|
ليس حبا ببوتين و انما لوجود ندٍ لامريكا
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 4981 - 2015 / 11 / 10 - 20:43
المحور:
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
ينتقد الكثيرون توجهات بوتين السياسية الجديدة و خطواته على الارض و سلوكه ازاء ما يحدث في العالم بشكل عام و ما ينتهجه في منطقة الشرق الاوسط الذي ربما يقع بالضد من اهداف الشعوب، و ان كان في نظر العديد من المتابعين من الضرورات التي تعيد التوازن الى نصابها . ان ما كان يهدفه النظام السوري من استقدام بوتين لتقوية موقعه في توازن القوى داخل البلد، و هكذا وقع بعدما احس الجميع ان سقوط الاسد بات من الصعوبة اعتقاده بعد القفزة في المعادلات الجارية في سوريا منذ حضور روسيا بالقوة، و ان كانت النتائج سوف تقع للصالح العام كما يعتقد الاخرون . اصبح انتقاد السيد بوتين على كل لسان من اليمين واليسار من المقفين قبل السياسيين، و في المقابل نرى تشجيعا او تلهفا من بعض الاخرين لعودة صراع القطبين لوضح حد لمغامرات و جشع امريكا و لوقفها عند حدها بشكل يمكن ان تستفيد البلدان الفقيرة بوجه الخصوص . هناك تناقضات كبيرة في تقييم حتى الخبراء من اهل السياسة المحنكين و من ارباب الجيل الذهبي كما يعتقد البعض، اذ يدعي الكثيرون منهم ان الطريق الى ايجاد ند لامريكا و الوقوف امام طمعها و تهورها لن تمر عبر العودة الى الحرب الباردة و لا سباق التسلح و لا التسلط على سوريا او اوكرانيا و لا ضم اقليم القرم اوكما يعتبر البعض احتلاله بشكل غير مباشر عبر استفتاء مشكوك فيه نتيجة اجراءها في ظل ثقل و سطوة روسيا كما يعتقدون . و يعتقد المراقبون انه من الاحرى على روسيا العمل على انتعاش و ارتفاع مستوى اقتصادها من اجل رفع مستوى دخل الفرد الروسي ليتساوى مع المواطن الامريكي على الاقل، لانها بحاجة الى ذلك و لها من الاسلحة لتمكنها من الدفاع عن نفسها و ليس بحاجة الى سباق اخر للتسلح و الاهتما بتطويرها اكثر من الموجود حاليا في هذه المرحلة على الاقل . و من الاجدر بها الاهتمام بالتقدم العلمي و بناء علاقات دبلوماسية متوزانة مع دول العالم من اجل اعادة الهيبة بصورة تلقائية و طبيعية اليها و هي التي تمتلك من الامكانيات و العلماء و المؤهلات و الثروات الطبيعية التي تدعمها في تحقيق اهدافها الكبيرة، اي من الواجب ان تبدا من الداخل و ان تكون الاولوية خدمة المواطن الروسي، و منه اعادة المكانة الى الدولة و ليس من خلال مغامرات بوتين و حركاته البهلوانية . و في المقابل هناك من يقف ضد هذه التوجهات بالكامل، و يعتقد بان الوضع العالمي القائم الان يحتاج لمن يقدر على ايقاف امريكا عند حدها، ليعيد التوازن العالمي الى ماكانت عليه من اجل التنافس الحر الذي يقع لصالح الشعوب، و لكن باليات و توجهات عصرية من اجل ان لا تقع التنافسات و الصراعات ضد مصلحة الشعوب و امنياتها . فبراي المؤيدين، ان جشع امريكا خلال هذه السنين اثبت بانها لا يمكن ان تقف عند حد و لا تضع امامها مصلحة اي شعب طالما كان النظام الراسمالي هو ما يفرض هذه التحركات و التوجهات، و هذا النظام مبني على هذه التناقضات المتواجدة في جوهره و فلسفته و منهجه . و كما يعتقد المنتقدون لامريكا، انها لا يمكن ان تقف امام المتشدق بامور مضرة بالبلدان الا قوة مستقدمة قوية لها هيبتها و تاريخها، و تصرخ بان هناك حدودا لكل سلوك يمكن ان تتمدد ضد المصالح العليا لشعوب العالم، و يرونها موجودة في سلوك و توجهات و سياسات السيد بوتين و شجاعته و تعامله مع امريكا و هو ضد نهجها التوسعي . و عليه، اننا بما ناخذ على الامور من منظورنا اليساري العالِم بخفايا الراسمالية و ما يهمها بعيدا عن العاطفة و الخلفيات الضيقة و انما بدافع ما يهم الانسانية في النهاية، نعتقد بان امريكا لن تقف مكتوفة الايدي ازاء اي تحرك روسي و بقدر امكانياتها و قدرتها على الرد لكل ما يمس استراتيجيتها، و عليه تتعقد الامور، و لكن لا يمكن ان نتوقع انها قادرة على خلق غير الممكن من مثيل السيطرة على اي منطقة تشتهي ، و فشلها في العراق خير دليل على مدى امكانياتها، و ان القوة العسكرية ليست كل شيء في فرض المراد لدى اي كان . و ان انتقدنا سلوك السيد بوتين كما يفعل الاخرون، الا اننا نعتقد ان العالم بحاجة الى مثل هذه التوجهات من اجل الوقوف بوجه امركيا في النهاية، و ان كانت على حساب اطراف قد تخسر من الاحتكاكت و ما تتطلبع المعادلات و التفاعلات التي تُبرز بدورها ما يهم و يمس المنطقة بشكل خاص و العالم بشكل عام . اي، وجود قوة مواجهة لامريكا مهما كانت خير من الفراغ الذي سرنا عليه منذ انهيار الاتحاد السوفيتي و ما اتبعته خطوات امريكا الجشعة التي لا تعطي فرصة للشعوب ان تتنفس و لا للحكومات ان تهدا لما يقع عليه العالم بتروي من اجل اعادة تنظيم الذات، و انما فرضت عليهم التوجه نحوها او انتظار المصير المجهول . اما ان اختصرنا الطريق في سوريا و وصول روسيا اليها لمصالح تكلمنا عنها سابقا في كتابات اخرى، فانها جاءت من جهة لضمان مستقبل مسيرة اقتصادها و بالاخص اهم روافدها من النفط والغاز و تامين طريقها و امكان منع تدني قيمتها اكثر من المطلوب . فانها قد تعوض عن جهات اخرى و تتوجه دبلوماسيا لاختيار الوسط مستقبلا و بالذات هي ليست بطرف ديني و لا مذهبي و لا عرقي موجود في المنطقة، و ما يهمها هو مصلحتها فقط و غير المستندة على تلك الاسس التي تعتمد عليها اطراف المنطقة . اي من الامكان انهاء الازمة بطريقة و ان تقع النتيجة بشكل ما على البعد ذاته من جميع الاطراف، من حيث وقعها و نتائجها و ان كانت على حساب بعض الاطراف الموجودة في المعادلة .
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لماذا اُغلقت ابواب الاصلاح السياسي نهائيا في اقليم كوردستان
...
-
هل يخرج الكورد من متغيرات المرحلة بلا حمص ؟
-
ما البديل عن عدم تقبل مجتمعاتنا الديموقراطية ؟
-
هل مسعود البرزاني واثق الخطوة يمشي ملكا ؟
-
دور المثقفين المستقلين في حل ازمة اقليم كوردستان
-
هل استقلال كوردستان ضد اليسارية ام العكس ؟
-
هل يكون فوز اردوغان على حساب السلم و الامن الاجتماعي ؟
-
هل غيرت امريكا ما نوته سابقا في المنطقة ؟
-
نعم اخطات حركة التغيير بمشاركتها السلطة في اقليم كوردستان مب
...
-
مواقف الاحزاب اليسارية الكوردستانية في ازمات هذه الايام!
-
يحكمون اليوم بعقلية الامس
-
حركة التغيير تدفع ضريبة خطاها الاستراتيجي
-
انهوا عن فعل و اتوا بمثله... اليس عار عليهم ؟
-
القضية الكوردية عقدة ام حق مغبون ؟
-
حمالة صدر كارداشيان ب 5 ملايين دولار مقابل موت طفل افريقي لع
...
-
ما يهم امريكا في اقليم كوردستان هو البيشمركة و المسجد و اغني
...
-
هل جبهة البارزاني مع الاجحاف بحق الشعب ؟؟
-
حقا لا يصح في كوردستان الا الصحيح في النهاية
-
لا تسعدوا بدعم امريكا كثيرا
-
شعب كوردستان بين البرزاني و العبادي
المزيد.....
-
-الطلاب على استعداد لوضع حياتهم المهنية على المحكّ من أجل ف
...
-
امتداد الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين إلى جامعات أمريكية جدي
...
-
توجيه الاتهام إلى خمسة مراهقين في أستراليا إثر عمليات لمكافح
...
-
علييف: لن نزود كييف بالسلاح رغم مناشداتها
-
بعد 48 ساعة من الحر الشديد.. الأرصاد المصرية تكشف تطورات مهم
...
-
مشكلة فنية تؤدي إلى إغلاق المجال الجوي لجنوب النرويج وتأخير
...
-
رئيس الأركان البريطاني: الضربات الروسية للأهداف البعيدة في أ
...
-
تركيا.. أحكام بالسجن المطوّل على المدانين بالتسبب بحادث قطار
...
-
عواصف رملية تضرب عدة مناطق في روسيا (فيديو)
-
لوكاشينكو يحذر أوكرانيا من زوالها كدولة إن لم تقدم على التفا
...
المزيد.....
-
الديمقراطية الغربية من الداخل
/ دلير زنكنة
-
يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال
...
/ رشيد غويلب
-
من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية
/ دلير زنكنة
-
تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت
...
/ دلير زنكنة
-
تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت
...
/ دلير زنكنة
-
عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها
...
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار *
/ رشيد غويلب
-
سلافوي جيجيك، مهرج بلاط الرأسمالية
/ دلير زنكنة
-
أبناء -ناصر- يلقنون البروفيسور الصهيوني درسا في جامعة ادنبره
/ سمير الأمير
-
فريدريك إنجلس والعلوم الحديثة
/ دلير زنكنة
المزيد.....
|