أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد يوب - حالة ما بعد الحداثة














المزيد.....

حالة ما بعد الحداثة


محمد يوب

الحوار المتمدن-العدد: 5016 - 2015 / 12 / 17 - 03:29
المحور: الادب والفن
    


قبل تناول موضوع ما بعد الحداثة لابد لنا من الإشارة ضمنيا إلى حقبة سبقتها وهي حقبة الحداثة (modernisme) ومصدرها الحديث (Moderne) وهي كلمة مشتقة من أصل لاتيني (modernus)، وفي الفلسفة اليونانية إشارة إلى مفهوم الحداثة عندما قال أفلاطون (إن أي شيء محدد هو بالنسبة لي مثلما يبدو لي، وبالنسبة لكم مثلما يبدو لكم) ويعكس هذا التصريح المزاج الحداثي الذي أثر بشكل كبير في الثقافة الغربية.
وقد حظي التحديث بانتشار واسع في اوروبا بعد عصر التنوير، ومن المفكرين الذين اشتهروا بالفكر الحداثي نذكر الفيلسوف الفرنسي روني ديكارت ((1596-1650 الذي أقلقته شكوكه الفلسفية في معتقده الديني الكاتوليكي؛ فبدأ في البحث عن اليقين معتمدا على مبدأ الشك للوصول إلى اليقين وهو منهج عقلاني يزيح مفهوم الله من مركز المعرفة نهائيا؛ مؤكدا على مبدأ الكوجيطو ( أنا أفكر إذن أنا موجود).
وقد رافق هذه الحركة العقلانية مبدأ الرومانسية في الأدب التي تعطي المشاعر حقها في التعبير؛ وبعدها جاءت الماركسية التي أسست فلسفتها على المادية الجدلية والثورة على الفكر الكنسي الذي اعتبره كارل ماركس أفيون الشعوب.
وتتصف الحداثة بالإنسيّة أو محورية الإنسان، بمعنى أنها تؤمن بأصالة الإنسان واستقلاليته عن الله والوحي الإلهي؛ وتعتبرالحداثة بوصفها أيديولوجية الوضعية؛ تلك الوضعية التي كانت في الواقع ثورة على الفلسفة والميتافيزيقيا، وغضبا مناهضا للاتجاهات الدينية والأحكام الأخلاقية؛ فاضحة بذلك المنطق الداخلي للميتافيزيقا ومسائِلة قدرات العقل بوصفه بناءً بشريا حددته علاقات القوة والسلطة التي جعلت منه مرجعية مطلقة.
وقبلها فكر آخر نعت بفكر ما قبل الحداثة (Premodernisme) ، حيث كان الناس في الغرب يعتقدون أن الله (الخارق للطبيعة) جهّز الأساس للحقائق الأخلاقية المطلقة والعقلانية والكرامة الإنسانية والحقيقة؛ يعني أن نقطة الانطلاق للمعرفة والحكمة كانت هو الله.
أما الفكر ما بعد حداثي (Postmodernisme) فهو فكر وليد فترة ما بعد الحربين العالميتين؛ وهو فكر لا يمكننا التحدث فيه عن أي حقيقة كونية أو عقل أو أخلاق.
و يرى الفكر ما بعد حداثي بأن العالم يمر بمرحلة " الانفجار الاتصالي عن بعد" كما قال ليوتار؛ والسبب في ذلك التقدم الهائل في وسائل الإعلام والاتصال والتواصل الجماهيري؛ كما يشهد تفككا للمذاهب والنظريات والاتجاهات الفكرية الكبرى في المعرفة الأدبية والعلمية؛ كما يعاني من بداية اختفاء المعتقدات التي تحافظ عادة على القيم والسلوكيات الأخلاقية؛ واندثرت فيه العلاقات الأخوية والروابط الإنسانية.
وتتصف المرحلة ما بعد حداثية بمحاولة تأكيد وشرعنة الكذب؛ والترويج لمجموعة من الأفكار التي تبدو لأصحابها أنها صادقة وفيها الحل الناجح والناجع.بمعنى أن هذه المرحلة تعتبر نكوصا ورجوعا إلى الوراء بإيمانها بمجتمع متدهور ثقافيا وأخلاقيا؛ من ثم فإن أصحابها يوجهون انتقاداتهم إلى إنجازات عصر الحداثة في مجالات فكرية وسياسية التي علت من شأن العقل؛ التي ترى فيه مصدر تقدم المعرفة والمجتمع؛ على اعتبار أنه قادر على اكتشاف المعايير النظرية والعلمية التي يهتدي بها الفكر.
وترى ما بعد الحداثة أن الزمن قد تغير وأن الظروف العامة قد تجاوزت كل هذه الانجازات نتيجةً لتقدم أساليب الإعلام والاتصال بوجه خاص؛ ما تطلب ظهور نظريات ومفاهيم تتلاءم مع الأنماط المعرفية الجديدة والتطورات التي طرأت على النظام الرأسمالي نفسه بعد ازدياد الاتجاه نحو العولمة وتعقد الخبرات والتجارب الإنسانية وتعدد الاتجاهات الثقافية؛ وتنوع المواقف الفكرية وظهور اتجاهات جديدة في الفن تجاوزت المدارس الحديثة مثل: الانطباعية والتعبيرية؛ وتحررت من القيود التقليدية المتجانسة إلى أخرى غير متجانسة؛ حيث يرى جان فرنسوا ليوتار؛ إن ما بعد الحداثة تبدأ من التشكك أو عدم الوثوق في كثير من الأسس و المبادئ العامة التي سادت في عصر التنوير ووجهت الفكر الحديث؛ كما أنها شككت فيما يسميه ليوتار بالسرديات الكبرى أو ما وراء الحكايات؛ التي ورثها الفكر الحديث عن ذلك العصر؛ كما أنها ترفض التسليم بوجود أي مجموعة من المبادئ والمعتقدات أو المسميات الفكرية العامة التي تسيطر على إبداعات مفكري عصر الحداثة.
والفنانون التشكيليون والشاعر والروائيون ينبغي عليهم أن يرفضوا فكرة خضوعهم للاستغلال الأديولوجي؛ وأن يتشككوا في أسس ونظريات فنون الكتابة والإبداع التي تلقوها عن أسلافهم؛ لأن هذه القوانين مكبلة ومقيدة ومخادعة؛ ولا تتصف بالصدق؛ ومن يتجرأ على هذه القوانين فإن أعماله تتصف بالمصداقية.
وكل الإبداعات الأدبية ما بعد حداثية تتعرض لخطر مزدوج؛ من جهة السياسة الثقافية ومن جهة سوق الكتاب الذي يمارس سياسة الإقصاء؛ لأن كتابات ما بعد الحداثيين هي كتابات لها صلة بما يجري تحت أعين الجمهور القارئ بإمكانه تصديقها أو رفضها دون خجل؛ وما تلقيناه بالأمس كما يعتقدون ينبغي أن نشكك فيه؛ لأن ما بعد الحداثة تتصف بأنها شكوكية بشدّة بشأن الأنظمة أو الحكايات التفسيرية الكبرى.
وتتصف ما بعد الحداثة بما يلي ( التنوع - التعدد - الأختلاف - التفكيك ) وكذلك بتجاوز التصورات العقلية ومفهوم ( الذات العاقلة ) الذي أرسى دعائمه ( ديكارت ) ثم (كانت) وبهذا فإن فكر مابعد الحداثة يشمل خطابات متنوعة ومتعددة تلتقي كلها حول نقد الأساس العقلاني والذاتي للحداثة.
كما أن التاريخ عندهم أصبح فرصة للتهكم مثل ما جاء في رواية (اسم الوردة) للأديب العالمي (أمبرطو إيكو) التي يتهكم فيها على الكنيسة، وقد ساعده في انتشار مثل هذه الكتابات مسألة العولمة التي مكنت القارئ العالمي من قراءة مثل هذه الأعمال العالمية .
محمد يوب
ناقد أدبي



#محمد_يوب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تُخمة
- دينامية النص القصصي وسلطة الأشياء قراءة في -موال على البال- ...
- بناء الشخصية الروائية قراءة في رواية الرهائن للأديب محمد صوف
- صدى سيرة ذاتية 1
- جغرافية اللغة وأسلوبية المكان
- يارا وأخواتها -------------
- سوق النخاسة
- رسالة إلى الرفيق الأسفل
- بائعة الهوى على أبواب الليل
- السردية العربية بين الأصالة والمعاصرة
- المفارقة في القصة القصيرة جدا
- جمالية تداخل الأجناس والبحث عن فائض المعنى
- المتخيل السردي: قراءة في رواية المطرودون للأديب معمر بختاوي
- الخطاب الفضائي في -لحظة شرود- للقاص محمد محضار
- الشخصية الثائرة والبعد التراجيدي في رواية - الثائر- للأديب م ...
- القصة القصيرة جدا في ضوء نظرية الجذمور
- جمالية السرد النسائي
- قراءة في كتاب -نحو نظرية منفتحة للقصة القصيرة جدا- للدكتور ح ...
- جمالية الفوضى في ديوان -صمت يساقط أكثر-لعزيزة رحموني
- الوصف و الدلالة قراءة في كتابات الأديب إدريس الجرماطي


المزيد.....




- فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد يوب - حالة ما بعد الحداثة