أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - عبد الحسين شعبان - المثقف وفقه الأزمة – ما بعد الشيوعية الأولى-ح 14















المزيد.....

المثقف وفقه الأزمة – ما بعد الشيوعية الأولى-ح 14


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 4845 - 2015 / 6 / 22 - 23:16
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


الحساسيات الموجودة بين القوى الكردية وراء الأحداث المأساوية في بشتاشان

وقد انقلب هؤلاء على نحو مفاجئ بعد مغادرة العراق ولا يريدون لأحد استذكار مواقفهم في تلك الفترة، خصوصاً عندما أرادت الجهة المتنفذة في إدارة الحزب إتباع سياسة أخرى دون دراسة كافية، وكرد فعل لسياسات البطش والإرهاب، وهكذا انتقلت حماستهم إلى الشعارات المتطرفة ذات الرنين اليساري العالي " الثورة الشعبية الظافرة؟ وانجاز مهمات الثورة الوطنية الديمقراطية، وأحياناً يقولون بقيادة الطبقة العاملة، وعلى نحو كوميدي تحوّل هؤلاء إلى تأييد "مجلس الحكم الانتقالي" وحكومات ما بعد الاحتلال، بل والانخراط فيهما، حتى خرجنا من "المولد بلا حمّص" أو كما يقول اللبنانيون من " المورد بلا حمّص" ، فارتفع مجدّداً شعار العداء "للإسلام" (مغلّفاً) تحت واجهة العداء للإرهاب اعتقاداً منهم بتخفيف ضغوط العدوّ التقليدي التاريخي "الإمبريالية العالمية" والنظام الرأسمالي، مثلما يتم الاندفاع تحت شعارات المزايدة بالعلمانية (بمناسبة ودون مناسبة أحياناً) في مواجهة الإسلامية، في حين أنهم شركاء للتيار الإسلاموي الأكثر تشدّداً أحياناً.
للأسف الشديد لم تتم مراجعة التجربة الشيوعية العراقية مراجعة نقدية معمّقة، واكتفينا بالهروب إلى أمام، وكأن المسألة لا تهمّنا، وهي تخص الخارج، ولهذا فنحن معفيون من نتائجها، بل إن هجوماً ضد كل من يدافع عن الماركسية خارج طاقم جناح الإدارة السابق والحالي، بحيث يصل إلى درجة الانتقام، الأمر الذي أصيب البعض بالمرارة والخيبة والإحساس بالخذلان، وبعضهم استسلم للواقع الجديد، وعاد إلى جادة " الصواب" واكتفى بالهمس ليس بالإمكان أحسن مما كان، ولا يمكن الإصلاح، وإلى أين نتجه؟ وغير ذلك من المبرّرات.
وظلّ الجناح الشيوعي الرسمي يحمل الاسم على نحو منقطع عن التاريخ أحياناً، فكيف يؤيد الاحتلال ويتعامل معه ويؤيد حكومات ما بعد الاحتلال، وينسجم مع الخيار الأمريكي، سواءً تجسّد باتفاقيات أو وجود عسكري، وكأنه قدر حتمي لا مفرّ منه ولا سبيل لمواجهته. هل حصل ذلك صدفة محضة وكأنها شأن قدري، أم ثمة أسباب ذاتية وموضوعية بفعل غياب طويل عن الساحة وضعف في أداء الدور التاريخي للحركة الشيوعية، وضبابية فكرية، ولاسيّما بضياع البوصلة بعد انهيار الكتلة الاشتراكية، وممارسة سياسية فيها الكثير من الشطط، ناهيكم عن انثلامات في هوّية الحزب الوطنية واستمراء الحصول على بعض الامتيازات؟.
وتجلّى الأمر على نحو صارخ بعد الاحتلال ومحاولة التماهي مع ما سمّي " بالعراق الجديد" وقبول دستور فيه الكثير من الألغام، وعدم معارضة معاهدة أمنية مع واشنطن، أكثر إجحافاً مع الاتفاقيات السابقة التي أطلقنا عليها اسم الاتفاقيات المذلة والمشينة والاسترقاقية.
عندما نقول بعثيون وإن لم ينتموا، فالمقصود هو السلوك والتصرّف الذي يدلّ على القسوة والعسف الذي امتازت به السلطة، فالبعثيون مثلما نحن وكذلك بقية الأحزاب والجماعات، بشرٌ فيهم الصالح وفيهم الطالح وفيهم مرتكبون وفيهم ضحايا أيضاً.
1. بشتاشان وخطط انسحابنا
ذكرتُ حول أحداث بشتاشان في كردستان (أيار/مايو) 1983 إن عامر عبدالله كان يريد أن يعرف مواقف إدارة الحزب خلال المعارك، وعندما عرف إنها آثرت الانسحاب عشية الهجوم، وتركت الرفاق يقاتلون بظهر مكشوف صعق تماماً... وهذا الوصف الذي أوردته في الكتاب، اعتبره باقر ابراهيم صورة مغايرة للواقع. وكان قد أورد في مذكراته أن القيادة الحزبية اجتمعت ليلاً، وتبيّن لنا أن الاستمرار في مقاومة العدوان، لم يعد في مقدورنا، وقررنا الانسحاب على وجبات... ويذكر بقاء كريم أحمد عضو المكتب السياسي والمسؤول الأول وسليمان يوسف بوكه (أبو عامل) (قائد الأنصار).
ولكنّني أود أن أعرض الصورة كما عرفتها وشاهدتها وعشتها أنا وعشرات الرفاق معي، وهي صورة لم تكن بهذه البساطة، بل كانت أكثر تعقيداً وتركيبية. وهي تدلّ على التخبّط وعدم الاستعداد، الأمر الذي يدلّ على الهروب إلى الأمام. وإنني إذ أذكر ذلك فإنني لا أريد الانتقاص من أحد ولا ادعاء بطولة أو مجد، لكننا نتناول المسألة من زاويتها السياسية ونتائجها وما آلت إليه، من تدهور الروح المعنوية للأنصار بشكل خاص، والحزب بشكل عام وارتفاع منسوب مشاكله وعقده من جهة، فضلاً عن النظرة السلبية له في بعض الأوساط الكردية، ولاسيّما في تلك المناطق الجبلية، التي يقيس أهلها البطولة بالنصر وليس بالهزيمة. ولعلّ خطة انسحابنا تذكّرني بخططنا في الهروب إلى الأمام إثر الهجوم البعثي ضد الحزب أواخر العام 1978-1979.
ولأنني وعدت العديد من الرفاق، وخصوصاً الأنصار كتابة شهادتي لما حصل في بشتاشان، فإنني أرجئ ذلك لحين أن يسعفني الوقت، ولكن لا بأس من مطالعة سريعة في إطار هذه المحاورات التي يعود الفضل في تحريكها إلى عامر عبدالله، والحديث عن المثقف وفقه الأزمة.
إذا كان وجود خطة لانسحابنا من بشتاشان، فإنها حسب قناعتي هي خطة ربع الساعة الأخيرة، قبل أو خلال الإجهاز علينا وتحطيم مقراتنا ومطاردتنا في الجبال الوعرة وتبدّدنا وضياعنا في تلك العاصفة الثلجية المجنونة التي ضربتنا، والتي مات بسببها عدد من الرفاق، مثلما استشهد في المعارك العديد منهم.
لقد كنتُ مع الرفيق محمد البشيشي "أبو ظفر" الطبيب الذي استشهد لاحقاً، في المستشفى، وكان قد جاءني مساء يوم 1 أيار (مايو) مهدي عبد الكريم لإبلاغي، بأننا قرّرنا الانسحاب لبعض رفاقنا وأنت منهم دفعاً لأية احتمالات، وذلك بالتوجّه إلى مناطق آمنة، بصعودنا إلى قسم من جبل قنديل الذي يبلغ ارتفاعه 7800 قدم، وكان في المجموعة الأولى على ما أتذكّر، عبد الرزاق الصافي، وباقر ابراهيم (وزوجته أم خولة) ومهدي عبد الكريم وعبد الوهاب طاهر وأنور طه النجار وعدد آخر من الرفاق، ولكنني اعتذرت من الذهاب معهم لسببين لاعتقادي أولاً إنني غير قادر على المسير وأنا ليس على ما يرام، وثانياً وهذا هو الأهم أبلغت الرفيق أبو العباس (أبو كسرى) بأننا إذا تركنا الإعلام (الصافي رئيس تحرير الجريدة ومهدي عبد الكريم رئيس تحرير الإذاعة، وأنا مسؤول المنظمة الحزبية والمستشار السياسي للإعلام ) فمن سيبقى من المسؤولين؟
ولذلك سأبقى مع رفاقي وليكن ما يكن، فأنا معهم سواءً بقينا أو انسحبنا، وحاول إقناعي ولكن دون جدوى، وأبلغني أن المسؤول سيكون الرفيق كريم أحمد، وهو مسؤولنا في مكتب العمل الآيديولوجي الذي كان مهدي عبد الكريم عضواً فيه أيضاً. بعد ثلاث ساعات من المسير عادت أم خولة، بقرار من الجهة المعنية تحت مبرّر ليس بإمكانها المسير في مناطق أشد وعورة، وهو ما عرفته منها صباح اليوم التالي، حيث عدت إلى موقعنا في الإعلام المركزي.
في اليوم التالي صباحاً عقدت اجتماعاً لرفاق الإعلام وكان قد التحق بالإعلام لتوّه مفيد الجزائري، ودعوناه لحضور الاجتماع كما حضر آخرون أيضاً، وتناقشنا ماذا سنذيع؟ واتصلت بالرفيق كريم أحمد باللاسلكي وطلبني للقاء وذهبت لمقابلته في مقر المكتب العسكري المركزي (معم)، وقال لي علينا أن لا نصعّد في خطابنا وأن نهدّئ اللعب كما يقال، وقلت له ألا يؤثر ذلك على معنويات المقاتلين؟ وكان رأيه إذا استطعنا تجنّب الصدام على الرغم من الهجوم علينا، فالأمر جيدٌ ووجدت رأيه صحيحاً.
وأبلغني بقرار المكتب السياسي: إذا تقدّم منّا جماعة أوك فأبلغ رفاق الإذاعة، ولاسيّما المهندسين بضرورة نسفها، واعترضت عليه بأن الرفاق بإمكانهم إخفاء الإذاعة الآن إذا قرّرنا ذلك وكنت قد استطلعت رأيهم سلفاً، وستكون خسارة كبيرة نسفها أو وقوعها بيد أوك. ثم سألته عمّا إذا قرّرنا الانسحاب وإخلاء المواقع؟ وهل أعددنا خطة لذلك؟ لم أسمع أية تأكيدات أو نفي وظلّ الموضوع عائماً، إلى أن عرفنا لاحقاً بمغادرة جميع الرفاق من إدارة الحزب المركزية، باستثناء الرفيق أبو عامل.
عدتُ إلى فصيل الإعلام واجتمعت مع صارم المسؤول العسكري، وهو أحد الأبطال الحقيقيين الذين علينا الاعتزاز بهم والاعتراف بدورهم وتكريمهم، فقد استطاع إنقاذ نحو 100 رفيق من الوقوع أسرى عند انسحابنا النهائي من المواقع المختلفة، وأبلغته بقرار م.س بنسف الإذاعة في حالة تقدّم أوك، فسألني صارم ومعه الرفيق أبو سهيل (وهما أعضاء في اللجنة القيادية لمنظمة الاعلام المركزي) وماذا هو رأيك يا رفيق؟ قلت رأيي من رأيكم، ما تقررونه سأبلغه لإدارة الحزب واستقرّ رأينا جميعاً بعدم نسف الإذاعة وإمكانية إخفاءها خلال ساعة في أحد الكهوف التي لا يمكن الاستدلال عليها بسهولة.
اتصلت بالرفيق كريم أحمد وأبلغته قرارنا، فأكد أنكم تخالفون قرار م.س وعليكم الالتزام به، وحاولت إقناعه، ولكنه لم يقتنع، ثم تناقشنا في الأمر وتوصلنا إلى اتفاق أقنعنا أنفسنا به على مضض، بعد أن سجلنا اعتراضنا، وهو نسف الإذاعة في حالة شعورنا بأنها ستقع بيد أوك وعدم وجود إمكانية الدفاع عنها. وحفر الرفاق حفرة حول خيمة الإذاعة وسكبوا الزيت فيها ووضعوا مواداً قابلة للاحتراق.
عصر ذلك اليوم اقتربت مفرزة لأوك من كاسكان التي لا تبعد سوى ربع أو ثلث ساعة عن مقر الإعلام المركزي، وكان ثلاثة شهداء قد وصلونا قبل يومين أو ثلاثة وأتذكر منهم الرفيق "شهيد" السينمائي، وجاءت الرفيقة رفاه لتقول أن كاسكان تم احتلالها، وكان في غرفتي زهير الجزائري وكنا قد استلقينا لنحو نصف ساعة عسى أن نأخذ قيلولة بعد أن أمضينا طيلة اليومين الماضيين بلا نوم تقريباً. وأبلغته أن كاسكان تم احتلالها وعلينا التجمع لاتخاذ القرار وسماع رأي الرفاق.
اتصلت بكريم أحمد، وعلمنا أنه غادر المكان باتجاه قنديل. بعد حوالي نصف ساعة، قرّرنا اللقاء عند المستشفى وهي طريق مفتوح إلى قنديل، واجتمعنا هناك مع الرفيق يوسف سليمان بوكه (أبو عامل) مسؤول المكتب العسكري وعضو م.س. قلنا له ما هي الخطة وماذا سنفعل؟ شرح لنا بعض التفصيلات عن المواقع: اشقولكا التي سقطت ولحقتها ليوْجه وكاسكان، ولم يصلوا بعد إلى بولي، وإن هناك رفاقاً قرب القمة الصخرية كان بعضهم من الإعلام، وفي الجبال المحيطة وهم رفاق أثبتوا شجاعة نادرة، بعضهم استشهد، لكنه لم يقل أن هناك أية خطة أو ستراتيجية بعد دخولنا في حرب لا ناقة لنا فيها ولا جمل، لكننا لم نعرف كيف نتخلّص منها.
وبعد نقاش شهده العديد من الرفاق، سواء من فصيل الإعلام أو من المكتب العسكري أو من الرفاق غير المسلحين، ومن كان موجوداً قرب المستشفى، قرّرنا جمع رفاقنا للتوجّه إلى قنديل بعد أن قالها أبو عامل وهو يكاد يبكي بأن علينا الانسحاب. كان رابط الجأش ومستقراً وهادئاً ولكنه حزين ومكتئب . قال له أحد الرفاق إذا كنتم تنوون المقاومة، فنحن هنا حتى الرمق الأخير، ولكن إذا قرّرتم الانسحاب فعلينا الإسراع!
قرّرنا عدم إبقاء أحد، حاولت أم خولة الاعتذار عن صعود الجبل معنا لأنها ذهبت واضطرّت إلى العودة وهي امرأة باسلة وصبورة، وحاول أبو انجيلا (ناصرية) البقاء لأنه مريض (مصاب بالربو الشديد) وليس بإمكانه المسير، لكنني "أجبرتهما" على الرحيل والمغادرة، وقلت لهما بالحرف الواحد، وهذا ما تكرّره أم خولة دائماً،" نموت في الطريق" أفضل من أن نقتل بطريقة الاستسلام. وهذا ما حصل حيث غادر الجميع المواقع بعد أن أبلغ الرفاق بالانسحاب. ونحن إذ نتجه بصعود قنديل فإذا بنا نشاهد في الجهة الثانية موقع الإذاعة ينفجر والنار تختلط مع العاصفة الثلجية، فيصعد لهيبها إلى السماء في لحظة غروب حزينة حيث كانت فيها السماء تنثر حبّات من الجليد الماطر، وكأنها أرادت أن تودّعنا ونحن نعتصر ألماً لمغادرة مواقعنا في ظرف عصيب وحالة انكسار. وبعد لقائنا بصارم ومجموعته شاهدنا عيونهم محمّرة من البكاء على عزيز فقدوه، وهو إذاعتهم " إذاعة صوت الشعب العراقي".
في الطريق التقينا بالرفيق عمر علي الشيخ والرفيقة أم بهار والصديق عبد الخالق زنكنة (كان من قيادة الحزب الاشتراكي الكردستاني آنذاك). وكانوا قد غادروا الموقع قبل ذلك ووصلوا إلى حوالي ربع الطريق واستقروا قليلاً، ولكننا أبلغناهم بأن بشتاشان تم احتلالها وانتقلنا سوية إلى مواصلة السير لأكثر من يوم (حوالي 30 ساعة) حتى وصلنا منطقة قريبة من مقرات حدك (الحزب الديمقراطي الكردستاني)، فحملتنا سيارات كبيرة إلى قرية قريبة من "قضاء خانة" المقابلة "لقرية بانة" العراقية ويفصل بينهما جبال شاهقة، وخلال بقائنا هناك كنّا نستمع إلى المدفعية المتقابلة، فهذه تطلق وتلك ترد. وبقينا في جامع (حوالي نصف ساعة)، واكتشفنا أننا في الأراضي الإيرانية، وكنّا قد التقينا بالملازم علي (الفريق علي حالياً) وتلك قصة أخرى.
سياسياً يمكنني القول أنه لم يكن لدينا خطة حين دخلنا المعركة، فقد انجررنا إلى بعض استفزازات أوك ولم تكن لدينا خطة حين تحالفنا في ظروف معقدة، خصوصاً في ظلّ الحساسيات التاريخية والأحقاد والضغائن والمنافسة على مواقع النفوذ، ولذلك لم يكن صحيحاً التحالف مع مجموعة وإهمال أخرى، لأن الأخيرة ستحسب التحالف ضدها.
وأستطيع القول بألم أيضاً أنه لم تكن لدينا خطة حين دخلنا معركة ثأرية (ثانية) في أيلول (سبتمبر) 1983 ضد أوك، وراح ضحية تلك المعارك التي لا مبرّر لها أكثر من 60 رفيقاً وجرحى وأسرى، قتل بعضهم كما نقلت الأخبار في حينها لا يمكن لسياسة تبنى على ردّ الفعل، وكان علينا التعلّم من تجربتنا السابقة، فقد دخلنا معركة ضد حدك وحملنا السلاح ضدها العام 1974، ولم يكن المستفيد من تلك المعارك سوى الحكومة العراقية، ثم سلّمنا سلاحنا بكل ممنونية للحكومة العراقية عقب الانتهاء من تصفية الحركة المسلحة الكردية في كردستان.
أتفق مع الرفيق عزيز محمد الذي قال إن أحداث بشتاشان لم تكن قدراً لا مردّ له كي يستشهد هذا العدد الكبير من الشهداء، لكنني لم أفهم عبارته التي تلت هذه الفقرة " فما حصل هو أمر مفتعل" وإذا كانت تلك خطيئة أوك كما قال، فهذا الأمر المفتعل نالنا منه ما نالنا، ولكن كيف إذا لم يكن مفتعلاً، بل مقصوداً ومخطّطاً، وأظنّه كذلك، لأنه كان مقدمة لتحالف بين أوك والحكومة العراقية اتضحت معالمه بعد أحداث بشتاشان وأعلنت لاحقاً في العام 1984، ذلك الذي لم يجب عنه الرفيق أبو سعود، فقد أصبح صدام حسين بالنسبة لهم "حكماً" وليس خصماً، وهو أمر سياسي له علاقة باختلالات توازن القوى.
ويقول الرفيق أبو سعود " أنا لم أكن مع الأسف الشديد موجوداً في كردستان في تلك الفترة. كنت وقتها في الشام، فقال أحدهم لو كنت موجوداً لما حدثت تلك الأحداث المأسوية، ولكنني لا أريد أن أتعكّز على ذلك الرأي، ومن الممكن أن يكون هذا الرأي صحيحاً"، لكن ذلك قدرية أخرى يحاول أبو سعود إمرارها في تبرير ما حصل، فالتحالفات والاصطفافات السياسية لها اعتبارات أخرى. صحيح إن شخصاً مثل أبو سعود بوزنه السياسي وثقله الأدبي يمكن أن يؤثر ويخفف من غلواء البعض، بما عُرف عنه من وسطية وتوفيقية وقدرة على احتواء بعض الاندفاعات، ولكن ذلك لوحده ليس العامل الحاسم، بل مصالح هذه القوى والحساسيات الموجودة بين القوى الكردية هي الأساس.



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هلوسات ما بعد الموت الأول
- المثقف وفقه الأزمة – ما بعد الشيوعية الأولى -ح 13
- متلازمة الدّين والإنسان
- المثقف وفقه الأزمة – ما بعد الشيوعية الأولى /ح 12
- تحدّيات التنوير منظوراً إليها أكاديمياً!
- المثقف وفقه الأزمة – ما بعد الشيوعية الأولى /ح 11
- عن القوة الناعمة
- المثقف وفقه الأزمة – ما بعد الشيوعية الأولى /ح 10
- المثقف وفقه الأزمة – ما بعد الشيوعية الأولى /ح 9
- المثقف وفقه الأزمة – ما بعد الشيوعية الأولى /ح 8
- المثقف وفقه الأزمة – ما بعد الشيوعية الأولى /ح 7
- المثقف وفقه الأزمة – ما بعد الشيوعية الأولى /ح 6
- العقد الثاني لليسار في أمريكا اللاتينية
- المثقف وفقه الأزمة – ما بعد الشيوعية الأولى /ح 5
- المثقف وفقه الأزمة – ما بعد الشيوعية الأولى /ح 4
- المثقف وفقه الأزمة – ما بعد الشيوعية الأولى /ح 3
- المثقف وفقه الأزمة – ما بعد الشيوعية الأولى /ح 2
- الرمادي بعد الموصل.. كيف ولماذا سقطت؟
- المثقف وفقه الأزمة – ما بعد الشيوعية الأولى /ح 1
- العراقي يُقتل حتى في السويد


المزيد.....




- فيديو صادم التقط في شوارع نيويورك.. شاهد تعرض نساء للكم والص ...
- حرب غزة: أكثر من 34 ألف قتيل فلسطيني و77 ألف جريح ومسؤول في ...
- سموتريتش يرد على المقترح المصري: استسلام كامل لإسرائيل
- مُحاكمة -مليئة بالتساؤلات-، وخيارات متاحة بشأن حصانة ترامب ف ...
- والدا رهينة إسرائيلي-أمريكي يناشدان للتوصل لصفقة إطلاق سراح ...
- بكين تستدعي السفيرة الألمانية لديها بسبب اتهامات للصين بالتج ...
- صور: -غريندايزر- يلتقي بعشاقه في باريس
- خوفا من -السلوك الإدماني-.. تيك توك تعلق ميزة المكافآت في تط ...
- لبيد: إسرائيل ليس لديها ما يكفي من الجنود وعلى نتنياهو الاست ...
- اختبار صعب للإعلام.. محاكمات ستنطلق ضد إسرائيل في كل مكان با ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - عبد الحسين شعبان - المثقف وفقه الأزمة – ما بعد الشيوعية الأولى-ح 14