هل تستطيع ( قطر ) منع الحرب الأميركية ؟

داود البصري

الحوار المتمدن-العدد: 360 - 2003 / 1 / 6 - 03:50
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    

                                             

قد يبدو السؤال ساذجا ويحمل العديد من عناصر التبسيط والسذاجة السياسية ؟ ولكنه مع ذلك يظل تساؤلا يثير العديد من قطاعات الرأي العام العربي بدرجات متفاوتة ، ومع تداخل الصورة السياسية وإحتمالاتها المستقبلية في العالم العربي وهي إحتمالات خطرة ومفتوحة وتحتمل كل الخيارات والإفتراضات ، إرتفعت بعض الأصوات والتجمعات السياسية في العالم العربي لتحاول مسك العصا من النصف متصورة أنها بإثارتها لبعض الظلال على المشهد السياسي العربي تستطيع إيقاف التداعيات التغييرية الوشيكة في العديد من مناطق العالم وعلى رأسها العراق ، وحيث ينتظر النظام العراقي خلال الأيام القادمة جردة حساب أميركية تنهي المواقف المتأرجحة منذ عاصفة الصحراء ربيع 1991 ، وليتم تسديد الفاتورة العراقية المؤجلة من خلال يافطة الحرب الأميركية ضد الإرهاب الدولي ومنابعه والأنظمة التي تحميه وتوفر له المأوى وبقية عناصر الدعم اللوجستية!.

ومن أقاصي المغرب العربي ومن العاصمة المغربية الرباط وبالتحديد من شارع طارق بن زياد حيث تقع السفارة القطرية وحيث يمتد مشهد جريان نهر أبي رقراق ، تحركت بعض الفعاليات السياسية المغربية لتحاول التعبير عن موقف مساند للنظام العراقي من خلال التظاهر المحدود العدد ( حوالي 50 عنصرا ) يقودهم المحامي المعروف بعلاقاته الوثيقة مع النظام العراقي السيد خالد السفياني ضد سفارة دولة قطر في الرباط في بادرة غريبة ولكنها تحمل عناصر تحرك سياسي جديد ؟ فعلى بعد أمتار من السفارة القطرية تقع السفارة الأميركية ذاتها وهي المعنية المباشرة بذلك الموقف السياسي ؟ ولكن إتخاذ ( قطر ) كهدف للتظاهر يعبر عن مداخلة سياسية معروفة المقاصد والأهداف ؟ أي التحذير من أية أدوار عربية في الحرب التغييرية القادمة في العراق ؟ ولعل الذاكرة العربية الطرية تعود بنا القهقرى لأكثر من عقد من السنين حينما خرجت في الرباط ذاتها بعد غزو النظام العراقي للكويت ثم بدء الإستعدادات الدولية لتحريرها أكبر تظاهرة شهدتها المملكة المغربية التي كانت وقتذاك تعيش تداعيات سياسية حادة ، وهي تظاهرة قيل أنها ضمت أكثر من مائتي ألف شخص ورغم أن الإطار العام للتظاهرة كان رفض الدور الأميركي والتأكيد على ماأسموه بالحل العربي!! إلا أن الهدف الأساس كان إستعراض القوة من بعض القوى السياسية ضد النظام القائم وقتئذ في المغرب ؟ فبرغم هدير الشعارات حدثت الحرب وتحررت الكويت وشهد النظام العربي حالة واضحة من الإنهيار السريع وجرت مياه عديدة تحت كل الجسور وأصبحت التظاهرة وبكل شعاراتها مجرد ( حدث في التاريخ )! ولم تستطع الشعارات تغيير شبر واحد من الإستراتيجيات المرسومة؟ واليوم تأتي تظاهرة الخمسين عنصرا من العناصر المرتبطة بالنظام العراقي والواجهات التي يمولها من أحزاب وتنظيمات نقابية وشخصيات سياسية ناشطة لتؤدي دورا إعلاميا باهتا يحمل العديد من عناصر الطرافة السياسية ؟ فهل التظاهر ضد حكومة دولة قطر سيجعل تلك الحكومة تلغي كل إتفاقياتها مع الولايات المتحدة وهي إتفاقيات إستراتيجية ذات علاقة مباشرة وصميمية بالأمن الوطني القطري وبالأمن الإقليمي الخليجي بشكل عام ؟ وهل بمحاولة المتظاهرين تسليط الأضواء على الدور القطري في الحرب القادمة سيتم إحراج الحكومة القطرية التي لاتخفي شيئا البتة بل تتعمد توضيح وتصريح كل شيء وبشكل غير مسبوق في الإعلام والسياسة الخليجية ؟

ولو إفترضنا جدلا أن القطريين لايشعرون بالراحة للتعامل المباشر والتحالف مع الأميركان ، فهل يملكون خيارا آخر للتحلل من ذلك التحالف ؟ وهو تحالف إكتسب الصفة الإستراتيجية المطلقة رغم تحريضات قناة ( الجزيرة ) وأصواتها العالية من خلال مذيعيها بالمراهنة على ( الشارع العربي )!! وهي مواقف متقاطعة مع مواقف السلطات القطرية على المستوى التكتيكي ! ولكنها لاتختلف عنها على المستوى الإستراتيجي ! فالجزيرة تبحث عن الصفقات الإخبارية وعن الحضور الإعلامي الفاعل ، وعن لطش الخبطات الصحفية ولايهمها بعد ذلك لامصير الملا عمر ولامصير الملا صدام ! فردهاتها وكواليسها وتحليلاتها تعج بالخبراء من الإسرائيليين وغيرهم ! والنقل المباشر من إسرائيل قائم على قدم ولاساق ؟ وهي وإدارتها لايهمها سوى أن تكون مالئة الدنيا وشاغلة الناس ومصدر حيوي من مصادر الأخبار العالمية وكما تبين من خلال التغطيات الحصرية في الحرب الأفغانية الأخيرة أو من خلال علاقاتها مع النظام العراقي وهي علاقات غاية في الودية والوله والغزل الصريح المدعوم بتقبل الهدايا والإعطيات من ( صقر العروبة ) والذي تقبل من الجانب القطري الذي يتظاهر ضده المتظاهرون اليوم طائرة ( صقر الخليج ) كعربون صداقة إستراتيجي ؟؟.

قبل شهور قليلة أشيعت أنباء نفاها وزير الخارجية القطري عن دور له في إقناع الرئيس العراقي بتقديم إستقالته كثمن لوقف الحرب الأميركية الوشيكة!! واليوم تؤكد التطورات والتسريبات والتحليلات الراهنة عن جدية الدور القطري وقتذاك رغم إستمرارية حالة النفي المعلنة ، وبعيدا عن تتبع خيوط العلاقات العراقية / القطرية المتشابكة فإن مصلحة قطر الإستراتيجية تكمن في الموقع الأميركي والذي له وحده الحسم الأخير ، أما تلكم المحاولات الساخرة التي يقوم بها خالد السفياني ورهطه فلاتصب إلا في إطار التعبير عن الدور التضامني لجماعات المؤتمر القومي العربي ولبعض ذوي المطامح الشخصية من السياسيين في تزعم شارع عروبي متطرف ليس له وجود إلا في الشعارات الموسمية المرفوعة؟ فالمواقف قد حسمت ، والخيارات قد توضحت ، والقضية أكبر من قطر أو العراق أو أية دولة إقليمية أخرى؟

إنه النظام العالمي الجديد قد فرض رؤاه ، وهي خيارات لن تلغيها تظاهرة الخمسين عتصرا من على ضفاف ( أبي رقراق الخالد )!.

 

 

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل