أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - هادي بن رمضان - العقل العربي والمثلية الجنسية















المزيد.....

العقل العربي والمثلية الجنسية


هادي بن رمضان

الحوار المتمدن-العدد: 4858 - 2015 / 7 / 6 - 16:16
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


بعد إستفتاء عام أجري في أيرلندا لإستطلاع أراء الأيرلنديين في موقفهم من الزواج المثلي , إنضمت الولايات المتحدة الأمريكية لقائمة البلدان المشرعة لهذا الشكل من الزواج رغم المعارضة الشرسة من الجمهوريين والمحافظين والمجتمع المسيحي بكل ترسانته السياسية والإعلامية .


أما في العالم العربي , والذي كعادته يستند في أغلب مواقفه إلى عنصر الدين بكل ما يحمله من شرائع همجية مفرطة القسوة والعنف بأساليبها القروسطية , شنت صفحات الإسلام السياسي وأنصارها والرجعيون والأصوليون والعوام حملة شعواء ضد المثلية الجنسية , والمتأمل في قسوة الألفاظ المستعملة في الخطاب السائد بين عوام العرب والمسلمين يخيل له بأن الزواج المثلي قد فرضته الولايات المتحدة بالقوة على العالم العربي والإسلامي , وكشف المتدينون عن أوجه التشابه بينهم وبين تنظيم الدولة الإسلامية والذي أعدم لأكثر من مرة متهمين "باللواط" بالرمي من شاهق ... كشف هؤلاء عن بعض ما يحمله الإسلام من فظاظة البدو في التعامل مع كل ما هو غير سائد ومحرم . وأما بقية العوام من المسلمين من يزعمون الإعتدال فكان موقفهم متباينا من المثليين بين السجن أو الإحالة على العلاج النفسي . لازال العقل العربي إذا غارقا في البداوة الفكرية , فهو لا يحتكم لموقف العلم ولا يعنيه العلم في شيئ مادام متعارضا مع النص الديني . منذ سنة 1997 حذفت جمعية الطب النفسي الأمريكية وهي أكبر جمعية علمية في العالم , حذفت المثلية الجنسية من خانة الإضطرابات النفسية وأعلنت إستحالة علاجها بل ضرورة أن يشارك المنتمون والمنتسبون للطب النفسي في كل جهود مقاومة رهاب المثلية الجنسية والتصدي لكل أشكال التمييز وهذا ما ورد في البيان :


- المثلية الجنسية ليست اضطرابا عقليا .. وجمعية الطب النفسي تعارض كل من يصور المثليين كمرضى بحاجة الى العلاج بسبب ميولاتهم الجنسية .

- علماء النفس لا يشاركون في الممارسات التمييزية ضد المثليين وجمعية الطب النفسي لا تتغاضى عن الممارسات التمييزية ضد المثليين .

- على المنتسبين للطب النفسي الاخذ بزمام المبادرة لازالة وصمة "الاضطراب العقلي" التي ارتبطت بالمثليين .

- ضرورة احترام حقوق المثليين بما فيها الخصوصية والسرية .

- في حالة ما قرر احد المثليين الخضوع لعلاج "تحويل الميول الجنسية" فهو مجبر على إخلاء معالجيه من مسؤولية المضاعفات المترتبة عن ذلك كالاكتئاب والافكار الانتحارية . - وهو نفس ما تعرض له "الان تورنج" أب الحاسوب , بسبب إجباره على استعمال الحقن .. إنتهى به الأمر إلى الإنتحار .

في المقابل , لازال العقل العربي المتدين يتعامل مع المثلية الجنسية لا بأساليب علمية وجدلية , بل بأكثر أسلحة الرجعية فتكا وتدميرا , كتاب القران وما لف لفه من كتب الحديث والسيرة والفقه . لا يبدي العالم العربي اليوم أي رغبة في التحرر والإنعتاق مما هو ديني رغم كل الضحايا والخسائر والأعرض الجانبية للنزعة الدينية الطائفية والتي إمتدت اثارها المدمرة لتمس وتخرب كل شيء . كان موقف الأصوليين واضحا : السلوك الجنسي المثلي عقوبته الموت . فكيف كان موقف من يزعمون الإعتدال ؟

يرى هؤلاء -منطلقين من موقفهم الديني الاعلمي الاجدلي المسبق- بأن المثلية شذوذ لاأخلاقي وجب إحالة المصابين به على العلاج النفسي . ولنا هنا أن نسألهم : هل عرف الإسلام ونبي الإسلام قديما مجال الطب النفسي ! هل أمر القران بتشييد مراكز العلاج النفسي لإحالة المضطربين على العلاج ؟؟ والجواب هو لا . لم يعرف الإسلام هذا ولا كان ليتنبأ به . إن هؤلاء في موقفهم هذا هم مجرد محاولين للتنصل من الطابع الدموي الهمجي للشريعة الإسلامية بمحاولتهم صبغ موقفهم صبغة علمية بالدعوة إلى العلاج النفسي بدل القتل بالرمي من مرتفع . وكأن الإسلام في صدره كان قد عرف مدرسة التحليل النفسي أو كان قد أخضع يوما ممارسي السلوك الجنسي المثلي إلى العلاج النفسي . موقف إله الإسلام كان واضحا وصريحا في ايات قوم لوط , وأجمع الصحابة والفقهاء على حد القتل ضد المثليين . فالإسلام إذا لم يدعو أتباعه إلى إخضاع هؤلاء إلى العلاج , ولا يمكن أبدا لكل ذي عقل أن ينطلق من موقفه العقائدي المسبق للدعوة إلى إخضاع المثليين إلى العلاج . فالإسلام لم يتعامل أبدا مع هؤلاء بغير القتل ولم يشيد لهم مصحات نفسية خاصة . فكيف إذا يمكن للمتدين أن يدعو إلى علاج ذوي السلوك الجنسي المثلي والحال أن عقيدة الإسلام لم تنص على هذا ! وإذا إفترضنا جدلا بأن المثلية الجنسية لا تتجاوز الإضطراب النفسي ويمكن للمختصين علاجها , فماذا مع من تروي لنا النصوص التاريخية قتلهم بسبب ميولاتهم الجنسية المثلية ! هل جهل إله الإسلام بأن المثلية قابلة للعلاج فسمح بسلوك همجي لاعلمي طيلة قرون قبل أن يكتشف العلم قدرته على العلاج ! كيف لم يخبر إله الإسلام في نص صريح نبيه بأن المثلي مضطرب يمكن علاجه بدل قتله ! هل ينسى إله ؟؟

لا يمكن لغير الأصوليين أن يتخذوا موقفا صريحا واضحا من المثلية الجنسية .. فهؤلاء من يزعمون الإعتدال هم خاضعون للنظرة الدينية لهذا النوع من العلاقات العاطفية الجنسية أولا , وخاضعون للشرائع الجسدية الهمجية التي نص عليها الإسلام ثانيا , وأخيرا يقع عليهم عبء أن يتمايزوا عن الأصوليين وكل ما يمت لهم بصلة من أساليب العنف والقسوة . ولهذا نجد موقفهم موقفا لامنطقيا من وجهة نظر دينية ولا علميا من وجهة نظر علمية . إنما لا يتجاوز موقفهم محاولة التملص من تهم الإرهاب والقسوة بالدعوة إلى إخضاع المثليين إلى العلاج مفترضين بلا دليل وكأن نبي الإسلام كان لينص على العلاج النفسي متناسين كل ضحايا إصابة الإله بالنسيان , لو أننا سلمنا بصحة موقفهم هذا .


ما سبب الموقف العدائي الهائل للعقل العربي من المثلية الجنسية ؟ وما سبب أن يطلق العقل العربي الة التهديد والوعيد بالعقاب الرباني والة التهديد من إنهيار الفضيلة وإنتصار الرذيلة ؟


إن من بين أسباب مبالغة العالم العربي الإسلامي في كراهية المثلية الجنسية --;-- هي الصورة الرمزية للرجل في الذهن العربي بأنه رمز للسيطرة والقوة والتفوق على المرأة وتميزه عن صفاتها الأنثوية . المثلية الجنسية تمس من نرجسية العقل العربي الذكوري لأنها تقدم نموذجا اخر للذكر يحمل بعض الصفات الأنثوية , حتى يشعر العربي المسلم بالتهديد على رجولته من تلك الصورة التي قدمتها العلاقة المثلية والتي دمرت مفهومه الوحيد عن "الرجل" .. ودفعته لتخيل أن بنيته الجسدية الذكورية ليست بالضرورة أن تكون بشكل حتمي "غيرية" في ميولاتها الجنسية . وهنا يبدأ الهذيان وتنطلق الهلاوس والشتائم وتهديدات القتل ضد كل من يبشر بهذه الفكرة .. فكرة أن القضيب رمز الذكورة لا يعني بالضرورة أن صاحبه لا يمكن أن يكون مثليا أو مزدوج الميول !


إن موقف المحافظين الغربيين العدائي لربما يمكن تفهمه , فهؤلاء المتدينون الذين تصيبهم الفاجعة إذا ما شاهدوا سلوكا جنسيا مثليا هم من سيجبرون على التعامل بشكل يومي مع المثليين جنسيا , مع سلوكهم المثلي العاطفي العلني في الشوارع والأماكن العامة وفي حفلات الزواج . وموقفهم العدائي الديني المسبق لا بد أن يحرض فيهم رغبة التصدي إلى تشريع الزواج المثلي , أما حال العالم العربي والإسلام فهو مختلف , لن يتعامل العقل العربي مع أي علامات لسلوك جنسي مثلي , فالإسلام والمسلمون بأساليب العنف والإرهاب والكراهية فرضوا على المثليين السرية المطلقة في علاقاتهم الجنسية تجنبا للموت . لو أعلن أحد الأفراد بالعالم الغربي عن كونه مثليا فإن أقصى ردود الفعل تطرفا ستكون بنبذه وتحقيره . فماذا لو أعلن أحد الأفراد بالعالم العربي عن كونه مثليا ؟ ستعمل الة الإرهاب الإسلامية الدموية الهائلة بنفس أساليب تعاملها مع الإلحاد أو الردة أو إعتناق المسيحية أو الإنتماء لأي أقلية . لو حدث أن تم تشريع الزواج المثلي بإحدى بلدان العالم العربي لرأينا موجات لا تكف من الهجمات المسلحة بالرصاص والقذائف والعمليات الإنتحارية وعمليات الفوضى والتخريب . هذا هو حال العالم العربي والإسلامي اليوم , والذي يرتد مع كل يوم إلى الخلف بتبني فكر ديني قروسطي مدمر يستحضره لمواجهة التفوق الحضاري للأمم الأخرى .


يعرف "جورج لوكاش" في موسوعته "تحطيم العقل" بأن الاعقلانية هي الشكل الذي يتخذه فكر للتهرب أمام إجابة جدلية على مسألة جدلية , وكل الاعقلانية بأشكالها "الحسنة" و "الرديئة" مهدت الطريق للفاشية .

والمتأمل في بنية العقل العربي وما يستند عليه من دلالات دينية وتاريخية في رؤيته وتفسيره للعالم ومجريات الأحداث و ما يعيشه العالم العربي من صراعات وما يتخذه من مواقف عامة لا بد أن يجزم بعظمة تعريف "لوكاش" للاعقلانية التي دمرت العقل العربي وأوقعته في شراك الفاشية وإعادة إنتاجها .



بيان جمعية الطب النفسي الأمريكية :

http://psychology.ucdavis.edu/…/rain…/html/resolution97.html



#هادي_بن_رمضان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المجتمعات العربية والإسلامية نحو الهاوية
- البروباغندا الدينية وآثارها
- القول الفصل بين الدين والإلحاد : العنف والقتل
- محاولات طفل لفهم الله
- المسلمون والإرهاب - تعليقا على الحادثة الأخيرة بأمريكا
- شبهات ضد الإلحاد والمادية : القتل
- معضلة المقدس : كيف يحول المتدينون كوكبنا إلى جحيم
- سلسلة -كيف يتحول الدين إلى شر ؟- : مقدمة
- المسلمون بالغرب : كومة من الإرهاب والعقد النفسية
- مقالات أتراجع عنها
- تعليق سريع عن اللغة والدين
- ضلالات العلمانيين العرب !
- عزيزي المسلم المعتدل
- -ملالا يوسف زي- تنتصر على طالبان
- المسلمون إرهابيون .. صدق بيل ماهر وكذب بن أفليك !
- هل يجوز تهنئة المسلمين بأعيادهم ؟
- حزب الله كتنظيم إرهابي
- -أمجد القورشة- يهاجم الملحدين والادينيين العرب !
- المادية تتحدى -1-
- لماذا التشاؤم العدمي ؟


المزيد.....




- يهود متشددون يفحصون حطام صاروخ أرض-أرض إيراني
- “متع أطفالك ونمي أفكارهم” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 ب ...
- لولو يا لولو ” اظبطي تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- شاهد: عائلات يهودية تتفقد حطام صاروخ إيراني تم اعتراضه في مد ...
- أمين عام -الجماعة الإسلامية- في لبنان: غزة لن تبقى وحدها توا ...
- وزيرة الداخلية الألمانية: الخطوط الحمراء واضحة.. لا دعاية لد ...
- لجنة وزارية عربية إسلامية تشدد على فرض عقوبات فاعلة على إسرا ...
- اللجنة العربية الإسلامية المشتركة تصدر بيانا بشأن -اسرائيل- ...
- إلهي صغارك عنك وثبتِ تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 لمتابع ...
- اختفاء مظاهر الفرح خلال احتفالات الكنائس الفلسطينية في بيت ل ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - هادي بن رمضان - العقل العربي والمثلية الجنسية