أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - خليل صارم - الموالاة والمعارضة بين الواقع والموروث -1 -















المزيد.....

الموالاة والمعارضة بين الواقع والموروث -1 -


خليل صارم

الحوار المتمدن-العدد: 1364 - 2005 / 10 / 31 - 03:59
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


حميـــر القوافل
بداية نرى ضرورة النظر إلى حالتي المعارضة والموالاة بشكل عام وحضاري على أنها ثقافة (قبل أن تكون شكلا من أشكال المواقف السياسية) تصب في مجرى المصلحة العامة , وهي ثقافة يحرزها المجتمع وتتطور بتطور العصر لتترسخ فيه على اختلاف أطيافه وشرائحه في مناخ من الحرية والديمقراطية حيث تتبدل المواقع بين مرحلة وأخرى لتصبح الموالاة معارضة والعكس بالعكس والتنافس يجب أن يكون على من يقدم خدمات أكبر للمجتمع تساهم في تطوره وتوفر له القدر الأكبر من الرفاهية ضمن أجواء من الحوار المنطقي الهادئ يكون المجتمع فيه هو الحكم بين القوى السياسية التي تطرح نفسها على الساحة ومدى تقبله لها من خلال صناديق الانتخابات النزيهة واستطلاعات الرأي المحايدة .
فما هي سمات هذه الثقافة في حضارتنا التي نتغنى بها بمناسبة وبلا مناسبة ونصدع رأس العالم بها ؟؟ ونحن أول من يقف حائراً إزاء حقيقتها !!!؟
للإنصاف يمكننا القول أن حضارتنا ؟!! لم تطلق النار على رأس الحصان العجوز لتتخلص منه بل حافظت عليه تاركة له الحرية يجوب الميدان والمرعى كما يحلو له حتى ينتهي بالشكل الطبيعي وربما لمس هذا الحصان العجوز في نفسه بعض القوة استعادها فيعود ليختلط بالخيول الفتية مشاركا إياها مضمارها فارضا عليها في كثير من الأحيان إن لم يكن دائما نمط تفكيره وأسلوبه وربما تمكن من السيطرة عليها( وهذا ما يحدث غالبية الأحيان) بدلاً ً من ترك هذه الخيول الفتية حرة تملأ الميدان حيويةً ونشاطاً مستغلا ً في ذلك مواقع الأبوة وتراث احترام الأكبر , وهكذا يتعرقل نشاط واندفاع الخيول الفتية التي تبقى محكومة بعقلية زمن سابق مضى ولانفع منه .
وبسبب عرقلة حركة الخيول الفتية تتعرقل حركة المجتمع إن لم تتعطل تماما ويجب أن لا يغيب عن البال أن ثقافتنا الحقيقية التي تعود في أسسها إلى الرسالة الإسلامية المحمدية الأصيلة والتي يزعم النظام السياسي العربي والقوى الظلامية الانتماء إليها , قد حرمت العمل بمقولة ( هكذا وجدنا آباؤنا) ( بالنص) .بمعنى أنها حرضت الأجيال الجديدة على التفكير وفق نمط مستقل يتلاءم وعصرها بعيدا عن أسر الأفكار الموروثة وأطلقت مبدأ ( لاتقسروا أولادكم على أخلاقكم فقد ولدوا لزمان غير زمانكم ) وبالطبع فان المقصود بالأخلاق هنا هو ( العادات ومنهج الحياة العملية ) وليس الأخلاق بالمفهوم السائد أي القيم الإنسانية النبيلة .
مع ذلك فان النظام السياسي العربي بما أرسى من مفاهيم خاصة به قد خالف هذه المبادئ من ضمن مخالفاته لكل حقائق ومنهجية وأخلاقية الرسالة , ومخالفاته هذه قد انسحبت على المجتمع لتصبح من ضمن الموروث وبالتالي تعطلت حركة الخيول الفتية وكبح جماحها ومعها حركة التطور الاجتماعي الطبيعية .
في حين أن الحضارة الغربية وبدافع ارثها وتجربتها ونتيجة انعتاقها من ربقة الكنيسة كنظام وسياسة و حياة مفروضة وفق نمطية محددة كانت قاسية مع الخيول المسنة فلم تلتفت إليها وأطلقت على رؤوسها رصاصة الرحمة مفسحة المجال واسعا أمام الخيول الفتية تجوب الميدان فسيحا رحبا واسعا حرا وفق رؤيتها الجديدة لهذا (الواقع) لا يشاركها أحد مضمارها أو يتسبب بعرقلة اندفاعها ويلزمها بأنماط فكرية أو خبرات قد لاتكون مفهومة منها أو ملائمة لها وهذا بالتأكيد ما أدى إلى حركة التسارع الحضاري المذهل الذي شهده الغرب وما يزال .
ونرى بدورنا أنه ليس هناك ما يمنع من الإفادة من حكمة الكبار وخبراتهم شريطة عدم التدخل في حركة الأجيال الشابة بشكل يؤثر في إندفاعتها باتجاه المستقبل وأن يتم الاكتفاء بما تريده هي وما ترغب به تحقيقا لمزيد من القدرة في الاندفاع من الخبرات المتحصلة عبر الأجيال من تجارب ثبت نجاحها وما تزال مطلوبة على أن تتناغم وإيقاع آلية العصر وإلا فلا . وعلى اعتبار أن أية عرقلة وتأخير لحركة الأجيال الشابة هي تعطيل لحركة المستقبل ستؤدي بالتالي بالمجتمع للتخلف عن مجرى الحضارة الذي لا يتوقف لعقود طويلة . وعليه :
يصبح من الضروري البحث عن الجوانب السلبية التي أثرت وما تزال تؤثر في حركة مجتمعاتنا وضرورة إظهار هذه السلبيات للجميع دون حرج , لأن من يهرب من سلبياته والإقرار بها ثم مواجهتها سيكون من المستحيل عليه التحرك خطوة واحدة إلى الأمام أو الانتقال إلى الجانب الآخر الإيجابي. ولنتشــارك معا في استحضار صورة أخرى من عمق الذاكرة لما لها من تأثير في السلوك الجمعي , سلطة ومحكومين , موالاة ومعارضة , على حد سواء .
لقد اعتدنا عبر تاريخنا على مشاهدة صاحب أو مالك القافلة يمتطي حمارا تنعقد بذيله قياد مجموعة من الجمال على شكل سلسلة , والجمال تسير خلف الحمار صابرة محتسبة !!
إذاً فالحمار هنا يتولى قياد القافلة أو يقوم بدور الدليل بأوامر من المالك , وهكذا عرفنا أو ترسخت في قناعتنا عبر أجيال أن الحمير هي التي تقود القوافل أينما سارت وحيثما كانت وجهتها .
ربما تكون هذه الصورة قد ذهبت بعيدا في الوجدان الشعبي حتى صارت موروثاً أصيلا ً يستحضرها اللاوعي عند أول منبه ليترجمها الوعي إلى صورة على امتداد مساحة الرؤيا فتتجسد مفاهيماً وممارسةً وسلوكاً قد يكون لاإرادياً في كثير من الأحيان وفي أحيان أخرى قد يكون إرادياً لأسباب عائدة لعقد نفسية مغروسة منذ بدء الوعي أو موروثة لافرق ؟؟ .
لقد انسحبت هذه الصورة على الكثير من المشاهد في واقعنا العربي واستمرت على أرض الواقع ولكن بأشكال وأساليب مختلفة وبالسلوك الإنساني لمجتمعاتنا وذلك بفعل أساليب السلطة أو النظام السياسي العربي . هذا النظام الذي قام بتشظية مجتمعاته إلى مذاهب مختلفة ووضع حواجزاً مختلفة بين الأطياف وقام بتقسيم هيكلية الدولة وتوزيع مفاصل السلطة وفقا لرؤيته ثم جاء بأشد مواليه
( موالاة عمياء ) بغض النظر عن إمكانية هؤلاء الموالين وقدرتهم على الإدارة وخدمة المجتمع فهذه ميزات غير مهمة مقارنة بالموالاة , وهذا أكثر من كاف لكي يبدو المشهد العام وكأنها عملية تقاسم للحصص والغنائم وأصبحت الدولة مجرد بقرة حلوب يتشاطر النظام ومواليه عملية شفط حليبها بالكامل في الوقت الذي تتشكل فيه طوابير طويلة من الجائعين بانتظار قطرة حليب ولكن دون جدوى.
لقد بدت الصورة واضحةً تماماً كما نعتقد فهؤلاء الموالين قد تم توزيعهم على مفاصل الدولة ليتحكموا فيها ويتولوا قيادتها في حين كان النظام يتربع على ظهور هؤلاء ( حمير القوافل ) .
إن استمرار هذا النمط ( الصورة ) قد راكم حقداً هائلاً لدى الجمال المشهورة أصلاً بحقدها الذي لو ترجمته عملياً لدمرت كل ماحولها بشكل لاقبل لأحد به خاصة إذا أصرت الحمير على عدم تبديل مواقعها وأصرت على التمسك بها
( ودرس العراق ليس ببعيد ) .
إن المصيبة الكبرى تكمن في أن ( حمير القوافل ) هذه تصر تماماً على التمسك بمواقعها لدرجة أنها أصبحت قادرة على التمرد على أوامر المالك ( النظام ) الذي سبق وحدد لها مواقعها مقنعة نفسها بأنها صاحبة الحق .
كل ذلك دون أن يفكر أي من الطرفين بقوافل الجمال التي وقفت تراقب هذه المهزلة وهي تتميز غيظا فالجميع كان يتحدث باسمها ويزعم العمل على خدمتها والسهر على راحتها في حين أن الواقع يؤكد أنها في آخر سلم اهتمامات هؤلاء وإنهم يقودونها على غير هدى . خاصة وان تاريخ حمير النظام هذه مليء بإضاعة الطريق والهدف على الرغم من أن هذه الصورة لم تعد ملائمة لروح العصر ومشاهده وإيقاعاته المتسارعة إلى حد الإذهال .
ألأكثر غرابة : هو أن المنطق يؤكد على أن الوعي سابق لأي تطور كونه هو الذي يتخيل ويرسم هذا التطور قبل أن يحوله إلى واقع ملموس , لكنه وبفضل حمير القوافل قد تم عكس هذا المنطق رأسا على عقب .
ففي ظل بؤر نظامنا السياسي العربي بكافة أشكالها ومسمياتها تعطلت حركة الوعي لدينا وصارت هي التي تلهث خلف التطورات وآلية العصر وتقنياته المختلفة من علوم ومعلوماتية ورقميات وبكافة مجالات الصناعة والعلوم بقصد تضييق الفجوة بيننا وبين روح العصر ومجتمعاته المتقدمة وما أفرزته من نظم وأساليب . لكن دون جدوى ., فاستناداً لمسير حمير القوافل وبطء استيعابها القاتل يصبح من المؤكد أن اللحاق بباقي المجتمعات المتطورة وتقصير المسافة الهائلة التي تفصلنا عنها يصبح أمراً مستحيلاً . وعلى الرغم من كل هذا الخراب الذي سببته لمجتمعاتها فإنها متشبثة بمواقعها حتى أنها أصبحت تتمرد على من وضعها في هذه المواقع كما أشرنا , في الوقت الذي لاتسمح فيه لسيدها أن يسمع سوى نهيقها وتسبيحها بحمده .



#خليل_صارم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حوار مع المجتمع : القرآن - العلم - العلمانية -6
- أبا لهب يدعي للإيمان ويكفر العلمانية..!!
- حوار مع المجتمع : القرآن - العلم - العلمانية - 5
- انتبهوا : كل الثيران أصبحت معدة للأكل
- التعصب الديني على حساب الوطن ..؟!!
- تقرير ميليتس واللعب على المكشوف
- حوار مع المجتمع : القرآن - العلم - العلمانية - 4
- قراءة متأنية لما أطلق عليه إعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقر ...
- على هامش محاكمة الديكتاتور
- حوار مع المجتمع -القرآن-العلم-العلمانية-3
- الديمقراطية والاصلاح السياسي في العالم العربي
- إما أن نتقن ثقافة الاختلاف لكي نبدأ بفهم الديمقراطية أو نجلس ...
- -2-حوار مع المجتمع-القران - العلم - العلمانية
- المعارضة : تناقضاتهاوتنويعاتها-2
- حوار مع المجتمع -القرآن -العلم-العلمانية-
- المعارضة : تناقضاتها وتنويعاتها - 1
- السيد الرئيس : هذا الشعب الذي اختارك بالاجماع ولأول مرة في ت ...
- المضمون في الكلام الغير مفهوم للثقافة والمثقفون .
- البيان الختامي
- لماذا سوريا أولاً-2


المزيد.....




- قائد الجيش الأمريكي في أوروبا: مناورات -الناتو- موجهة عمليا ...
- أوكرانيا منطقة منزوعة السلاح.. مستشار سابق في البنتاغون يتوق ...
- الولايات المتحدة تنفي إصابة أي سفن جراء هجوم الحوثيين في خلي ...
- موقع عبري: سجن عسكري إسرائيلي أرسل صورا للقبة الحديدية ومواق ...
- الرئاسة الفلسطينية تحمل الإدارة الأمريكية مسؤولية أي اقتحام ...
- السفير الروسي لدى واشنطن: وعود كييف بعدم استخدام صواريخ ATAC ...
- بعد جولة على الكورنيش.. ملك مصر السابق فؤاد الثاني يزور مقهى ...
- كوريا الشمالية: العقوبات الأمريكية تحولت إلى حبل المشنقة حول ...
- واشنطن تطالب إسرائيل بـ-إجابات- بشأن -المقابر الجماعية- في غ ...
- البيت الأبيض: يجب على الصين السماح ببيع تطبيق تيك توك


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - خليل صارم - الموالاة والمعارضة بين الواقع والموروث -1 -