|
متى تثور الشعوب ؟
شريف الغرينى
الحوار المتمدن-العدد: 4984 - 2015 / 11 / 13 - 20:26
المحور:
الثورات والانتفاضات الجماهيرية
لتصنع حريقا لابد من حطب جاف وشرارة ؛ تلك هى النظرية التى قامت عليها ثورات ما عرف جهلا بالربيع العربى ، من تونس إلى القاهرة إلى سوريا واليمن وليبيا ، أصبح لكل ثورة تاريخا يحتفلون فيه كل عام بمحاولة ساذجة لإعادة إنتاج الثورة وخاصة فى القاهرة التى تشتعل اليوم وتموج بحرب شعواء يشنها الإعلام على الدولة محاولا خنقها ومحاصرتها بكل أعمدتها وأركانها، بهدف إثارة الشعب وتجفيفه وتحميصه انتظارا للحظة إطلاق الشرارة التى بها تتم صناعة ثورة ثالثة مزعومة ، مستخدمين تلك لتقنية التى أصبحت معروفة وهى : النيل من أى إنجاز يرضى الناس بتسطيحة مهما كان عميقا والتقليل من شأنه مهما كان عظيما ومن ناحية أخرى تعظيم السلبيات الطبيعية وتحويلها إلى كبيرة من الكبائر الموجبة للثورة والإستمرار فى ذلك من أجل رسم صورة ذهنية سلبية عن الحكومة واتهامها بالفشل والتقصير واستثمار الأحداث المحلية والعالمية للتأكيد على ذلك. دفعنى حرج الظروف ودقتها إلى للبحث بعيدا لمعرفة الحقيقة فالإبتعاد عن الصورة أحيانا يزيدها وضوحا ، واتساقا مع هذه الفكرة وذلك المنطق قضيت وقتا ليس بالقصير أبحث فى أوضاع دول العالم شرقا وغربا متقصيا أسباب استقرارها و محركات ثوراتها محاولا الوقوف على إجابة لسؤال متى يثور الناس والحقيقة أن المقال لا يتسع لنشر دراسة كاملة عن العالم بدوله الكثيرة لكن من الممكن عرض النتائج ولكن للتوضيح دعونا نعرض الدعاوى التى يسوقها إعلام مصرالفذ الذى نجهل جميعا مصادر تمويله.. الإعلام وأبواقه ومنابرة وأكشاكه تتحدث باستمرار لغة واحدة بلا إبداع، إما بتوريات أوبصورة مباشرة عن فساد رسمى وعن تكميم أفواه وقمع الحريات وإهمال وتتحدث أيضا عن أزمات متعددة وترصد وتكبر الظواهر الإجتماعية السلبية المتراكمة عبر عقود وتنسبها للدولة الوليدة وتشكو من ضعف فى مستوى الأمن وارتفاع مستوى البغاء وتجارة الجنس والمخدرات و فساد الحكام وتسلط الدولة وعدم نزاهة القضاء وتتحدث باسم الفقراء وتستحثهم على الثورة وتداعب ألامهم باستمرار،إضافة إلى أنه لا مانع دائما من استثمارأى حادث عارض قد يؤدى إلى إثارة الناس وتقسيم جبهتهم مع الإحتفاظ دائما لأنفسهم بفرض وجهة النظر متمترسين بقوة الحرية والحقوقية وما إلى ذلك من قيم ظاهرها الجمال وباطنها التدليس ، هذا وقد أنتهيت من دراستى إلى الأتى : جميع دول العالم بها فقر وفساد حكومى بنسب مختلفة وبها بغاء وعهر وتجارة مخدرات بها قوانين استثنائية وأزمات اقتصادية وتهديدات أمنية مباشرة لكل مواطن وبمقارنة تلك الظواهر ومعاملاتها فى العالم وجدت أن مصر بحالها اليوم تعد فى مرتبة افضل من دول كثيرة مستقرة تماما ولا يوجد لديهم من يدعو إلى أى ربيع أو خريف فى غير أوانه مرتضين بالفصول الطبيعية برغم كل ما يعتمل فى باطنها من مشاكل واضحة معلنة غير مستترة ومع ذلك ظل السؤال يطاردنى : متى يثور هؤلاء ومتى يثور الشعب فى مصر على الحكومة الحالية؟ بعد تفكير وجدت أن المشكلة الحقيقة ليست فى وجود الفساد والإهمال أو أى سلبيات أحرى، فالناس تعلمت منذ الأزل أنه لا وجود للمدينة الفاضلة وأن الشيطان كان يسكن الجنة ، المشكلة فى (أن يكتسب الفساد مشروعية وحماية مباشرة من الدولة، فالناس تصاب باليأس عندما ترعى الدولة ومؤسساتها فسادا أيا كان أوتحض على الجريمة أوتشارك فيها أو أن تعلوا وتتغول سلطاتها لتطغى بها على الشعب ) هنالك فقط تقوم الثورة بلا حث أو حض وبصورة طبيعية بدون كل ذلك النضال الإعلامى بعد أن يجف الأمل فى العروق يصبح الشعب حطبا جافا ينتظر أول شرارة ليشتعل فيخرجون ولا يعودون لمنازلهم إلا وقد انتهت الدولة الفاسدة ، فالعرب قديما كانوا يقولون: اذا فسدت العين فسدت سواقيها أما إذا كان الفساد موجودا و مستشريا والحكومة تتعامل معه وفقا للقانون، وإذا كان الإهمال على كثرته غير مقبول والحكومة تصدر القوانين وتضع المحاذير والنظم لمحاربته، وإذا كانت الحكومة تسعى لإنهاء الأزمات وتسابق الزمن لإرضاء المواطنين ولا تطغى عليهم ولا تتعالى برغم كل ما يمارس عليها من ضغوط داخلية وخارجية فإن الثورة تصبح (عملا مستحيلا) مهما دعى لها إعلام غير وطنى كالإعلام المصرى ومهما استفاضوا وتنادوا فى وصف الظواهر السلبية وتكبيرها، لن يثور الناس لأن الناس برغم المشاكل مازال لديهم أملا ومازالوا فى مصر بالذات يثقون فى أن القيادة الشرعية التى اختاروها قبل أن يصوتوا لها تعمل، وأن الإرث ثقيل جدا وأن الثورة وإسقاط الدولة فى يناير 2011 تجربة لم تكن بالسهولة ولا بالروعة التى تغرى بتكرارها
#شريف_الغرينى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مذكرة فقد
-
ثورة ضد مجهول
-
الشعبى بين المعنى والمدلول
-
فانتازيا
-
عالق فى منتصف حلم
-
إنترفيرون (قصص قصيرة)
-
من أجل رفع العزلة بين الكاتب والقارىء
-
الربيع الفرانشيزينج
-
عبادة الأصنام فى مصر..!
-
جهل المعرفة ومعرفة الجهل
-
عفوا ..القرار ليس مؤقتا
-
صانع التويتات وتابعه ...
-
لو كنت ببلاويا !!
-
الباطل الشرعى
-
لماذا انسحب المشير بهدوء
-
غباء يبعث على الأمل
-
مصر بين الماضى والماضى السحيق
-
رسالة من الشاعر سامح محجوب
-
تاريخ الأخونة قبل أخونة التاريخ
-
غرناطة جديدة
المزيد.....
-
الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي (إ.م.ش) تدعو للمشاركة الوازنة
...
-
النسخة الإليكترونية من جريدة النهج الديمقراطي العدد 576
-
فريق حزب التقدم والاشتراكية بمجلس النواب يُطالب الحكومة بتقد
...
-
السيد الحوثي: بقية الفصائل الفلسطينية المجاهدة في غزة تواصل
...
-
هل تسعى تركيا إلى إنهاء الصراع مع حزب العمال الكردستاني؟
-
تركيا.. اعتقال رئيس بلدية -أسنيورت- بتهمة الانتماء لحزب العم
...
-
العدد 577 من جريدة النهج الديمقراطي بالأكشاك
-
الجبهة الديمقراطية تراسل الاحزاب السياسية والبرلمانات العالم
...
-
المكتب السياسي لحزب النهج الديمقراطي العمالي يدين بشدة وصف ا
...
-
بلاغ صحفي حول اجتماع المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية
...
المزيد.....
-
ثورة تشرين
/ مظاهر ريسان
-
كراسات شيوعية (إيطاليا،سبتمبر 1920: وإحتلال المصانع) دائرة ل
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي
/ الحزب الشيوعي السوداني
-
كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها
/ تاج السر عثمان
-
غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا
...
/ علي أسعد وطفة
-
يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي
/ محمد دوير
-
احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها
/ فارس كمال نظمي و مازن حاتم
-
أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة-
/ دلير زنكنة
-
ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت
...
/ سعيد العليمى
-
عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|