|
أخطاء التمثيل في المعارضة السورية
احمد عسيلي
الحوار المتمدن-العدد: 4502 - 2014 / 7 / 4 - 19:45
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
طرحت مرة كاتبة أمريكية معنية بحقوق الإنسان الفرضية التالية : مالذي سوف يحدث يا ترى لو أن مواطنا أمريكيا سمع بكارثة كفيضان أو حريق شب في الصين أو الهند ؟؟ بالتأكيد هذا المواطن الأمريكي ، لو كان يمتلك حسا انسانيا مرهفا ، سيتألم كثيرا ، و يقول كل عبارات التعاطف ، و ربما سيصلي من أجلهم ، ثم سيذهب إلى فراشه و ينام كالمعتاد . لكن بالتأكيد أثر الخبر هذا سيكون أقل وطأة من ألم شوكة دخلت في إصبع قدمه ، و التي ربما ستحرمه النوم الليل بأكمله .... هذا المثال ، هو دوران أو شرح للمثل الشعبي المعروف ( اللي بيعد العصي مو متل اللي بينضرب فيهم ) ، لذلك فإن أحد التيارات الإسلامية الأكثر نجاحا في الحروب ، و الأشد بأسا ، و هو تيار السلفية الجهادية ،لا يخول لأي انسان يسكن في مكان آمن و بعيد عن الحدث أن يتخذ القرار السياسي ، بل يجب أن يكون القائد السياسي قائد ميداني أيضا . و هذا أيضا حال النظام السوري ، فكل قادة النظام السوري موجودين في دمشق أو حتى طرطوس و اللاذقية ، سواء الوزراء ، أو المحافظين ، أو حتى قائد النظام ، الذي يحرص دائما و بشكل مستميت ، ليثبت لمؤيديه أنه داخل البلاد و داخل العاصمة تحديدا ، و قد تفاخر بشار الأسد في خطاب دار الأوبرا أنه واحد من الشعب لأنه فقد أحد أقاربه ، و يقصد بذلك صهره آصف شوكة !!! فمن يتخذ القرار السياسي في المعارضة السورية ؟؟؟ ربما نتفهم في بداية الثورة أن يكون جزء من المعارضة خارج البلاد ، و هي معارضة إعلامية بكل حال و ليست جزء من الثورة ، و التي قامت على أكتاف المتظاهرين ، و و إن كان يحسب للمعارضين وقوفهم الإعلامي إلى جانب ثورة شعبهم . لكن الأمور تشابكت لاحقا ، و أصبحت دون أي ضوابط ، فغدت عبئ ثقيل على الثورة ، و أصبحنا بحاجة لنضع شروط التمثيل السياسي . فالإئتلاف الوطني أصبح جسما سياسيا له صفة رسمية ، و له ميزانية و اعتراف دولي ، و دخل مفاوضات ذات طابع دولي ، و ربما كان سيوقع على معاهدات رسمية ، و بالتالي أصبح علينا أن نضع شروط و صفات محددة في الشخص المخول باتخاذ قرار مصيري :أولها و أكثرها بداهة وجود مصلحة حقيقة لهؤلاء الممثلين في نجاح الثورة السورية ، أي ارتباط مصيرهم الشخصي بمصير الثورة ، و إلا على هذه القرارات السلام . لا نطلب من هذا الممثل الدخول إلى المناطق المحررة ، لأن المعالم القانونية و الأمنية لم تتحدد بعد في هذه المناطق ، لكن أقل الشروط ألا يكون الممثل هذا حاصلا على جنسية أجنبية أو يسعى للحصول عليها ، لأنه هنا يحدث افتراق بين المصير الشخصي ، و مصير البلاد ، و بالتالي لم يعد هذا الشخص صالحا لقيادة بلاد لا تعنيه كثيرا ، فديغول قاد معارك فرنسا الحرة و هو متواجد في لندن ،لكن بالتأكيد لم يسعى ديغول للجنسية الانكليزية و لم يفكر بها ، و كل الدول في العالم تضع شرط أحادية الجنسية على كل المسؤولين المنوط بهم اتخاذ قرارات صعبة ، فلماذا تتساهل المعارضة في هذا الشرط لدرجة ان يتولى منصب رئيس الحكومة السابق مواطن أمريكي و يسافر حاملا جواز سفره هذا ؟؟ و مناسبة كلامي هذا ، هي حالة التسيب الكبيرة و الإستهتار بهذه المعايير في اختيار الأشخاص الممثلين للحراك السياسي في البلاد ، ليصبح هؤلاء الناس بالإضافة إلى وحشية النظام ، أحد أسباب الدمار السوري. فما معنى أن يصبح انسان حاصل على الجنسية الأوربية ، و لم يزر البلاد منذ عشرات السنين ،بل ربما أصبح مرتبطا ببلده الأوربي أكثر من بلده الأصلي ، نتجية تراكم الذكريات و العلاقات الشخصية و العامة ، ما معنى أن يخول هذا الإنسان اتخاذ قرارات مصيرية بحق وطنا و شعبا أصبح من الماضي ؟؟ حتى الأشخاص الذين يعملون على اكتساب بقية الجنسيات ، هم بأحد الأشكال أصبحوا بعيدين عن الهم اليومي لمجموعة أناس يعانون يوميا جراء انغلاق أفق الحل ، و هنا أرجوا أن يكون قصدي وضاحا ، فأنا لا أقلل من وطنية من اكتسب أو يسعى لاكتساب جنسية أخرى ، لكن الواقع يقول أنه بعيد عن معاناة من بقي بالبلاد ، و بالتالي لن يشعر بوطأة الظروف التي تخوله اتخاذ قرار ، و الذي يمكن أن يكون فيه الشيئ الكثير من التنازل أو التضحية ، و يمكن لهذا الإنسان أن يساعد شعبه بالطريقة التي يراها مناسبة ، لكن ليس في اتخاذ القرارات عنه . لذلك أعتقد أن بنية الإئتلاف و جميع أجهزة المعارضة السورية ، إن لم تتحقق بها شروط التمثيل الحقيقية و المتعارف فيها في دول العالم أجمع ، فإن الفساد سيبقى مستشريا في هذه الأجهزة و ستبقى مجرد عبئ إضافي على ثورة و على شعب لا ينقصهما المزيد من الأعباء
#احمد_عسيلي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المجتمع السوري و التطرف
-
الثورة : نشوة الجسد و التعري
-
نحن جيل الهزيمة
-
فيلم مترو : الوصول بالسينما إلى الحضيض
-
فيلم الخروج للنهار أناقة السينما المصرية
-
هيا بنا نلعب سياسة
-
الذكاء السياسي لجبهة النصرة
-
عشرة أعوام على الربيع الكردي السوري
-
فيلم أسرار عائلية :حين تنتصر لغة الجهل
-
الذكورة و الأنوثة : تاريخيا و انتروبولوجيا
-
مفاهيم اساسية حول الهوية الجنسية و الجندر
-
هلوسات في الجنس
-
الدلائل الفضائحية لمؤتمر جنيف
-
الامة السورية بين الفكر و الحزب
-
بين خالد سعيد و رابعة العدوية
-
لكننا لم نعد اطفالا
-
ظاهرة الامام الصدر
-
الجنس في رواية ساق البامبو
-
الاسرائيليون و نحن........
-
بين معركة أحد و 25 يناير
المزيد.....
-
بايدن يرد على سؤال حول عزمه إجراء مناظرة مع ترامب قبل انتخاب
...
-
نذر حرب ووعيد لأمريكا وإسرائيل.. شاهد ما رصده فريق CNN في شو
...
-
ليتوانيا تدعو حلفاء أوكرانيا إلى الاستعداد: حزمة المساعدات ا
...
-
الشرطة تفصل بين مظاهرة طلابية مؤيدة للفلسطينيين وأخرى لإسرائ
...
-
أوكرانيا - دعم عسكري غربي جديد وروسيا تستهدف شبكة القطارات
-
-لا استطيع التنفس-.. لقطات تظهر لحظة وفاة رجل من أصول إفريقي
...
-
الشرطة تعتقل حاخامات إسرائيليين وأمريكيين طالبوا بوقف إطلاق
...
-
وزير الدفاع الأمريكي يؤكد تخصيص ستة مليارات دولار لأسلحة جدي
...
-
السفير الروسي يعتبر الاتهامات البريطانية بتورط روسيا في أعما
...
-
وزير الدفاع الأمريكي: تحسن وضع قوات كييف يحتاج وقتا بعد المس
...
المزيد.....
-
في يوم العمَّال العالمي!
/ ادم عربي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|