أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علاء اللامي - ج6/ مؤامرة الكيلاني 1959 حقيقة أم تلفيق؟ -ثورة الشواف- في الموصل















المزيد.....

ج6/ مؤامرة الكيلاني 1959 حقيقة أم تلفيق؟ -ثورة الشواف- في الموصل


علاء اللامي

الحوار المتمدن-العدد: 4970 - 2015 / 10 / 30 - 11:24
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


انتهى تمرد الموصل بالصورة والتفاصيل التي عرضناها، ولكنه ترك ندوباً مأساوية كبيرة في التاريخ العراقي الحديث، وكان بداية ودافعاً وسببا لأحداث مأساوية مشابهة أخرى انتهت بمجزرة انقلاب 8 شباط 1963 ودخول العراق مرحلة جديدة اتخذت شكل دوامة دموية من الاضطراب والانقلابات وصولا الى تسيد حزب البعث على الحكم لأربعة عقود انتهت كما أسلفنا باحتلال العراق وتدمير دولته التي أقيمت سنة 1921. وقبل أن نناقش الدلالات التاريخية والسيامجتمعية لهذا الحدث سنلقي نظرة على حدث آخر دمج مع وقائع هذا التمرد واعتبر جزءا عضويا منه، مع أنه كشف عنه في 8 كانون الثاني 1958 أي بعد عدة أشهر على تمرد الموصل في آذار من السنة ذاتها، ونقصد ما أطلق عليه في الإعلام الرسمي آنذاك " مؤامرة الكيلاني".

والواقع فإن ما قلناه في معرض تحليلنا لأحداث تمرد الموصل من حيث الدوافع والاستهدافات والسياقات السيامجتمعية ينطق بشكل عام على هذه "المؤامرة" مع فارق كبير على المستوى الحدثي هو أنها لم تأخذ مداها وشكلها التطبيقي، واقتصرت على اتهامات وجهتها حكومة قاسم ضد مجموعة من الأسماء في مقدمتهم رشيد عالي الكيلاني بالتخطيط لمؤامرة لقلب نظام الحكم.

وسنعمد إلى عرض روايتين لهذا الحدث، وبما يسمح به تخطيط الدراسة. الرواية الأولى يقدمها الباحث حامد الحمداني في كتابه المشار إليه سلفا، والكاتب، كما قلنا، ذو توجهات يسارية ومنحاز بشكل صريح لحكومة قاسم، ثم سنعرض لرواية أخرى معاكسة لها في المضمون. وخلاصة رواية الحمداني هي:

إن قيادة (ثورة 14 تموز، أصدرت قراراً بالعفو عن الكيلاني، حيث كان قد حكم عليه بالإعدام – من قبل النظام الملكي التابع لبريطانيا- ، واعتبرت حركة أيار 1941 حركة وطنية التي تزعمها، وأُعيد الاعتبار إلى قادتها، وعليه فقد عاد رشيد عالي الكيلاني إلى العراق في الأول من أيلول 1958، بعد غياب دام 17 سنة مكرماً معززاً كأحد أبطال حركة أيار 1941، وقبل عودته قابل الرئيس عبد الناصر، وصرح بعد المقابلة، أنه يشعر بوجوب إقامة الوحدة الفورية مع الجمهورية العربية المتحدة.و قام عبد السلام عارف بزيارته في بيته، كما أستقبله عبد الكريم قاسم في مقره بوزارة الدفاع مرحباً به، بوصفه قائداً لحركة مايس آيار 1941. ويضيف الحمداني ( لكن الكيلاني سرعان ما عاد إلى عادته القديمة ليشبع رغباته ،وشهوته للحكم ولم يمضِ على عودته سوي أيام قلائل حتى أصبح داره ملتقى لأصدقائه وأعوانه من الإقطاعيين والعديد من القوميين ، وكان في مقدمتهم أبن أخيه مبدر الكيلاني والمحامي عبد الرحيم الراوي وعبد الرضا سكر ، كما كان على علاقة وثيقة بسفارة الجمهورية العربية المتحدة/ الحمداني مصدر سابق). لمناقشة هذه الرواية والاتهامات التي انطوت عليها نقول:

واضح أن الكاتب – الحمداني - يمهد لروايته بمقدمات نفسية و ذات منحى أيديولوجي أكثر مما هي وقائع تاريخية و توثيقية وهو يريد من خلالها تأكيد الشكوك والاتهامات اللاحقة بحق الكيلاني، ولكن مضمون هذه المقدمات لا قيمة كبيرة له، إنْ على مستوى التدقيق التاريخي أو على مستوى التحقيق الجنائي البسيط. فالأمر في واقع الحال لا يعدو كونه زيارات متبادلة بين زعيم سياسي وعسكري وطني – باعتراف قيادة تموز – وبين عدد من الساسة و العسكريين بينهم الرجل الثاني في القيادة عبد السلام عارف وعدد من الضباط القوميين المؤيدين للانقلاب الثوري، وقد أضيف إليهم في هذه الرواية والروايات المثيلة أيديولوجيا" العديد من الإقطاعيين والقوميين". ونلاحظ هنا خلطا متعمدا بين اتجاه سياسي هو القومي العروبي واتجاه وانحدار طبقي هو "الإقطاعي"، إضافة إلى اتهامات ظنية ونبش في النوايا والضمائر مما لا يعتد به قضائيا من قبيل " إشباع رغباته، وشهوته للحكم " وهذا ما يضعف من قوته في المحاججة كون المتهم زعيم كبير ومحترم، وقد بلغ من العمر عتيا – كان في الثمانين من عمره- وليس من السهل توجيه اتهامات كهذه إليه بناء على دلائل وقرائن كالتي تم عرضها، رغم أن ذلك لا يعني عدم تبني الكيلاني للأفكار المعارضة لسياسات قيادة الجمهورية آنذاك وخصوصا ما تعلق بالعلاقة مع الجمهورية المصرية أيام ناصر. وقد تنبهت د. علياء محمد إلى قضية تقدم الكيلاني في العمر، ولكنها خرجت منها باستنتاج غريب بعض الشيء، فقد كتبت ( ولكنه – الكيلاني - بمجرد عودته بدأ نشاطه السياسي من جديد متبنياً موقف الدفاع عن الوحدة العربية كما أكد رشيد عالي الكيلاني أنه بسبب كبر سنه وحالته الصحية تجعله لا يرغب ولا يقوى على ان يلعب دوراً في حياة البلاد، كان يرغب في ان يكون مجرد مركز جذب تلتف حوله كل القوى القومية..) فبدلا من أن يكون التقدم في السن و انعدام الرغبة والقوة في لعب دور في حياة البلاد موجباً قوياً لتبرئته من الاتهامات، بدلاً من ذلك تلصق به الكاتبة "صفة أو تهمة" عجيبة وهو أنه أراد أن يكون " مركز جذب تلتف حوله كل القوى القومية"! ولا ندري كيف يمكن أن يكون شيخ طاعن في السن وغير قادر على أن يلعب دورا سياسيا في البلاد مركز جذب تلتف حوله القوى القومية المعارضة، وما قيمة هذه الصفة أو التهمة من الناحية القضائية الجنائية، وهل يمكن إدانة إنسان لأنه أصبح بإرادته أو رغما عنه مركز جذب للآخرين؟

نعود إلى رواية الحمداني الذي يخبرنا أن الشعب العراقي فُوجئ في 8 كانون الثاني 1959 بإذاعة بيان من دار الإذاعة صادر من القائد العام للقوات المسلحة قاسم جاء فيه ( بعون الله القدير، وبيقظة الشعب ، تمّ اكتشاف مؤامرة خطيرة كان مقرراً لها أن تنفذ ليلة 8/9 من كانون الثاني لتعرض وحدة جمهوريتنا إلى الخطر، وتشيع الفوضى والاضطراب في البلاد ، وتهدد الأمن الداخلي، هذه المؤامرة هي من تدبير بعض العناصر الفاسدة أُعدت بمساعدة الأجنبي من خارج البلاد ، وإن الأدلة والأموال ، والأسلحة التي كانت ستستخدم لتنفيذ هذه المؤامرة قد تم وضع اليد عليها كما أن الضالعين ، والمدبرين لها قد أُحيلوا إلى المحكمة العسكرية العليا الخاصة "محكمة الشعب " لمحاكمتهم بتهمة الخيانة والتآمر على الوطن ...)

ويستمر الحمداني في روايته فيقول ( إن الرجعية التي تضررت مصالحها بسبب قانون الإصلاح الزراعي، والشعارات القومية المزيفة كانت وراء تلك المؤامرة، وبعد أسابيع من صدور البيان، تبين أن رشيد عالي الكيلاني كان على رأس تلك المؤامرة التي ضمت زمرة من الإقطاعيين، وعدد من الضباط المحسوبين على الجناح القومي، وكان من بين تلك الزمرة أبن أخيه مبدر الكيلاني، والمحامي عبد الرحيم الراوي وعبد الرضا سكر بالإضافة إلى عدد من شيوخ العشائر، وعدد من الضباط، كان من بينهم طاهر يحيى مدير الشرطة العام و عبد اللطيف الدراجي معاون رئيس أركان الجيش، ورفعت الحاج سري رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية – كان رفعت قد أعدم في 20 أيلول 1959 أي قبل أكثر من شهرين من الكشف عن هذه المؤامرة - و عبد العزيز العقيلي قائد الفرقة الأولى في الديوانية ، وعبد الغني الراوي أمر اللواء الخامس عشر في البصرة وغيرهم من الضباط). وفي مصادر أخرى نجد قائمة أطول من هذه لأسماء المتهمين من الضباط. وقدم المتهمون إلى المحاكمة التي تبين لها أن رشيد عالي الكيلاني كان على اتصال وثيق بسفارة الجمهورية العربية المتحدة، وبشكل خاص مع رجال المخابرات المصرية، وقد أعلنت الولايات المتحدة أنها تمتلك أدلة قاطعة على وقوف عبد الناصر وراء محاولة رشيد عالي الكيلاني الانقلابية، وأن السفير البريطاني مايكل رايت قد قابل عبد الكريم قاسم الساعة الثانية ليلاً قبيل تنفيذ المحاولة الانقلابية وابلغه بأن هناك محاولة انقلابية يقودها الكيلاني..). والواقع فإن العلاقة بالسفارة وبرجال مخابرات مصريين قد تكون صحيحة ولكنها لا تشكل بحد ذاتها دليلا قويا وكافيا لإدانة فرد أو مجموعة بالانقلاب على الدولة، إنما تأتي كمنكهات مقحمة على القضية ليست لها قيمة قضائية بحد ذاتها. و تبقى قضية الأسلحة المزعوم استلامها من قبل المتهمين معلقة على الأدلة المادية والتي سنتوقف عندها لاحقا لنتبين تهافتها، كما أن اعتماد الكاتب وبالتالي المحكمة لشهادة الإدارة الأميركية والسفير البريطاني هي مما يقدح في هذه الاتهامات وفي أمور أخرى بشكل خطير من ذلك مثلا التوجه الوطني العام للنظام الجمهوري وقيادته آنذاك فكيف يمكن أن نصدق أو نستوعب أن واشنطن ولندن وقفتا يوم ذاك مع نظام وطني ثوري عراقي ضد متآمرين يمينيين و إقطاعيين وعملاء بداهة للاستعمار؟

ثم يسرد الكاتب مجموعة من الاتهامات التي وجهتها المحكمة للمتهمين تتعلق بما كانوا ينون فعله خلال انقلابهم دون الإشارة إلى أن هذه الاتهامات بنيت على اعترافاتهم أو على معلومات مخابراتية قدمتها مخابرات الحكومة آنذاك، وهذا ما نرجحه حيث أن الكاتب يخبرنا أن ( المخابرات العراقية استطاعت كشف المؤامرة قبل وقوعها، حيث تمكنت من الوصول إلى عبد الرحيم الراوي ومبدر الكيلاني، واستطاعت نيل ثقتهما، وتمكنت من الوصول إلى كثير من أسرارها، وتسجيل أحاديث المتآمرين بكل تفاصيل المؤامرة.) وذلك بعد نجاحها في اختراق المجموعة المتهمة عن طريق أحد أعضائها هو فارس الحسن الذي (الذي أباح لهم الكثير من تفاصيل المؤامرة وأهدافها ومدبريها، كما استطاعوا عقد اجتماع مع المحامي عبد الرحيم الراوي، واستطاعوا تسجيل محضر الاجتماع وتم فيما بعد اعتقال المتآمرين، وضبط السلاح والنقود ،وفي أثناء المحاكمة أعترف ناصر الحسن بتفاصيل المؤامرة).

يتبع في الجزء القادم وهو السابع



#علاء_اللامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ج6/هجوم مضاد لليساريين والقاسميين : أحداث الموصل 59
- ج4/ بدايات حريق الموصل 1959/أحداث الموصل - ثورة الشواف- / مق ...
- اعترافات قنبر على معلمه الجلبي.. أين الحقيقة؟
- تعريف العصيان المدني تاريخيا وأكاديميا
- ج3/هل كانت أحداث الموصل 59 حصان طروادة العراقي؟
- بين قنبر ونبراس ضاعت البردعة!
- ج2/ تنظيم الضباط الأحرار العراقي.. حقيقة أم خرافة؟
- الجزء 1/ تمرد الشواف 1959.. قراءة جديدة
- حين ينتقد رمز الفساد نظام المحاصصة الفاسد
- بين خطورة داعش وسلبيات الحرس الوطني
- الجزء الثاني/ نقد خطب المحاصصة الطائفية- اليساري-
- الجزء الأول/ نقد خطاب المحاصصة الطائفية- اليساري-
- حول خرافة الدولة المدنية
- بين معصوم والعبادي : دستور مهلهل وتفويض مليوني
- المهزلة الكبرى: أحزاب دينية تضع قانونا للأحزاب!
- أفندية بغداد سيقتلون الحركة الاحتجاجية
- محاولة خطيرة لإجهاض الحراك الشعبي في بغداد
- الجزء الثالث/ وقائع شبه مجهولة حول ثورة 14 تموز
- الجزء الثاني :/ وقائع شبه مجهولة حول ثورة 14 تموز 1958
- وقائع شبه مجهولة حول ثورة 14 تموز 1958


المزيد.....




- صحفي إيراني يتحدث لـCNN عن كيفية تغطية وسائل الإعلام الإيران ...
- إصابة ياباني في هجوم انتحاري جنوب باكستان
- كييف تعلن إسقاط قاذفة استراتيجية روسية بعيدة المدى وموسكو ت ...
- دعوات لوقف التصعيد عقب انفجارات في إيران نُسبت لإسرائيل
- أنقرة تحذر من -صراع دائم- بدأ باستهداف القنصلية الإيرانية في ...
- لافروف: أبلغنا إسرائيل عبر القنوات الدبلوماسية بعدم رغبة إير ...
- -الرجل يهلوس-.. وزراء إسرائيليون ينتقدون تصريحات بن غفير بشأ ...
- سوريا تدين الفيتو الأمريكي بشأن فلسطين: وصمة عار أخرى
- خبير ألماني: زيلينسكي دمر أوكرانيا وقضى على جيل كامل من الرج ...
- زلزال يضرب غرب تركيا


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علاء اللامي - ج6/ مؤامرة الكيلاني 1959 حقيقة أم تلفيق؟ -ثورة الشواف- في الموصل