أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله المدني - توقعوه من اندونيسيا ففعلته باكستان















المزيد.....

توقعوه من اندونيسيا ففعلته باكستان


عبدالله المدني

الحوار المتمدن-العدد: 1315 - 2005 / 9 / 12 - 10:44
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


قابل العرب إقدام الحكومة الباكستانية مؤخرا على تطبيع علاقاتها مع إسرائيل بالكثير من الضجيج و الاستنكار و الشجب و غيره مما اعتادوا عليه في مناسبات مماثلة سابقة كان آخرها يوم أن أقدمت الصين و الهند على الشيء ذاته. ولو كانت الظروف مختلفة والمشهد السياسي خاليا من اتصال و تعاون الفلسطينيين والعرب أنفسهم مع إسرائيل لما ترددوا في طلب اجتماع طاريء لجامعة الدول العربية على مستوى القمة أو المستوى الوزاري لمعاقبة باكستان بقطع العلاقات معها مثلما فعلوا في أواسط الستينات مع ألمانيا الغربية على خلفية اعتراف حكومة المستشار الأسبق لودفيغ ايرهارد بالدولة العبرية.

الاختلاف الوحيد هذه المرة هو أن "الطعنة" - بتعبير بعض الكتاب المتحمسين - جاءت من دولة لطالما اعتبرت صاحبة مواقف صامدة وثابتة من الحق الفلسطيني، بل صاحبة القنبلة النووية الإسلامية الرادعة للصهاينة، وبما جعل مجرد انتقاد سياساتها في أي شأن من الشئون خطا احمرا لا يمكن تجاوزه و إلا كان نصيب المتجاوز سيلا من الاتهامات بالعمالة للهنود أو أعداء الإسلام.

وينسى بعض العرب في غمرة حماسهم أن الزمن قد تغير وأن الشعارات العاطفية والإيديولوجيات و المباديء التي هيمنت في حقبة الحرب الباردة و أفرزت أحلافا ومصطلحات سياسية معينة قد سقطت بانتهاء تلك الحقبة و حلت مكانها "المصلحة الوطنية" كمحدد و موجه وحيد لسياسات الدول وعلاقاتها مع الآخر. وطبقا لهذا المفهوم الجديد تحركت إسلام آباد مؤخرا، بل قبل ذلك يوم أن تخلت عن نظام طالبان الأفغاني وانضمت إلى واشنطون في حرب الأخيرة ضد الإرهاب في محاولة ذكية منها لقطع الطريق على نيودلهي لجهة استثمار تداعيات ما بعد الحادي عشر من سبتمبر 2001 في صراعها التاريخي مع الباكستانيين.

ومن نافلة القول أن المصلحة الباكستانية من الانفتاح العلني على الدولة العبرية مرتبطة حصريا بالتنافس الباكستاني-الهندي و موازين القوى في شبه القارة الهندية التي تبدو مائلة نحو الهند في ظل التعاون العسكري المضطرد ما بين نيودلهي و تل أبيب والاتفاقيات الدفاعية الجديدة غير المسبوقة ما بين الأولى و واشنطون، ناهيك عما تواجه صورة باكستان الخارجية من اهتزاز بسبب دور عسكرها في السلطة ودور مدارسها الدينية في تفريغ المتشددين ودور علمائها في تسويق المعارف النووية و دور أحزابها الدينية في دعم القاعدة و طالبان. وبعبارة أخرى فان صانع القرار في إسلام آباد ربما توصل إلى قناعة بأن انفتاحه على تل أبيب قد يخفف من الضغوط المتزايدة على بلاده ويحسن من صورتها العالمية التي اهتزت أكثر بعد تفجيرات لندن الأخيرة ويفتح أمامها مجالا أوسع للمناورة، فأقدم على قراره و هو يعلم أن تداعيات مثل ذلك القرار في العالمين العربي و الإسلامي لن تتجاوز صرخات الاستنكار و التنديد الوقتية. و إن شئنا القول فان قرار باكستان اليوم شبيه في الكثير من الجوانب بقرارها في منتصف الخمسينات بالانضمام إلى حلف بغداد.

لقد قيل أن القرار الباكستاني جاء كنتيجة لضغوط مارستها واشنطون على حكومة الجنرال برويز مشرف. وهذا ربما كان صحيحا، إلا أن تلك الضغوط لم تكن بداعي تدشين الاتصالات ما بين إسلام آباد و تل أبيب وإنما بداعي إخراجها من السرية إلى العلن فحسب. فكما بينا بالتفاصيل و الأسماء و التواريخ في مقال نشر في الغلف نيوز الإماراتية في 24/8/2003 واتهمنا بسببه بالتلفيق و التجني على "الشقيقة المسلمة" ، كانت هناك اتصالات سرية متنوعة بين البلدين منذ بداية الثمانينات أي منذ عهد الرئيس الباكستاني الأسبق ضياء الحق. وفي خطابه أمام برلمان بلاده في الأسبوع الماضي أعترف وزير الخارجية الباكستاني خورشيد قصوري بشيء من ذلك حينما قال "أن مسئولين باكستانيين وإسرائيليين كانوا يلتقون سرا على مدار الأعوام العشرة الماضية"، متعمدا كما يبدو حصر تلك اللقاءات في السنوات العشر الأخيرة كيلا يقال أنها سبقت اتصالات أصحاب القضية أنفسهم بالدولة العبرية.

و هكذا فان عنصر المفاجأة الوحيد ربما كان في إقدام باكستان على التطبيع قبل اندونيسيا التي رشحت طويلا لتكون أولى الدول الإسلامية الكبرى المطبعة، لا سيما وان الاتصالات الاندونيسية – الإسرائيلية لم تأخذ طابع السرية الشديدة كما في الحالة الباكستانية، بل أن بعض فصولها الأكثر إثارة حدث علنا و نعني بذلك حلول رئيس الحكومة الإسرائيلية الأسبق إسحاق رابين في جاكرتا في عام 1993 وزيارة وزير الخارجية الإسرائيلي شمعون بيريز لاندونيسيا في عام 1995 ، ناهيك عن لقاء الأخير المطول مع نظيره الاندونيسي علي العطاس في فيينا في عام 1993 .

في تفاصيل الروابط و الاتصالات ما بين جاكرتا و تل أبيب، هناك كم كبير من التقارير التي تشير إلى أن تاريخها يعود إلى نهاية الستينات حينما دشن البلدان تعاونا في مجال تبادل المعلومات المخابراتية. وهذا قاد تدريجيا إلى تطور الاتصالات و لاسيما في الثمانينات حينما رأت حكومة الرئيس الأسبق احمد سوهارتو فائدة من التعاون مع الدولة العبرية في تعزيز قدرات بلاده الأمنية و العسكرية لمحاربة الجماعات الانفصالية. و مما يذكر في هذا السياق أن الجنرال بيني مورداني وزير دفاع سوهارتو في الفترة ما بين 1988-1993 و أحد رجالاته المقربين دافع علنا عن تلك السياسة و أيدته في ذلك المنظمات الممثلة للأقليات غير الإسلامية وصحيفة "جاكرتا بوست" الناطقة بالإنجليزية، بل قام الوزير شخصيا بعدة زيارات سرية إلى تل أبيب للتوقيع على اتفاقيات تعاون في المجالين العسكري و المخابراتي مما سمح للجيش الاندونيسي بالاستعانة بخبراء عسكريين إسرائيليين و منح عقود لمؤسسات إسرائيلية لبناء منشآت لسلاح الجو في سومطرة، فضلا عن الحصول عن 28 مقاتلة مستعملة من نوع سكاي هوك الأمريكي بحسب بعض التقارير.

ومن الشخصيات الاندونيسية التي دعت علنا إلى ضرورة إقامة علاقات دبلوماسية كاملة مع الدولة العبرية و تعزيز الروابط معها عبد الرحمن وحيد زعيم جماعة نهضة العلماء التي تضم نحو 35 مليون عضو، و الذي زار تل أبيب و القدس عدة مرات قبل توليه رئاسة البلاد. كما أن الرئيس الأسبق يوسف حبيبي تردد على إسرائيل أكثر من مرة يوم كان وزيرا للبحث العلمي في حكومة سوهارتو، الأمر الذي ساهم في تعزيز تعاون البلدين في الحقول العلمية و التكنولوجية.

وفي مايو 2000 حل في إسرائيل أول وفد تجاري كبير برئاسة أبو رضا البكري رئيس غرفة تجارة و صناعة اندونيسيا وذلك سعيا وراء عقد اتفاقيات تجارية و استثمارية وسياحية مع الإسرائيليين. ومما تم بحثه مسألة تسهيل حصول السواح و رجال الأعمال الإسرائيليين على تأشيرات دخول إلى الأراضي الاندونيسية و افتتاح كل طرف لمكاتب تجارية و سياحية في بلد الآخر. وقتذاك و طبقا لإحصائيات عام 1999 كان التبادل التجاري بين البلدين يقف عند حدود 20.5 مليون دولار شاملة واردات إسرائيلية بقيمة 12.7 مليون دولار وواردات اندونيسية بقيمة 7.8 مليون دولار، غير أن هذه الأرقام سرعان ما تضاعفت عدة مرات في سنوات العقد الحالي.

و المؤكد أن تل أبيب حرصت كثيرا على تنامي روابطها بإندونيسيا ، وخاصة بعد اتفاقيات اوسلو، رغم ضآلة عدد اليهود في هذا البلد و الذين لا يتجاوزون العشرات و لا يجسد تواجدهم هناك سوى معبد يتيم في جاكرتا، وذلك بسبب نفوذ اندونيسيا الإقليمي والإسلامي و الذي قد يدفع دولا أخرى إلى الإقتداء بها لجهة التطبيع مع إسرائيل و لا سيما ماليزيا و بروناي. ومما لم يعد سرا أن السفير الإسرائيلي في سنغافورة لعب و لا يزال يلعب دور قناة الاتصال بين البلدين، و بهذه الصفة زار جاكرتا مرارا وفي مختلف العهود ، والى جهوده يعزى الفضل في ربط البلدين بخدمات بريدية و هاتفية مباشرة وفي إعداد زيارات للصحفيين و الطلبة الاندونيسيين إلى إسرائيل.

وهكذا فلئن تخلفت جاكرتا عن إسلام آباد في إعلان نيتها في التطبيع مع تل أبيب فإنها غير متخلفة لجهة حجم الاتصالات و نوعية الروابط و مستوى اللقاءات، مما يمكن القول معه انه لن يمر سوى وقت قصير قبل الإعلان رسميا عن قيام علاقات دبلوماسية كاملة بين البلدين ليتكرر من جديد مشهد النواح و الاستنكار العربي.

د. عبدالله المدني
*باحث أكاديمي و خبير في الشئون الآسيوية
تاريخ المادة: 12 سبتمبر 2005
البريد الالكتروني: [email protected]



#عبدالله_المدني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- انظروا إلى من تذهب الجوائز في آسيا!
- مشروع طلبنة بنغلاديش
- اغتيال رجل شجاع بيد جبانة
- البريد يطيح بالبرلمان
- كارشي خان آباد
- مصانع إنتاج الإرهاب و الكراهية
- دبلوماسية الكهرباء
- عاشق ربطات العنق الملونة زعيما
- نحو ضم الهند و الصين إلى نادي الأغنياء
- تكريس القطيعة مع الماضي: فيتنام مثالا
- الصين و - أنفلونزا- الفساد
- هل ستفقد اندونيسيا عضوية الأوبك؟
- المشروع الذي سيقرب المسافات
- عبدالكلام في موسكو
- حزب التحرير
- سر اهتمام الصين بآسيا الوسطى
- نادي القهوة
- الأصل يشدد قبضته على الفرع
- نظام الكوتا النسائية آسيويا
- بلوشستان كبؤرة توتر جديدة


المزيد.....




- بيومي فؤاد يبكي بسبب محمد سلام: -ده اللي كنت مستنيه منك-
- جنرال أمريكي يرد على مخاوف نواب بالكونغرس بشأن حماية الجنود ...
- مسجد باريس يتدخل بعد تداعيات حادثة المدير الذي تشاجر مع طالب ...
- دورتموند يسعي لإنهاء سلسلة نتائج سلبية أمام بايرن ميونيخ
- الرئيس البرازيلي السابق بولسونارو يطلب إذن المحكمة لتلبية دع ...
- الأردن يرحب بقرار العدل الدولية إصدار تدابير احترازية مؤقتة ...
- جهاز أمن الدولة اللبناني ينفذ عملية مشتركة داخل الأراضي السو ...
- بعد 7 أشهر.. أحد قادة كتيبة جنين كان أعلن الجيش الإسرائيلي ق ...
- إعلام أوكراني: دوي عدة انفجارات في مقاطعة كييف
- الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض هدف جوي فوق الأراضي اللبنانية


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله المدني - توقعوه من اندونيسيا ففعلته باكستان