أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - معتز حيسو - عتبة الخيارات القسرية















المزيد.....

عتبة الخيارات القسرية


معتز حيسو

الحوار المتمدن-العدد: 4976 - 2015 / 11 / 5 - 08:54
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    




يُقاس تأثير وفاعلية المنظومات الفكرية والمشاريع السياسية، بدور القوى المادية الحاملة لها، ومدى فاعلية الأخيرة في القيام بدورها السياسي والاجتماعي والاقتصادي. وعندما تتحوّل تلك المنظومات والمشاريع إلى قوة مادية محمولة على قوى اجتماعية ثورية. فهذا يعني أننا أمام نشوء توازنات اجتماعية جديدة، يكون فيها للقوى الاجتماعية دوراً أساسياً ومحورياً في تحديد طبيعة وشكل العلاقات الداخلية الناظمة لتلك المنظومات والمشاريع.
من البداهة بمكان أن ما تمر به المجتمعات العربية في لحظتها الراهنة، يختلف بشكل كبير عن بدايات الديمقراطية الليبرالية في المجتمعات الغربية، ومتخلف عنها أيضاً. فعلماء ومفكري عصر النهضة الأوروبية اشتغلوا على صياغة منظومات وأنساق معرفية فكرية وعلمية وفلسفية وسياسية. وتبلور ذلك في سياق نقد الفكر الديني. إضافة إلى تساوقه مع نشوء علاقات الإنتاج البرجوازية. وذلك يختلف بشكل كبير عن جوهر أوضاع الشعوب العربية الراهنة، وعن مواقف زعماء ومنظّري «الربيع العربي» الذين انقلبوا على منظوماتهم الفكرية في سياق اندماجهم مع مجموعات سلفية وأصولية جهادية. فنشأ نتيجة ذلك وعي هجين يتعارض مع وعي ومصالح وتوجهات وقناعات شرائح شعبية واسعة وتحديداً الفئات الحداثوية. هذا في وقت كان من المفترض أن تشتغل القوى السياسية إضافة إلى المفكرين والمنظرين والمثقفين على بناء وعي جديد يقوم على نقد ونقض الفكر الديني وتحديداً أشكاله السلفية الجهادية. وهذا لا يلغي إطلاقاً ضرورة رفع ونقل الإيجابي والثوري من الفكر الديني. فهيمن على المشهد العام هواجس سياسية دفعت أفراد وتنظيمات وجماعات غايتها القبض على السلطة، للترويج المضلّل والمشوه إلى مقولة «العنف الثوري». متجاهلين نتائج وتداعيات تحميل الفكر السياسي على قوى جهادية.
في ذات السياق فإن وضع المداميك الأولية للديمقراطية الليبرالية الغربية كان في أتون صراع تم في سياقه تجاوز الثقافة المجتمعية العميقة وبناء منظومات فكرية عقلانية محمولة على قوى اجتماعية وسياسية مادية وفكرية امتلكت القدرة التاريخية على تجاوز بيئة الصراع. فيما ورثة المنظومة المعرفية الإسلامية من المجموعات الجهادية، يشتغلون على استنهاض وتمثّل وفرض الموروث الديني الأكثر تخلفاً وتشدداً، وفي سياق ذلك يتم اغتيال العقل الديمقراطي والوعي التنويري الحداثي والإسلام المعتدل. ويتحالف معهم في سياق ذلك قوى سياسية افتقدت إلى الفاعلية السياسية والقبول الشعبي، وساهم ذلك في إحداث انقسامات اجتماعية عمودية، وانحسار تأثير القوى المدنية العلمانية والسياسية اليسارية، إضافة إلى تحلل الروابط الوطنية، وإجبار قوى التغيير السلمي والمثقفين والمفكرين العقلانيين على الانسحاب من المشهد السياسي. وكان لذلك انعكاسات ونتائج كارثية في الأوساط الاجتماعية، وعلى كيانية الدولة المهدَّدة بالتحلل والانهيار، إضافة إلى تشتت وتفتت التشكيلات السياسية وتشظّي بنيتها الداخلية.
لقد فتحت« ثورات الربيع العربي » طريقاً لا عودة عنه. فبلادنا آخر «واحات اللاديموقراطية » المقترنة بانتشار الفساد وغياب التنمية الاقتصادية والبشرية، وهي اليوم في عين العاصفة. وما يحصل في دول الربيع العربي يرتبط بجملة من التحولات السياسية المنقسمة على ذاتها وعلى كلِّ شيء. فالنظام العربي لم يشتغل على بناء الدولة بمعناها الحضاري، ولم يطور آليات العمل المؤسساتي وتمكين حقوق المواطن والتأسيس إلى مشاريع تنموية تنعكس بأشكال إيجابية على الطبقات الشعبية. لكنَّه تلاعب بالنسيج الاجتماعي، وركّز جهوده في ضبط آليات اشتغال المجتمع وتحركاته. فالعام2011 كان بداية تحولات معقَّدة وشاقة ومتعرجة وطويلة. ومع ذلك، فإنَّ مآلاتها لن تكون في العودة إلى كنف سلطات شمولية أحادية. لكنَّ تعثّر التحوّل الديمقراطي، يدلل على أننا نقف على عتبة مرحلة انتقالية حُبلى بمفاجآت وتحولات متعددة الأبعاد والمستويات. ذلك نتيجة تشابك وتداخل الاستقطاب السياسي والاجتماعي، مع هيمنة سلطات أحادية وقوى جهادية متطرفة وأطراف إقليمية ودولية ذات مصالح خاصة على مداخل التغيير.
أما فيما يتعلق بالشباب فإنهم يشكّلون القوة الاجتماعية المحرِّكة للتغيير. لكنهم كمن يجلس على برميل من البارود. فلا احتياجاتهم مؤمَّنة ولا مستقبلهم واضح. بهذا المعنى فإنهم يقفون في مجرى تاريخي إجباري يستوجب تجاوز أسباب انسداد آفاق التغيير الوطني الديمقراطي والفساد والقمع والتآكل الوطني وفشل السلطة في بناء مقومات الدولة الحديثة. لكنَّ أزمة القوى السياسية المعارضة وتناقضاتها البينية، وتحالفها مع حركات جهادية متغوّلة، إضافة إلى عدمية الصراع واتساع مظاهر التطرف والعنف، أجهض أحلام الشباب في التغيير الديمقراطي السلمي، وغيَّر نظرتهم إلى الربيع العربي ومستقبله. لكنَّ ذلك لم يقضي على عوامل قوتهم الكامنة. وهذا يستدعي التأكيد على أن انتقالهم إلى حقل القوى الاجتماعية والطبقات والفئات المفقّرة والمهمّشة، سوف يقدم إلى فكرة التغيير وقوداً جديداً، وأشكال ومضامين تختلف عما هو سائداً الآن. فالشباب العربي والفئات الاجتماعية المسحوقة وقعوا ضحية أمراض الاستبداد، وهامشية قوى سياسية استبدلت الداخل بالخارج، وتغوّل المجموعات الجهادية التكفيرية، وتناقض مصالح وسياسات دول تعمل على توضيب المنطقة من منظور مصالحها الخاصة. ومع انغلاق آفاق التغيير الوطني الديمقراطي وارتفاع وتيرة التدمير الذاتي نتيجة استمرار هيمنة آليات تفكير وممارسة أيديولوجية أحادية ترفض الآخر وتهدره. فإن الرافضين للعنف والتقسيم والطائفية والتدخلات الخارجية، مطالبين قبل غيرهم بالاشتغال على إنضاج بدائل سياسية ديمقراطية اجتماعية تنهي الصراع الدموي، وتحافظ على وحدة الجغرافية السياسية وتماسك المكونات الاجتماعية وبنية الدولة واستقرار مؤسساتها العامة، وهذا يضع أطراف الصراع أمام مفترق خطير: الأول استمرار الصراع وهذا يعني مزيداً من العنف والقمع والاحتكار السياسي والنهب، وجميعها عوامل تشكّل مناخاً مناسباً لتنامي مظاهر التطرف بكافة أشكاله الدينية والسياسية، وتدفع إلى تفاقم مظاهر الاحتقان الشعبي، وتفتح الأبواب أمام تدخّل القوى الخارجية. الثاني فتح الطريق للانتقال إلى نظام سياسي ديمقراطي يؤسِّس إلى اقتصاد يلحظ مصالح الفقراء والمهمشين، ويحافظ على وحدة الجغرافيا السياسية ووحدة المجتمع وتماسك مكوناته. لكن حتى اللحظة يبدو أن الخيار الأول هو المهيمن على المشهد.



#معتز_حيسو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في سوريا: جحيم من نوع آخر
- أسباب التدخل الروسي في سوريا وتداعياته
- في طبيعة وبنية الدولة الراهنة
- في طبيعة الدولة الراهنة وبنيتها
- هجرة في الموت
- سوريا على صفيح ساخن
- العالم العربي نموذجاً: الدولة حين تأكل المجتمع
- في أوضاع الطبقة العاملة وتغيراتها البنيوية
- في مقدمات ثقافة العنف
- الدور الوظيفي ل «داعش» وأخواته
- إشكاليات الحل السياسي في سوريا
- سوريا: عتبة انهيار الأمن الغذائي
- هل ستكون اليونان بوابة للتغيير؟
- تجليات الإمبريالية الراهنة
- السباق إلى الهاوية
- حروب على الحضارة والتاريخ
- من تجليات الأزمة السورية
- المشهد السوري في سياق التحولات العالمية
- مقدمات أولية إلى نهضة
- في سوريا: دافعوا الضرائب هم الأفقر


المزيد.....




- السعودية.. الديوان الملكي: دخول الملك سلمان إلى المستشفى لإج ...
- الأعنف منذ أسابيع.. إسرائيل تزيد من عمليات القصف بعد توقف ال ...
- الكرملين: الأسلحة الأمريكية لن تغير الوضع على أرض المعركة لص ...
- شمال فرنسا: هل تعتبر الحواجز المائية العائمة فعّالة في منع ق ...
- قائد قوات -أحمد-: وحدات القوات الروسية تحرر مناطق واسعة كل ي ...
- -وول ستريت جورنال-: القوات المسلحة الأوكرانية تعاني من نقص ف ...
- -لا يمكن الثقة بنا-.. هفوة جديدة لبايدن (فيديو)
- الديوان الملكي: دخول العاهل السعودي إلى المستشفى لإجراء فحوص ...
- الدفاع الروسية تنشر مشاهد لنقل دبابة ليوبارد المغتنمة لإصلاح ...
- وزير الخارجية الإيرلندي: نعمل مع دول أوروبية للاعتراف بدولة ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - معتز حيسو - عتبة الخيارات القسرية