أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - معتز حيسو - شتاء السوريين















المزيد.....

شتاء السوريين


معتز حيسو

الحوار المتمدن-العدد: 4613 - 2014 / 10 / 24 - 08:16
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لم يعد خافياً أن الميول النيو ليبرالية قادت إلى تعميق التناقضات الاجتماعية والاقتصادية. هذا في وقت ساهمت فيه السياسات الإعلامية في إخفاء الأسباب المحددة للميول الاقتصادية والتناقضات الاجتماعية الناجمة عن ذلك. وقد ساهمت سياسات تحرير الاقتصاد في تزايد حدة الاستقطاب الاجتماعي وتقليص الدور التنموي للدولة. وقد حذرنا في أكثر من مناسبة، بأن الاقتصاد يعاني أزمة بنيوية يستحيل تجاوزها بسياسات نيو ليبرالية. وبناءً على ذلك كنا نؤكد على دور الدولة التنموي وعلى ضرورة إطلاق الحريات السياسية لضبط التحولات الاقتصادية.
إن السوريين يقفون على أبواب شتاء يُرجّح أنه سيكون الأقسى والأشد وطأة. وهذا لا يتعلق فقط بتداعيات رفع سعر ليتر المازوت من (60 إلى 80) ليرة. مع العلم أن المواطن يدفع سعر ليتر المازوت مبلغاً يتراوح بين (83 و 85) ليرة.> في حال توفّره فكّرت< الأسرة بشراء حاجتها من المازوت من السوق السوداء فإنها تحتاج إلى مبلغ يتراوح بين: 1250 و 2500 ليرة يومياً. أما شهرياً فإنها بحاجة إلى مبلغ يتراوح بين: 37500 ـ 75000 ليرة. وبالتأكيد فإن أصحاب الدخل المحدود ومن يمارسون العمل الحر يعجزون عن توفير هكذا مبلغ. وحتى أصحاب الدخول المرتفعة سيجدون صعوبة بالغة في توفير الحد الأدنى من حاجتهم من السوق السوداء. وهذا يعني إن أكثر من 90% من المجتمع السوري سيكونون عاجزين عن تأمين المازوت للتدفئة. أي أنهم سيكونون مجبرين على >الاختيار< بين احتمال البرد أو الجوع. والطامّة الكبرى أن كلا الأمرين مفروضين بقوة الواقع على الأسرة السورية.
وفي حال التفكير في بدائل عن المازوت فليس من خيار سوى الاعتماد على الحطب أو الكهرباء. الخيار الأول مستبعد بشكل كبير، أولاً لعدم قدرة المواطن على شراء مدفئة حطب خاصة لأن سعرها يفوق دخله الشهري. ثانياً لأن سعر كيلو الحطب في فصل الشتاء يتجاوز الـ 35 ليرة، وهذا يعني أن الأسرة بحاجة إلى مبلغ يومي يتجاوز 500 ليرة أي 15000 ليرة شهرياً وهذا الخيار سيترافق مع مزيد من الأمراض الصدرية. وفيما يتعلق بالتدفئة عن طريق الطاقة الكهربائية فدونه المزيد من العقبات، أولها ارتفاع تسعيرة الكيلو واط ساعي والضرائب المترتبة على الاستهلاك. ثانياً: ارتفاع تسعيرة الاستهلاك وحجم الضرائب طرداً مع ازداد الاستهلاك. ثالثاً: تراجع إنتاج الطاقة الكهربائية وازدياد ساعات التقنين. بالتأكيد سيزداد معدل التقنين مع ازدياد الاستهلاك بسبب عدم توفر القدرة على تغطية الاستهلاك الزائد. وهذا يرتبط بداهة بتوقف العديد من محطات التوليد الكهربائي نتيجة الصراع، وعدم توفّر الكميات اللازمة من الفيول والغاز اللازم لتوليد الطاقة الكهربائية.
المحصلة أن الأسرة السورية ستقع في أزمة كارثية. فهي ليست قادرة على توفير مصادر الطاقة للتدفئة وإن حصل فإنه سيكون على حساب معيشة أفراد الأسرة. ويجب التذكير بأن أعداد كبيرة من الفقراء والأطفال بشكل خاص كانوا قبل الأزمة يمضون جلّ وقتهم في البحث عن بعض العيدان أو بقايا البلاستيك لإشعالها علّها تبعد عنهم شبح البرد. أما الآن، فإن ازدياد معدلات الفقر والارتفاع المخيف للأسعار سيجعل من هذه الظاهرة أكثر انتشاراً. وقد تكون مترافقة مع ارتفاع معدلات القتل بسبب انهيار الآمان .
وإذا حاولنا أن نحدد آثار ارتفاع سعر حوامل الطاقة على الإنتاج الزراعي والثروة الحيوانية والقطاع الصناعي والخدمي. فإن كارثة أشمل وأعمق ستكون في انتظارنا. وآخر انعكاسات رفع سعر المحروقات تجلى في احتجاج صناعيي مدينة حلب، وهؤلاء يشترون وفق تصريحاتهم ليتر المازوت بـ 150 ليرة. وبالتأكيد فإن هذا سينعكس على استمرار العملية الإنتاجية وتكاليف الإنتاج وبالتالي على الأسعار، إضافة إلى تراجع القدرة التنافسية أمام البضائع المستورد. وهذا يهدد بإفلاس الباقي من الصناعات الوطنية وتوقّفها عن العمل. أما القطاعات التي ستستمر في الإنتاج فإن رفع سعر منتجاتها سيكون أمراً مؤكداً. وهذا سينعكس بأشكال سلبية على شرائح اجتماعية واسعة بمزيد من الإفقار والبطالة والتهميش. وهذه الفئات بالأساس لم تعُد منذ زمن بعيد قادرة على تأمين احتياجاتها. أما القطاع الزراعي فإنه سيشهد حالات إفلاس حقيقية. وإذا كان كثير من المزارعين سيهجرون أرضهم ويتركون زراعتهم. لكنهم بالتأكيد لن يستطيعوا الهجرة إلى محيط المدن كما حصل في عام 2008 عندما تم رفع سعر المازوت إلى 25 ليرة لليتر الواحد. وهذا يعني بالتأكيد أن المستهلك سيشهد فاقة لم يشهدها من قبل.
إن رفع سعر المازوت إلى 80 ليرة، سيوفّر للخزينة دخلاً سنوياً إضافياً يقدر بـ 100 مليون دولار، وهذا العائد ناجم فقط عن فرق السعر في استهلاك المازوت في التدفئة المنزلية. وأكثر من ذلك نتيجة رفع سعر ليتر البنزين من 120 إلى 140 ليرة. إما العائد الناجم عن رفع سعر المازوت في الزراعة والصناعة والخدمات، فإنه سيكون أكثر من ضعف العائد الناتج عن الاستهلاك المخصص للتدفئة. وأياً يكن العائد المالي. فإنه لا يعادل الضرر الذي ستتعرض له القطاعات الإنتاجية، ذلك من جهة ارتفاع تكاليف الإنتاج ( أجور عمالة، تكاليف نقل وتسويق، سعر مواد أولية..) وانخفاض القدرة التنافسية. ولن يكون بمنأى عن ذلك القطاعات الخدمية. ويبدوا أن الحكومة عاجزة عن إيقاف تدهور مستوى المعيشة، وجنون الأسعار. وكل هذا يتم مع صمت الحكومة عن تعديل الأجور بما يتلائم مع ارتفاع الأسعار. هذا مع علمنا بأن أي زيادة على الأجور، ستكون اسمية. أي سيقابلها ارتفاع مباشر في معدل التضخم ـ ارتفاع الأسعارـ تراجع القيمة الحقيقية للدخل ـ انخفاض قيمة الليرة ـ تراجع القدرة الشرائية. وهذا يعني بالمحصلة النهائية ازدياد معدلات الفقر والبطالة. إن تراجع معدلات الإنتاج ـ دمار القطاعات الإنتاجية ـ الحصار الاقتصادي ـ تراجع الاستثمار في مصادر الطاقة وباقي المجالات ـ الحرب العمياء ـ ازدياد أعداد تجار الحروب ـ الإثراء القائم على النهب والقتل والخطف. كلها عوامل تدفع المواطن إلى أزمة كارثية تُنذر بمزيد من التحلل القيمي والتفكك الاجتماعي وتخلع البنى الاجتماعية والمؤسسات المدنية. وهذا ينبئ أيضاً، بمزيد من الكوارث الاجتماعية نتيجة الفقر الذي وصل حدود المجاعة، ونتيجة تفتت البنى الاجتماعية في سياق إعادة تشكّلها في إطار تجمعات مذهبية وعرقية وطائفية عشائرية.
أخيراً نستعرض تغيّر أسعار المازوت في سوريا بالليرة السورية ونترك للقارئ مقارنتها بارتفاع معدلات الأجور وقيمة الليرة وقدرتها الشرائية: ((( 1970- 0،12// 1974-0،15// 1975-0،12// 1976- 0،15// 1978- 0،20// 1978- 0،25// 1980- 0،50 // 1981-0،90// 1982- 1،00// 1985-1،5// 1991-2،75//1992-3،85//1994-6،10 // 2002-7،10// 2008ـ 16،50// 2011- 25،00// 2011 ـ 20،00 // 2012 ـ 35،00// 2013 ـ 47،00// 2013 ـ 60،00//2014 ـ 80،00// ))).
-----------------------------------------------------------------------------------------



#معتز_حيسو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في مقدمات انهيار الدولة
- في نهايات «الربيع السوري»
- سوريا: من ثقافة التغيير إلى سياسة التحرير
- في غزة: حرب على التاريخ والهوية
- من يتحمّل نتائج ارتفاع الأسعار في سوريا؟
- سوريا: من نتائج لغة السلاح
- الحدود السياسية لدولة «داعش»
- إلى «رموز» المعارضة السورية في الخارج... كفى
- في سؤال الهوية
- ما بين الاقتصاد والسياسة في سوريا
- سوريا: عندما تكون الحرب مدخلاً إلى السياسة
- أوقفوا إرهابكم عن الجامعات السورية
- في سوريا... الكارثة تكشفها الأرقام
- سوريا 2011 - 2014 من الحرية إلى انهيار الأطر الوطنية
- من إشكاليات الفكر العربي
- عندما يتحوّل «جنيف» إلى منصّة لقتل السوريين
- قراءة أولية في ظاهرة التضخم
- إعادة الإعمار مدخل إلى النهب النيوليبرالي في سوريا
- المثقف السوري زمن الأزمة
- إلى أن يحين موعد الجولة الثانية من «جنيف 2»


المزيد.....




- سلمان رشدي لـCNN: المهاجم لم يقرأ -آيات شيطانية-.. وكان كافي ...
- مصر: قتل واعتداء جنسي على رضيعة سودانية -جريمة عابرة للجنسي ...
- بهذه السيارة الكهربائية تريد فولكس فاغن كسب الشباب الصيني!
- النرويج بصدد الاعتراف بدولة فلسطين
- نجمة داوود الحمراء تجدد نداءها للتبرع بالدم
- الخارجية الروسية تنفي نيتها وقف إصدار الوثائق للروس في الخار ...
- ماكرون: قواعد اللعبة تغيرت وأوروبا قد تموت
- بالفيديو.. غارة إسرائيلية تستهدف منزلا في بلدة عيتا الشعب جن ...
- روسيا تختبر غواصة صاروخية جديدة
- أطعمة تضر المفاصل


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - معتز حيسو - شتاء السوريين