلا والعتب على النظر فأنا غدوت بصيراً .
وهنا رمى العصا جانباً وفتح ذراعية ليحتضنني باكياً . فإحتضنته بدوري دافناً رأسي في صدره ناحباً بعد أن أدركت أنه أعمى , ثم أبديت تجاهه ما جعله يشعر بالفخر والإعتزاز والزهو,فكان المنظرمثيراً لحزن كل من شاهدنا متعانقين باكين ,وعبروا جميعاً عن أجمل المشاعر بعد أن علموا بعلاقتنا وعما يمتلكه صاحبي من فن ورقي. ثم إنزوينا ليخبرني بأنه سافر عام 2009 الى الأردن بهدف إجراء عملية جراحية بغية علاج عينيه اللتين دمرتهما أبخرة الأحماض في أثناء العمل بتطويع المعادن ,ثم واصل حديثه قائلاً:- لقد ذهبت الى عمان ببصيص لكني عدت بدونه فاقداً للنظر بعد عملية فاشلة. وقد قابلت قبل أيام وزير التربية (خضير الخزاعي) وطلبت منه إعتبار بعض من مؤلفاتي مصدراً ومرجعاً في معاهد الفنون الجميلة وشرحت له أهمية ما ورد فيها من علوم ورقي فني, فسخر مني وأجابني بالرفض وتعامل معي وكأني جئت طارقاً بابه مستجدياً ,إذ أمر لي بصرف مبلغ تافه من المال جعلني أشعر بحقارة نفسي وأحسست بأنه يمنحني صدقة تدفع البلاء عنه وعن عائلته..... وهنا رتبت على كتفه وقلت له أن ما حدث لا غرابة به لأننا في العراق أبتلينا بمثل هذه النكرات والنماذج الرخيصة التي زورت الشهادات وفرضت نفسها على الشعب العراقي في غفلة من الزمن الحقير.فأين أنت من هؤلاء اللذين يعدون التماثيل والمجسمات الأثرية أصناماً يجب تحطيمها ,وإن الموسيقى وأعمال الفنون الأخرى مجلبة ومؤشراً للإنحراف وإبعاد عن الدين . لاتقنط يا أستاذي ولا تتألم فكثير من العظماء قضوا فقراء معدمين لم يلتفت إليهم أحد في حياتهم لكن الزمان كان كفيل بتقييمهم ورد إعتبارهم وتخليدهم.
وبهذا الجفاء الحكومي شعر الفنان القدير أستاذنا محمد حسين جودي بأنه قد إنتهى مرمي على الطريق دون أن يجد من يأخذ بيده ويرعاه ,فإنزوى حزيناً بائساً ليموت كمداً دون أن يودعه صديق أو زميل أو حتى طالب من طلابه وهم كثر .
وداعاً سيدي يامن ظلمك الناس وحتى المقربون دون أن يدركوا قصور فعلتهم...........................



#صباح_راهي_العبود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما خنت هواك ولا خطرت ..... سلوى بالقلب تبرده
- أعزاء القوم .... والإذلال الجائر
- الدود الأبيض والدود الأسود
- مائدة نزهت ... وأغانيها السياسية
- الكم والنوع وإنتفاضة العراقيين.
- التلفون ..... وذكريات خمسينية.
- وزارة مقترحة بعد إنتفاضة المضطهدين.
- بمناسبة الذكرى الستين لإنتفاضة أهل الكوفة عام 1956.
- إنتفاضة أهل الكوفة عام 1956 ..........بمناسبة ذكراها الستين.
- إبن عمها أكبر منها سناً وحجماً.
- عصابات بأنماط متنوعة.
- تقديرعمر الآثار
- تراث غنائي عراقي.............حضيري أبو عزيز
- محسن جبرالكوفي ...مطرب عاشق مات مسلولاً
- ذكريات مدرس في مدرسة مسائية
- نوري .....وبصمة الجسد
- سلاماً نساء العالم.. ...عشية اليوم العالمي للمرأة
- القفز من فوق السياج
- قيطان الحذاء المفقود
- العلماء أفكار وأجساد.....وأفكارهم لا تفنى بقتلهم


المزيد.....




- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
- فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر ...
- هاجس البقاء.. المؤسسة العلمية الإسرائيلية تئن من المقاطعة وا ...
- فنانة لبنانية شهيرة تكشف عن خسارة منزلها وجميع أموالها التي ...
- الفنان السعودي حسن عسيري يكشف قصة المشهد -الجريء- الذي تسبب ...
- خداع عثمان.. المؤسس عثمان الحلقة 154 لاروزا كاملة مترجمة بجو ...
- سيطرة أبناء الفنانين على مسلسلات رمضان.. -شللية- أم فرص مستح ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح راهي العبود - الفنان التشكيلي محمد حسين جودي ......... مطربة الحي التي لاتطرب.