أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - احمد حسن - الماركسية ومفهوم الاصلاحية - الفصل الاول - الجزء الاول















المزيد.....

الماركسية ومفهوم الاصلاحية - الفصل الاول - الجزء الاول


احمد حسن

الحوار المتمدن-العدد: 4920 - 2015 / 9 / 9 - 16:37
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الماركسية والإصلاحية والإسلاميين
تقديم
يسعى هذا الكراس لتقديم تصور ماركسي حول قضية إشكالية ، دافعها الجدل الدائر حول ما إذا كان الإسلامين من نوع الإخوان يمثلون تيارا إصلاحيا ، كيف تري الماركسية الإصلاحيين ، ووفقا لأي شروط تتفاعل معاهم ، وبأي كيفية .
في هذا السياق كان ضروريا تقديم قراءة نقدية للكراس الإشكالي ( النبي والبروليتاريا ) ، وبيان حدود صلته بالموقف من الإسلاميين ، ومشكلات شعار " مع الإسلاميين أحيانا .. ضد الدولة دائما " وأيضا التعرض لكراس سامح نجيب حول الإخوان المسلمين . ما اقدمه هنا هو قراءة لا تعتبر نفسها نهائية ، لا تعرف المعرفة ما يسمي بفكرة نهائية إلا كعلامة زمنية ليس اكثر ، ويجب أن يتفاعل مع القضية كل من يعتبر نفسه طرفا في معركة اليسار القائمة ، أو جزء من قوى الثورة .






الفصل الأول


أي إصلاحيين ، ولماذا ، ومتى ، وكيف



إن تلك النبرة التي تتذرع أحيانا بالطابع السياسي العملي ، واحيانا أخرى بالنزعة الإنسانية ، واحيانا ثالثة بأفكار حقوقية وديموقراطية ، و التي تسعى للتسامح ، أو للتحالف مع الإخوان ، باعتبارهم جناح إصلاحي من قوي الثورة ، إنما تتغافل عن محددات أساسية لدى الماركسيين تتعلق بالإصلاحية ، فتختلط بشدة المفاهيم والتحديدات ، ومن ثم الرايات .
سأحاول هنا التعرض لتلك القضية .


1 - أي إصلاحيين -

عندما تعرضت الماركسية للإصلاحية كانت تفكر في طريق الثورة ، لم تكن تفكر في تحليل سياسي مجرد للأحزاب السياسية لتميزها بعضها عن بعض ، والثورة في الماركسية ليست سوى الثورة التي تهدف لإزاحة الرأسمالية من طريق تطور الطبقة العاملة ، لإقامة نظام اشتراكي بسلطة طبقية من العمال ، لم تكن فكرة الثورة - كطريق لإقامة الاشتراكية - موجودة لدى كل الأحزاب الاشتراكية - التي ليست ماركسية - كان بعضها يخشي التكلفة التاريخية الدامية للثورة ، وبعضها الأخر يرى انه يمكن بكسب اغلبيه برلمانية والإمساك بالمقاعد الوزارية الأساسية وتعديل التشريعات أن نحدث انتقال سلمى للاشتراكية ، وآخرون يرون انه يمكن تحسين أحوال العمال، بتشريعات اجتماعية وإقامة تعاونيات وبعض الضغط على رأس المال الكبير وتطوير نظام ضريبي منحاز للفقراء ، التقدم تدريجيا إلى الاشتراكية ، هؤلاء جميعا كانوا منحازين لطبقة العمال، ومنخرطين بدرجة أو أخري بينهم ، معادين - بدرجة أو بأخري - للرأسمالية ، هكذا استبعدنا - كما فعلت الماركسية - جمعيات الإحسان والأعمال الخيرية التي تنتشر في صفوف الطبقة الوسطى كطريق لحل مشكلات التفاوت الاجتماعي . الجناح الإصلاحي ( في الحركة الاشتراكية )تبلور بصفة رئيسية في دول أوربية ... كان معظمهم أعضاء في المنظمة الاشتراكية الدولية المسماة بالأممية الثانية قبل تفككها ، وشكل ما عرف بالاشتراكية الديموقراطية - تمييزا له عن الشيوعيين والفوضيين والاشتراكيين الماركسيين الذين عرفوا بالثورية أو الراديكالية ، فالإصلاحيين هم الجزء من أحزاب الطبقة العاملة الذي اختار طريقا غير الثورة للوصول إلى الاشتراكية .

تلك هي الإصلاحية التي كانت تتحدث عنها أدبيات الماركسية ، وتنقدها ، وتتحالف معها أحيانا . والتي اندمج معظمها في النظام الرأسمالي واصبح مكملا واحتياطيا له بدلا من أن يفكر في هدمه - ولو تدريجيا . إلا انهم تاريخيا خلقوا جذور واسعة في صفوف العمال وفي النقابات العمالية ، تقاسموا الحقائب الوزارية مع الأحزاب البرجوازية ، مثلوا حل سياسي أو اجتماعي وسط عندما يحتدم الصراع أو توشك الأزمة علي الانفجار .


ذلك يختلف تماما وكليا عن أحزاب البرجوازية التي تمثل مباشرة جناح أو أخر من الرأسماليين ، والحزب السياسي ليس نادي خاص أو جمعية رجال أعمال، لذلك ستجد دائما في الأحزاب البرجوازية أعضاء من طبقات دنيا ، عمال أو برجوازية صغيرة ، تماما كما ستجد أعضاء من الطبقة الوسطى أو البرجوازية الصغيرة في صفوف حزب عمالي ، لكن ذلك لا يغير من الطبيعة الطبقية لآي منهم ، فلا تتطابق الأيدلوجية ببساطة مع مصالح هؤلاء الذين يتبنوها ، ويمكن - في تلك المسافة بين الأيدلوجية والمصلحة الطبقية الخاصة بالأعضاء - أن تتحول أحزاب وتتغير اتجاهاتها ، فتسير - تحت ضغط مزدوج .. ( مجريات الصراع وضغط الأيدلوجية) .. إلي اليمين أو اليسار بعيدا بعض الشيء عن توجهها الرئيسي ، ذلك يحدث غالبا بهدف أن تمتص ضغط عضوية غير متوائمة مع توجه القيادة في ظرف صراع محدد ، أو لتحاول ركوب موجة حركة جماهيرية في لحظة مد جماهيري ، أو لتتحاشي صداما عنيفا مع أجهزة الدولة . ما اعنيه أن التوجه الأيدلوجي للحزب ليس متطابقا تماما بالضرورة مع تركيب عضويته ، وحتى الانعطافات السياسية التي يمر بها - يمينا أو يسارا - لا تشير بالضرورة إلى جوهر توجهات حزب أو ميوله ، فلا يمكن الحكم مثلا على اتجاه حزب عن طريق ما قد يمر به من انعطافات مؤقتة يفرضها ظرف معين .
كل الأحزاب البرجوازية خارج الحزب الحاكم ستكون (إصلاحية برجوازية) بدرجة أو بأخري ، حتى الأكثر محافظة منها ستتحدث بلغة تحاول أن تستميل بها الجماهير ، وستضمن برامجها الانتخابية بعض البنود التي تكسب بواسطتها أنصار وحلفاء من طبقات أخري ، وكلها - خارج مقاعد الحكم - ستقدم نقدا للنظام وتعتبر سياسته مسئولة عن أزمة الجماهير . هذا النوع من الإصلاحية البرجوازية لا يدخل ابدآ في تناقض مع أسس النظام الرأسمالي ومقتضيات استقراره ، ولا يهتم فعلا بتحقيق إصلاحات اجتماعية عميقة تنتزع قدر من أرباح الرأسماليين لصالح الجماهير، وحتى مستوى رفضها أو تحريضها يقدم فقط تشهيرا بسياسة سلطة وليس بطبيعة نظام، قضيته هي من يدير الحكم وينظم توزيع حافظة نقود الرأسمالية ، ماهي الوسيلة التي يمكن أن تضمن تماسك النظام ، وبالقدر الذي يتيح أن يحصل الجناح الذي يمثله هذا الحزب علي وضع اقتصادي وسياسي افضل. إنه نزاع عائلي -قد يتسع أحيانا- في البيت الرأسمالي ، هؤلاء المنافسين على إدارة مركب الرأسمالية وثبات شراعه لم يكونوا في يوم من الأيام ضمن حسابات الماركسية وهي تخوض معاركها أو تحشد قواها أو تفكر في تحالفاتها ، رغم أنها لا تمانع أن تستفيد من تناقضاتهم ومن صراعهم المحدود هذا .. إما لفضحهم ، أو للحصول علي قدر أو أخر من المكاسب ... فرغم انهم أبناء بيت واحد ، لكنهم ليسوا ابدآ متطابقين أو متساويين ، بعضهم قد يري أن تشديد القبضة الأمنية هو افضل الوسائل لتثبيت النظام ، وآخرون منهم قد يري أن إتاحة مساحة محدودة للتعبير الحر قد يمتص الغضب ويعطي وجه مقبول اكثر، في حالة كتلك مثلا لا يمكن إغفال ذلك التناقض، ولا الانخداع بالمزيدات الانتخابية بينهم، ولكن التقاط تلك الكرة من بينهم ورميها في ملعب الجماهير. تحويل تناقضاتهم إلى معركة سياسية مع فضح حدود كل منهم في ذات الوقت والدفع في اتجاه أن تذهب الجماهير بتلك الكورة لتسجل هدفا خاصا بها.
بإيجاز هؤلاء هم النوعين الأشهر من الإصلاحية ، محافظين أو ليبراليين أو رجعية دينية أو معتدلين دينيا. ممثلو .. أو الطامحين إلى تمثيل .. المصالح الكلية للنظام الرأسمالي ، وأيضا الحصول علي مركز متميز ( سياسيا واقتصاديا ) داخله، وبالطبع تختلف التفاصيل التي يراها كل منهم لتحقيق إدارة ناجحة لمصالح الرأسمالية ، توجهاته وحساباته وفلسفته في الإدارة .
والنوع الأخر - من الإصلاحيين المنتسبين بالمعنى إلى اليسار أو الاشتراكية - معادي بدرجة أو أخري للرأسمالية ، انه أحيانا يفكر في المساس بحافظة نقودها ، دون المساس بحقها في الملكية ، إعادة توزيع الثروة عن طريق رفع للأجور أو تنظيم افضل للخدمات ( في السكن أو الصحة .. الخ ) أو ضرائب أعلى على أرباحها أو حتي أحيانا تأمميات محدودة ( بتعويض ) مع بقاء السوق وحريته دون قيود ، انه معادي - بدرجة أو أخرى – للرأسمالية ، لكنه تعيس في طرق مواجهتها ، لا يخوض نضالا جديا ضدها ، ولا يفكر في إطاحة ثورية بها ، وفي قمته تشكلت قيادات محافظة تخشي على وضعها الخاص من أي تصاعد ثوري ، وتحصل علي بعض المكاسب الخاصة بسبب موقعها الوسيط ، لكن حتى هذا الوضع المتميز مشروط بخوض معاك من وقت لأخر لتحقيق بعض الأصلاحات أو الدفاع عن بعض المكتسبات الأجتماعية التي تتعرض لهجوم من رأس المال.
لنميز إذا … ليس، كل معارض للنظام ، يتبني نهجا اجتماعيا لتغييره ، فكل نظام يواجه هجوما من اليمين وهجوما من اليسار ، احدهم يدفع الحرب ضد العمال في اتجاه أسوأ ، والآخر دفاعا عن العمال ومستقبل حركتهم ، ولكل نظام اكثر من ناقد ، تعرف الرأسمالية منذ ولادتها نقادها من الداخل ، ونقادها من خارجها ، من ينقدها بهدف تحسين أداءها ، ومن ينقدها بهدف تعبئة الجماهير ضدها وكشف وجهها الاستغلالي . وليست كل دعوة لتغيير السلطة دعوة تقدمية أو تصب في مصلحة الجماهير . وليس كل الإصلاحيين قالب أو توجه واحد ، بعضهم أحيانا اخطر وأسوء من السلطة التي يعارضونها ، مثال المحافظين الألمان أو الإنجليز أو مثيلهم خارج السلطة . ثمة إصلاحية تهم الماركسية وتهتم بالتقاطع معها أحيانا ،ونقدها في معظم الأحيان ، إنها الإصلاحية المعادية للرأسمالية. ولا يجب الخلط بين العداء للرأسمالية ، ورفض الثورة كطريق للتخلص منها ، او نقد السلطة ورفض نظامها الأجتماعى ، فكل البراجوزيين ( خارج دوائر الحكم ، واحيانا داخله ) ينتقدون السلطة وادائها وربما بعض تشريعاتها او مناهج الإدراة فيها ، أما جمعيات الإحسان والجمعيات الدينية وأحزاب البرجوازية بوجه عام ليسوا ضمن تلك الإصلاحية المعادية للرأسمالية .

الطريف في الأمر أن الاشتراكيين الثوريين ، في كتاب " طريق الاشتراكيين إلى التغيير " كانوا يشاطروننا(الي حد ما ) تلك الرؤية حول ( من هم الإصلاحيين ) ، لننظر إلى الاقتباس التالي من الكتاب: مقال إصلاح أم ثورة في مصر ؟ .. ص 66 / 67 / 68

" المشروع الثالث الكبير للتغيير هو "مشروع البين بين" أو ما يمكننا تسميته بـ"مشروع الترقيع السياسي الإصلاحي للمعارضة المصرية المعتدلة". وهذا تجده في سوق عكاظ واسعة تضم خليطا من المبادرات التي تجمع الشامي على المغربي، ولكن – يا للغرابة – التي تملك جميعها طعما واحدا لا يتغير. الطريف أن الكثيرين ينفقون وقتا ثمينا طويلا في تحليل الفوارق بين مشاريع الإخوان المسلمين والتجمع وغيرهما من قوى المعارضة المصرية، بينما ربما سيكون من الأجدى لهؤلاء المحللين أن ينفقوا وقتهم في البحث عن التربة الواحدة التي استنُبتت فيها كل هذه المشاريع. لاحظ مثلا أن كل القوى السياسية المهادنة، على اختلاف مشاربها بين إسلاميين ويساريين وقوميين، تتفق على قبولها ثابت واحد أساسي هو أن الإصلاح لا يمكن ولا ينبغي أن يمس الأسس الطبقية للمجتمع الراهن، بل لابد أن يقف عند حدود الإصلاح السياسي الذي لا يقترب من السلطة السياسية للبرجوازية و/أو السلطة الاقتصادية للرأسمالية.”

انه هنا يضع صنوف المعارضة " الإصلاحية " المصرية ، علي اختلافها ، من الإخوان إلى التجمع ، في سلة واحدة ، ليس المهم – وفقا لرؤيته – تحليل الفوارق بين مشاريعهم ، فكلها نبتت من تربة واحدة ؟
يستطرد الكاتب ..
سر الإصلاحية المصرية
إذا اتفقنا تجاوزا على اعتبار قوى المعارضة المعتدلة الشرعية (التجمع، الوفد، الخ) وغير الشرعية (الإخوان) بمبادراتها السياسية المختلفة على أنها تمثل "الإصلاحية المصرية"، يصبح السؤال: وما هي سمات وإمكانيات هذه الطبعة المصرية من الإصلاحية؟
ربما يعلم كثيرون من قراء هذا المقال أن الإصلاحية كمصطلح، وكظاهرة نشأت في المجتمعات الرأسمالية الأكثر تقدما في أواخر القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين، لها معنى مختلف تماما عما نردده في مصر الآن. الإصلاحية الأوروبية نشأت كتيار سياسي في الأوساط العمالية بلور نفسه في أحزاب اشتراكية ديمقراطية ذات رطان يساري ولكن ذات أدوات برلمانية. جوهر تلك الإصلاحية هو الاقتناع بأن الطريق إلى الاشتراكية يمر عبر الإصلاح التدريجي، بأدوات سلمية وشرعية، للمجتمع الرأسمالي القائم. أما مصدر قوتها فكان – ولا يزال إلى حد ما – تأثيرها على قطاع أساسي من الطبقة العاملة والجماهير الكادحة، أي جذورها الشعبية التي تقدر من خلالها على الضغط والمفاوضة.
الإصلاحيون المصريون بالطبع لا يمتون بأي صلة لهذه "الإصلاحية الكلاسيكية". ونقطة البدء لفهم طبائعهم السياسية وأسسهم الطبقية، ومن ثم لفهم صلة القرابة التي تربط فيما بينهم، هي النظر في التاريخ السياسي-الطبقي لمصر في العقود الأخيرة. “
يقرر الكاتب الفهم التاريخي والماركسي لمصطلح الإصلاحية ، قبل أن يتم مسخه واستبداله، ويري أن الواقع المصري انتج نوعا رديئا من الإصلاحية يختلف عن الإصلاحية الكلاسيكية ، انه – من الإخوان إلى التجمع – تعرض لثورة فكرية سلبية حولته إلى إصلاحية مدجنة تسير خلف السلطة وتتدفأ بها وﻻ-;---;-----;-------;---------;-----------;------ تسعي للتصادم معها .

"على مدى سنوات الثمانينات والتسعينات، وبالأخص التسعينات، دشنت كافة قوى المعارضة، من الأخوان إلى التجمع إلى كثير من الناصريين، ثورات صامتة في رؤاها وبناها تمثلت في برامج جديدة وتعهدات بنبذ العنف والثورات وصلات أوثق بالسلطة وبالبرجوازية وبرجالهما. فتماما كما استغل توني بلير فرصة ضعف وتشتت معارضيه داخل حزب العمال البريطاني فأعلن انقلابا داخليا قضى على كل نكهة يسارية داخل الحزب – تماما كما فعل بلير ذلك، فعلت أحزاب المعارضة شيئا مماثلا، وأصبحت اليوم تعلن بشكل واضح اعتمادها على قوى اجتماعية وأدوات سياسية أخرى، عدا الجماهير، للوصول إلى السلطة "بدون تصادم مع النظام القائم، بل من خلاله"!! هذا هو السر وراء التقارب الغريب بين قوى سياسية لا تجمعها مرجعية فكرية واحدة. سنوات الاستدفاء بالسلطة والبعد عن الجماهير قربت بين "الشامي" والمغربي" فأصبحا ينتميان – بغض النظر عن الرطان وعن الاختلافات الحقيقية المتبقية – إلى ما يمكن أن نطلق عليه "الوسطية السياسية المائعة" بمشروعها الإصلاحي إياه. وكانت مسيرة التقارب الموضوعي بين قوى المعارضة هي نفسها مسيرة إفلاسها السياسي والجماهيري.”
إنها " تلجأ … إلى السلطة .. كجسر لتحقيق مشاريعها! من هنا نرى أن معظم مشاريع الإصلاح التي تنهمر علينا كالمطر تأخذ شكل الابتهالات والتحذيرات للسلطة.” ليس فقط ولكن " في أحيان أخرى تلجأ الإصلاحية إلى الإمبريالية كطريق لتحقيق المطامح. ونحن بالطبع رأينا في السنوات والعقود الأخيرة سيناريوهات عديدة في بلدان أخرى للإصلاح بدعم إمبريالي، وفهمنا أي نهاية وأي خاتمة يمكن ترجّيها من هذا الطريق.”
ويصل إلى استنتاج :
انه " بغض النظر عن طوباوية أو عدم طوباوية حلم المعارضة هذا، …... إلا أن المهم هو أن نلتفت إلى مضمون مشروع الإصلاح بدعم البرجوازية ومن داخل السلطة. المضمون هو، بطبيعة الحال، برجوازي. إذا قبلت بالبرجوازية كرافعة لمشروعك السياسي، فلا شك أنك ستقبل ببرنامج البرجوازية كأساس لرؤاك الإصلاحية. وإذا استندت على مساحة اتفاق مع السلطة، فلا شك أن إصلاحك سيقوم على صفقة سياسية مع أحد أجنحتها. هذا بالضبط ما يحدث الآن.... . اقرأ بتمعن مشاريع الإصلاح المختلفة ستجد نغمة متكررة: "بدلا من أن يُطاح بكم في ثورة، وبدلا من أن تصل الأمور إلى حد الثورة، المطلوب هو بعض الإصلاحات لتجميل الليبرالية الجديدة، ومن ثم لإعطاءها دفقة حياة جديدة"!! الإصلاحيون المصريون إذن هم وجه آخر لليبرالية الجديدة، يحمل من المساحيق الكثير .. ولكن هل تخفي المساحيق "الوش العكر"!
هذا التحليل ، بل هذا الكتاب بمجمله ، والذي كتب في غضون العام 2005 لا يتضمن كلمة واحدة ، أو حتي فكرة ضمنية ، عن التحالف مع الإخوان المسلمين ، الأكثر من ذلك انه يراهم " …. ليسوا أعداء طبقيين للنظام القائم. هم منافسين له يحاولون خطب ود شرائح وقطاعات أخرى من نفس الطبقة. “ ص 77
والموقف الوحيد تجاه الإخوان في الكتاب هو تلك الفقرة " في أتون أي معركة طبقية كبرى قادمة نحن نعلم أن الإخوان سيواجهون أسئلة "الخبز والحرية" الصعبة. ونعلم أيضا أن إجابتهم ستكون في صف "الملكية والرأسمالية والخصخصة"، وفي صف "النظام والانضباط وحق الأسياد أن يسودوا". ساعتها ستولد فرصة ذهبية أن تكتشف الجماهير، من خلاصة تجربتها، أن الإخوان هم .. وجه آخر من وجوه الطبقة الحاكمة. “ ص 79
كانت تلك رؤية الاشتراكيين حتى عام 2005 ، وفي سنوات تلوح فيها سحب تغيرات عميقة وانتفاضات – حسب رؤيتهم علي الأقل – رغم أن كتاب كريس هرمن " النبي والبروليتاريا " مترجم وفي مكتباتهم منذ عام 96 .. عقب كتابته تقريبا . .. تكمن سخرية التاريخ في أن الاشتراكيين سيمرون – في نفس العام 2005 - .. علي تحلليهم هذا ( وعلي كراس كريس أيضا ) بالأحذية ، في طريقهم إلى التحالف مباشرة مع تلك الإصلاحية الرديئة ، وتحديدا مع من اعتبروهم " وجه آخر من وجوه الطبقة الحاكمة ".
سيتولي الأتجاه الجديد في حزب العمال الاشتراكي الأنجليزى ، وتلامذته فى مصر ، قلب هذا المنظور الماركسي للإصلاحية بعد ذلك ، ممثلين فى كريس هارمن وجون ملوينو وسامح نجيب ، باعطاء معنى ( حديث ) للإصلاحية مناقض لجوهر التفكير الماركسي ( الكلاسيكى ) . وهو ما سوف نناقشه فى موضع لاحق من هذا الكراس.
======
" 1 “ - لنتذكر جيدا موقف ماركس في " البيان الشيوعي " من الاحزاب الاشتراكية العمالية التى لا تتبني الطريق الماركسي ، اننا لسنا جزاء منفصلا عنهم ، نتميز فقط بالدفاع عن المصالح الكلية والتاريخية للعمال... الخ ، وفي ذات الوقت قدم اشد النقد لتلك " الاشتراكيات " التي تتسم بالطوبية وبالاصلاحية ، وبالطبع لم يدعو للعمل المشترك معهم .



#احمد_حسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كيف تعمل الأيدلوجيا في ظروف الثورة
- في ذكري احمد سيف
- القتل من اجل الارباح
- الماركسية ونظرية الثورة - رد على مقال خليل كلفت
- موجة مرت في مساء غريب
- غوص
- سؤال الثورة المصرية الآن
- لست وطنيا واعترف
- الإفيهات والنقد السطحى
- الثورة المصرية - دراما ثورة لم تنتصر
- نشيد القساوسة
- الجانب الدرامى فى ثورة لم تنتصر - جدلية اﻻ-;-حباط وال ...
- موجزاً عن تاريخ قرية كري بري
- حياة مدنية على شواطئ دجلة
- الديمقراطية والفوضى


المزيد.....




- جملة قالها أبو عبيدة متحدث القسام تشعل تفاعلا والجيش الإسرائ ...
- الإمارات.. صور فضائية من فيضانات دبي وأبوظبي قبل وبعد
- وحدة SLIM القمرية تخرج من وضعية السكون
- آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /25.04.2024/ ...
- غالانت: إسرائيل تنفذ -عملية هجومية- على جنوب لبنان
- رئيس وزراء إسبانيا يدرس -الاستقالة- بعد التحقيق مع زوجته
- أكسيوس: قطر سلمت تسجيل الأسير غولدبيرغ لواشنطن قبل بثه
- شهيد برصاص الاحتلال في رام الله واقتحامات بنابلس وقلقيلية
- ما هو -الدوكسنغ-؟ وكيف تحمي نفسك من مخاطره؟
- بلومبرغ: قطر تستضيف اجتماعا لبحث وجهة النظر الأوكرانية لإنها ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - احمد حسن - الماركسية ومفهوم الاصلاحية - الفصل الاول - الجزء الاول