أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طلال ابو شاويش - كاراج الجنوب














المزيد.....

كاراج الجنوب


طلال ابو شاويش

الحوار المتمدن-العدد: 5021 - 2015 / 12 / 22 - 00:48
المحور: الادب والفن
    


(كاراج) الجنوب أو موقف مستشفى الشفاء ... المشهد الموزاييك ... جلسات النميمة للسائقين ... أعرفهم جميعاً تقريباً ... وصداقات نشأت مع عدد منهم دون معرفة الأسماء ... في مواقف السيارات لا قيمة للأسماء !
بائع الطحال ... طالب من مدرستي ...تركها قبل سنتين وعمل على عربة صارت جزءً أساسياً من مشهد الكاراج ... لم أتناول طعامه يوماً ... فقط نكتفي بالسلام والتحيات ... بائعا المكسرات... الأخوان ... أحدهما طالب في مدرستي ... جاءني ذات يومٍ يتلوى من مغصٍ شديد ... منحته إذناً لمغادرة المدرسة قبل انتهاء الدوام ... وبعد أقل من ساعة فوجئت به مع أخيه يبيع المكسرات .... أنبته بلطفٍ فتمتم بخجل:
- أفعل ذلك دائماً ولكنني أتجنبك لدى قدومك إلى هنا !
بائع القهوة ... قهوة السائقين ... قهوة بلا قهوة ... مذاقها أقرب إلى مذاق الحمص... أشتريها تضامناً مع صاحبها فقط ... أرتشف رشفتين مع سيجارة بلا مذاق أيضاً لإحساسي بالجوع ... فحتى هذه اللحظة من المساء لا أتناول أي شيء سوى القهوة والشاي والسجائر إلى جانب وجبات دسمة من اشكاليات الطلاب في مدرسة ذكور إعدادي !
الأهم وسط المشهد العريض هو السائق (أبو الحسن) ذو الوجه الطيب ... ثلاث سنوات يقلني بسيارته إلى المدرسة ... وفور صعودي إلى جانبه يناولني العدد الأخير من مجلة (الوعي) الخاصة بحزب التحرير الإسلامي ... ثم يتبعها بأعداد من الصحف الخاصة به... ولا يكتفي بهذا بل يلتفت إلي بوجهه الحسن ويتمتم:
- هناك مقالة رائعة للدكتور الفلاني ... ركز في تحليله جيداً !
وبعد أن تنتهي عملية التسليم والتسلم للنشرات السرية يسارع إلى إلقاء خطبة عصماء عن أية قضية محلية أو إقليمية أو عالمية ... نظرية المؤامرة حاضرة بقوة طبعاً ... تخوين كافة القيادات دون استثناء حدث ولا حرج ... وحكم الخلافة الإسلامية ينتظر متحفزاً على " التابلو " بل أقرب إلى يده من مقود السيارة !
وهكذا يستمر قصفه اللغوي طوال الطريق من المخيم إلى المدينة .... وأحمد الآلهة أن المسافة قصيرة ولا تأخذ وقتاً أكثر من خمسة عشر دقيقة ... وفي أحيان كثيرة أشعر بكلماته كالطوب تتراشق أمام وجهي إلى النافذة لتتلاشى في الفضاءات المجاورة !
ثلاث سنوات يتكرر نفس الطقس وأنا أحتمله بمزاجي ... بالأمس فقط ... رأيت وجهه طافحاً بالغضب ... صمت قليلاً ثم ناولني المجلة والصحف المعهودة ... كما ناولني ورقة صغيرة وطلب مني أن قراءتها له !
تناولتها مستغرباً ... كانت نموذج لمخالفة مرورية عاقبه بها شرطي المرور قرب الكاراج ...
- مخالفة مائتي شيكل ... لماذا؟ تمتمت وأنا أفكر في شيء آخر تماماً...
- ترخيص السيارة انتهي منذ شهر !
لاحظ ارتباكي بذكائه الفطري ... طوى الورقة بهدوء وألقاها أمامه ثم نظر إلي بإصرارٍ غريب وردد بحدة:
- نعم أستاذ ... أعرف ما يدور برأسك ... أنا لا أجيد القراءة ولا الكتابة فعلاً !!!



#طلال_ابو_شاويش (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لا قداسة مطلقة للمقاومة!
- كلنا مقاومة...ولكن !
- اخر تغريدات حلمي المهاجر !
- مناهج حقوق الإنسان بالأونروا ...فلسفة تربوية وطنية أم رؤية ا ...
- عساف )2)
- تعليقا على المواقف الظلامية من عساف(1)
- اعتذار لاسرانا!
- يا مصر عودي!!
- ليس ردا على مصطفى ابراهيم
- اعشق الجينز...امقت الجلباب!
- الجل و الجينز و العصا!!!
- عبثية...........2
- عبثية!!
- في يوم الارض
- لا للمصالحة!
- ادارة الانقسام لا انهائه!
- حاسوبها الشخصي جدا!
- المفاوضات السرية مع اسرائيل..وصفة سحرية لانتاج الورطات الفلس ...
- كلمة وفاء لاسرانا البواسل
- انحسار ظاهرة المتضامنين الدوليين مع القضية الفلسطينية!


المزيد.....




- -بطلة الإنسانية-.. -الجونة السينمائي- يحتفي بالنجمة كيت بلان ...
- اللورد فايزي: السعودية تُعلّم الغرب فنون الابتكار
- يُعرض في صالات السينما منذ 30 عاما.. فيلم هندي يكسر رقما قيا ...
- -لا تقدر بثمن-.. سرقة مجوهرات ملكية من متحف اللوفر في باريس ...
- رئيس البرلمان العربي يطالب بحشد دولي لإعمار غزة وترجمة الاعت ...
- عجائب القمر.. فيلم علمي مدهش وممتع من الجزيرة الوثائقية
- كيف قلب جيل زد الإيطالي الطاولة على الاستشراق الجديد؟
- نادر صدقة.. أسير سامري يفضح ازدواجية الرواية الإسرائيلية
- صبحة الراشدي: سوربون الروح العربية
- اللحظة التي تغير كل شيء


المزيد.....

- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- بيبي أمّ الجواريب الطويلة / استريد ليندجرين- ترجمة حميد كشكولي
- قصائد الشاعرة السويدية كارين بوي / كارين بوي
- ترجعين نرجسة تخسرين أندلسا / د. خالد زغريت
- الممالك السبع / محمد عبد المرضي منصور
- الذين لا يحتفلون كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- شهريار / كمال التاغوتي
- مختارات عالمية من القصة القصيرة جدا / حسين جداونه
- شهريار / كمال التاغوتي
- فرس تتعثر بظلال الغيوم / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طلال ابو شاويش - كاراج الجنوب