أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كرار حيدر الموسوي - الامانة والخيانة ودوامة التقوى المزيفة والحذلقة















المزيد.....

الامانة والخيانة ودوامة التقوى المزيفة والحذلقة


كرار حيدر الموسوي
باحث واكاديمي

(Karrar Haider Al Mosawi)


الحوار المتمدن-العدد: 5002 - 2015 / 12 / 1 - 14:49
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كان يا ما كان, كان أو ما كان... في قديم الزمان، مكان ما في العالم، مكان ما كان فيه شئ، في هذا المكان الذي ما كان فيه شئ، كان ثمة سلطان، السلطان عنده خزينة، في الخزينة أمانة الشعب الغالية.
الشعب يفخر بهذه الأمانة الآيلة إليه من أجداده... يتناسى فقره و بؤسه و يتباهى بها قائلأ: و حتى لو لم يكن عندنا شئ, يكفينا أن تكون عندنا هكذا أمانة من الأجداد.
لا يفعل ذلك شخص أو شخصان.. و إنما كل فرد من أفراد الشعب يستأثر بحصة من المباهاة بهذه الأمانة القيمة الباقية له من أجداده... يحميها بروحه و جسده.
و طالما أن أحسن مكان لحفظ الأمانة التي هي ملك الشعب هو خزينة السلطان, فقد خبئت فيها، يحرسها رجال مدججون، لا يغمض لهم جفن و لا يدعون الطير تطير فوقها.
السلطان و الصدر الأعظم و ذوو المراتب في القصر يقسمون بشرفهم مرة كل عام على حمايتها.
و دارت الأيام، و مرت الأيام ...حتى جاء يوم فكر فيه السلطان بمعرفة ما هي هذه الأمانة التي يستفديها الناس بأرواحهم و دمائهم, فصار يتحرق شوقا إلى معرفة ما بداخل خزينة الأمانة تلك. و لم يعد يطيق صبرا فدخل جناح الخزينة.
لا يستطيع الحراس القول للسلطان" ممنوع " فالسلطان و الصدر الأعظم و الوزراء يدخلون متى ما شاؤوا ليرو ما إذا كانت الخزينة لا تزال في مكانها. السلطان فعل هكذا..
الأمانة موجودة في غرف متداخلة, كل غرفة تؤدي إلى أخرى حتى الحادية و الأربعين، حيث الخزينة.
الخزينة في خزائن متداخلة كل خزينة تفتح عن خزينة... حتى الحادية و الأربعين.
فتح السلطان الأربعين غرفة و دخل الحادية و الأربعين .فتح أربعين خزينة... و بينما كان يفتح الحادية و الأربعين، أخذ قلبه يضرب... ذلك أنه كان يمتلك الكثير من الفضول لمعرفة الشئ الذي يحمونه طيلة هذه السنين. فماذا رأى؟
كانت جوهرة لم تقع عين بشر على مثيلها حتى ذلك الزمان, جوهرة تتلألأ و تضطرم كألسنة النار... لو قلت من ذهب ما حزرت، أو قلت بلاتينا لأخطأت، أو قلت من فضة ما أصبت
لم يتمالك نفسه, قال: سآخذ أمانة الأجداد هذه لي، لتصبح ملكي.. و من الذي سيعرف و كيف؟
أخذ الأمانة المقدسة التي كانت تتلألأ كقطعة من الشمس و دسها في جيبه. لكنه بدأ يتخوف ماذا لو اكتشفوا أنني سرقتها ؟.. سأضع مكانها قطعة من الذهب مزينة بالماس و اللؤلؤ و الزمرد و الصدف و الياقوت. و طالما أنه لم يسبق لأحد أن رآها فلن يفهم أنها مسروقة، فيما لو فتحت الخزنة ذات يوم..
و مثلما قال فعل.. أقفل إحدى و أربعين خزينة متداخلة، و فوقها واحدا و أربعين باباً، و هو يرتعش من خشية أن يشك أحد أنه سرق الأمانة.
حتى ذلك الزمان كان يقسم يمين واحد في السنة على حماية الأمانة، فضاعفها إلى يمينين.. يجتمع أبناء الشعب و المديرون و السلطان و يقسمون على أنهم سيحمون الأمانة المقدسة الباقية من الأجداد، بأرواحهم و دمائهم.
الصدر الأعظم رجل داهية. داخله الشكل فقال لنفسه: كنا نقسم مرة في السنة, فلماذا رفعها السلطان إلى اثنين ؟.. و في يوم من الأيام دخل جناح الخزينة موسوساً: ما هي هذه الأمانة التي نحميها طيلة هذه السنين ؟.. مر من إحدي وأربعين غرفة، فتح إحدى و أربعين خزينة, رأى الأمانة. وقف مشدوهاً أمام قطعة الذهب ( تلك التي وضعها السلطان لئلا ينتبه لفعلته أحد ). آخذ هذه الأمانة و وضع مكانها قطعة ذهب مزينة بحجارة لماعة. قال في نفسه: كيفما كانت، و طالما أن الأمانة لا يعرفها أحد، فإن من يفتح الصندوق يوماً سيعتقد أن هذه هي الأمانة المقدسة..
و مثلما قال فعل. و خوفاً من أن تكشف عملته أزمع أن يرفع عدد المرات التي يقسم فيها اليمين إلى أربع, في الصيف و الشتاء و الربيع و الخريف، مثلما سبق للسلطان أن رفعها إلى اثنتين.
و مثلما قال فعل. أقفل إحدى و أربعين خزينة متداخلة، و فوقها واحدا و أربعين باباً، و هو يرتعش من خشية أن يشك أحد أنه سرق الأمانة.
أحد الوزراء رجل داهية. دخل الشك نفسه: كنا،حتى الآن نقسم مرتين فلماذا زادوها إلى أربع ؟
هو الآخر، و طالما أنه يستطيع الدخول دون اعتراض من أحد، فقد دخل يوماً عبر الإحدى و الأربعين غرفة، فتح الإحدى و الأربعين خزينة، فلمعت عيناه بفرح إذ رأى قطعة الذهب المزينة بالحجارة اللماعة, قال في نفسه: لو آخذها وأضع مكانها قطعة فضة، فمن سيعرف ؟
و مثلما قال فعل, و رفع مدفوعاً بخوفه من أن يكتشف أمره عدد مرات الحلفان إلى مرة كل شهر.. صار الشعب يجتمع في الساحات العامة مرة كل شهر، و يقسم على أنه سيحمي الأمانة المقدسة حتى آخر رجل و آخر قطرة دم.
مشرف القصر شخص داهية، توسوس من رفع معدلات القسم إلى مرة في الشهر, قال: ثمة ما يريب. لأذهب و أر .. مر من إحدى و أربعين غرفة، فتح الإحدى و أربعين خزينة.. رأى أمانة الأجداد المقدسة فأعجب بها, قال في نفسه: لو آخذها و أضع مكانها قطعة نحاس فمن الذي سيدري ؟..
و مثلما قال فعل، و خوفا من افتضاح أمره، و لكي يعتقد الناس أنه حريص عليها، فقد جعل اليمين يقسم مرة في الأسبوع.
الضابط الذي يحمي الخزينة_ هو الآخر _ داهية, فكر في نفسه: ما الذي يجري ؟ كل أسبوع نقسم. لأذهب و أر هذه الأمانة المقدسة..
و كما فعل الآخرون, مر من إحدى و أربعين غرفة, فتح إحدى و أربعين خزينة. رأى قطعة النحاس اللامعة ففرح بها, و قال لنفسه: إذا أخذتها و وضعت مكانها قطعة حديد، فمن سيعرف ؟..
و مثلما قال فعل. و لكي يملص من عملته، و ليعتقد الناس أنه غيور على الأمانة يفتديها بروحه و جسده، فقد رفع معدلات الحلفان إلى مرة في اليوم.
و دارت الأيام، و مرت الأيام.. ظهر من بين الناس رجل قال :كل يوم و نحن نقسم على أننا سنحمي الأمانة الباقية من الأجداد بدمائنا و أرواحنا.. و نحن في واقع الحال نخبئها في الخزينة و نحميها على نحو جيد.. لكن ما هي هذه الأمانة ؟.. ألسنا نحن المؤتمنين عليها ؟ تعالوا إذن نفتح الغرف و الخزائن لنر ما نحمي.
أحدثت كلمات الرجل تأثيراً كتأثير القنبلة. الذين خانوا الأمانة، و على رأسهم السلطان، تقدموا نحوه و طوقوه، الذين أخذوا الأمانة، على التوالي، و استبدلوها بأشياء مزورة، كل واحد منهم يعتقد أنه فعلها دون علم الآخرين، ارتعشوا خوفاً من اكتشاف السرقة، فقالوا للرجل الذي قال لنر الأمانة التي نحميها: آخ يا خاين.. و أنت من أنت حتى ترى الأمانة المقدسة التي انتقلت إلينا من الأجداد ؟؟
ألبسوه تهمة الإقلال من هيبة الأمانة.. و ما بقى إلا شئ قليل حتى يتحول الرجل إلى ممسحة..
قال السلطان: إذا كنا سنقتل هذا الرجل فلنقتله وفق القانون...
و لكي يعدموا الرجل سنوا قانوناً خاصاً، و قتل الرجل بقرار محكمة خاصة.
بيد أن المسألة لم تنته بإعدام الرجل. كلماته انتقلت من فم إلى فم.. و الفكرة أخذت تكبر كجرف ثلجي .
في يوم من الأيام فكر رجل من الناس لنذهب و لنر هذه الأمانة طالما أننا سنموت في سبيلها, لكنه و لأنه يعرف ما جرى للذي قبله, لم يتفوه بكلمة أمام البشر، وضع في رأسه أنه سيتسلل إلى الخزينة و يرى ما بداخلها سرا .
السلطان و الصدر الأعظم و الوزراء، و كافة حرامية الأمانة بمن فيهم الضابط الذي استبدل قطعة الحديد بتنكة صدئة, و لكيلا تظهر سرقتهم ، أو بالأحرى لئلا يكتشف أنهم استبدلوها, صاروا يحرسونها على نحو أشد.
و بينما كان الرجل _الذي نجح في الدخول سراً إلى الخزينة_ خارجا بالأمانة المقدسة ليريها للناس، رأى الضابط التنكة في يده، فصرخ: هذه ليست هي!
الوزير قال أيضأ: هذه ليست هي !
الذين في القصر، بمن فيهم السلطان، قالوا: هذه ليست هي !..هذه ليست هي !..
فسألهم الرجل الممسك بالتنكة الصدئة: و كيف عرفتم أن هذه ليست الأمانة المقدسة ؟ و إذا لم تكن هي، فما هي..؟
لم يتمكن أحد من الحاضرين من الإجابة على سؤاله، ذلك أن كل واحد منهم قد فهم أن الشئ الذي وضعه بدل الأمانة قد سرق فيما بعد.
خنقوا الرجل الممسوك و أعادوا التنكة الصدئة الى مكانها ضمن إحدى و أربعين خزينة و إحدى و أربعين غرفة. و لحماية الأمانة المقدسة سنوا قانوناً يتوجب على كل فرد من الشعب بموجبه أن يحلف صباحاً و ظهراً و مساء على حماية الأمانة المقدسة.
و لم يستطيع أحد من الذين يقسمون الأيمان أن يعرف أن الأمانة قد تحولت من سرقة إلى سرقة إلى تنكة صدئة



#كرار_حيدر_الموسوي (هاشتاغ)       Karrar_Haider_Al_Mosawi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ازمة تتلوها ازمة وحكامنا ومسؤولينا هم ذاتهم ازمة كارثية
- ماذا تقول لهم ضمائرهم وعراقيتهم وعقلهم بعد ان انتهى فلمهم
- كيف بات الحمير رواد للحكمة والاسننة المتحالفة المتحذلقة المن ...
- من سرقنا؟؟؟ والكل ذوو دين ومعتقد ومذهب وقومية ويخاف الله!!! ...
- هذا وقت عملاء الصهيونية من الدكتاتوريات الصغيرة الذين يكررون ...
- بسم الله الرحمن الرحيم (إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ث ...
- بين جاسوس وعميل وحاقد ولئيم ومنافق وفاسق وخائن وذليل ألتصقوا ...
- اللي مايعرف حجمه الواجب اتحجمه ولما ميفتهم اتفهمه!
- لايستطيع الاراذل في الحكومة والمسؤولين فعلها فبئسا لما يصيبه ...
- ستراتيجية ومتطلبات القضاء على عصابات داعش التكفيرية وبشكل نه ...
- العزة بالاثم والسلطة والتسلط والاستبداد وتراكم المظالم وسبات ...
- انتهت حياة الدكتور احمد الجلبي.. وفي العراق ينال الذين عادوه ...
- ارادة الله اقوى لرد ارادة حنان الفتلاوي وكشف الغطاء عن المدف ...
- ضلال وافك وكذب وضلامية وحرملة سياسي العراق وورقة التوت الممز ...
- الطويرجاوي نوري جواد ابو اسراء كارثة سيل فساد وعهر حل بالعرا ...
- سفاهات وصفات ومميزات واصول ازلام وغلمان الاحتلال ودلائل الخس ...
- رؤية اصلاح المسؤول والطفيلي وسياسي الصدفة الملوثين بالفساد و ...
- العواهروالفسدة الساقطين مسؤولون الحكومة العراقية
- يالسخرية القدر فكيف استدل السايس على المهر
- هل من شريف مهني عراقي اصيل لو زفت ابزفت وكاز ماكو


المزيد.....




- الرد الإسرائيلي على إيران: غانتس وغالانت... من هم أعضاء مجلس ...
- بعد الأمطار الغزيرة في الإمارات.. وسيم يوسف يرد على -أهل الح ...
- لحظة الهجوم الإسرائيلي داخل إيران.. فيديو يظهر ما حدث قرب قا ...
- ما حجم الأضرار في قاعدة جوية بإيران استهدفها هجوم إسرائيلي م ...
- باحث إسرائيلي: تل أبيب حاولت شن هجوم كبير على إيران لكنها فش ...
- ستولتنبيرغ: دول الناتو وافقت على تزويد أوكرانيا بالمزيد من أ ...
- أوربان يحذر الاتحاد الأوروبي من لعب بالنار قد يقود أوروبا إل ...
- فضيحة صحية في بريطانيا: استخدام أطفال كـ-فئران تجارب- عبر تع ...
- ماذا نعرف عن منشأة نطنز النووية التي أكد مسؤولون إيرانيون سل ...
- المخابرات الأمريكية: أوكرانيا قد تخسر الحرب بحلول نهاية عام ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كرار حيدر الموسوي - الامانة والخيانة ودوامة التقوى المزيفة والحذلقة