أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد يوب - جمالية السرد النسائي














المزيد.....

جمالية السرد النسائي


محمد يوب

الحوار المتمدن-العدد: 4388 - 2014 / 3 / 9 - 18:58
المحور: الادب والفن
    


جمالية السرد النسائي
قراءة في رواية"نهر الصبايا"
للروائية سمية البوغافرية
عند قراءة رواية "نهر الصبايا" للأديبة سمية البوغافرية نشعر وكأننا أمام سرد روائي يجمع بين جمالية السرد الروائي و فتنة السرد الحكائي حيث إن الرواية تتحدث عن مجموعة من الحكايات الغابرة في التاريخ الانساني
و التي تتناول قصة نهر الصبايا الذي وقع تحت سيطرة المرأة/العجوز"عطوف القطوف" وبدأت ترمي فيه الرجال الذين يرفضون الخضوع لأوامر المرأة يكون مآلهم هو التعذيب و التنكيل بهم أمام مرأى من أعين أبنائهم،وهذا ما حدث لأم شموسة التي كانت تنال من زوجها الذي يقاسي كل أنواع التعذيب و السب و القهر المادي و المعنوي،غير أن شموسة الشابة لم يكن يعجبها هذا المنظر وكانت تريد أن تكسر هذا التقليد حيث دخلت في علاقة غرامية مع شبور الذي دخلت معه جنان الحب بعدما اجتازت معه امتحان العشق ،عكس أخيها صحصوح الذي كان ضحية خديعة شقشوقة التي اتخذته وسيلة للعبور مع حبيبها شبلول إلى جنان الحب بينما صحصوح وقع في البحر وظلت أخته شموسة تنتظره طيلة حياتها لتلتقي به في الأخير على شاطئ البحر منكس الرأس وتنتهي الرواية بتسليم الكتاب الذي يحمل سر نهر الصبايا لحفيذي شموسة التوأم صحصوح الصغير وشمس ،هذا الكتاب الذي يسجل تاريخ نهر الصبايا وما احتواه من حكايا...
رواية"نهر الصبايا" تطرح مسألة العلاقات الحميمية بين الرجل و المرأة من منظور معاكس لما اعتاده القارئ العربي،حيث إن المرأة عكس المرأة ذاتها التي تتصف بالحنان و بالعطف وبالحب،المرأة في هذه الرواية متسلطة جبارة،تكون هي الفاعل وليست المفعول بها،هي التي تبادر بالحب وليس الرجل الذي يغازل ويحب،فكانت أم شموسة قاسية على زوجها لأنهما لم ينجحا في امتحان الدخول إلى جنان الحب فكان مصيره هو التعذيب و الرمي به في نهر الصبايا الذي يتغذى من جثامين الرجال المغضوب عليهم،وكذلك كان مصير أخيها صحصوح الذي نفته أمه في أحد الكهوف إلى أن انتشلته شقشوقة من ظلام وقهر الكهف ،وليس ذلك حبا في سواد عيونه وإنما رغبة في اتخاذه مطية للدخول إلى جنان الحب مع عشيقها شبلول.
إن الرواية من هذا المنظور وكأنها تعالج موضوعا إنسانيا من وجهة نظر مخالفة،كانت شموسة واعية بخطورة هذا النوع من التعامل فكانت نعم الجدة التي تمكنت من تكسير هذا السلوك القبيح السيئ الذي يفقد الحب معناه ويدخله في نفق مظلم ملئ بالحقد و الكراهية،لقد كانت شموسة المرأة التي أحبت شبور وأنجبت منه أولادا دون الدخول معه في صراعات من أجل الزعامة ،لأنها كانت تعرف بأن الحب قاسم مشترك بين الرجل و المرأة ،لا يمكنه أن يستقيم دون تناغم وتكامل،فكانت نعم المرأة وتعم الأم بل نعم الجدة لأنها كسرت قانون التعذيب الذي آمنت به الجدة"عطوف القطوف"،فكانت الرواية عكس أفق انتظار المتلقي حيث إن القارئ كان ينتظر من شمسة أن تسير في نفس طريق والدتها غير أنها لم تكن كذلك وإنما كانت نعم الزوجة المحبة لزوجها و المتناغمة معه تتقاسم معه الواجبات و المسؤليات.
لقد حاولت سمية البوغافرية النبش عميقا في المسكوت عنه في الثقافة الانسانية،وهي الحديث عن المجتمعات الأميسية حيث كانت المرأة/الأم هي المسيطرة في المجتمع،وكان لها الحل و العقد في النهاية،مهما كانت النتيجة،كانت هي التي تختار الزوج المناسب بالشروط التي تريد،وتخلعه متى ما أرادت ذلك.
رواية نهر الصبايا بقوة لغتها وبألفاظها الساخنة في تتبع تفاصيل العلاقات الغرامية /لعبة العري ،لم تكن خادشة لحياء الكتابة وإنما كانت كاشفة لحالات خاصة من الهيام كان لابد من تتبعها ورصد تفاصيلها،وخاصة أننا أمام نوع من الكتابة التي تريد تكسير مايسمى بإجناسية النوع،أو الجندر،الذي يقول بأن المرأة المبدعة تكتب بجسدها،هنا في هذه الرواية المرأة المبدعة تكتب بلغتها المميزة،وهكذا فإن الابداع لايعرف الحدود ولا الفوارق الأجناسية،فنحن عندما نقرأ هذه الرواية لانشعر بالأنثى وهي تسرد أحداث روايتها وإنما نشعر بالكاتبة تعيش الرواية وتنقلها أدبا روائيا جميلا،بل نشعر بها وهي تورط القارئ وهو يساهم في عملية الانكتاب،لأن الرواية كما يبدو كتبت بثلاث أياد،يد الكاتبة ويد الرواية ويد القارئ.
وبهكذا أسلوب تحكي رواية "نهر الصبايا"، الماضي الحكائي لتعالج الراهن الذي يضمره المخزون المعرفي و الموروث الثقافي الذي تحمله الكاتبة ويعيه جيدا القارئ،إنها تنفتح على الماضي الحكائي لتلتقط لحظات متباينة بين السعادة أحيانا و الحزن في أحايين كثيرة ،هذا الحزن الذي كان ذات يوم شديد الوخز، لكنه الآن يعتبر جمالا عندما يصاغ أدبا،يعكس رؤية جمالية من الماضي،رؤية استيطيقية،من خلال آلية الحضور الحكائي،واختيار الألفاظ المعبرة و الدالة على حساسية المشهد، بتعابير تنتمي إلى عالم الحكاية و إلى درجات متقاربة مع الأسطورة،الذي يثير فضول القارئ ويدفعه إلى متابعة القراءة وشد انتباهه لمعرفة المزيد من الأحداث.
كما أن أبطال الرواية متعددوا الوجوه و الطبائع بين الإنساني و الإلهي يمكن أن نقول بأنهم حداثيون من ورق ، يتمططون ويتمددون حسب سير الأحداث وحسب الفضاءات الزمنية و المكانية، أبطال زئبقيون يصعب تحديدهم وتموقعهم في إطار محدد،يتعايشون بشكل إيجابي مع طبيعة السرود وطبيعة الأحداث وطبيعة الأزمنة و الأمكنة، بل قل إنهم أبطال يساهمون في خلق هذه الفضاءات و تأثيثها بل تكييفها حسب الكيفية التي يريدون أن تسير عليها الرواية.ولذلك فإنهم أبطال متواطئون مع الروائية يقدمون أدوارهم ومشاهدهم الروائية وكأنهم يمثلونها في فضاء الرواية.
محمد يوب
ناقد أدبي



#محمد_يوب (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة في كتاب -نحو نظرية منفتحة للقصة القصيرة جدا- للدكتور ح ...
- جمالية الفوضى في ديوان -صمت يساقط أكثر-لعزيزة رحموني
- الوصف و الدلالة قراءة في كتابات الأديب إدريس الجرماطي
- المضمر الخفي و المشترك الثقافي في القصة القصيرة جدا
- عتبات القصة القصيرة جدا
- فائض المعنى في المجموعة القصصية - سرير الدهشة- للأديب محمد أ ...
- جمالية السرد العجائبي في - موتى يقلقون المدينة - للقاص السور ...
- النص الأدبي: المعنى و المبنى
- التباينات الخطابية في رواية أمريكانلي للأديب صنع الله إبراهي ...
- شقائق النعمان
- القصة القصيرة جدا الفهم...الإفهام...الإقناع...الاقتناع
- السخرية السوداء في-وطن وسجائر... بالتقسيط-للقاص أحمد السقال
- تقويض بنية اللغة في “مرايا” للقاص سعيد رضواني
- الرمز في الشعر المغربي المعاصر
- حدود السرد وحدود السيناريو في -كائنات من غبار-للروائي هشام ب ...
- مستويات الرؤية إلى العالم في القصة المغربية المعاصرة
- من أجل رواية حداثية-ليلةإفريقية-لمصطفى لغتيري نموذجا
- قضية الموت أم موت القضية في -فتنة المساءات الباردة-للمختار ا ...
- بنية التقاطع السردي وتفاعلية النصوص دراسة في -وشم العشيرة- ل ...
- مستويات التلقي و التأويل في القصة المغربية المعاصرة


المزيد.....




- “رسميا من هنا” وزارة التربية العراقية تحدد جدول امتحانات الس ...
- افتتاح الدورة الثانية لمسابقة -رخمانينوف- الموسيقية الدولية ...
- هكذا -سرقت- الحرب طبل الغناء الجماعي في السودان
- -هاو تو تراين يور دراغون- يحقق انطلاقة نارية ويتفوق على فيلم ...
- -بعض الناس أغنياء جدا-: هل حان وقت وضع سقف للثروة؟
- إبراهيم نصرالله ضمن القائمة القصيرة لجائزة -نوبل الأميركية- ...
- على طريقة رونالدو.. احتفال كوميدي في ملعب -أولد ترافورد- يثي ...
- الفكرة أم الموضوع.. أيهما يشكل جوهر النص المسرحي؟
- تحية لروح الكاتب فؤاد حميرة.. إضاءات عبثية على مفردات الحياة ...
- الكاتب المسرحي الإسرائيلي يهوشع سوبول: التعصب ورم خبيث يهدد ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد يوب - جمالية السرد النسائي