أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - عبدالله المدني - الأصل يشدد قبضته على الفرع















المزيد.....

الأصل يشدد قبضته على الفرع


عبدالله المدني

الحوار المتمدن-العدد: 1171 - 2005 / 4 / 18 - 10:36
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


استقالة " تونغ تشي هوا" الشهر الماضي من منصبه كرئيس للسلطة التنفيذية في هونغ كونغ من بعد أكثر من سبعة أعوام في الزعامة و قبل انقضاء مدة ولايته الثانية بسنتين، تضع هذه المستعمرة البريطانية السابقة، التي عادت إلى أحضان الصين في عام 1997 بموجب ترتيب خاص، عند مفترق طرق و تفتح الباب أمام جميع الاحتمالات.

الاستقالة لقيت بطبيعة الحال ترحيبا حارا من مختلف الأوساط ، بل أشاعت جوا من الفرح قد لا يحدث إلا في حالة حصول هونغ كونغ على كأس العالم في كرة القدم مثلا. فالرجل كان ذا شعبية متدنية منذ تنصيب بكين له كمسئول أول عن الجزيرة بسبب ما قيل عن إخلاصه وتفانيه الزائدين في خدمة السياسات الصينية على حساب تطلعات مواطنيه و ما روجته الأوساط الإعلامية و الأكاديمية و النقابية من انه مجرد دمية في أيدي بكين. كما أن رحيله صار في السنوات الأخيرة مطلبا شعبيا التقت حوله أطياف و قوى مختلفة، و لاسيما بعد حدثين محوريين: الأول فشل حكومته في التصدي المبكر لانتشار مرض سارس المعدي و الذي تسبب في وفاة أكثر من 300 مواطن ، و الثاني - وهو الأهم- تبنيه لقانون جديد مثير للجدل و مدعوم من بكين حول الأمن الداخلي ، الأمر الذي جوبه بمعارضة واسعة في الشارع جسدتها مظاهرة مليونية غير مسبوقة في تاريخ هونغ كونغ في عام 2003 .

بيد أن هذه الفرحة العارمة قد لا تطول و قد يخلفها الندم حينما تذهب السكرة و تأتي الفكرة بحسب بعض المراقبين. صحيح أن الرجل عمل كعين و إذن و صوت للقيادة الصينية في إدارة الجزيرة ، و ما كان له أن يفعل سوى ذلك ، على الأقل ردا على نجدة بكين له في الثمانينات عندما تعرضت إمبراطوريته الملاحية لأزمة مالية. غير أن تتبعا دقيقا لطريقة عمله يوحي أيضا بأنه في الوقت نفسه كان يعمل كحائط صد ضد طموحات بكين في ابتلاع جزيرته الزاهية. و بعبارة أخرى كان يستخدم ثقة بكين به وموقعه التنفيذي و نفوذه المالي و علاقاته المتشعبة في الحيلولة قدر المستطاع دون نشؤ أوضاع أسوأ مثل تراجع بكين عن بعض بنود الاتفاقية التي عاد بموجبها الفرع الهونغ كونغي إلى الأصل الصيني وفق مبدأ "دولة واحدة بنظامين مختلفين".

فهو لئن اقترح قانون الأمن الداخلي ترضية لرغبات بكين التي ساءها استخدام قوى صينية معارضة لهامش الحرية المتاح في الجزيرة في انتقاد الأوضاع في البر الصيني مثلا، فانه استجاب في نهاية المطاف لمطالب الجماهير و وضع المشروع على الرف. وقبل هذا بسنوات استثمر تونغ نفوذه و حظوته لدى القيادة الصينية في تجاوز فكرة إقامة فرع لجهاز الاستخبارات الصينية في هونغ كونغ على أنقاض فرع جهاز الاستخبارات البريطاني المنسحب من الجزيرة مع السلطات الاستعمارية. و مؤخرا حاول الرجل الاستجابة لمطالب بكين بالدفع باتجاه إقامة مشروع عقاري ضخم مثير للجدل على أراضي الجزيرة، فلما جوبه بمعارضة من أقرانه ضمن نخب المال و الأعمال المحليه ، تراجع معللا خطوته بوجود موانع قانونية.

كل هذه الأمثلة و غيرها لم تتفهمه الجماهير في ظل تلهفها المشروع للمزيد من الديمقراطية و توسيع هامش الحريات ، فبالغت في انتقاد الرجل و السخرية منه إلى حد إطلاق اسم" لو مونغ تونغ" الذي يعني في اللغة الكانتونية الصينية "الرجل العجوز الغبي ذو العقلية العنيدة أو المتحجرة".

وباختصار شديد ، حاول تونغ تارة إرضاء رؤسائه في بكين دون إغضاب مواطنيه و تارة أخرى إرضاء مواطنيه دون إغضاب بكين ، فنجح أحيانا و فشل في أحايين كثيرة أخرى باعترافه الشخصي مؤخرا.

غير أن الزعيم الهونغ كونغي آثر أن يبرر استقالته بتقدمه في السن و بمتاعبه الصحية وحدها ، و هو مبرر قد يكون صحيحا كونه يبلغ السابعة و الستين من العمر، لكنه لا يلغي فرضية ضغط بكين عليه للإقدام على تلك الخطوة. على الأقل هذا ما يعتنقه الكثير من المراقبين ممن قالوا بأن القيادة الصينية ربما نفذ صبرها مع تونغ و طريقة أدائه المتوازنة و تريد تشديد قبضتها على الجزيرة عبر إسناد المنصب الأعلى فيها إلى شخصية أكثر طاعة و حزما و اقل ترددا وحذرا. هؤلاء وصفوا موقف تونغ الأخير حيال المشروع العقاري الآنف ذكره بالقشة التي قصمت ظهر البعير، لا سيما بعد إقدام الزعيم الصيني"هو جنتاو" في الشهر الماضي و مباشرة بعد الحدث على أمر غير مسبوق هو توجيه نقد علني لأداء حكومة تونغ و قدرات أعضائها.

مقابل هذا هناك رأي مغاير مفاده أن بكين عازمة على التعامل مع شعب هونغ كونغ بطريقة مختلفة عمادها التهدئة و الترضية و كسب الثقة بدلا من التصعيد ، و هو ما لا يمكن تحقيقه دون التضحية بتونغ الذي كان في نظر الجماهير عنوان الأزمات ووقودها. أصحاب هذا الرأي ربما انطلقوا من فرضية أن القيادة الجديدة الشابة في بكين لها سياسات مختلفة أكثر انفتاحا ، و بالتالي فهي تريد تدشين بداية جديدة في هونغ كونغ لا علاقة لها بكل ما لصق بسلفها.

بعيدا عن الأسباب الحقيقية لما حدث، فان المشهد الراهن لا يفيد بأكثر من رحيل زعيم و حلول آخر مكانه، بمعنى أن الحدث لم يصاحبه أي مؤشرات عن الإصلاح السياسي الذي تجاهد القوى و الجماهير الهونغ كونغية من اجله، و على رأسه مطلب توسعة المشاركة الشعبية في صنع القرار و التشريع و المحاسبة عبر انتخاب كل أعضاء المجلس التشريعي الستين مباشرة من الشعب و من خلال دوائر انتخابية مفتوحة ( بدلا من انتخاب نصفهم مباشرة و انتخاب النصف الآخر من قبل القطاعات المهنية) و عبر إعادة صياغة الطريقة التي يتشكل بها المجمع الانتخابي المكون من 800 عنصر والمسئول عن انتخاب راس السلطة التنفيذية و تحديد صورة و طريقة انتخاب المؤسسة التشريعية ( بموجب الدستور تسمي القطاعات الاقتصادية 664 عضوا من أعضاء المجمع و المنظمات الدينية 40 عضوا فيما يتم اختيار 96 عضوا من الجهاز الحكومي).

الشخصية التي يتوقع لها أن تخلف تونغ في إدارة هونغ كونغ هي نائبه دونالد تسانغ (60 عاما) و الذي يقود الحكومة الآن بصفة انتقالية حتى موعد التئام المجمع الانتخابي في منتصف يوليو القادم لاختيار زعيم جديد. إذ يبدو أن بكين باتت تراهن عليه و تدفع أنصارها للتصويت لصالحه ، رغم ما يساورها من شكوك مصدرها ماضي الرجل المعروف في خدمة البريطانيين و الإخلاص لهم منذ عام 1967 و حتى آخر يوم قبل رحيلهم. أما السبب ، فطبقا لبعض المحللين ، يكمن في أن تسانغ بيروقراطي عتيق قضى معظم سنوات عمره موظفا ينفذ الأوامر و ليس قائدا يصدر التعليمات أو يجادل حولها ، و هذا ما تريده بكين بالضبط بعد تجربة السنوات السبع الماضية مع تونغ. ويضيف محللون آخرون أن بكين ، لكي تقطع الشك باليقين حول مدى صلاحية الرجل و إخلاصه لها ، سوف تمنحه فترة اختبار بمعنى أنها ستعمل من اجل أن يكمل ما تبقى من فترة تونغ الرئاسية و ليس حصوله على فترة جديدة كاملة مدتها خمس سنوات. هنا تثور إشكالية دستورية بسبب عدم وجود نصوص أو مواد تتحدث عن مثل هذه الحالات ، لكن الكثيرين يعتقدون أن بكين سوف تجد مخرجا لهذا المأزق عبر طرح تفسيراتها الخاصة لمواد الدستور مثلما اعتادت في مناسبات سابقة.

د. عبدالله المدني
*باحث أكاديمي و خبير في الشئون الآسيوية
التاريخ: 16 ابريل 2005
البريد الالكتروني: [email protected]



#عبدالله_المدني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نظام الكوتا النسائية آسيويا
- بلوشستان كبؤرة توتر جديدة
- لا تزال أفغانستان هدفا للتنافس الإقليمي
- من الخلاف حول العراق إلى الخلاف حول الصين
- عندما تغضب كبرى الديمقراطيات ممن يمسون الديمقراطية
- نجاح جديد للهند في سباقها على مصادر الطاقة
- الأخ الآسيوي الأكبر يضيع فرصة ذهبية لتأكيد نفوذه
- التسونامي يخلق فرصا للسلام في آسيا
- 2004 ، عام آسيوي متميز لولا -التسونامي-
- استراليا كنموذج للحيرة ما بين الشرق و الغرب
- آسيا تتجه نحو التوحد على خطى أوروبا
- آسيا تفتح باب الترشيحات لخلافة كوفي عنان
- نزع صور - الزعيم المبجل-
- فيما العرب مكانك سر الآسيويون يتجاوزن ثورة المعلوماتية إلى - ...
- عظيمة أنت يا بلاد غاندي - الهند إذ تمنح قيادتها لسيخي من الأ ...
- في الذكرى الأولى لاستشهاد الزعيم بعد تحرير العراق من جلاديه ...
- عزاء للعرب.. الهند و-إسرائيل- بين زمنين


المزيد.....




- أوروبا ومخاطر المواجهة المباشرة مع روسيا
- ماذا نعرف عن المحور الذي يسعى -لتدمير إسرائيل-؟
- من الساحل الشرقي وحتى الغربي موجة الاحتجاجات في الجامعات الأ ...
- إصلاح البنية التحتية في ألمانيا .. من يتحمل التكلفة؟
- -السنوار في شوارع غزة-.. عائلات الرهائن الإسرائيليين تهاجم ح ...
- شولتس يوضح الخط الأحمر الذي لا يريد -الناتو- تجاوزه في الصرا ...
- إسرائيليون يعثرون على حطام صاروخ إيراني في النقب (صورة)
- جوارب إلكترونية -تنهي- عذاب تقرحات القدم لدى مرضى السكري
- جنرال بولندي يقدر نقص العسكريين في القوات الأوكرانية بـ 200 ...
- رئيسة المفوضية الأوروبية: انتصار روسيا سيكتب تاريخا جديدا لل ...


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - عبدالله المدني - الأصل يشدد قبضته على الفرع