أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مؤمن سمير - * سن النبوة * بقلم / مؤمن سمير. مصر














المزيد.....

* سن النبوة * بقلم / مؤمن سمير. مصر


مؤمن سمير
شاعر وكاتب مصري

(Moemen Samir)


الحوار المتمدن-العدد: 4879 - 2015 / 7 / 27 - 08:38
المحور: الادب والفن
    


* سن النبوة * بقلم / مؤمن سمير. مصر

مكثتُ طوال أل تسعة وثلاثين عاماً الماضية وأنا لا أنسى أبداً كلام الشيخ صاحب أبي الذي كان كلما يراه يسرع ويُقبِّل يده اليمنى وينظر له نظرات كلها ارتياح وإعجاب قبل أن يُقبِّل جبينه ، متجاهلاً حاجبيه الموصولين كثيفي الشعر وعيونه الحمراء دائماً .. قال وهو يعلمني ، الأماكن الفارغة هي مقرات الشياطين ومخابئها وأماكن انطلاقها وعودتها فاحرص على عدم البقاء وحدك أبداً أبداً .. وتمر عليَّ السنوات وأكبر و أكبر وتضطرني الظروف للبقاء وحيداً وأسمع وأشم وأرى أشياءً تتغير هيئتها باستمرار تحت الأسِرَّة وخلف الأبواب وداخل الأدراج والدواليب .. كان النوم لا يأتيني مطلقاً وأنا وحدي .. وعندما تزوجت كانت زوجتي تعود من زيارتها لأمها ، التي تستغرق أياماً من كل شهر فتجد عيوني محمرة والهالات السوداء تملأ وجهي فكانت تبتسم في البداية لظنها أنني لا أطيق بعادها لكن مع الوقت صارت تغمم لأختها في التليفون عن زوجها الخواف .. إلى أن احتفلتُ بعيد ميلادي الأربعين وفوجئت بتغير صفاتي كلها دفعة واحدة .. بعد الاحتفال بيومين غادرتني زوجتي والأولاد فنمت بعمق ولم تدق على شباكي أية هواجس .. كلامي أصبح أقل وأكثر تركيزاً وفي العمق دائماً .. نظراتي ثبتت وابتعدت عن القفز والتشوش .. مشيتي صارت تلقي على الناس الهيبة والوقار .. حتى خَطِّي الذي عاش عمره متراوحاً بين الطلوع فوق السطر وبين النزول تحته تمسك بالسطر وأحبه بصدق .. أنفاسي المضطربة هدأت واستكانت .. القطط والكلاب صارت تتمسح بقدمي والعصافير تقترب مني بلا خوف بل أكاد أقول بحبٍ واضح .. حتى المرأة التي أحاورها وأداورها منذ سنوات ، نظرتُ لها نظرة قالت كل شئ واستقبلَتْهَا هي وأطلقت زفرة ارتياح وكأنها تقول " أخيراً " وصحبتها للفراش وانتهى الأمر..هل تشي كل هذه المظاهر بمجرد وصولي لسن النضج والرجولة والثبات أم أنها توطئة وتمهيد لحدثٍ ما .. تجهيز من قوة عليا لأمر غائم حتى الآن لكنه في سبيله للسطوع .. والدليل الجلي الذي لا ينكره إلا مكابر هو أن هذه المظاهر أشرقت بدون أي تدرج منطقي .. كذلك أنا لا أنسى أبداً ما كان يجري معي عندما أصابني الداء الغامض ومنعني الطعام والشراب وعشت فترات طويلة في المستشفى ولا زاد ولا زوَّاد لي إلا الجلوكوز فقط ..كان الدم يصل إلى المخ طازجاً وقوياً ، هادراً لم يتلوث بالهضم والتمثيل الغذائي أو ما شابه .. يصل بعنفوانه وشبابه فيجعلني في حالة يقظة ذهنية عجيبة تجعل من قوة الحدس تعلو على ما سواها ، فكنت أحس مثلاً بوجودٍ فادحٍ لا يمكن تجاهله لعمي وأفاجأ به يدق الباب ... القريب الذي انقطعت صلتنا به منذ سنوات ، أحس بأنفاسه وأكاد أراه فيتحقق الأمر بالفعل .. أيامها كنت أقرأ في الصوفية بكثافة فقلتُ إنها إشارة الاقتراب من الولاية .. حتى رتب صديقي الماركسي الأمر بشكلٍ علمي : الدم واستئثار المخ به .. الخ فاضطررت أن أتناسى الأمر أو استسلمت بالأحرى للحياة وصغائرها .. لكن هل تسري نفس الدماء يا صديقي الذي سافر للخارج - في كل الناس؟ هناك فروق ضخمة بالتأكيد .. بمعنى أن دمي بالذات هو الصالح لاختراق الحجب .. بالتأكيد .. لهذا فقد فارقت كل تردد – وهل يملك المختارون أن يتقاعسوا - وصرت أصحو مبكراً في كل يوم وأصعد للسطوح .. آخذ أنفاساً عميقة متوالية ثم أومئ بوجهي بمعنى الموافقة والتأهب بعدها أغمض عيني طويلاً طويلاً وأرتب العالم ..



#مؤمن_سمير (هاشتاغ)       Moemen_Samir#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- * سماوات القتل * قصة : مؤمن سمير
- * النجمة * قصة : مؤمن سمير
- * عواء * قصة : مؤمن سمير
- * العمق * قصة : مؤمن سمير
- * الاسم * قصة : مؤمن سمير
- - ذراعٌ بذراع -
- - عالقٌ في الغمر ، كالغابةِ كالأسلاف - لمؤمن سمير: عن رعشة ا ...
- - مؤمن سمير و تجليات الاغتراب بين دِيوانَيْن - بقلم / خالد م ...
- عجائبية الخلق وموسيقى التكوين . قراءة في ديوان - عالقٌ في ال ...
- - الأبنودي وتناقضات الشخصية الكبيرة - بقلم / مؤمن سمير
- - بيوت - قصة بقلم / مؤمن سمير
- - غرفةٌ وصحاري وأشباحٌ ومدينة - كتابة بقلم / مؤمن سمير
- - اللعب مع الشيطان -
- مثل غابة وصياد وحيد ( إلي : مؤمن سمير ) شعر / أسامة بدر. مصر
- - الذي اصطادتهُ البساطةُ فأبصر و التحفَ بالأنثى فشاف -
- - ملامحُ مقطوفةٌ - شعر / مؤمن سمير
- - الصيادُ المعتزل - شعر/ مؤمن سمير
- - في فك خيوط اللعبة وفي الخوف كذلك - شهادة بقلم / مؤمن سمير
- تجليات الوحيد في- إضاءة خافتة وموسيقى - لمؤمن سمير بقلم : د ...
- - فأسٌ وحُفراتٍ في اللحم - شهادة


المزيد.....




- فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مؤمن سمير - * سن النبوة * بقلم / مؤمن سمير. مصر