أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله المدني - النفط الروسي كمحور للتنافس الصيني- الياباني















المزيد.....

النفط الروسي كمحور للتنافس الصيني- الياباني


عبدالله المدني

الحوار المتمدن-العدد: 1365 - 2005 / 11 / 1 - 15:38
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في ظل استراتيجياتهما الهادفة إلى تنويع مصادر الطاقة المستوردة و ضمان إمداداتها لمواجهة الطلب الداخلي المتعاظم، تخوض بكين و طوكيو منذ بعض الوقت منافسة شرسة من اجل الاستحواذ و السيطرة على النفط الروسي مستخدمتين كافة أسلحة الإغراء و أدوات التملق إلى جانب تجنيد اللوبيات الضاغطة. ومحور التنافس هنا هو مشروع عملاق لنقل النفط من حقول سيبيريا بمعدل 80 مليون طن سنويا. حيث تضغط طوكيو في اتجاه بناء خط أنابيب بطول 3700 كيلومتر ينتهي بميناء ناخودكا الروسي على سواحل بحر اليابان، عارضة 5 بلايين دولار لبنائه و بليونين آخرين لتطوير حقول النفط في سيبيريا. أما بكين فتضغط من اجل بناء خط أنابيب بطول 2400 كيلومتر في اتجاه شمال الصين على أن تقوم هي بمدها داخل الأراضي الصينية وصولا إلى مدينة داكينغ، عارضة استثمار 12 بليون دولار في القطاع النفطي الروسي خلال الأعوام الخمسة عشر القادمة.

ولكلا المقترحين، بطبيعة الحال، مزايا ايجابية و سلبية من وجهة نظر اقتصادية بحتة. فالمقترح الياباني ينطوي على تكاليف إضافية ضخمة بسبب طول الخط المقترح، لكنه في الوقت نفسه يعني بيع نفط سيبيريا إلى زبائن آخرين غير اليابان، فضلا عن انه يوفر جزءا كبيرا من تكلفة المشروع المالية. أما المقترح الصيني فانه ينطوي على تكاليف اقل لكنه يضع روسيا تحت رحمة مشتريات و شروط زبون واحد. و ربما لو أن الاحتياطيات النفطية في سيبيريا اكبر من تلك المعروفة لكان بالامكان تبرير الدعوة إلى الأخذ بالمقترحين الياباني و الصيني معا، أي ببناء خطين من الأنابيب الممتدة عبر أراضي روسيا في الشرق الأقصى.

على أن الاعتبارات الاقتصادية و المعايير التجارية تبدو هنا غير ذي أهمية و متراجعة إلى الخلف لصالح اعتبارات جيوسياسية و استراتيجية مختلفة و متداخلة. و لولا هذا لكانت موسكو قد حسمت الموضوع مبكرا لصالح هذا الطرف أو ذلك، بدلا من التردد و إعطاء إشارات متضاربة ودخول صناع قرارها في جدل طويل منذ ظهور المشروع لأول مرة قبل سنوات كفكرة تبنتها شركة "يوكوس" التي كانت حتى وقت قريب من كبرى مؤسسات تصدير النفط في روسيا. والجدير بالذكر أن يوكوس، قبل اعتقال صاحبها "ميخائيل خودوركفوسكي" ووضع اليد على أصولها سداد لما قيل انه ضرائب متأخرة للدولة بمبلغ 10 بلايين دولار، كانت تتبنى الخيار الصيني.

عند الدخول في تفاصيل الاعتبارات التي تدفع طوكيو إلى القتال من اجل تبني خيارها بأي ثمن، نجد أنها تنحصر في أمرين رئيسيين: الأول هو أن تنفيذ مقترحها يعني استغناءها عن نسبة قد تصل إلى 20 بالمئة من وارداتها النفطية من الشرق الأوسط مع كل ما يتبع ذلك من الحصول على إمدادات نفطية مضمونة و غير خاضعة لتقلبات الأحوال السياسية و الأمنية في منطقة الشرق الأوسط وفي المحيط الهندي حيث تمر شحنات النفط في طريقها إلى الشرق الأقصى، إضافة إلى الوفر الناجم في كلفة الشحن كنتيجة لقرب ميناء ناخودكا من أراضيها. أما الأمر الثاني فهو أن الاتفاق مع الروس حول هذا المشروع يعني إعطاء دفعة قوية إلى روابط اليابان الاقتصادية مع روسيا و التي تراجعت في العقد الأخير بسبب الصعود الاقتصادي للصين و حلولها في مركز الشريك التجاري الأهم لموسكو على حساب اليابان.

أما الصينيون فلئن كانوا ينظرون إلى الاعتبار الأول بنفس الطريقة و الأهمية فان حاجاتهم المتزايدة للطاقة بشكل صاروخي يجعلهم أكثر استماتة من اجل الأخذ بمقترحهم. خاصة وان الأمر يعزز ويكمل أجندتهم الرامية إلى النفاذ نفطيا و تجاريا إلى آسيا الوسطى السوفياتية سابقا. ذلك أن النظام الحاكم في بكين يعلم جيدا أن أي فشل أو نقص في مواجهة الطلب الداخلي على الطاقة و المواد الأولية لن يؤدي فقط إلى تراجع النمو الاقتصادي الذي يستمد منه شرعية بقائه وإنما أيضا إلى حالة من اللااستقرار المؤدي إلى ضعضعة مركزه.

لكن ماذا عن موسكو و حيرتها ما بين القوتين الاقتصاديتين الأكبر في آسيا، و التي تجلت في تصريحات و وعود متضاربة لرئيسها فيلاديمير بوتين و رئيس حكومتها ميخائيل فرادكوف ومسئوليها النفطيين؟

تحاول روسيا بطبيعة الحال أن تستثمر التنافس الصيني-الياباني لجني اكبر قدر من المكاسب والمحافظة على موقعها كثاني اكبر منتج للنفط في العالم، خاصة وأنها اليوم تنظر إلى النفط كبديل للقوة العسكرية في تقوية نفوذها و استعادة ما كان لها من مكانة عالمية زمن الاتحاد السوفياتي. إلا أن الاعتبارات الجيوسياسية و الاستراتيجية كما قلنا آنفا تلعب دورا في ترددها و عدم قدرتها على الحسم. فمن ناحية نجدها منجذبة إلى الخيار الصيني بسبب رغبتها في علاقات امتن مع هذا القطب الآسيوي الكبير لمواجهة تعاظم النفوذ الأمريكي، ولا سيما في الفضاء السوفياتي السابق، خاصة وان البلدان شريكان في منظمة شنغهاي للتعاون الاقتصادي و يقودانها. وما تسرب عن اجتماع رؤساء حكومات دول المنظمة في موسكو قبل أيام من أنباء عن وجود نية لتأسيس تحالف عسكري بين الدول الأعضاء بهدف تقليص النفوذ الأمريكي في آسيا الوسطى لهو خير دليل على ما نقول.

غير أن روسيا في الوقت نفسه تخشى من الصعود الراهن للصين و الأدوار التي تلعبها الأخيرة لبناء النفوذ من بوابة الاقتصاد و التجارة في منطقة آسيا الوسطى التي لا تزال موسكو تعتبرها منطقة نفوذ حيوي و مصالح استراتيجية لها. و معنى أن تستحوذ الصين على نفط سيبيريا هو أن يتعزز اقتصادها و يتواصل نموها دون مشاكل و تمتلك بالتالي قوة إضافية قد تغريها بلعب ادوار أكبر، ولاسيما في أراضي روسيا الآسيوية المجاورة لها و البعيدة عن سلطة موسكو و المكشوفة ديموغرافيا و تنمويا و عسكريا.

ومن ناحية أخرى نجد أن موسكو منجذبة للخيار الياباني انطلاقا من عاملين: الأول هو أن اليابان، بعكس الصين، لا تشكل تحديا لها أو مشروع قوة عظمى مجاورة تهددها أو تنافسها، و الثاني أن اليابان بامكانها من خلال قدراتها المالية الضخمة و إمكانياتها التكنولوجية و العلمية المتطورة أن تساهم في تطوير و تحديث القطاع النفطي الروسي الذي يشكو من جملة من المصاعب الحائلة دون بروز روسيا كلاعب نفطي مؤثر في العالم. بيد أن هذين العاملين الايجابيين يقابلهما عاملان سلبيان من وجهة نظر الروس. العامل الأول هو العلاقات الاستراتيجية المتينة ما بين طوكيو و واشنطون وما تلعبه الأولى لصالح أجندة الثانية من ادوار في الشرق الأقصى. أما العامل الآخر فهو الخوف من احتمالات أن تلجأ طوكيو في المستقبل إلى ربط مساهماتها في القطاع النفطي الروسي بحل مشكلة جزر الكوريل الأربع التي اغتصبتها روسيا من اليابان في نهاية الحرب العالمية الثانية، و تمثل قضية حساسة بالنسبة لليابانيين.

د. عبدالله المدني
باحث و محاضر أكاديمي في الشئون الآسيوية
تاريخ المادة: 30 أكتوبر 2005
البريد الالكتروني: [email protected]



#عبدالله_المدني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النسخ الآسيوية من الزرقاوي
- الهند تنحاز إلى إناثها
- مطاردة -الأحمديين- تمتد إلى اندونيسيا
- -فرقة مريم-.. نمط جديد للأمر بالمعروف
- جنرال مسلم لقيادة جيش تايلاند -البوذية-
- ديمقراطية تمثيلية و بيئة حضرية و أديان لا تتدخل في السياسة
- توقعوه من اندونيسيا ففعلته باكستان
- انظروا إلى من تذهب الجوائز في آسيا!
- مشروع طلبنة بنغلاديش
- اغتيال رجل شجاع بيد جبانة
- البريد يطيح بالبرلمان
- كارشي خان آباد
- مصانع إنتاج الإرهاب و الكراهية
- دبلوماسية الكهرباء
- عاشق ربطات العنق الملونة زعيما
- نحو ضم الهند و الصين إلى نادي الأغنياء
- تكريس القطيعة مع الماضي: فيتنام مثالا
- الصين و - أنفلونزا- الفساد
- هل ستفقد اندونيسيا عضوية الأوبك؟
- المشروع الذي سيقرب المسافات


المزيد.....




- اغتيال بلوغر عراقية شهيرة وسط بغداد والداخلية تصدر بيانا توض ...
- غالبية الإسرائيليين تطالب بمزيد من الاستقالات العسكرية
- السعودية.. فيديو لشخص تنكر بزي نسائي يثير جدلا والأمن يتحرك ...
- صحيفة: بلينكن سيزور إسرائيل الأسبوع المقبل لمناقشة صفقة الره ...
- الديوان الملكي يعلن وفاة أمير سعودي
- الحوثيون حول مغادرة حاملة الطائرات -أيزنهاور-: لن نخفض وتيرة ...
- وزارة الخارجية البولندية تنتقد الرئيس دودا بسبب تصريحه بشأن ...
- أردوغان يقول إن تركيا ستفرض مزيدا من القيود التجارية ضد إسرا ...
- وزير الدفاع الأمريكي يشكك في قدرة الغرب على تزويد كييف بمنظو ...
- مشاهد للوزير الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير قبل لحظات من ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله المدني - النفط الروسي كمحور للتنافس الصيني- الياباني