أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد حسين يونس - هل سنظل دائما نبحث عن (المخلص ).















المزيد.....

هل سنظل دائما نبحث عن (المخلص ).


محمد حسين يونس

الحوار المتمدن-العدد: 4943 - 2015 / 10 / 2 - 10:12
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الشعوب البدائية التي لا تثق في قدراتها ..و ترى أن التحديات .. أقوى منها .. تبحث دائما عن مخلص (فرد ) ينجدها من الوهده التي سقطت فيها .. و (المخلص) عادة ما يكون شبيها بالجد الطيب الذى دافع عن الابناء و حماهم من الاشرار المتربصين بهم .. أثناء تواجده علي الارض حيا .
ولقد أبدع البشر في إكساب (مخلصيهم) صفات وقدرات ومزايا .. لا تتوفر الا في الحلم ومع المعجزة لشدة شذوذها ..ويظلوا يأملون أن يستطيع (الطوطم) الناتج عن خيالات البعض ..أن يتجسد .. و يعيد الحق للبعض .
و المخلص كان في يوم ما (روح) شفافة لا تظهر إلا للواصلين الي درجة عالية من النقاء لا تتوفر لعامة البشر .. فتخرج عليهم (فرادى ) تحدثهم .. وتطمئنهم و تنير لهم الطريق ..( لهم و لقومهم) .. ترشدهم وتدعمهم أمام قوى الغي والشر والفجور .
أنا لا أريد الحديث هنا عن تاريخ الميتافيريقيا .. بقدر تتبع تطور فكرة (المخلص ) عبر التاريخ حتي في زمننا هذا الذى لم نعد نستثيغ فيه غيبيات عصور الوعي الاولي للبشر .
شعوب العالم القديم لم تكن تعرف كلمة معجزة (أى الشيء الخارق الذى لا يمثل إعتيادا ) و لكنها كانت تعرف السحر .. و التأثير بواسطة الكلمات و السلوكيات و الطقوس علي قوى خفية فتجعلها تصنع ما لا يستطيع الشخص العادى صنعه ..إنها الارواح .. التي تحولت بمرور الوقت الي قبيلتين واحدة منها شريرة مؤذية عادية .. و الاخرى طيبة متفهمة حانية تقوم بمعالجة الاضرار الناتجة عن الشر .
قبائل الاذية و الاصلاح مذكورة في كل مدونات شعوب العالم القديم و تراثها المنقول .. سمعا او عينا . لقد كان علي كل مجموعة من البشر الالتفاف حول ما صنعت من كائنات أثيرية حامية .. لتحميها من أفعال كائنات الجيران الاثيرية الباغية .. و كانت كل جماعة تجسد من يحميها في صور محسوسة ..إما علي هيئة شعار ما او تمثال ما، تحملة في حروبها و معاركها ..أو علي هيئة كائن حي .. سواء كان نباتيا او حيوانيا او بشريا .
وعندما تسقط القبيلة تسقط معها كائناتها المقدسة .. و تحل محلها من إنتصرت .
هذا الملخص المخل شديد التعميم .. ستجد له أمثلة عديدة .. و شواذ عديدة .. و لكنه ينتهي الي عاملين .. أحدهما هو إيمان شعوب فجر التاريخ .. بأن أقدارها و مصائرها من صنع قوى غير مرئية ، غير محسوسة ، غير قادرة علي التواصل إلا مع المحظوين من السحرة و الكهنة .. و الرسل و الانبياء .
و الامر الاخر هم أن هذه القوى ترضي و تغضب .. و ان هذا السلوك(الرضي و الغضب ) ناتج كرد فعل لسلوكيات تلك الشعوب التي عليها أداء طقوس بعينها مملاه عليها يعرفها من كانوا من المحظوظين بحمل الرسالة .
المحظوظون بحمل الرسالة كانوا في البداية سيدات .. من كبار السن اللائي يعرفن السر و ما يخفي .. و كانت أدواتهن للتواصل مع الكائنات الاثيرية ثلاث .. الماء و النار والدم ..الماء للتطهير الجسد و النار لتطهير الروح و الدم كتضحية بالغالي الثمين و هو أمر إستمر منذ زمن البداية .. حتي بعدما أخلت الساحرة مكانها للساحر (الذكر ) كان عليه إستخدام نفس الادوات القديمة مضيفا لها البخور .. و الدمي .. والملابس و العلامات الملونه علي الجسد .. ستشاهد إبداعات البشر من كهنة السحر في متاحف الانثروبولوجي .. وفي تقاليد الشعوب التي لازالت بدائية باواسط أفريقيا و أطراف أسيا .. و بين قوم إستراليا الاصليين .. أوقوم أمريكا من الهنود الحمر .. ثم ستجد تطوراتها بين شعوب الحضارات القديمة في الصين و اليابان و الهند .. وفارس و مصر و الشام و اليونان وحتي بين الرومان المحدثين .
التواصل بين الانسان .. و الكائنات غير المرئية .. هو خاصية يتفرد بها البشر .. فباقي جيراننا علي الارض لهم ردود فعل مادية لا تعترف إلا بالمجسد الواصل إليها عن طريق الحواس الخمسة ..أما البشر فإن العقل و تجريد اللغة المنطوقة و المنطق في اللغة المكتوبه جعلوا منهم كائنات تتعرف علي الموجودات خارج إطار الحواس الخمسة ..إنه الابداع والخيال ..الذى يجسد ما هو غير موجود .. و اللغة التي تصيغ وجوده .
و هكذا .. كان للغة .. سحر و قوة و قدرة .. تفوق كل المحسوسات .. و كان النطق بكلمات معينه باسلوب معين تأثيره علي الاحداث فيما إصطلح علي تسمسته بكلمات القدرة .
كلمات القدرة هذة أصبحت .. ملك للكائنات الاثيرية .. ولاهميتها و لانها تخرج الحي من الميت .. وتعيد الحياة للرمم و تعالج .. خطايا البشر .. أصبحت ملكا .. للرئيس القائد الذى يتحكم بكلماته في كل الكائنات الاثيرية الاقل رتبة و مقدرة ويدير بها الكون.
القوى الكلية للقائد الحامل للكلمات السحرية التي تقول للشيء كن فيكون .. جعلت منه ربا وإلاها و( مخلصا) .. يزود عن عابدية المؤمنين الذين يتقربون له بالماء و النار والدم .. خاضعين ساجدين مستسلمين لقوته و رهبته وجبروته مستخدمين أدواته من الكلمات السحرية حتي يرق بها قلبة و تجعله منحازا.
هذه هي الأساسات الميتافيزيقيا التي شكلت جميع الاديان . ..كائن راق وحيد غير محدود القدرات .. خالق نفسة و بارىء الكون .. المتحكم في كل صغيرة و كبيرة .. و الذى يتواصل مع البشر من خلال .. رسل سماوية .. بلغة وكلمات سحرية .. و أن الاقتراب منه هو نعمة الحياة فمن قام بأداء الطقوس و نطق بالكلمات المناسبة داعيا إياه لانصافة .. سيجد الانصاف .. و سيكون من يخلصة من كل مخاطر بؤس الحياة .
الاديان التي يعتنقها البشر اليوم تغيرت و تطورت .. بعد أن إكتسبت بجوار الفرائض الميتافيزيقية ..أبعادا حياتية و إنسانية .. لقد إكتشف البشرأن مخلصهم رغم ما يقدمونه له من فروض يحرصون علي إستكمالها في ميعادها .. لم يعد بنفس درجة إستجابته لطلبات الاجداد .. لقد .. ترك حل بعضها للبشر أنفسهم الذين إكتسبوا و عيا وعلما .. وعرفوا أن النار تحرق حتي المؤمن .. وأن الماء لا يحمل بدون سباحة حتي القديسين .. لقد أصبح علي البشر أن يجدوا( مخلصهم) بانفسهم .. و ليكن أقواهم ..أو أغناهم ..أو أعقلهم .. أو أكثرهم عزوة و نفوذ .
(المخلص) الحديث ..إكتسب لدى الشعوب المتخلفة .. نفس ملامح الرب .. القادر علي كل شيء الذى يغير الاكوان بكلماته السحرية .. وتعاملوا معه بنفس إسلوب التعامل مع (المخلص ) القديم .. بالكلمات ..(( يا سيدنا و تاج راسنا إنت ولي النعم ))(( يا مخلصنا ان زمنك هو الافضل ))(( لم نعش في أمن و أمان ورخاء إلا في ظل حكمك المديد )) ((أنت نعمة الرب لنا و إحسانه علينا )) .. (( بحكمتك تسير الاقدار )) .
و القائد الهمام يصدق ما يقال له .. منذ أن عبد المصريون اوزيريس الجد الانسان و أقاموه من بين الاموات .. و أحاطوه بالحب حتي تحل بركته علي الارض المحروسة ..وإستمر هذا .. مع كل ملك يحمل إسم (رع ) القوة المطلقة خالق الاكوان ثم مع كل كاهن يحمل عصا ( أمن) و صولجانه ..
ولكن هذا الكيان الحائرعبر السنين لم يحضر لانقاذ مصر و المصريين من الاشوريين و الفرس و الاغريق و الرومان و العرب و الاتراك .
وهكذا أصبح ( المخلص ) مطلبا قوميا للاجيال المتتالية التي عاشت في ظل مستعمر غادر يسرق جهدها وتعبها ويخرج به عبر الحدود من أجل خير ورخاء اقوام أخرون .. و هكذا لازال المصريون يؤمنون بان كلمات القدرة لها سحرها فلا يكفون عن الدعاء .. ورغم أن الدعاء علي العثمانلي و الفرنسيس و الانجليز لم يجدى ..إلا أنهم لازالوا يطلبون العدل و الحق بالدعاء .
ثم لاح أخيرا( المخلص) .. جاء علي دبابة إنجليزية .. حاصرت قصر الملك .. وقبضت علي الاشرار .. في عام 1952 ... و كاد الشعب أن يجن و هو يحيط محمد نجيب بالحب و الود و التأييد .. لقد جاء من سيخرج الانجليز .. و يقمع الاقطاعيين .. ويبني مصر الحديثة .. ولكن بين يوم وليلة .. أصبح (المخلص) خائنا يوضع في سجن إنفرادى بالمرج .. ويتبدى نور( مخلصا) أخر منا لو كان الاول مبشرا بالثاني .. ولاقي مصير (يوحنا المعمدان ).
و جلس عبد الناصر علي عرش القلوب .. (( المخلص )) الذى أطاح بالمستعمر .. و هذب طغاة الراسمالية الاقطاعية .. وحقق العدالة بين أفراد الشعب .. و مات وهو يناضل .. من أجل حقوق الفلسطينين .
و توقف المصرى بعده عن الحلم .. فلقد بلته القوى العظمي للكائنات غير المرئية الشيطانية .. بما لا طاقة له به من رزايا و بلاوى .. ولكنه بين فترة و أخرى يحن لاوزيريس و عبد الناصر .. رغم أن كليهما لم يجعلا منه .. الشعب القائد الجالس علي قمة العالم .
اليوم و قد زادت ..الام المصريين .. و أصبحنا نعيش في ظل قوى الشر تتلاعب بنا .. كيفما ترغب و تشتهي .. هل أن الاوان .. لننسي .. ذلك الحلم الرومانسي الكسول .. ونبدأ في إعادة ترتيب المكان دون إنتظار لمخلص يحمل خاتم سليمان .. فنسقط الميتافيزيقيا الي حجمها الحقيقي و نحي بداخلنا قدراتنا الذاتية علي التفكير المنطقي العلمي .. بصراحة لا أعلم !!




#محمد_حسين_يونس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تأملات شخص فاضي في أجازة .
- تعددت الاقنعة .. والوحش واحد .
- مسلمون ومسيحيون .. وعنف متبادل .
- لن يفلح قوم ولوا أمرهم حثالة .
- العروبة والاسلام ( قهروفساد ).
- الغرب مش أهبل الغرب يعرف ما يريد
- عدالة (سيد قطب ) الاجتماعية
- هذه المهنة اللعينة
- الدوس بالبياده ،وا هندسا.
- ترضي تشتغلي رقاصة ؟
- في محيط الابداع،الابحار بدون ربان
- سلام المشير ..سلام سلاح .
- حدث في بلاد الواق الواق .
- تاريخ قهر العرب للموالي .. تاريخ لعين لا نعرفه . !!
- قد لا تعرفون قيمة (مصر) .
- اللي معاه مال محيره يكتب تاريخه ويزوره
- السعودية كيان طفيلي بلا جذور.
- 23 يوليو الذى نأبي أن نتعلم دروسه .
- محاكمة وغد قديم
- النظر في مرآة مسطحة


المزيد.....




- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...
- فيديو خاص عيد الفصح العبري واقتحامات اليهود للمسجد الأقصى
- “ثبتها الآن” تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah لمشاهدة ...
- بعد اقتحامات الأقصى بسببه.. ماذا نعرف عن عيد الفصح اليهودي ا ...
- ما جدية واشنطن في معاقبة كتيبة -نيتسح يهودا- الإسرائيلية؟
- بالفيديو.. مستوطنون يقتحمون الأقصى بثاني أيام الفصح اليهودي ...
- مصر.. شائعة تتسبب في معركة دامية وحرق منازل للأقباط والأمن ي ...
- مسئول فلسطيني: القوات الإسرائيلية تغلق الحرم الإبراهيمي بحجة ...
- بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري ...
- أسعدي ودلعي طفلك بأغاني البيبي..تردد قناة طيور الجنة بيبي عل ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد حسين يونس - هل سنظل دائما نبحث عن (المخلص ).