أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - احمد عسيلي - لماذا اغتالوا سعادة ؟ قراءة في تاريخ لبنان الحديث















المزيد.....

لماذا اغتالوا سعادة ؟ قراءة في تاريخ لبنان الحديث


احمد عسيلي

الحوار المتمدن-العدد: 4508 - 2014 / 7 / 10 - 22:40
المحور: الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
    


في 8 تموز /يوليو ، و منذ 65 عاما ، أطلقت رصاصة الرحمة في رأس مؤسس الحزب السوري القومي الإجتماعي ، و ذلك بعد محاكمة صورية هزلية . و قد ظن ساسة المنطقة أنذاك أنهم باغتيال سعادة قد اغتالوا فكره تماما ، و أنها مجرد أشهر و ستطوى صفحة الحزب السوري كما طويت صفحات العديد من الأحزاب الأخرى ، سواء التي أسست في (لبنان الكبير !!! ) أو الشام ، لكن أثبتت الأيام أن سعادة لم يكن حالة طارئة أو مجرد موضة فكرية اكتسحت المشهد السياسي كما توقعوا ، بل هو حالة متجزرة و أصيلة في التراب السوري . و من أجل القضاء على هذا السياسي ، تضافرت جهود كل من قادة (لبنان الكبير ) مع المخابرات السورية أنذاك ، و بعض المخابرات الخليجية و المصرية ، بالإضافة الى قيام السعودية بتقديم مبلغ 6 ملايين دولار الى الرئيس السوري حسني الزعيم مقابل تسليم الزعيم أنطون سعادة ، فلماذا سعت كل تلك الأجهزة و القادة للقضاء على سعادة ؟؟
الجواب بمنتهى البساطة هو الواقع الحالي التي تمر بها الأمة السورية !
و للتوضيح أكثر أرجو من القارئ التمهل ، و المضي معي في هذه الرحلة عبر تاريخ لبنان الحديث ، و الذي كان سببا في إيصال حال الأمة السورية إلى الواقع الذي تعيشه الآن .
-2-
تأسس لبنان أولا بمساعي البطريركية المارونية ، كي يصبح وطنا للمسيحيين في الشرق ، و كان يضم أولا جبل لبنان فقط ، و للسخرية كان يطلق على هذه المساحة الجغرافية ، و التي لا تزيد عن 5 الاف كيلو كتر مربع ب (لبنان الكبير ) ، لكن أضيف لها لاحقا بعض الأجزاء من الساحل السوري ، والمتمثلة في طرابلس و بيروت و الجنوب ، من أجل صنع إطلالة بحرية لهذه الدولة الكبيرة ، لكن و مع تأسيس هذه الدولة اكتشف اللبنانيون أنهم ضموا إليهم عدد أكبر مما يتخيلون من المسلمين ، سنة و شيعة ، و درج الغربيون و اللبنايون على وصف الدولة الوليدة ب (اللبنان أكبر مما يجب ) ، فالفارق العددي بين المسيحيين و المسلين كان ضئيلا جدا ( 402 الف مسيحي مقابل 370 الف مسلم )
هل كان هذا الخطأ في صناعة لبنان خطأ غربي غير مقصود ؟؟
و مع تولي كميل شمعون زمام الرئاسة ، بدأ باضطهاد المسلمين ، و الدخول في أحلاف غربية استفزازية للمزاج المسلم السائد أنذاك ، و الذي يحمل فكرا قوميا عربيا و معاديا للغرب ، ونتج عن الضغط الشمعوني على المسليمن أول حرب أهلية في تاريخ الجمهورية الوليدة عام 1958 ، انتهت بوصول فؤاد شهاب إلى السلطة ،و الذي حاول استمالة المسلمين و إدماجهم في الدولة ، و بدأ النفوذ المسيحي بالتراجع التدريجي ، و بزيادة النفوذ الإسلامي ، لتمر لبنان بحرب أهلية ثانية انتهت بنزع معظم صلاحيات الرئيس الماروني و تسليمها إلى رئيس الوزراء السني ، أو المجلس مجتمعا كما نصت وثيقة الطائف ، و هكذا يكون اتفاق الطائف قد أعلن وفاة لبنان كوطن للمسيحيين ، و ولادة لبنان القائم على أسس التعايش أو المناصفة الطائفية ، و ذلك بعد 46 عام من استلام كميل شمعون ، المسيحي المتعصب و الدكتاتوري لمنصب الرئاسة .
لكن تحت القشرة الخارجية تلك ، كانت هناك نوايا أخرى و مستقبل مختلف للبنان ، فالجيش السوري بقيادة حافظ الأسد ، و بعد منحه لبنان كهدية لتعاونه مع الولايات المتحدة في حرب الخليج الثانية ، أصبح مسيطرا على زمام الأمور في لبنان ، و يرتبط الرئيس السوري بعلاقات وثيقة جدا و استراتيجية مع قيادة إيرانية جديدة ولدت أثناء الحرب الإهلية اللبنانية ، و تسعى هذه القيادة لإنشاء هلال شيعي في المنطقة ، ومن خلال النفوذ السوري بدأت إيران بالتغلغل في الحياة السياسية اللبنانية ، و بموافقة الحليف السوري ، جرد الجميع من السلاح باسثناء حليفها الشيعي الرابض على الجنوب اللبناني ، و لأن السلاح و القوة هي التي تقرر موازين القوى في لبنان ، في ظل انعدام مركزية الدولة ، فقد أصبح القرار السياسي بيد حزب الله حليف إيران ، و هكذا طويت أيضا صفحة التفاهم السني الماروني بين رئاسة الوزراء و الرئاسة ، لتصبح الخيوط كلها في (لبنان الكبير ) بيد سلطة الظل ، أي حزب الله الشيعي .
فماذا بقي من لبنان ؟؟
بالتأكيد ما سطرته في الأعلى و بشكل موجز جدا ، لم يكن بالأمر الهين أو الإنتقال السلس، فانزياح السلطة اعتبارا من كميل شمعون المسيحي المتعصب و الدكتاتوري ، لتنتهي في يد حسن نصر الله المسلم الشيعي المتعصب كسلطة ظل و أمر واقع ، كلف لبنان عشرات الألولف من الشهداء ، و حربين أهليتين ، و احتلالين ،اسرائيلي في 1982 ، و ميليشوي من قبل حزب الله في 7 ايار 2008 .
بالإضافة الى بقاء لبنان ، و لاحقا سوريا ، ميدانا لصراع القوى الإقليمية و الدولية ، و بالتالي إنهاء الحالة السورية ، المنافس الحضاري للوجود الاسرائيلي .
لكن ما علاقة كل ذلك باغتيال سعادة ؟؟
العلاقة يا سادتي أن كل ما حدث في لبنان منذ أكثر من نصف قرن ، و ما يحدث الآن في الشام ، كان نتيجة لأمر واحد ، و هو سيطرة العقلية الطائفية و أمراء الحرب الممثلين لطوائفهم على المشهد السياسي في كل دول الكيان السوري ، فلم يأت أبدا رئيس سلطة بصفته المواطنية ، أو ممثلا لمشروع وطني أبدا ، بل جاء كل الحكام بصفة مذهبية فقط ، و اعتمدوا في حكمهم على الطائفة فقط ، بل إن جهاز الحكم في سوريا كلها سواء الوزراء ، أو المديرين العامين ، بل حتى مديري الأقسام و الفروع ، جاؤوا بصفة مذهبية ، و دينية فقط ، و هذا الأسلوب في الحكم يناسب القوى الإقليمية و الدولية ،لأنه يترك في البلاد أحقاد و فراغات يستطيع من أراد الدخول من خلالها و زعزعة الإستقرار ،
و هذا ما أدركه سعادة منذ البداية ، و حاول تأسيس دولة بمعنى الكلمة ، قائمة على أسس المواطنة و المواطنة فقط ، فاستلهم ماضي الأمة و درسه ، و حلله جيدا ، للخروج بالفكر القومي الاجتماعي ( و ليس الفكر القومي ) كأسلوب عمل مضاد لاسلوب العمل الطائفي ،
و قد تميز سعادة بعدة صفات فريدة ، نادرا ما تجتمع في شخص واحد ، هذه الصفات هي :
1- مفكر موسوعي استطاع قراءة تاريخ الشعوب كلها ، كما قرأ تاريخ المنطقة وواقعها ، هذه القراءة بالإضافة الى الذكاء الفطري ، جعلته يكتشف نقاط ضعف الأمة ، و يكتشف ما يفكر به أمراء حرب المنطقة ،مما دفعه للقيام بمشروع مضاد يحمي به أمته
2- قائد كاريزمي ، و هو ما يميزه عن بقية المفكرين العظام ، فمعظم المفكرين كانوا متفرغين لشؤون الفكر ، و عاجزين عن الحشد و الخطابة و القيادة ، و هو ما توفر في شخص سعادة
3- غير مرتبط بقوى دولية ، و لا طائفية محلية ، و هذا ما ميزه عن المشروع الشيوعي مثلا ، و الذي حمل فكر لاطائفيا ، لكنه مرتبط بالإتحاد السوفييتي ، و بالسياسة السوفييتة ، و أيضا ميزه عن فكر الحزب التقدمي الاشتراكي ، و شخصية كمال جنبلاط ، و التي تمثل الحامل السياسي للطائفة الدرزية ، رغم اسم التقدمي ، و رغم المشروع اللاطائفي ، و محاولة جنبلاط الزج بالعديد من شخصيات الطوائف الأخرى في الحزب ، لكنه بالنهاية حزب طائفي بمشروع طائفي
4- سرعة انتشار الحزب ، و اكتساحه للمشهد السياسي اللبناني و السوري معا ، فخلال مدة قصيرة من وصول سعادة من مغتربه ، استطاع تشكيل قوة سياسية و قاعدة شعبية صدمت السياسيين و الحكام في سوريا و المنطقة كلها ، و جعلتهم يستشعرون مدى التهديد الذي يشكله الفكر القومي الاجتماعي على لبنان وسوريا التي يرغبون بها ، و جعلتهم يدركون أنه باكتمال مشروع القومية الإجتماعية ستسد كل الفراغات التي يستطيعون من خلالها النفاذ الى الجسد السوري .
لذلك اغتالوا سعادة ، و لذلك مازلنا ندفع الى الآن ثمن الطائفية المنتشرة في منطقتنا ، و ليس لنا طريق للخلاص إلا من خلال سد الفراغات الطائفية ، و إحكام العقل ، من أجل بناء مشروع مواطنة حقيقية ، و الإدراك العميق أن كل فتنة أو اقتتال طائفي ، يحمل بذور الخراب للجميع ، لنا و لشركاؤنا في الوطن .
فهل نتعلم من دروس الماضي ؟؟؟



#احمد_عسيلي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أخطاء التمثيل في المعارضة السورية
- المجتمع السوري و التطرف
- الثورة : نشوة الجسد و التعري
- نحن جيل الهزيمة
- فيلم مترو : الوصول بالسينما إلى الحضيض
- فيلم الخروج للنهار أناقة السينما المصرية
- هيا بنا نلعب سياسة
- الذكاء السياسي لجبهة النصرة
- عشرة أعوام على الربيع الكردي السوري
- فيلم أسرار عائلية :حين تنتصر لغة الجهل
- الذكورة و الأنوثة : تاريخيا و انتروبولوجيا
- مفاهيم اساسية حول الهوية الجنسية و الجندر
- هلوسات في الجنس
- الدلائل الفضائحية لمؤتمر جنيف
- الامة السورية بين الفكر و الحزب
- بين خالد سعيد و رابعة العدوية
- لكننا لم نعد اطفالا
- ظاهرة الامام الصدر
- الجنس في رواية ساق البامبو
- الاسرائيليون و نحن........


المزيد.....




- قول في الثقافة والمثقف
- النسخة الإليكترونية من جريدة النهج الديمقراطي العدد 550
- بيان اللجنة المركزية لحزب النهج الديمقراطي العمالي
- نظرة مختلفة للشيوعية: حديث مع الخبير الاقتصادي الياباني سايت ...
- هكذا علقت الفصائل الفلسطينية في لبنان على مهاجمة إيران إسرائ ...
- طريق الشعب.. تحديات جمة.. والحل بالتخلي عن المحاصصة
- عز الدين أباسيدي// معركة الفلاحين -منطقة صفرو-الواثة: انقلاب ...
- النيجر: آلاف المتظاهرين يخرجون إلى شوارع نيامي للمطالبة برحي ...
- تيسير خالد : قرية المغير شاهد على وحشية وبربرية ميليشيات بن ...
- على طريقة البوعزيزي.. وفاة شاب تونسي في القيروان


المزيد.....

- سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول / ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
- سلام عادل -سیرة مناضل- / ثمینة یوسف
- سلام عادل- سيرة مناضل / ثمينة ناجي يوسف
- قناديل مندائية / فائز الحيدر
- قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني / خالد حسين سلطان
- الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين ... / نعيم ناصر
- حياة شرارة الثائرة الصامتة / خالد حسين سلطان
- ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري ... / خالد حسين سلطان
- قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول / خالد حسين سلطان
- نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - احمد عسيلي - لماذا اغتالوا سعادة ؟ قراءة في تاريخ لبنان الحديث