أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - اسماعيل جاسم - مهاجر ترك العراق يبكي














المزيد.....

مهاجر ترك العراق يبكي


اسماعيل جاسم

الحوار المتمدن-العدد: 4920 - 2015 / 9 / 9 - 02:22
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


عذراً وطني ، أسفاً اتركك بين انياب الذئاب لقمة سائغة ، لكنني حينما تقطعت بي السبل وصبرتُ اعواماً ولم اشعر بأنك وطني بل لم تكن تحتضن الجميع ، ولم أكن ذات يوم رفعتُ قبعتي اليك لأنك وطن الجمال والتسامح والمحبة ، تخرجتُ من الجامعة بدرجة جيد جداً ومن العشر الاوائل ، بقيت اتردد على أبواب الدوائر والوزارات ومعي مستمسكاتي الاربعة مستنسخا العشرات فأوصدوا الابواب بوحهي ، اخذني الاسى والالم وتراجع شوقي وغار الحزن ، لا تلمني فأنا ابنك البار شربت من ماءك العذب ولم اشعر بمذاق الحياة فيك ، كان أبي يحدثني عن العراق وبغداد وما تعرضا من هجمات المغول والتتار وتكالب الروم والعجم؟، والان يقيناً تذكرت ما كان ابي اليَّ يقصُ ، فقد قال أُحتل العراق مراراً ، صدقني يا بني انا لا اريد تثبيط عزائمك والتقليل من سمو العراقيين في التسامح والعيش ، كان اليهود عراقيون من أب وجد ولهم تأريخ قديم في العراق وهم مثلك عراقيون بل قبلك تأريخاً .بمؤامرة تركوا العراق وهم يبكونه ، وتوالت الاعوام حتى امتدت يد الغدر على الكورد الفيليين منذ عام 1970 بدأ التهجير بهم الى ايران وتوزعوا على باقي عواصم الدنيا ، وفي اعوامنا طالت تلك الايادي المجرمة الى تهجير اخوتنا المسيحيين الذين عشنا معهم بحلو العيش ومره حتى امتزجت ارواحنا معهم وهم جزء منا ، قلت له يا ابي لماذا هُجر اليهود والمسيحيون ؟ قال يا بني ارجع الى تعاليم دينك فأنه يرفض الاخرين الا سواه ، استمر قائلاً تذكر بني في 8 / شباط عام 1963 جاء البعثيون وحكموا العراق لمدة ستة شهور ، خلال هذه الشهور السوداء هل تعلم ماذا فعلوا بالعراق ؟ اغتصبوا طالبات الجامعة والاعدادية بتهمة انهن شيوعيات وقد اصدر بني، السيد محسن الحكيم المرجع الديني في ستينيات القرن المنصرم وخلال اسقاط قادة ثورة 14 تموز 1958 أصدر فتواه الشهيرة " الشيوعيةُ كفرٌ والحاد " التي سمح للبعثيين بقتل واستباحة دم كل شيوعي او صديق لهم ، رد الابن وقال هذه الامور التي تتحدث عنها يا ابتاه لم اسمع عنها ، اجابه نعم كل الذي اقوله هو من الواقع وقد حدث ، بناءا على هذه المعلومات لم اكن اعرفها سابقاً . وعندما توفي والدي بقيتُ اعمل عملاً حرا في الشورجة حمالاً لأعيل امي واخوتي الصغار وشقيقاتي ، عواماً كي لا أصل الى نفق مظلم ، ارغمت نفسي حتى لا اترك العراق ولا افارقه رغم معانتي المؤلمة ، التفتُ يميناً ويساراً لم اجد امامي سوى بلداً مسروق وشعباً يتضور جوعاً ومدينة بغداد مدينة اشباح ونفايات وميليشيات وشكوى وجوع وحكامها عبارة عن سراق وقتلة ، بعد ذلك تذكرت ما كان يطرقه بمسامعي بأن العراق ليس فيه بصيص أمل للحياة ولا لشعبه العيش بسلام حتى مع نفسه بعد تهجير الصابئة والازيديين والشبك وسيأتي يوم يمر على الكورد في المناطق العربية ، في بداية امري عشت صراعا معها ، هل اهاجر مع موجة المهاجرين مجتازاً مخاطر الطرق ومسالك الوصول ، ربما بعد استقراري سأخبر اهلي بالالتحاق اليَّ تحت " لم الشمل " في الحقيقة ليست كانت لدي الرغبة في الهجرة مع من يهاجر ، لكن الذي أجبرني في الهجرة ومغادرة الوطن ، أشياء عديدة ، منها أولاً انعدام الخدمات ، كهرباء ، ماء ، بطالة ، مدارس وتعليم متخلف ، تردي الخدمات الصحية ، المحسوبية والمنسوبية والاشد من ذلك الفساد المالي والاداري وانهيار السياسة العراقية وهيمنة الاحزاب الدينية على جميع مفاصل الحياة السياسية ، فوجدتُ أن هناك في العراق ميليشيات مسيطرة على المشهد السياسي وانعدام الامن والمواطن مازال يعاني من قلق في الامن ولم ار شارعاً ولا حديقة ولا مستشفى ولا بناية كبيرة ولا منظراً يسر ، عشت صراعاً مع ذاتي اعواما حتى اتت الفرصة بالمجازفة لعبور الحدود وركوب موجات البحار فقررتُ بعد استشارة والدتي واخوتي وشقيقاتي بالهجرة مع الذين هاجروا ، نعم هاجرت بعد بيع بعض ممتلكات البيت ، تذكرت ما كان يقصه والدي ، فعرفت ان في العراق ليس فيه عيشاً آمناً ، نعم في العراق تدهوراً اقتصاديا ، واذا سألتني لماذا تهاجر ؟ سوف لم أُجبك قطعاً ، ان في العراق عصابات وميليشيات واجهزة امنية مخترقة وانا اذا نظرت حولي اجدُ اني في خطر ، فهربتُ مجتازاً حدوده ، طالبا لجوء في تلك الدول ، اسفاً عراقي لم تكن تحملني رغم اشتياقي اليك ، بعد لجوئي لم التفتُ يوما اليك ، تركتني وحيدا واحتضنت ساسة الاحزاب سراقاً بلا عقاب ، فكيف تدعوني أن أعيش في ظل اقصاء وتهميش ، العراق لم يكن ملكاً للجميع ، فضلت العيش في مدن لم ألفها ولم ارها من قبل ، لكنها احتضنتني وقدمت لديها ما كان موفوراً من الزاد والمسكن ووجدتُ أبناء بعض العوائل قد التحقوا في المدارس ، هل فيك ما فيهم ؟ أطن ان ما فيك الا الموت والاغتيالات والتغييب والسراق والقتلة يصولون ويجولون بسياراتهم الرباعية الدفع . وطنُ يدعي بالديمقراطية ولديه برلمان وسلطة تنفيذية وقضائية لكنه ميت منذ الولادة ، أبي ، حينما كنت تقص تأريخ العراق كانت تساورني الشكوك ، ولكن بعد موتك وجدت الحقيقة واضحة وكان حديثك صادقاً ، أبي ... هل تعلم أن ابنك هاجر لم يركب موجة الهجرة ولكن اليقين الذي لديه جعله مهاجراُ ناسياُ أن هناك بلداً اسمه العراق ، أُمي ، أخوتي ، شقيقاتي ، سوف أتصل بكم للم الشمل للتخلص من الموت الذي يحيطنا ، ليس كموت الغرق بين انياب حيتانه ، فهي أفضل من موت حيتان الفساد ... دمتم



#اسماعيل_جاسم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الموت في العراق تكنولوجيا لأيديولوجيا التطرف
- منظمات المجتمع المدني بين الهيمنة وغياب الدعم / العراق انموذ ...
- لحظات هدير الأقدام
- توقعا ت طوباوية ، في زمن الثورة المضادة
- انحناءة اجلال واكبار الى قناة البغدادية الفضائية
- باسم الدين باكونه الحراميه
- متظاهرون مع سبق الاصرار
- النمر نمر في غابته ، لكنه من ورق
- الاسلام السياسي مرض عضال
- قناة البغدادية الفضائية ودورها في تنوير المواطن العراقي
- اسرى عادوا متهمون مرتين وبدأوا بالرحيل بلا ثمن
- رسالة الى الدكتور حيدر العبادي المحترم اطلقوا يد الاعلام الح ...
- شعب يعاني البطالة ونزف دماء وقادة العراق متخمون بالسرقات
- تمييع النصر مؤامرة اقليمية ودولية
- الحشد الشعبي تجربة رائدة لإعادة اللُحمة الوطنية
- رواية 328 بين الواقع والخيال
- من تزوير الشهادات الى تزوير سندات العقارات والاراضي
- يوم الغضب العراقي / الذكرى الرابعة لتظاهرات 25 شباط في العر ...
- ضجيج - الطائرات الامريكية تنزل اسلحة لداعش -
- 8 شباط العراق ... ذاكرة سوداء


المزيد.....




- لماذا تهدد الضربة الإسرائيلية داخل إيران بدفع الشرق الأوسط إ ...
- تحديث مباشر.. إسرائيل تنفذ ضربة ضد إيران
- السعودية.. مدير الهيئة السابق في مكة يذكّر بحديث -لا يصح مرف ...
- توقيت الضربة الإسرائيلية ضد إيران بعد ساعات على تصريحات وزير ...
- بلدات شمال شرق نيجيريا تشكل وحدات حماية من الأهالي ضد العصاب ...
- أنباء عن -هجوم إسرائيلي محدود- على أهداف في العمق الإيراني و ...
- قنوات تلفزيونية تتحدث عن طبيعة دور الولايات المتحدة بالهجوم ...
- مقطع فيديو يوثق حال القاعدة الجوية والمنشأة النووية في أصفها ...
- الدفاع الروسية: تدمير 3 صواريخ ATACMS وعدد من القذائف والمسي ...
- ممثل البيت الأبيض يناقش مع شميغال ضرورة الإصلاحات في أوكراني ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - اسماعيل جاسم - مهاجر ترك العراق يبكي