أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - عبدالله المدني - عاشق ربطات العنق الملونة زعيما















المزيد.....

عاشق ربطات العنق الملونة زعيما


عبدالله المدني

الحوار المتمدن-العدد: 1257 - 2005 / 7 / 16 - 12:17
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


سؤال هونغ كونغ الكبير منذ الشهر الماضي حينما اختير دونالد تسانغ رسميا كحاكم تنفيذي جديد للجزيرة خلفا لتونغ تشي هوا - استقال في مارس الماضي قبل انتهاء مدة ولايته بسنتين لأسباب صحية، وان كان البعض يجزم بأنه أزيح من قبل الصينيين بسبب عدم شعبيته - هو عما إذا كان هذا الرجل الذي يميز نفسه عن أقرانه بارتداء ربطات العنق الملونة من نوع الفراشة قادرا على تلوين الحياة السياسية في الجزيرة بالمزيد من الديمقراطية التي فقدتها هونغ كونغ منذ عودتها إلى السيادة الصينية في مثل هذه الأيام من عام 1997 .

فعلى الرغم من تصريحات تسانغ ووعوده بأنه سيقود هونغ كونغ إلى عهد جديد أكثر انفتاحا من السنوات الثماني المنصرمة، فان مراقبين كثرا يشكون في أن تساعده بكين على ذلك في المدى القريب على الأقل، بل يشكون حتى في تمسكه بوعوده. ومما قيل في هذا الصدد أن تصرفات تسانغ ستكون مقيدة بطموحاته في البقاء كزعيم للجزيرة فترة أطول من مدة العامين المتبقية من ولاية سلفه ، وبالتالي فهو لن يعمد إلى أي إجراء قد يثير رؤساءه في بكين لأن من شأن ذلك أن يزاح و يؤتى ببديل له ، خاصة وأن بكين تلعب دورا محوريا في تعيين قادة الجزيرة رغم تمتع الأخيرة بدرجة كبيرة من الحكم الذاتي تطبيقا لصيغة "وطن واحد و نظامان" التي أعاد البريطانيون بموجبها هونغ كونغ للصينيين.

وهناك من يؤكد أن تسانغ سيظل كما كان دائما ، سواء أيام عمله في الإدارة الاستعمارية البريطانية أو في سنوات عمله كنائب لحاكم هونغ كونغ المستقيل ، مطيعا لرؤسائه ومنفذا أمينا لأوامرهم دون احتجاج أو اعتراض أو جدال. ولعل هذه الصفة المعروفة عنه هي أحد أهم العوامل التي جعلت بكين تتمسك به و ترشحه كاسم مفضل لخلافة هوا، بل و تطلب من أنصارها الكثر في المجمع الانتخابي المكلف بالاختيار أن يدعموه (يتكون المجمع من 800 عضو، صوت 710 منهم لصالح تسانغ). أما العوامل الأخرى فتشمل مؤهلات الرجل الإدارية العالية وشعبيته الواسعة في صفوف المواطنين، و هما أمران يبدو أن القيادة الصينية تعول عليهما كثيرا في تخفيف حدة مطالب الهونغ كونغيين بحريات أوسع و ديمقراطية اكبر. وبعبارة أخرى فان بكين تراهن على خبرة تسانغ وسيرته النظيفة و صرامته الإدارية في تحقيق أوضاع معيشية و خدمية أفضل لسكان الجزيرة و بصورة تجعلهم أقل انشغالا أو مطالبة بالحقوق السياسية، و على رأسها حق انتخاب جميع أعضاء المؤسسة التشريعية ورأس السلطة التنفيذية بالاقتراع السري الحر و المباشر (حاليا ينتخب نصف أعضاء البرلمان المحلي مباشرة و يسمى النصف الآخر من قبل القطاعات المهنية فيما ينتخب رئيس السلطة التنفيذية من قبل 800 عضو من أعضاء مجمع انتخابي يمثل القطاعات الاقتصادية و المنظمات الدينية و جهاز الخدمة المدنية).

ويرى البعض في هذا مؤشرا على تغير موقف بكين من الرجل الذي كانت تعتبره إلى ما قبل سنوات قليلة صنيعة المستعمرين البريطانيين و تنظر إليه بالكثير من الحذر والريبة، فيما يرى آخرون أن بعض الشكوك حول ولائه لا تزال موجودة في الأوساط الصينية و أن العامين القادمين هما بمثابة فترة اختبار له لإثبات العكس.

لكن بعيدا عن كل هذا ، يمثل صعود تسانغ على رأس الجهاز التنفيذي في هونغ كونغ بداية حقبة قد تكون مختلفة عن سابقتها في بعض المفاصل. وما يدعونا إلى هذا الرأي هو أن الرجل يختلف كثيرا في سيرته و مواهبه و علاقاته و أولوياته عن سلفه، وبالتالي فان احتمالات أن يترك بصمة مختلفة على أحوال الجزيرة أمر وارد. وفي هذا السياق لا بد من التذكير سريعا بأمرين:

الأول ، أن الرجل من أبناء هونغ كونغ ميلادا و أصلا ، أي على العكس من سلفه الذي ولد في شنغهاي و هاجرت عائلته إلى هونغ كونغ. وهذه الميزة قد تجعل تسانغ أكثر اهتماما بمصالح الجزيرة و سكانها من اهتمامه بمصالح البر الصيني.
والثاني ، انه من أسرة كادحة ووصل إلى ما وصل إليه بعصامية فذة ، على خلاف سلفه الذي ينتمي إلى أسرة ثرية و دخل السياسة من باب نفوذه الاقتصادي كأحد أباطرة الملاحة و الشحن البحري و ظل أثناء إدارته للجزيرة حريصا على ايلاء مصالح ومرئيات طبقة رجال المال و الأعمال أهمية قصوى. وهذا قد يجعل الحاكم الجديد أقرب إلى هموم العامة وأكثر تفهما لتطلعاتهم.

ولد دونالد تسانغ في أكتوبر عام 1944 لأسرة فقيرة كان ربها يعمل في سلك الشرطة. وحينما أتم دراسته الثانوية فضل أن يكبح جماح تطلعاته الجامعية ليدخل سوق العمل ويساعد أسرته على أعباء الحياة. و هكذا بدأ مشواره العملي في سن العشرين بائعا في إحدى صيدليات الأدوية قبل أن يوفق في الالتحاق بجهاز الخدمة المدنية في عام 1967 ، ليقضي فيه أربعة عقود من الزمن متدرجا من وظيفة إلى أخرى، تخللتها فترة قصيرة في عام 1977 قضاها في مانيلا كمسئول في البنك الآسيوي للتنمية مختص بالإشراف على مشاريع تطوير السكك الحديدية و مصادر المياه في الفلبين و بنغلاديش.

وبسبب من إخلاصه و التزامه و اجتهاده و حرصه على تنفيذ عمله بدقة متناهية، لفت أنظار رؤسائه الإنجليز الذين هالهم أن يتفوق موظف لم يكمل تعليمه الجامعي على أقرانه الأكثر تأهيلا. وكان من نتائج ذلك أن أتاحت له السلطات الاستعمارية فرصة الدراسة الجامعية على حسابها في إحدى أرقى الجامعات. ففي عام 1980 ابتعث إلى جامعة هارفارد الأمريكية حيث تمكن في غضون فترة قصيرة من إنهاء جميع البرامج الدراسية و الحصول على درجة الماجستير في الإدارة الحكومية.

وصادف وقت عودته من الولايات المتحدة إلى عرينه في جهاز الخدمة المدنية شروع البريطانيين في ترتيبات و تفاصيل نقل السيادة على هونغ كونغ ، فلعب فيها دورا مشهودا طيلة السنوات الممتدة من 1985 إلى 1989 . وكانت هذه إحدى المرات القليلة التي انشغل فيها تسانغ بملفات خارج نطاق الشئون المالية. فالأخيرة كانت على الدوام في صلب اهتماماته و مسئولياته بدليل انه في عام 1993 رقي من مدير عام للتجارة إلى سكرتير (وزير) للخزانة قبل أن يصبح في عام 1995 أول مواطن يشغل منصب سكرتير المالية خلال 150 عاما. ومن خلال المنصب الأخير الذي احتفظ به في ظل السيادة الصينية استطاع الرجل أن يبني لنفسه شهرة مدوية و ذلك في عام 1997 حينما تدخل بصفته الوظيفية في سوق الأوراق المالية فحماها من المضاربة و قلل بالتالي من تداعيات و آثار الأزمة النقدية الآسيوية الشهيرة على بلاده.

حينما اقترب موعد رحيل البريطانيين عن الجزيرة، اعتقد الكثيرون أن تسانغ ورقة محروقة بمعنى أنه لن تتاح له تقلد أية مسئولية في ظل السيادة الصينية، ليس فقط بسبب تفانيه في خدمة الإدارة الاستعمارية التي منحته قبل رحيلها بأيام لقب فارس من فرسان الإمبراطورية البريطانية تقديرا لإنجازاته، وإنما أيضا بسبب معتقده الكاثوليكي والتزامه الديني الصارم و سلوكياته القريبة من سلوكيات الطبقة الأرستقراطية البريطانية. لكن الرجل استطاع ببرغماتيته وخبرته الوظيفية و شعبيته أن يفرض على الصينيين إبقاءه في منصبه، بل رفعه ابتداء من عام 2001 إلى منصب الرجل الثاني في هونغ كونغ خلف هوا في محاولة منهم لموازنة الانتقادات الشعبية ضد الأخير.

يوصف تسانغ بأنه سياسي حاسم و عنيد، لا يتنازل عن رأيه بسهولة مفضلا إقناع معارضيه على أن يقبل برأي الأغلبية. كما ثبت عنه في عدة مناسبات أنه يفقد أعصابه وقت النقاش، الأمر الذي اعترف به شخصيا ذات مرة حينما قال أنه يشفق على زوجته وولديه من طبعه هذا و يشكرهم على صبرهم و تحملهم. وهو لئن كان متحدثا بارعا فانه أيضا صاحب تشبيهات صارخة ، منها قوله ذات مرة للمطالبين بفك ارتباط الدولار الهونغ كونغي بالدولار الأمريكي، إن ذلك غير ممكن و "سيجعل عملتنا شبيهة بفتاة فقدت عذريتها". وأخيرا فان للرجل علاقات جيدة بالإعلاميين عموما، لكن ثبت أنه لا يتساهل إزاء تناولهم لشئونه الشخصية، بدليل أنه كان أول مسئول في الجزيرة يقاضي مجلة أسبوعية محلية لنشرها مقالة حول حياته الخاصة.

د. عبدالله المدني
*باحث ومحاضر أكاديمي في الشئون الآسيوية
تاريخ المادة: 10 يوليو 2005
البريد الالكتروني: [email protected]



#عبدالله_المدني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نحو ضم الهند و الصين إلى نادي الأغنياء
- تكريس القطيعة مع الماضي: فيتنام مثالا
- الصين و - أنفلونزا- الفساد
- هل ستفقد اندونيسيا عضوية الأوبك؟
- المشروع الذي سيقرب المسافات
- عبدالكلام في موسكو
- حزب التحرير
- سر اهتمام الصين بآسيا الوسطى
- نادي القهوة
- الأصل يشدد قبضته على الفرع
- نظام الكوتا النسائية آسيويا
- بلوشستان كبؤرة توتر جديدة
- لا تزال أفغانستان هدفا للتنافس الإقليمي
- من الخلاف حول العراق إلى الخلاف حول الصين
- عندما تغضب كبرى الديمقراطيات ممن يمسون الديمقراطية
- نجاح جديد للهند في سباقها على مصادر الطاقة
- الأخ الآسيوي الأكبر يضيع فرصة ذهبية لتأكيد نفوذه
- التسونامي يخلق فرصا للسلام في آسيا
- 2004 ، عام آسيوي متميز لولا -التسونامي-
- استراليا كنموذج للحيرة ما بين الشرق و الغرب


المزيد.....




- إزالة واتساب وثريدز من متجر التطبيقات في الصين.. وأبل توضح ل ...
- -التصعيد الإسرائيلي الإيراني يُظهر أن البلدين لا يقرآن بعضهم ...
- أسطول الحرية يستعد لاختراق الحصار الإسرائيلي على غزة
- ما مصير الحج السنوي لكنيس الغريبة في تونس في ظل حرب غزة؟
- -حزب الله- يكشف تفاصيل جديدة حول العملية المزدوجة في عرب الع ...
- زاخاروفا: عسكرة الاتحاد الأوروبي ستضعف موقعه في عالم متعدد ا ...
- تفكيك شبكة إجرامية ومصادرة كميات من المخدرات غرب الجزائر
- ماكرون يؤكد سعيه -لتجنب التصعيد بين لبنان واسرائيل-
- زيلينسكي يلوم أعضاء حلف -الناتو- ويوجز تذمره بخمس نقاط
- -بلومبيرغ-: برلين تقدم شكوى بعد تسريب تقرير الخلاف بين رئيس ...


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - عبدالله المدني - عاشق ربطات العنق الملونة زعيما