أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - معتز حيسو - السباق إلى الهاوية














المزيد.....

السباق إلى الهاوية


معتز حيسو

الحوار المتمدن-العدد: 4855 - 2015 / 7 / 3 - 00:39
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تشهد العديد من البلدان العربية ما يمكن أن ندعوه سباقاً إلى الهاوية. لهذا لن تكون سوريا نموذجاً فريداً لا يمكن أن يتكرر في بلدان أخرى وإن بأشكال مختلفة. وإذا حاولنا أن نحدد أسباب الانهيارات والتصدعات التي نشهدها، نلحظ أنها تعود إلى ذات الأسباب البنيوية. أما الخلاف فإنه ينحصر في إطار التجليات الظاهرية.
من البداهة بمكان أنَّ عوامل الأزمة البنيوية التي مهّدت الطريق إلى معاناتنا الراهنة تتزامن وتتقاطع وتتراكب مع الميول الدولية العامة:« إذا استطاعت الرأسمالية أن تتحالف مع أشكال إنتاجية قبل رأسمالية، فإن أحداً لن يستطيع التنبوء بالمآلات التاريخية التي يمكن أن تؤول إليها الأمور» فكيف إذاً ونحن أمام قوى رأسمالية تتحالف مع تلك الأشكال وتعمل على توظيف تنظيمات وحركات ومجموعات جهادية إسلامية موغلة في التخلف والقهرية. فهذا بالتأكيد سوف يعطينا مؤشراً بأننا مهددون بالسقوط في مستنقعات وكوارث قلّ ما شهدها أو سيشهدها التاريخ البشري. وتتزامن ميول الرأسمالية في تصنيع وتصدير أكثر أشكال التخلف والعصابية المحمولة على ميول دينية جهادية وتكفيرية مع عوامل أزمتنا العميقة: ــ سياسية تتمحور حول احتكار السلطة وتجفيف تربة العمل السياسي المعارض ــ اقتصادية تتجلى في عدم بلورة مشروع تنموي استراتيجي، وشكّل تقاطع ذلك مع انتشار مظاهر الفساد وهدر الثروات وتفاقم مظاهر النهب، أهم الأسباب التي ساهمت في ارتفاع معدلات الفقر والبطالة ــ ثقافية تتجلى في تراجع تأثير الفكر العلماني مقابل انتشار واسع للفكر والوعي الديني المتشدد الذي يميل في لحظات التأزم إلى العقيدة الجهادية. وقد شكّل غياب الحريات السياسية وازدياد معدلات الفقر البطالة أرضية خصبة لنمو الأفكار المتطرفة والميول السلفية ومظاهر التدين.
إن كان ما نشهده من تغيرات تحولات عاصفة يعود في بعضٍ من أسبابه إلى عقود ماضية. فإن التنظيمات والمجموعات المحمولة على فكر جهادي متطرف تعمل على توظيف الظروف الموضوعية السياسية والثقافية والاقتصادية السائدة وفق آليات وأشكال تخدم تمدد مشاريع أيديولوجية دينية تكفيرية. في ذات السياق وفي نفس اللحظة تشتغل الأنظمة المحمولة على فكر عقائدي سياسي أحادي على إعادة إنتاج ذات البنية السياسية والأمنية للسلطة المسيطرة. هذا في لحظة يتراجع فيها تأثير السياسة العقلانية الموضوعية أمام طغيان مظاهر الفكر الديني المتطرف المحمول على حركات جهادية، وميول سياسية سلطوية تقع على درجة كبيرة من التطرف والعنف والاحتكار للسلطة. لكن التقاطع في آليات التفكير والممارسة بين الطرفين الديني المتطرف والسياسي الأحادي لا يلغي الاختلاف والتمايز بينهما. ويكمن ذلك في أن جذور العقيدة الجهادية التكفيرية تعود إلى عصور الظلام والانحطاط. إضافة إلى ذلك يعمل مشايخها ودُعاتها على تبرير جرائم المجموعات الجهادية التي تستهدف تدمير الإنسان، وكافة ملامح التاريخ والحضارة الإنسانية، بالاعتماد المشوه والانتقائي والمجتزأ على بعض النصوص من القرآن والسنِّة. وإذا كان التاريخ لا يكرر ذاته إلا على شكل مهزلة. فإن ما يقوم به تنظيم الدولة الإسلامية«داعش» وباقي المجموعات السلفية الجهادية يتجلى في اشتغالهم على استعادة أكثر اللحظات التاريخية عنفاً وتخلفاً وقهراً. وفي سياق ذلك يتم إجبار الأقليات وبشكل خاص الدينية على اعتناق عقيدتهم، أو دفع الجزية «صاغرين» وإما التهجير أو القتل. ولا تقف تلك المجموعات عند هذا الحد، لكنها تستهدف بالقتل كل من يخالفهم التفكير والممارسة علمانياً كان أو مسلماً.
أما فيما يتعلق بالسلطة السياسية، فإنها تعمل في سياق المحافظة على بنيتها الأحادية الشمولية، على مواجهة حركة التاريخ التطورية. ويتجلّى ذلك من خلال ممارسة كافة أشكال القهر والعنف ضد كل من يخالفها الرأي، سواء اندرجوا في أطر معارضة سياسية أو لم يندرجوا. لكنّ مكر التاريخ أدخل السوريين في أتون حرب متعددة الأطراف، ومتراكبة المستويات، يتصارع فيها المدافعين عن السلطة الأحادية مع جحافل المجموعات الجهادية و«معارضات معتدلة» وجميع هؤلاء يرون أن لغة العنف والقهر والاستئصال تشكّل المدخل الوحيد إلى تحقيق أهدافهم. أما ضحايا تلك الحرب فأنهم: الإنسان المقهور والمجتمع والاقتصاد والتاريخ والحضارة الإنسانية والجغرافية. فالإنسان والمجتمع يتم تدميرهما بكافة الوسائل وعلى مختلف المستويات والأشكال. فيما الاقتصاد وإضافة إلى مظاهر النهب المستشرية، فإنه يتم تهديم وتدمير البنية التحتية ومصادر الثروة. أما التاريخ والحضارة الإنسانية فإنه يتم الاشتغال على تحطيمها وإزالتهما من دائرة الزمن والجغرافية، وهذا يصب في سياق الاشتغال على مسح ذاكرة الإنسان وتفريغها من أي إرث أو تاريخ حضاري، وصولاً إلى سلخه عن تاريخه الحضاري. وبخصوص الجغرافية فإن يتم الاشتغال على إزالة الحدود الراهنة، وإعادة تقسيمها في سياق يتم فيه الاشتغال على تحويلها إلى مجرد جمّاعات بشرية عرقية، عشائرية، طائفية، مذهبية متخارجة ومتصارعة. وهذا يتزامن مع نبش خزائن العقائد البائدة وتظهير أكثرها تخلفاً وتعميمها بالقوة القهرية في سياق القضاء على أشكال التمايز والتنوع الإنساني الفكري والثقافي.
أما الغائب عن المشهد طرفان الأول: فئات ترفض الانتماء إلى أي من الأطراف المتصارعة. الثاني: حملة الفكر التنويري والحركات السياسية المدنية والعلمانية، وأنصار الحل السياسي السلمي. في هذا السياق يبدوا واضحاً أن افتقاد دعاة الحرب إلى العقلانية ينذر بتدمير وتحطيم المجتمع والتاريخ والجغرافية. وحتى لا نستمر في سباقنا إلى الهاوية والمجهول من المآلات، بات واضحاً أننا بحاجة إلى استنهاض العقلانية الموضوعية والإنسانية والقيم الأخلاقية. وهذا يستدعي من الجميع العمل على إنهاء الصراع والتمسّك بالعقلانية والموضوعية ومصالح المجتمع العامة والأساسية والمحافظة على التنوع والتكامل الاجتماعي، ووحدة أوطاننا ومجتمعاتنا. وهذا لن يكون إلا من خلال مشاركة السياسيين العقلانيين الوطنيين والديمقراطيين والمثقفين والمفكرين، وكافة المتضررين من الحرب.



#معتز_حيسو (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حروب على الحضارة والتاريخ
- من تجليات الأزمة السورية
- المشهد السوري في سياق التحولات العالمية
- مقدمات أولية إلى نهضة
- في سوريا: دافعوا الضرائب هم الأفقر
- الترابط بين اليمن وسائر الإقليم
- تحولات عربية: اليمن ليس وحيداً
- خرائط تُرسم بدماء السوريين
- أربع سنوات من الصراع السوري: الحداثة التخلف
- سوريا: في النموذج الطائفي؟!
- في أسباب وتجليات انخفاض سعر النفط
- المرأة السورية... سنديانة في لهيب الصراع
- آفاق المشروع الطائفي في سوريا
- الهدم الديموقراطي: قراءة في المشهد السوري
- الأسرة السورية بين تآكل قيمة الدخل وارتفاع قيمة الاستهلاك
- السياسة بين العصبية والعقائد الأيديولوجية
- في مأزق الحوار السوري
- ماذا يحمل أطفال سوريا إلى المستقبل؟
- من جنيف إلى موسكو: ما جديد الأزمة السورية؟
- ماذا يعني تحرير سعر المحروقات في سوريا؟


المزيد.....




- كاميرا ترصد لحظة سقوط حطام صاروخ مشتعل في قطر
- هل كانت ضربة أمريكا على فوردو بإيران ضرورة أمنية أم مقامرة س ...
- الحرس الثوري يعلن استهداف قاعدة العديد الأمريكية في قطر والد ...
- رئيسة البرلمان الأوروبي عالقة في الشرق الأوسط بعد إغلاق الإم ...
- ترامب عن الرد الإيراني: -هجوم ضعيف-.. وحان الآن وقت السلام! ...
- من الإمارات إلى الأردن .. القواعد الأمريكية في الشرق الأوسط ...
- دراسة: الصيام المتناوب يتفوق على الحميات التقليدية
- الرئيس الفلسطيني يعين وزير خارجية جديدا
- أوروبا عالقة بين الرفض الضمني والقلق المعلن من التصعيد في إي ...
- دول خليجية تعيد فتح أجوائها بعد إغلاقها لساعات


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - معتز حيسو - السباق إلى الهاوية