أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أسعد العزوني - إشهار ومناقشة كتاب (أغصان الكرمة: المسيحيون العرب) للدكتور عبد الحسين شعبان















المزيد.....



إشهار ومناقشة كتاب (أغصان الكرمة: المسيحيون العرب) للدكتور عبد الحسين شعبان


أسعد العزوني

الحوار المتمدن-العدد: 4974 - 2015 / 11 / 3 - 18:20
المحور: الادب والفن
    


إشهار ومناقشة كتاب (أغصان الكرمة: المسيحيون العرب) للدكتور عبد الحسين شعبان

عمان- أسعد العزوني
صدر عن دار حمورابي للبحوث والدراسات الإستراتيجية كتاب جديد للباحث الدكتور عبد الحسين شعبان بعنوان "المسيحيون العرب ..أغصان الكرمة " ، وقد نظم منتدى الفكر العربي في عمان مساء الأحد الماضي حفل إشهار له ، حضره نحو مثتي مثقف وباحث وسياسي وإعلامي من الأردنيين والعراقيين المقيمين في الأردن ،إضافة إلى لفيف من الدبلوماسيين العرب والأجانب في الأردن.
يطرح الكتاب سؤالاً كبيراً وعميقاً هل المسيحيون "أقلية"؟ وهل هم أغراباً ؟ ويتناول أخطاءً شائعة على هذا الصعيد ويتوقف عند إشكالية التنوّع الثقافي في العالم العربي وقصور النخب والتيارات الفكرية والسياسية إزاءها، لاسيّما بعد موجة ما أطلق عليه الربيع العربي بنجاحاتها وخيباتها، ويسلط الباحث الضوء على موضوع مرجعية الدولة الوطنية والسبيل لحل مشكلة المجموعات الثقافية والهوّيات الفرعية.
يستعيد الباحث بعض الآراء ووجهات النظر القديمة، فيناقشها من منظور روح العصر وبما يستجيب للتطور والتغيير والعيش المشترك والحقوق والحريات ومقاصد الإسلام ، فيحاول إجلاء بعض الإشكاليات التي يتعكّز عليها المتعصبون والمتطرفون والإرهابيون على مختلف توجهاتهم وخصوصاً في التصدي للمسيحيين واستهدافهم تحت عناوين " دار الحرب ودار السلام" وأهل الذمة ودفع الجزية ويفرّق بين الإرهاب والجهاد، ويفنّد الأطروحات الأصولية السلفية التي تريد توظيف النصوص الإسلامية بالضد منها .
وبأريحية يتناول الباحث، المسيحيون من منظور آخر ويقصد بذلك منظور اللّاعنف والتسامح، فيعرض علاقة المسيحيين بالغرب، ومحاولات الإساءة إليهم كما يدرس على نحو معمّق الظاهرة المسيحية من خلال مفهوم التسامح الحديث الذي أقرّته منظمة اليونسكو التابعة للأمم المتحدة معتبرة يوم 16 تشرين الثاني (نوفمبر) من كل عام يوماً عالمياً للتسامح مشدّداً على الحق في الإيمان والحق في التسامح، وهما منظوران إسلاميان بقراءة منفتحة على التطور العالمي.
يضع الباحث عنواناً للباب الثاني من كتابه " المسيحيون والمواطنة" ويتناول المخاطر التي تعرّض لها المسيحيون في العالم العربي، سواءً في العراق أو سوريا أو لبنان أو مصر أو السودان، وبالطبع في فلسطين، حيث تعرّض الوجود المسيحي للاستهداف في عملية إجلاء وتهجير منفلتة من عقالها ، كما تعرّضوا لعمليات قتل وتدمير لكنائسهم ومقدساتهم.
ويفرد الباحث القسم الأخير لبحث موضوع " المسيحيون والهوّية" وقضايا الالتباس الحضاري التي يجري توظيفها أحياناً من جانب بعض القوى الغربية ،سواءً بالإساءة إلى النبي محمد (ص) أو ما تقوم به بعض الجماعات الإرهابية من إساءة للإسلام وتعاليمه السمحاء، وخصوصاً تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) وأخواتها. ويختتم الكتاب بتأكيد المشترك الإنساني ومبادئ المواطنة المتساوية ويقترح مشروع قانون لمواجهة الطائفية، مشيراً إلى مخاطر تفتيت الدولة الوطنية
وفي كلمة الإقتتاح قال مندوب الأمير الحسن بن طلال أمين عام منتدى الفكر العرب د.محمد أبو حمور إنَّ هذا الكتاب، الذي نحتفلُ بإشهارهِ اليوم بمشاركتِكُم جميعاً، هو صورةٌ من الفكرِ الأصيل، الذي نسعى كمؤسساتٍ فكريةٍ عاملةٍ بروح التجديد، إلى ترسيخِهِ ونشرِه بين النُّخب وقادة الرأي، وإيجادِ حالةٍ عامة من الإدراك والوعي بمقاصدهِ. وإذا كانَ الفكر النهضويّ يتجلّى أكثر ما يتجلّى في خِضم الأزمات؛ فإنَّ كتابَ (أغصان الكرمة: المسيحيّون العرب)، بما يطرَحَهُ من أسئلةٍ مصيرية، لا يُعالجُ قضايا فرعية، أو آنية، مجرّدةً عن امتدادها الحضاريّ، وعن إعادة بناء الدولة العربية واستشراف المستقبل القريب والبعيد معاً؛ بل هو بحثٌ يغوصُ في حقيقة الكيان الإنسانيّ العربيّ وهُويّته، ومخاطر ما يتعرّض له من تهديداتٍ في مكوّناتِ وحدَتِه وتماسكهِ.





وأضاف إنَّ قضية المسيحيين العرب، بما تعنيه من مكوّن أساسي في حضارة هذه المنطقة والتنوّع في إطار الوحدة، وبما تُفضي إليه من تشابكات العَلاقة مع الغرب، والتشوهات التي أصابت صورة الإسلام والمسلمين، نتيجة الممارسات المُدانة في الداخل والخارج ... أصبحت تمثل قضية وجود للمسلمين والمسيحيين العرب معاً، وتؤكد أنَّ الاستهداف بدعوات التكفير والاضطهاد والطائفية البغيضة وأشكال التفرقة والإساءة للمقدسات وما يتبعها من ممارسات العنف والإرهاب على أي جانبٍ كان ... هو استهداف للمشتَرَك الإنسانيّ في هذه المنطقة، ولا ينفصل عن استهداف الأرض والإنسان والتاريخ والمستقبل في الصراع العربي- الصهيوني، وفي نفس الوقت تفتح هذه القضية الباب واسعاً لاستشراف منابع استعادة الوعي، والتمكين لأن تستمد الأُمّة من جديد عناصر قوتها من التحديات القائمة، فتحولُها إلى فرص بناء للمواطنة المتساوية وحقوق الإنسان، ومواجهة نار الطائفية الحارقة، وذلك بإرساء احترام الخصوصيات وتعظيم المُشتركات، وتمتين النسيج الحضاري والإنساني للمجتمع المدني والدولة الوطنية.

وبدوره قال وزير الثقافة الأسبق جريس سماوي أن إصدار هذا الكتاب جاء في وقت تعصف الكراهية والأنشقاق والظلامية والسطحية ببلداننا العربية ومنطقتنا وخصوصا فيما يتعلق بتلك المكونات الأصيلة من مكونات مجتمعاتنا ومنها المسيحيون العرب الذين ساهموا في الحضارة العربية الأسلامية مساهمة الأبناء المدافعين والمنافحين عنها والمحاربين من أجلها لأنها منهم ولهم. أقول أرفع يدي بالتحية والتقدير لأستاذنا في الوقت الذي لم نجد فيه مظاهرة أو صوتا أو صرخة أحتجاج على ما حصل لمسيحيي الموصل أو أزيديي العراق وكأن الشارع العربي الذي دأب على الحركة والحراك قد لمسته يد ادت به الى الشلل. وهنا أرى أنه لا بد من بحث هذه الظاهرة وهذا السكوت ولا بد من أن نرفع السؤال ورفع الأسئلة مشروع ومباح وقد أمسينا في هذه المنطقة بدون أجوبة على الأسئلة الكبرى التي ألمت بأمتنا وانسحبت على مجمل تاريخنا وبقيت بدون أجابات لقرون وقرون وصرنا وكأننا لا نفهم ومن يفهم !!
وأوضح أن قلقا ينسحب على مجمل هذا الكتاب ، ينفلت أحيانا من بين السطور ويختفي تارة خلف معلومات بحثية وتاريخية يجتهد صاحبها في استحضارها. وهو قلق على مشروع الدولة، وقلق على المواطنة، وقلق على التنوع الثقافي والعرقي والديني الذي أزدهرت به منطقتنا لقرون طويلة ويرفع المؤلف قلقه هذا على شكل أحالات الى التاريخ والأحداث الجارية وهو المحيط أحاطة شاملة بما يحتويه التاريخ من شواهد وأدلة ومرجعيات لها أرتباطها بموضوع بحثه وأطروحته التي يضعها من أجل الأستدلال الى الفكرة الرئيسة التي يفصح عنها منذ الصفحات الأولى حيث يصف المسيحيين العرب بأنهم ملح العرب في أشارة الى مقولة السيد المسيح لأتباعه: " أنتم ملح الأرض فأذا فسد الملح فبماذا يملح؟ ".
وأكد أن هذه أشارة ذكية من المؤلف من حيث الدلالة والرمز ومن حيث الأجماع العربي في فترة عصر النهضة الذي شهد التخلص من الحكم العثماني وفي سنوات النهوض الوطني أيضا ولا أقول القومي فقط في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي هذا الأجماع الذي يشير باحترام وتباه ويعترف بدور المسيحيين العرب الوطني والنهضوي والتنويري وحفاظهم على اللغة العربية ونسخ القران الكريم في الأديرة على يد الرهبان ومن ثم مشاركتهم في النضال الوطني ضد الأستعمار الكونيالي الحديث أضافة الى دورهم في الثقافة والفنون عموما. ويدل استخدام كلمة الملح هنا ايضا الى اشارة أخرى بالأضافة الى أعطاء الأستساغة والنكهة الى الحضارة العربية والأسلامية كما يفعل الملح بالطعام الا وهي الأشارة الى القلة والندرة في أشارة الى قلة عدد المسيحيين في العالم العربي الا أنهم مؤثرون في التنوير والنهوض والمواطنة. فالعرب المسيحيون كانوا دائما حماة الأسلام والمدافعين والمنافحين عنه ذلكأنهم وجدوا فيه هوية وانتماء ورفعة شأن قومي جعلهم يعتنقونه ثقافة وحضارة وأرثا ووجدانا.
ورغم ان المؤلف لا تروق له كلمة أقلية أذ أن المسيحيين العرب في بلدانهم هم أغلبية لأنهم عرب كما يقول الأ انه يضطر الى استخدام مصطلح الأقلية في أكثر من موقع. فهو يقول: " على الرغم من أن الأمم المتحدة قد جاءت على ذكر حقوق الأقليات في أعلانها عام 1992 الأ أنه والحديث للمؤلف : " شخصيا لا أنظر الى المسيحيين كأقلية، وأشعر بقدر من الأنزعاج عند استخدام مصطلح " الأقلية " على المكون الثقافي المسيحي أو غيره قوميا كان أم دينيا ... " انتهى الاقتباس.
يشير المؤلف الى هجرة المسيحيين المتزايدة من الشرق العربي ويتساءل : ماذا بعد تفريغ المنطقة من المسيحيين؟ والجواب على هذا التساؤل يقع على عاتق أقامة الدولة العصرية التي تقوم على المساواة وعدم التمييز كما يقول وهي في الدرجة الأولى مسؤولية اسلامية وعربية بحسب المؤلف. وقد كنت أتمنى على أستاذنا وهو القادم من أصول يسارية علمانية لو أنه أفرد بعض الصفحات ليضع لنا تصورا في كيفية الأنتقال الى الدولة العصرية المدنية أو العلمانية أن شئت.
لقد استوقفني عنوان فرعي في القسم الخامس من الباب الأول في الكتاب وهو بعنوان : " الحق في الأيمان والحق في التسامح"، على الرغم من تحفظي على كلمة تسامح واؤيد هنا استخدام كلمات من قبيل المساواة أو العدالة، فتحت هذا العنوان يناقش المؤلف مفهوم التسامح ويشير الى التفاعلات التي حدثت في اوروبا بعد الحروب الطاحنة والتمميز والتعصب التي عصفت بالقارة العجوز. وأقول هنا أن ما يسمى بالتسامح هو مفهوم يعني أن هناك من هو أعلى مرتبة وأرفع شأنا وأقوى وأكثر عددا يتسامح مع من هو اقل شأنا وعددا وقوة ففي الدول التي تحكمها القوانين المدنية يتخذ مفهوم التسامح صيغا قانونية كالعدل والمساواة والحرية وتكافؤ الفرص بحيث تحكم جميع مكونات المجتمع القوانين والتشريعات.
وعودة الى العنوان الفرعي المشار اليه فقد أعجبتني أشارة المؤلف الذكية حين قال : " أن نشر مباديء التسامح وسيادة روح الحق في الأختلاف تتطلب أعادة التفكير في الموروث الثقافي وأخذ التراث في سياقه التاريخي وأعادة بناء العلاقة بين الثقافة والدولة وبين المجتمع والسلطة الخ..." ويأتي المؤلف في سياق اشاراته واستشهاداته بالمرجعيات الى القران الكريم والى سور وأيات بعينها تحض على التسامح. لكن هل الأستشهاد بالدين كاف لأثبات هذا الحق الأجتماعي الطبيعي والغريزي؟ ذلك أن القران حمال أوجه كما قال عنه علي ابن أبي طالب رضي الله عنه. وأي نص ديني سواء كان اسلاميا او مسيحيا او من أي دين اخر هو أيضا حمال أوجه ما دام هذا النص مرتبط بالغيب وخاضع للتأويل والتفسير، وأسجل للمؤلف ذهابه باتجاه حلول الدولة المدنية والأشارة الى القرن السابع عشر في أوروبا الذي شهد بروز الفهم القانوني والمدني لمفهوم التسامح . وهنا أضع السؤال عاليا : هل تبقى مفاهيم من مثل التسامح أو العيش المشترك أو السلم الأجتماعي أو عدم التمييز أو الحق في الأختلاف مفاهيم خاضعة لفهم كل فرد وكل جماعة على حدة؟ هل تبقى هذه المفاهيم تدور في أطار الفهم الغامض والمجاملات والعواطف التي سرعان ما تتغير مع فتوى فقيه او معركة ترحيل قسري أو حدث جلل مزلزل؟ وأذا كان باحثنا الكريم يقول بمليء الفم أن الحل أنما يكمن في الدولة المدنية العصرية فلماذا لا نقول بملء الفم أيضا بأننا نريد قوانين وتشريعات تعزز المساواة والعدل وحرية الفرد والمكونات الثقافية المختلفة وتحترم الأختلاف والتنوع وتحرّم وتجرّم التمييّز والطائفية وقد أشار باحثنا الكريم الى اقتراحه في وضع قانون يحرم الطائفية في العراق وتمنيت لو اسهب في وضع مقترحات تتصل بقوننة المفاهيم التي تدعو الى العيش المشترك والسلم المجتمعي ووضعها في أطر تشريعية تجرم من ينتهكها.
وأشير هنا الى قانون التسامح البريطاني الذي صدر عام 1689 وكتابي جون لوك : " رسالة في التسامح" و " رسالتان في الحكم " بحيث أصبح هناك منظومة قانونية تجرم التمييز. وانسحب ذلك على أوربا بمجملها.
أنني أرى أن مساهمة الدكتور عبد الحسين شعبان في كتابه هذا تعتبر لبنة أساسية في وضع بنيان متين لمستقبل بدون تمييز ولدولة مدنية قادمة تقف مع الأنسان وتنحاز للحياة في مواجهة الظلامية والتطرف. وأشكره الشكر العالي على نضاله من اجل حقوق الأنسان ورفعه الأسئلة بجرأة وصدق وحيادية. ويبقى من هذه الأسئلة السؤال الذي يطرحه المؤلف وماذا بعد ؟ وتبقى دعوته لمراجعة الميراث الثقافي والأجتماعي والديني للأمة مفتوحة وأضيف الى ذلك الدعوة الى ضرورة قيام الأحزاب العربية والجماعات الضاغطة والأفراد والمؤسسات التي تعنى بالعدل والمساوة والحرية لوضع أطار لمشروع الدولة المدنية القادمة. وقبل ذلك بكثير وبعده أيضا على المسلمين والمسيحيين معا أفرادا وجماعات العودة الى اصول وثوابت مشروع النهضة العربية وبلورة مفهوم الهوية الوطنية في أطار الثقافة العربية الأسلامية وفصل الدين عن الدولة من أجل الوصول الى مستقبل يصبح فيه الملح جزءا اساسيا من مائدة الوطن وتكون هذه المائدة متنوعة غنية زاخرة وفاكهتها العدل والمساواة والحرية.




أما وزير الداخلية الأسبق م .سمير الحباشنة أننا نحتفل بأشهار كتابه د.عبد الحسين شعبان الموسوم "أغصان الكرمة- المسيحيون العرب "، والذي تضمّن فصولا تاريخية وثقافية وفكرية تحاكي جمالية العروبة وفسيفسائها الجميلة ، وتنوعها ، وقبولها بالآخر، بل وأندماج مكوناتها وانصارها في مرجلٍ تاريخي ، بلا تعنصر أو ضدية. وان كل من طرق بابها وأن أبدى كفاءة ، وقدم عطاءً لم تتردد أن تضعه في مقدمة ركبها الحضاري وحضورها الانساني الفسيح . فكان أن تشكّل وفق منظومة هذا الفهم الراقي وعلى مدى أربعة عشر قرناً حالة راسخة من الوئام الاجتماعي والثقافي الواحد بمشاركة فعلية من العرب المسلمين والمسيحيين وغيرهم ، بمذاهبهم و بطوائفهم كافّة. وكان نتاجهم تلك الحضارة العربية الاسلامية، التي قدمت الكثير للانسانية وكانت جسراً فكرياً وثقافياً وعلمياً موصِلاً ايجابياً بين الحضارات . وان حضارتنا لم تفهم العروبة على أساس عرقي مغلق، و لم تفهم الاسلام على أساس أنه وجود ، ولا وجود لغيره، فكانت العروبة وعاءً واسعاً رحباً تقبّلت كل الاديان والمذاهب والطوائف و الاعراق . وبمزاج عربي ايجابي على المستويين الشعبي والنخبوي ، يتقبل ذلك ويعترف به ولا ينفيه ، حيث يتجلى ذلك في ذروة مراحل النهوض العربي، لكنه بالمقابل ينكفىء هذا المزاج في مراحل الانتكاس ، حين يتوقف العرب عن ممارسة دورهم كمساهم اصيل في رسم معالم الحضارة الانسانية وتطورها. وعلى اي حال ومن قراءة سريعة للتاريخ نرى ان الكينونة العربية الاسلامية تكون في الصدارة حين يكون دور العرب ريادياً وقيادياً بها : وبالمقابل فانها تتراجع مع تراجع دور العرب ، وحديث رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم حين قال باستشراف عبقري رائع : "اذا ذُل العرب ذُل الاسلام" وكذلك قوله "العرب مادة الاسلام".
وعلى أي حال ، فان كتاب د عبد الحسين شعبان موضوع حديثنا في هذا المساء يأتي في وقت نحن في أمس الحاجة له ، بأعتبار أننا نمر بمرحلة حرجة يغيب بها العقل ونفتقد كعرب ذاكرتنا الايجابية تحت وقع القتل والدمار، بتجلياته السيئة المذهبية والطائفية في أكثر من بلد عربي. لذى فان على الفكر العربي النير الآن المحاولة لأن تستعيد أمتنا ذاكرتها الايجابية ، فنحيي فينا كل المعاني الخيرة السامية ، ونعيد لعقيدتنا الواحدة بأشتقاقاتها المتعددة والمتنوعة مكانتها المرموقة ، فنطفىء حرائق التخلف والجهل ، التى تسيطر على المشهد العربي اليوم . علينا ان نتذكر ونعصرن قيم الاسلام العظيمة وتوقيره للمسيحية ونبيها وروادها الأوائل باعتبارهم جزء أصيل من كل عربي متكامل ، لا يقبل القسمة ، فالجسد الواحد أيها الأخوة له روح واحدة ، وان انقسم الجسد غادرته الروح .. ولنتذكر أن الاسلام و المسيحية منا ، ونحن روادهما الأوائل ، وان الله سبحانه قد خص بلادنا بانطلاقتيهما الأولى ،وان المذاهب والطوائف كذلك أنما نحن العرب أيضا من وضع لبنات تشكلها الاولى ، فكانت جميعها مادة أغناء وتنوع لمسيرتنا على أمتداد التاريخ وتقلب الحقب.هذا مع التنويه بأن مراحل الانكفاء كانت بأغلبها من صنع من هم خارج حوطتنا العربية ممن تخفوا بلبوس المذاهب ودعوى الدفاع عن الدين وهم بحقيقتهم أنما يعبرون عن حقد دفين. وبل ترصد دائم لايقاع الأذى بالعرب ومكانتهم وحضارتهم ، بل والاقتصاص من مرارة هزائم لم يتمكنوا من طي صفحاتها ، فتوارثوها جيل اثر جيل ينتظرون لحظة الثأر ، وان تمسحت ثأرياتهم وتغلفت بدعوى الدفاع عن الاسلام او الانتصار للمسيحية . وحتى لايكون حديثنا محض نظري فأن اسهامات ابناء جلدتنا العرب المسيحيين في مرحلة محاولات النهوض المعاصر وطموحات العرب المشروعة بالانعتاق والتحرر والتقدم و الوحدة ، جلية وبارزة ، بل وقبولهم و قبول دورهم و رياديتهم من لدن الجمهور العربي بكل أطيافه ، فنذكر على سبيل المثال لا الحصر ان بطرس نيروز غالي كان رئيسا لوزراء مصر في بداية القرن الماضي، و انّ الزعيم الوطني اللبناني السوري فارس خوري كان رئيسا لوزراء سوريا و رئيسا لمجلس نوابها، بل وشغل أيضاً منصب وزير الاوقاف ، وحين تسائل احد النواب في البرلمان قائلا " فارس بيك خوري وزيرا للاوقاف !" ... وقف عبدالحميد الطباع نائب رئيس الكتلة الاسلامية في البرلمان قائلا" نؤمّن فارس خوري على أوقافنا أكثر مما نؤمن أنفسنا " ... و لنتذكر في هذا المساء ان الملازم البحري العربي المسيحي جول جمال ، يكاد يكون البطل و الشهيد العربي الأبرز في القرن الماضي، حين حمى الاسكندرية ابّان العدوان الثلالثي بجسده ، حين دمّر وأغرق ليلة 4/11 اسطورة البحرية الفرنسية (جان بارت) أهم مدمرة كانت تمتلكها فرنسا. ونتذكر و نتذكر الكثير الكثير من ابناء عروبتنا المسيحيين و دورهم التنويري الايجابي وعلى المدى في شتى مناحي حياتنا العربية.
ما أود ان اناقشه معكم في هذا المساء أمراً في غاية الاهمية ويمثل مفصلاً بمشروع نهوض عربي حداثي منتظر ، يتعلق بطبيعة هوية بلادنا ، وارجو ان تكون هذه الفقرة مادة لنقاش مستقبلي جريء، ذلك انه لايجوز ان نذهب عند الحديث عن الهوية الى مقاربات فكرية او براهينية او مسلكية يمكن أن ترتدّ علينا. أو أن تُستخدم ضدنا وتنقلب حججاً تضيع حقوقنا المشروعة بموجبها ، وبل تخلق المزيد من التشرذم للصف العربي.
نسمع وعلى ألسنة كثيرة بأن بلادنا هي "ديار الاسلام " وتحديدا حين يتعلق الامر بفلسطين. والحقيقة التاريخية أنه لايوجد شعب و لم تكن ارضا تنتسب الى دين، فباكستان باغلبيتها الساحقة مسلمون، واندونيسيا وكذلك تركيا .... ولا يقال عن هذه الدول "ديار الاسلام " بل هي ديار الباكستانيين والأندونسيين والاتراك . كذلك فأن بريطانيا وفرنسا والمانيا ذات اغلبية سكانية ساحقه تدين بالمسيحيه ومع ذلك لا يقال ان هذه البلدان ديار للمسيحيه .. والأمر ذاته على الهند والصين وغيرها من الدول التي تعتنق البوذية أوالهندوسية. فالبلدان هي لشعوبها وللاعراق التى تشكلت منها تلك الشعوب ..الارض تُعرف بالعرق المتواجد عليها عبر حقب و مراحل تاريخية طويلة بغض النظر عن المعتقد السائد . وهنا لابد لنا ان نناقش الاسباب التي تدفع البعض لترويج هذا المفهوم ، مفهوم ربط الاوطان بالدين، والاثار المترتبة على ذلك.
هؤلاء يبنون حجتهم على انّ المسجد الأقصى المبارك ،هو اولى القبلتنين، و ثالث الحرمين، ومن هناك عرج سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم الى السماء "وهذا صحيح" ، ويقولون أيضاً بأن المسلمين اتوا الى فلسطين منذ أربعة عشرة قرناً ، عبر الفتح العربي الاسلامي . ويستمرون بحجتهم بأن المسلمين هم اغلبية سكانية : وهي أسباب كافية لرأيهم لان توسم هذه البلاد بأنها ديار الاسلام .
والآن لنأخذ هذه المسوّغات ونسقطها على منطق اسرائيل، حين تقول ان فلسطين بالنسبة لهم هي أرض الميعاد، و بها الهيكل " كما يزعمون" ، وانهم قد جاؤوها "الآن" كمحررين للعقيدة من (الاسلام المحتل)، وانهم يشكّلون الآن كأمر واقع أغلبية سكانية، بل ويقولون اذا كان الاسلام قد جاء منذ 14 قرنا فقد جاءت اليهودية قبل ذلك بآلاف السنين ، و بذلك يستنتجون بأن فلسطين "ديار اليهود". واذا ما فكّر مسيحيون متطرفون بنفس المنطق، وقد فكّروا به فعلاً إبّان الحروب الصليبية فانهم سيصلون الى نفس النتيجة، اي حقهم بهذه البلاد باعتبارها شهدت النشاة الاولى للمسيحية وبل يضيفون بأن المسيحية قبل الاسلام ب 600 عام .
نلاحظ من هذه المقاربة بأن هذه المسوغات وأن سلمنا بها ،، هي ذات المسوغات التي تستند لها اسرائيل من حيث الأدعاء .. بالوجود والأقدمية التاريخية، وأمتلاك المكان المقدس (الهيكل المزعوم) وكذلك ( فتحها ) بالقوة عبر (حروب التحرير) مقارنة بالفتح العربي الاسلامي (باستخدام القوة).
اذا أخواتي واخوتي، علينا ان نتحدث بخطاب آخر و بمقاربة أخرى، بالقول أن هذه الارض "ديار عربية" لكل العرب، بكل معتقداتهم.، وان نغلّب الهوية العربية على كل الهويات الفرعية الاثنية والعرقية، وان ننزّه بنفس الوقت الاديان، و نرتقي بها في مكان و مرتبة أرقى فوق كل المعاني الدنيوية المادية والسياسية، وان تكون المواطنة المكتملة هي الاساس الذي يحتكم اليه العرب بغض النظر عن دياناتهم او مذاهبهم او طوائفهم .
وبهذا القياس لا تصبح لدينا مشكلة مع اليهودي العربي ابن اليمن او العراق او مصر او سوريا او المغرب او تونس ، فهؤلاء ابناء أمتنا، وان اختلفوا في الدين. والعودة الى مفهوم العروبة كوعاء حضاري يستوعب كل الاعراق الأخرى التي عاشت بين ظهرانينا و انخرطت في الحياة العربية و قدمت طلائعها خدمات جليلة للحضارة العربية بمفهومها التاريخي والابداعي، و لنتذكّر بأن أمير الشعراء أحمد شوقي هو من عرق تركي، وان سيبويه الذي قدّم للغة العربية كما لم يقدم اي عربي آخر هو من عرق فارسي : فهل ننفي عروبة هؤلاء استناداً الى اصولهم !!؟.
اذن دعونا نتبنى مفهوم الهوية العربية هذا ، كأساس للانطلاق وللنهوض العربي و تحريره من كل التناحرات والمناكفات الذهنية والخشنة التي تمايز بين العرب على اساس ديني او مذهبي او طائفي، وان نقدّم خطاباً حداثياً منطلقاً من طبيعتنا التاريخية التي توقفت بهذه العجالة على بعض من سماتها والتي شرحها الدكتورعبد الحسين شعبان بكتابه المُحتفي به هذا المساء ، كي نعيد لملمة الجسد العربي المتشظي، فنصل الى نتيجة وهي ان مشكلتنا مع اسرائيل ليست مع اليهودية بل مع الصهيونية كحركة استعمار غربي ، دلفت الينا باسم اليهودية كغلاف مع انها ليست الا شكل مكرر من اشكال الاستعمار الكولونيالي على غرار الأستعمار العنصري الابيض لجنوب افريقيا و روديسيا "زيمبابوي حاليا".



to me


وفي ختام الحفل تحدث الدكتور شعبان وتضمنت كلمته العديد من النقاط المفصلية منها:
1- صعود التيار الإسلامي في العقود الأربعة الماضية يعود إلى إخفاق وعدم نجاح التيارين القومي العربي واليساري الماركسي، وقد تجلّى ذلك بـ:
أ- الغزو السوفييتي لأفغانستان
ب- الثورة الإيرانية
ج- تبني حركة الأخوان في مصر في الثمانينات الأسلوب العنفي في مواجهة السلطات وصعود تيار إسلامي في الجزائر اتخذ من العنف وسيلة لحسم الصراع وذلك في التسعينات .
د- ظهور أحزاب إسلامية سياسية من الباكستان وحتى المغرب وشملت معظم بلدان المشرق : العراق (حزب الدعوة وأحزاب إسلامية أخرى) وسوريا (حزب الأخوان) ولبنان (حزب الله) والاردن والخليج وفلسطين (حماس والجهاد)، إضافة إلى إيران وأفغانستان . وفي المغرب العربي : تونس (حزب النهضة) المغرب (حزب العدالة والتنمية المغربي) وحركات إسلامية في ليبيا وموريتانيا وغيرها.
2- بروز الظاهرة الطائفية وقد لعب الإعلام وخصوصاً الفضائيات دوراً كبيراً في الاستقطابات والاحترابات الطائفية، فضلاً عن الحروب التي شهدتها العديد من البلدان العربية . وقد اتسعت هذه الظاهرة خلال :
أ. ما بعد الثورة الإيرانية والتوجهات المذهبية
ب. خلال وما بعد الحرب العراقية - الإيرانية (1980- 1988)
ج. دور حزب الله في المقاومة ضد إسرائيل وفيما بعد في الصراع الداخلي
د. الاستقطابات الطائفية في دول الخليج : المنطقة الشرقية (المملكة العربية السعودية) البحرين ، الكويت وغيرها، ومؤخراً في اليمن لاسيما في الحرب الداخلية بين حركة الحوثيين وسلطة علي عبدالله صالح (سبعة حروب) وفيما بعد سيطرتهم على السلطة في اليمن واندلاع صراع إقليمي لا يزال مستمراً تحت عنوان عاصفة الحزم .
3- انتعاش ظاهرة الارهاب والارهاب الدولي وسيادة العنف سواءً عبر اتهامات غربية أو أعمال إرهابية في عدد من البلدان خصوصاً أحداث 11 أيلول (سبتمبر) 2001 ، إضافة إلى أعمال جهادية وانتحارية وهي موجة غير مألوفة من الفعل السياسي.
4- ازدياد واتساع ظاهرة التكفير والتأثيم والتجريم والتحريم ضد الآخر وقد اتخذت أشكالاً مختلفة خصوصاً ما بعد احتلال العراق العام 2003 ( تنظيم القاعدة، جبهة النصرة، داعش وأخواتها) خصوصاً بعد احتلال الموصل 2014.
5- استهداف المجاميع الثقافية والتنوّع والتعددّية الدينية والقومية واللغوية في العديد من البلدان العربية وهو ما يطلق عليه " الأقليات" الذي أراه انتقاصاً من مبادئ المساواة والمواطنة المتكافئة وقد شملت حملة الاستئصال والإجلاء والتهجير المسيحيين في فلسطين من جانب إسرائيل الذين تناقص عددهم من أكثر من 20% من سكان فلسطين قبل الاحتلال إلى أقل من 1.5% والقدس لوحدها كان عدد المسيحيين فيها قبل احتلال إسرائيل في العام 1948 والعام 1967 أكثر من 50 الف، أما اليوم فإن عدد المسيحيين فيها لا يتجاوز الـ5000 . وفي العراق فإن حملة منظمة طويلة الأمد استهدفت المسيحيين والتجمعات الثقافية الأخرى مثل الإيزيديين والصابئة المندائيين وغيرهم. وقد كانت الأخطر في تلك الحملة ما بعد الاحتلال ولاسيّما بعد سيطرة داعش على الموصل، حيث بدأت هجرة منظمة تكاد تكون جماعية بإجبار المسيحيين وغيرهم على التأسلم الداعشي أو دفع الجزية أو الرحيل وإلا فإن القبول تنتظرهم. والأمر على هذه الشاكلة كان في سوريا أيضاً حيث تناقص عدد المسيحيين خلال السنوات الماضية من نحو 16%إلى ما بين 6 إلى 8% وهو في تناقص مستمر . وفي لبنان هاجر أكثر من 700000 مسيحي خلال وبعد الحرب الأهلية وشهد السودان حرباً ضد جنوبه الذي يتكون سكانه من نسبة كبيرة من المسيحيين ، الأمر الذي ساعد على مطالبتهم بالانفصال وهو ما حصل فعلاً في العام 2010. وفي مصر لا تزال مشكلة الأقباط قائمة ومستمرة وفي جميع هذه البلدان فإن التمييز وعدم المساواة هما من السمات الأساسية التي تتميز بها علاقة الدولة بالتجمعات الثقافية .وقد لعب العامل الخارجي دوراً كبيراً في تأجيج نار الصراع الداخلي سواءً بالحروب والنزاعات الأهلية أو من خلال استغلال ضعف المشاركة لتفتيت مجتمعاتنا.
6- انبعاث ظاهرة الهويات الفرعية وهي ظاهرة كونية خصوصاً بعد انهيار الأنظمة الشمولية في أوروبا الشرقية في أواخر الثمانينيات ، إن الالتباس في مفهوم الهوية والتسلّط الذي مارسه الحكّام باسم الهويات الكبرى أو المتنفذة ضد الهويات الأخرى دفع أوساطاً غير قليلة على التمترس للتعبير عن هوياتهم الفرعية التي اتخذ بعضها طابعاً انفصالياً أو انشقاقياً لأسباب تتعلق بـ:
أ- ضعف المواطنة
ب- غياب الحريات وخصوصاً حرية التعبير
ج- انعدام المساواة
د- غياب العدالة
هـ - غياب المشاركة
وكل هذه العوامل تؤدي إلى ضعف الشعور بالمواطن خصوصاً في ظل استمرار التمييز والاضطهاد والقمع وعدم المساواة، ولعل هذا واحداً من الأسباب التي تقود إلى انبعاث الهوبات الفرعية والتقوقع أحياناً حول الذات في مواجهة الآخر ومحاولات الاستعلاء والتسيّد التي يتبعها.
هناك أربعة أوهام عاشت معنا طيلة العقود الماضية ، أولها أن البلدان المتقدمة حلّت مسألة الهوية بالمواطنة والمساواة والديمقراطية ، وإذا بالأمر يكاد يكون وهماً أو افتئاتًا على الواقع بدليل وجود أكثر من مشكلة عويصة تتعلق بالهوية في أكثر من 20 بلد غربي أبرزها بلجيكا حيث تجري مساعي للانفصال بين الوالانيين والفلامانيين علماً بأن نظامها ديمقراطي وفيدرالي ، لكن الهوّية هي السبب في الدعوة للافتراق، والأمر كذلك في اسبانبا (كتالونيا ...) وكندا (إقليم الكيبك) وجنوب فرنسا وجنوب إيطاليا وبريطانيا (اسكتلندا) وغيرها. وثانيها أن الدول الاشتراكية حلت مسألة القومية وإذا بنا نكتشف بعد عقود من الزمان أن الأمر كان وهماً فالهوية ساهمت في اندلاع حروب وانشقاقات وقيام دول (في يوغسلافيا 6 دول ) وفي الاتحاد السوفييتي السابق (15 دولة) وانفصل التشيك عن السلوفاك . وقد برزت مشكلات لم نكن نتصور أنها موجودة في السابق، ثالثها أن مشكلة الهوية هي في البلدان النامية بسبب شح الحريات وعدم احترام حقوق الإنسان وغياب المواطنة المتساوية ، لكن الأمر لم يكن حكراً عليها كما كنا نعتقد وهذا هو وهم ثالث . ورابعها أن بعض البلدان النامية نجحت إلى حد ما وإلى الآن في العيش المشترك باحترام الهويات (الهند وماليزيا مثلاً) .
لا بد من العودة للدولة الوطنية وإعلاء مرجعيتها فوق جميع المرجعيات سواء كانت دينية أو مذهبية أو عشائرية أو سياسية أو حزبية أو غيرها. وقد يكون ذلك من المفارقات فالدولة القطرية التي اعتبرت من نتاج اتفاقية سايكس بيكو العام 1916 تصبح اليوم مطلباً لا بد من الحفاظ عليه لأنه يراد المزيد من التشظي والتفتيت والانقسام وتحويل دولنا إلى كانتونات ودوقيات ومناطقيات بحيث تضيع أية فرصة للتوحيد ولمجابهة التحديات الخارجية لاسيما من جانب إسرائيل والقوى المتنفذة . الأمر يحتاج أيضاً إلى إعلاء شأن المواطنة والمساواة واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون والانتقال الى الدولة العصرية خصوصاً وأن مشاكل المنطقة والأمة مترابطة فلا بد إذاً من العمل على التقارب لإنجاز المشروع النهضوي العربي الذي يقوم على 6 أركان : 1- الاتحاد أو أي شكل من أشكال التنسيق والتعاون الوثيق بين البلدان العربية .2- التحرر السياسي والاقتصادي 3- التنمية المستقلة 4- العدالة الاجتماعية 5- الديمقراطية 6- الانبعاث الحضاري . ذلكم هو السبيل لمواجهة جادة ومسؤولة للمخاطر التي تعيشها مجتمعاتنا . إن استغلال الدين والاسلام في مشروع ظلامي بالضد من روحهما السمحاء ليس سوى تجني على الدين وجوهره وعلى الإسلام ومقاصده التي لا تستهدف سوى خدمة البشر وتحقيق مصالحهم في حياة حرة كريمة وإعلاء من كرامتهم الإنسانية .
----------------------------------------------


المؤلف : د عبد الحسين شعبان
أكاديمي ومفكر – نائب رئيس جامعة اللّاعنف وحقوق الإنسان (أونور)/بيروت، له أكثر من 60 كتاباً في قضايا الفكر والقانون الدولي والدستوري والسياسة الدولية والأديان والمجتمع المدني والصراع العربي - الإسرائيلي ، ومساهمات ودراسات في الثقافة والأدب.
حائز على جائزة أبرز مناضل لحقوق الإنسان في العالم العربي ، القاهرة، 2003.



#أسعد_العزوني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العرب المسيحيون ..أغصان الكرمة
- المنتدى الثاني عشر لتعاون كوريا والشرق الأوسط في سيؤل بمشارك ...
- الأسد راحل
- الندوة الدولية - السلام والحضارة والثقافة في التاريخ العثمان ...
- هشام الخطيب ..الأمين على تراث الديار المقدسة
- أمم متحدة قوية لعالم أفضل
- نتنياهو ..الكذاب الأشر
- أوقفوا مقاولات مسيرات -نصرة -الأقصى ولا داعي للشجب والإستنكا ...
- بين المغامرة والمقامرة ..شعرة
- حجر في بئر ..يحتاج مئة حكيم لإخراجه
- نحن على أبواب الحرب الثالثة .. يهود بحر الخزر في مأزق
- التدخل الروسي في سوريا لضمان بقاء قاعدة طرطوس البحرية
- الرجل الذي يحتضر
- إسرائيل هي التي ثبّتت الأسد في سوريا
- العرب يجوبون العالم ..لاجئين
- حماس .... إبدأ بنفسك اولا
- ندوة الشراكة السياسية في الوطن العربي تؤكد أن غالبية الأنظمة ...
- حذار من الإنتفاضة الثالثة
- الإنقلابيون يغرقون غزة في مياه البحر
- جلالة الملكة رانيا العبدالله تتسلم جائزة من المستشارة الألما ...


المزيد.....




- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أسعد العزوني - إشهار ومناقشة كتاب (أغصان الكرمة: المسيحيون العرب) للدكتور عبد الحسين شعبان