أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - احمد عسيلي - لم أرتكب أي جريمة في باريس














المزيد.....

لم أرتكب أي جريمة في باريس


احمد عسيلي

الحوار المتمدن-العدد: 4985 - 2015 / 11 / 14 - 21:49
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ولدت عام 1981 ، بمعنى أني وعيت على العالم في جمهورية الرعب ، جمهورية أصبحت مطوبة بالكامل باسم عائلة الأسد ، سوريا الأسد .
عشت طفولتي و أنا حامل لصورة حافظ الأسد و مردد الأناشيد التي تمجده وتعظمه ، كنت أدرك منذ البداية أني انسان بلا قيمة ، و أن أي ابن ضابط أو مسؤول حكومي رفيع ، يستطيع محقي دون أن يهتز هذا العالم ، بل لن يهتز حتى الحي الذي أسكنه ، فالخوف و الجبن سمتنا جميعا .
أثناء دراستي بالثانوية ، تلقيت صفعة قوية على ظهري من مدرب العسكرية ، لأني لم أصفق بما فيه الكفاية لرمز الوطن ،
مشيت مئات الكيلومترات كالنعاج ، هاتفا باسم من أعاد لنا انسانيتنا ،
أمضيت دراستي كلها في مدارس كالسجون ، ألبس ثياب الجيش ، و أقص شعري كالجنود ، ألبس فقط الأحذية السوداء ، و لا مجال أبدا لمخالفة التعليمات العسكرية .
و حين بدأ الربيع العربيي ، حلمت أن أصبح انسانا كبقية البشر ، تأثرت كثيرا بصرخة ( انا انسان و مالي حيوان و هالناس كلها متلي ) فشاركت بشكل واعي أو غير واعي بالحراك السلمي ،
أمضيت سنة و نصف بعد الثورة في (الوطن ) سوريا ، لم أذق خلالها طعم النوم المريح ، كنت أخاف من كل مجند على الحاجز ، من كل طرقة باب ، من كل رنة هاتف من رقم لا أعرفه ،
كنت خائفا من الإعتقال ، من القذائف ، من المتفجرات ،
خائف من الموت تحت التعذيب ، أو الموت جوعا أو صعقا بالكهرباء ،
و حين تركت البلاد قاصدا مصر ، لم أكد أشعر ببعض الراحة في بلاد عرفت بحرية الإعلام نوعا ما ، حتى بدأت أحداث 30 يونيو ، و بدأ التضييق على السوريين ،
كنت خائفا من عدم تجديد إقامتي ، خائفا من رفض السفارة السورية تجديد جواز سفري ، خائفا من الإعتقال في بلاد لا يحكمها أي قانون ، و لا أي شريعة أو دستور ،
كنت خائفا من الحياة في مدينة قتل بها الطالب عمرو خلاف أمام جامعة الاسكندرية على مرأى و مسمع من الجميع ، و دون أي حساب ،
خائفا من كوني سوري لم أتقن يوما اللهجة المصرية رغم عشقي و محبتي لها ، فآثرت الصمت في كل التجمعات العامة .
و عندما فاقت الظروف طاقتي ، و أصبحت أعيش بلا أوراق إقامة و لا جواز سفر و لا أي مستقبل ، تركت البلاد مرة أخرى الى أرض الأنوار فرنسا .
فرنسا بلد الحريات و حقوق الانسان ، بلد الثقافة و الفنون .
لم تمض عدة أشهر على قدومي فرنسا حتى حدثت جريمة شارلي ايبدو ،
شخصيا لم أكن أعلم بوجود هذه الصحيفة أصلا ، لم أتابعها يوما و لم أكن أعلم حيثيات الجريمة ، لكنه الخوف مرة أخرى .
الخوف من عدم منحي الإقامة ، الخوف من الطرد ، الخوف من ردة فعل الناس ،
أعلم أن فرنسا ليست سوريا و ليست مصر ، ولن تقوم الدولة بردة فعل عشوائية كسوريا و مصر ، لكنه الخوف و الرعب الذي يشل كل تفكير .
لم أتلق في فرنسا إلا كل معاملة حسنة ، و لم أتأثر أبدا بجريمة شارلي ايبدو ، و كنت أشعر أنني انتهيت و الى الأبد من حقبة الخوف .
لكني الآن خائف من جديد .
خائف من أي تصرفات قد تطالني كسوري ، كأجنبي في بلد ليس لدي فيها
أي حماية أخرى الا الحماية التي تقدمها لي فرنسا .
لا مكان آخر أذهب إليه اذا ساءت معاملتي ، لا وطن لي أعود إليه مطمئنا ، لا أرض لي و لا بلد ممكن أن أجد فيها بعضا من الامان : الا فرنسا .
أنا لم أرتكب هذه الجريمة ، و لا أعرف من ارتبكها ، و أرفض أن ترتكب باسمي ، و سأرفض أن أتحمل أي وزر لها .
أنا لم أقتل يوما ، لم أسبب الاذى لأحد يوما .
عشت حياة كاملة بالخوف ، و أرفض أن أخاف مرة أخرى..... .
.
أعلم أني لست اسثتناء ، و أنا حالي كحال مئات الآلاف من السوريين و بقية الجنسيات التي تدفع ثمن فشلها الحضاري .
لكني شخصيا لن أخاف بعد اليوم .
طالما أنني أحترم الجميع و أقوم بكل واجباتي كإنسان و كطبيب ، فلن أخاف أبدا بعد اليوم في بلد الحريات فرنسا .
سأخلع عني قميص الخوف الذي اهترأ من طول فترة الإستعمال........
لا دخل لي في تفجيرات باريس ، و أنا مع محاكمة جميع من قام بالفعل ، جميع من فرح بالفعل ، جميع من يخطط للفعل.....
لكني لن أتعامل الى كفرد في بلد احترام الفرد.......لا دخل لي و لن أخاف بعد اليوم
لن أخاف
لن أخاف



#احمد_عسيلي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أوراقكم مكشوفة أيتها المؤسسات الدينية
- المثقفين السوريين و تحطيم تمثال ابراهيم هنانو
- أهلا بكم في جمهوريات الكلام
- التطرف أيضا من مقومات بناء الأمم
- الإعلام المصري : شر البلية ما يبكي
- سقوط الإعلام المصري : برنامج المستخبي نموذجا
- فيلم الفيل الأزرق : أخطاء طبية فادحة و معلومات مضللة
- للأسف يا سعد الدين ابراهيم
- لماذا اغتالوا سعادة ؟ قراءة في تاريخ لبنان الحديث
- أخطاء التمثيل في المعارضة السورية
- المجتمع السوري و التطرف
- الثورة : نشوة الجسد و التعري
- نحن جيل الهزيمة
- فيلم مترو : الوصول بالسينما إلى الحضيض
- فيلم الخروج للنهار أناقة السينما المصرية
- هيا بنا نلعب سياسة
- الذكاء السياسي لجبهة النصرة
- عشرة أعوام على الربيع الكردي السوري
- فيلم أسرار عائلية :حين تنتصر لغة الجهل
- الذكورة و الأنوثة : تاريخيا و انتروبولوجيا


المزيد.....




- هارفارد تنضم للجامعات الأميركية وطلابها ينصبون مخيما احتجاجي ...
- خليل الحية: بحر غزة وبرها فلسطيني خالص ونتنياهو سيلاقي في رف ...
- خبراء: سوريا قد تصبح ساحة مواجهة مباشرة بين إسرائيل وإيران
- الحرب في قطاع غزة عبأت الجهاديين في الغرب
- قصة انكسار -مخلب النسر- الأمريكي في إيران!
- بلينكن يخوض سباق حواجز في الصين
- خبيرة تغذية تحدد الطعام المثالي لإنقاص الوزن
- أكثر هروب منحوس على الإطلاق.. مفاجأة بانتظار سجناء فروا عبر ...
- وسائل إعلام: تركيا ستستخدم الذكاء الاصطناعي في مكافحة التجسس ...
- قتلى وجرحى بقصف إسرائيلي على مناطق متفرقة في غزة (فيديو)


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - احمد عسيلي - لم أرتكب أي جريمة في باريس