أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - معتز حيسو - في أسباب وتجليات انخفاض سعر النفط















المزيد.....

في أسباب وتجليات انخفاض سعر النفط


معتز حيسو

الحوار المتمدن-العدد: 4734 - 2015 / 2 / 28 - 11:00
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


يخضع سعر النفط كغيره من السلع إلى مبدأ العرض والطلب. وهذا بدوره يتحدد من منطلق توسّع دوائر الإنتاج العالمي وارتفاع معدلات الاستهلاك. فالبلدان الصناعية تحتاج بداهة إلى كميات من النفط، تفوق مثيلاتها من الدول الأقل تطوراً. وذات الأمر يتعلق بالتعداد السكاني. بالتالي فإن ارتفاع سعر النفط أو انخفاضه سينعكس على معدلات النمو والاستهلاك وتكاليف الإنتاج. وارتفاع سعر النفط يعني ارتفاع تكاليف المعيشة، لكن هبوطه لا يؤدي بشكل دائم إلى انخفاضه. وهذا يتوقف على دور الدولة الاجتماعي والتنموي، ودور التجّار والمستثمرين في السياسات الاقتصادية، إضافة إلى شكل العلاقات الاقتصادية، وأشكال تجلياتها، ودرجة ارتباط السياسات الاقتصادية الجزئية والكلية بالأسواق العالمية. كذلك فإن تذبذب سعر النفط يترك آثاراً واضحة على حركة التبادل التجاري. إضافة إلى ذلك فإن ارتفاع سعر النفط يساهم في ارتفاع معدل التضخم النقدي في الدول النفطية. وتجاوزه يحتاج إلى إدخال الفائض النقدي في التنمية البشرية والاقتصادية. وإذا كان ذلك يجد له طريقاً للتنفيذ في الدول الصناعية. فإن السياسات المالية والنقدية في غالبية الدول النفطية وبشكل خاص الخليجية تفتقر إلى ذلك، وتجد في إيداع الفائض النقدي في بنوك الغرب وسيلتها الوحيدة، فتبقى نتيجة لذلك دولاً ذات نمط إنتاج ريعي مهددة بالتصدع والانهيار نتيجة اعتمادها الكلي على ثروة ناضبة. وهذا ينعكس على تركيبة البنية الاجتماعية وأشكال العلاقات الاجتماعية.
فيما يخص ارتفاع تكاليف الإنتاج، فإنه يساهم في اتساع ظاهرة الركود وانخفاض معدلات الإنتاج، كذلك فإنه ينعكس على مستوى التشغيل فترتفع معدلات البطالة وتنخفض القدرة الشرائية. وهذا يقود إلى اتساع ظاهرة الكساد التي تُعتبر إضافة إلى الركود من مكونات الركود التضخمي. وهذا يعود بنا إلى أزمة الكساد الكبير والسياسات الكنزية التي أكدت على أن تجاوز الركود التضخمي يكمن في زيادة دور الدولة واعتماد سياسة التشغيل الكاملة. من جانب آخر فإن المحافظة على معدلات الإنتاج النفطي في ظل استمرار هبوط سعره يدلل على إمكانية نشوء أزمة اقتصادية وسياسية في البلدان النفطية التي تفتقد إلى التنمية الاقتصادية والبشرية. لكنه من جانب آخر، يساعد الدول الصناعية في رفع معدلاتها الإنتاجية، ويُكسبها قدرة تنافسية أكبر. وهذا يمكن أن يؤدي إلى زيادة في العرض. وإذا تزامن ذلك مع تراجع الطلب العالمي، فإنه ينبئ بإمكانية اتساع ظاهرة الركود والكساد. إن انخفاض سعر النفط إلى أقل من التكلفة الاستخراجية في بعض الدول المنتجة للنفط، يفرض عليها تخفيض إنتاجها واستيراد النفط من دول تنخفض فيها تكاليف الإنتاج عن السعر الحالي. وهذا ينطبق على العلاقة بين الولايات المتحدة وأوربا من جهة وبين دول الخليج وبشكل خاص السعودية. وبالرغم من أن الصين تُعتبر من أكبر الدول المستهلكة للنفط. لكنها من أكثر المستفيدين من هبوط سعره. ويكمن السبب في ذلك، كونها تحافظ على زيادة معدلات التنمية الاقتصادية والبشرية. وهذا يعني أن انخفاض سعر النفط سينعكس بأشكال إيجابية على ارتفاع المعدلات الإنتاجية والتنموية، وأيضاً يساهم في تخفيض تكاليف الإنتاج، مما يعني أن إنتاجها السلعي سيتمتع بمزيد من السمات التنافسية. هذه العوامل وغيرها تعزز مواقف الصين السياسية والاقتصادية أمام الولايات المتحدة، وتساهم في مساندة الموقف الروسي والإيراني. فالصراع الأمريكي والروسي على مناطق النفوذ وفيها، ينتقل في اللحظة الراهنة إلى أسواق النفط وحقول الإنتاج. وهذا هو سبب تمسّك العربية السعودية بإنتاجها البالغ 9،6 مليون برميل يومياً. ذلك بذريعة المحافظة على حصتها في الأسواق العالمية، وإن العرض والطلب يحدد سعر النفط. أما الهدف الحقيقي من وراء ذلك، فإنه يكمن في زيادة الضغط الاقتصادي على روسيا وإيران لتغيير مواقفهما السياسية في مناطق الصراع المعولمة، ولتشكيل مناخات سياسية تُعبّر عن المصالح الأمريكية.
لكن في حال استمرار تراجع سعر النفط، أو استقراره على السعر الحالي، فإن ذلك سيؤدي إلى حدوث انهيارات اقتصادية داخل إيران وروسيا، وهذا سينعكس على مواقفهما السياسية في مناطق الصراع. ومن الممكن أن يفرض عليهما تغيير أماكن الاشتباك وآلياته. ومن الواضح إن التحالف الأمريكي يلجأ إلى عزل روسيا وإيران من خلال شل قدراتهما الاقتصادية. وهذا يستدعي من القيادة الروسية الإقلاع عن الاعتماد المفرط على قطاع الطاقة الذي تشكل عائداته 52 % من الميزانية العامة، ونحو ربع الناتج القومي. والعمل على إعادة هيكلة الاقتصاد الصناعي، وزيادة قدراته الإنتاجية ورفع كفاءته التنافسية وهذا صعب جداً في ظل الاعتماد الكبير على العوائد النفطية التي تقدر بـ 10 مليون برميل يومياً. وكان ذلك من الأسباب التي دعت يفغيني بريماكوف وآخرين للتوجه إلى السلطات للانتقال من بيع الغاز والمواد النفطية الخام إلى الاهتمام بالقطاعات الصناعية، واتخاذ إجراءات لتنويع الاقتصاد، واعتماد الاقتصاد الحر وانفتاح على الغرب. وكان في كلام بريماكوف تحذير المبطن من خطورة نتائج المركزية الشديدة للسلطة. لقد اعتمدت القيادة الروسية مؤخراً مفهوم أن (روسيا ـ دولة الطاقة العظمى). وهذا المفهوم بدأ يترنح أمام انخفاض سعر النفط والعقوبات الاقتصادية وتراجع سعر الروبل إلى ثلثي قيمته الشرائية خلال ستة أشهر، وهروب رؤوس الأموال، إضافة إلى تراجع واردات روسيا النفطية بنسبة 8,6% . وخسرت خزانتها قرابة 120 مليار دولار. كذلك فإن رفع البنك المركزي لسعر الفائدة إلى 17% أدى إلى تدني الاستثمارات الأجنبية والمحلية، وتراجع الإقراض، وارتفاع معدل الانكماش إلى 3% من حجم الناتج المحلي الإجمالي خلال عام 2015. كما أن معدل التضخم يتراوح بين 15 ــ 17 %. وقد تم تقليص ميزانية العام الجاري بنسبة 10%، ومن الممكن أن يؤدي ذلك إلى تقليص الإنفاق على البرامج الاجتماعية (الصحة والتعليم) والتنمية البشرية.
أما إيران فإن طاقتها التصديرية تُقدر بـ 2،5 مليون برميل يومياً. وانخفاض سعر النفط بنسبة 40إلى 45 % يعني إن خسارتها السنوية تتجاوز عتبة 240 مليار دولار. وهذا سيزيد من الضغط على المفاوض الإيراني في المفاوضات النووية. كذلك فإن امتناع إيران عن تصدير النفط سيصيبها بخسارة مالية كبيرة. وكلا الأمرين سيكون لهما تأثير سياسي كبير في الساحة السورية.
من المؤكد أن تداعيات انخفاض سعر النفط ستنتقل إلى دولنا ومجتمعاتنا من خلال حركة الأسعار ومعدلات النمو وحركة التبادل التجاري وحجم استيراد التقانة والمواد الأولية التي تدخل في الصناعة. أما في سوريا. فإن المفارقة تكمن في أن انخفاض سعر النفط، لم يرافقه انخفاض في أسعار السلع الصناعية والزراعية المحلية والمستوردة. وقد استمر ارتفاع الأسعار في سياق يتناقض مع ميل تكاليف الإنتاج السلعي إلى الانخفاض. وهذا يتعلق بدور مافيات السوق السوداء وتجار الأزمة. وهؤلاء يساهمون في تعميق الأزمة الاقتصادية والسياسية.
إن الحرب تعبير عن اقتصاد مكثف، وهذا يستدعي من الدول المتضررة من انخفاض سعر النفط بشكل خاص روسيا وإيران، ودول البريكس بشكل عام، أن يشتغلوا على تحويل الضغوط الغربية إلى فرصة لتعميق التعاون والتبادل المشترك للانتقال إلى عالم متعدد الأقطاب يكون أقل اختلالاً وظلماً، وأكثر توازناً وعدالة، ويحد من النزعة الأمريكية الأحادية.



#معتز_حيسو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المرأة السورية... سنديانة في لهيب الصراع
- آفاق المشروع الطائفي في سوريا
- الهدم الديموقراطي: قراءة في المشهد السوري
- الأسرة السورية بين تآكل قيمة الدخل وارتفاع قيمة الاستهلاك
- السياسة بين العصبية والعقائد الأيديولوجية
- في مأزق الحوار السوري
- ماذا يحمل أطفال سوريا إلى المستقبل؟
- من جنيف إلى موسكو: ما جديد الأزمة السورية؟
- ماذا يعني تحرير سعر المحروقات في سوريا؟
- الاقتصاد السوري في نفق مظلم
- ماذا يعني أن تكون يسارياً في سوريا
- شتاء السوريين القارس: ابحثوا عن سياسات تحرير الاقتصاد
- شتاء السوريين
- في مقدمات انهيار الدولة
- في نهايات «الربيع السوري»
- سوريا: من ثقافة التغيير إلى سياسة التحرير
- في غزة: حرب على التاريخ والهوية
- من يتحمّل نتائج ارتفاع الأسعار في سوريا؟
- سوريا: من نتائج لغة السلاح
- الحدود السياسية لدولة «داعش»


المزيد.....




- محافظ البنك المركزي العراقي يتحدث لـ-الحرة- عن إعادة هيكلة ...
- النفط يغلق على ارتفاع بعد تقليل إيران من شأن هجوم إسرائيلي
- وزير المالية القطري يجتمع مع نائب وزير الخزانة الأمريكية
- هل تكسب روسيا الحرب الاقتصادية؟
- سيلوانوف: فكرة مصادرة الأصول الروسية تقوض النظام النقدي والم ...
- يونايتد إيرلاينز تلغي رحلات لتل أبيب حتى 2 مايو لدواع أمنية ...
- أسهم أوروبا تقلص خسائرها مع انحسار التوتر في الشرق الأوسط
- اللجنة التوجيهية لصندوق النقد تقر بخطر الصراعات على الاقتصاد ...
- الأناضول: استثمارات كبيرة بالسعودية بسبب النفط وتسهيلات الإق ...
- ارتفاع كبير في أسعار النفط والذهب عقب الهجوم على إيران


المزيد.....

- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى
- جذور التبعية الاقتصادية وعلاقتها بشروط صندوق النقد والبنك ال ... / الهادي هبَّاني
- الاقتصاد السياسي للجيوش الإقليمية والصناعات العسكرية / دلير زنكنة
- تجربة مملكة النرويج في الاصلاح النقدي وتغيير سعر الصرف ومدى ... / سناء عبد القادر مصطفى
- اقتصادات الدول العربية والعمل الاقتصادي العربي المشترك / الأستاذ الدكتور مصطفى العبد الله الكفري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - معتز حيسو - في أسباب وتجليات انخفاض سعر النفط