أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - العقد الثاني لليسار في أمريكا اللاتينية















المزيد.....

العقد الثاني لليسار في أمريكا اللاتينية


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 4826 - 2015 / 6 / 3 - 20:22
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



قدّر لي أن أقترب من تجربة بلدان في أمريكا اللاتينية، حيث زرت خلال عقد ونيّف الماضي أربعة بلدان أمريكية لاتينية، البلد الأول كان الأكوادور، وذلك بُعيد احتلال العراق العام 2003 لحضور مؤتمر دولي في «كيتو»، وبعدها زرت تشيلي لدراسة التجربة التشيلية المتميّزة للعدالة الانتقالية، ثم قمت بزيارة البرازيل وخلال وجودي فيها حدث العدوان ««الإسرائيلي»»على غزة (أواخر العام 2008 وبداية العام 2009)، وكان المواطن البرازيلي البسيط عندما يعرف أنني عربي ومن العراق، كان يتصرّف بشيء من التضامن التلقائي بإزاء الضحايا.
وتوّجت علاقتي بأمريكا اللاتينية بحب قديم ونستالوجيا عتيقة، وذلك حين زرت كوبا، تلك الزيارة التي كان لها طابع وجداني خاص، لارتباطها ببدايات وعيي الأول، حيث كانت مقارنتي ومقاربتي قد تزامنت بين الثورة العراقية في 14 يوليو(تموز) العام 1958 وانتصار الثورة الكوبية في 1 يناير/كانون الثاني عام 1959، وكيف وجّهت الأولى ضربة كبيرة لحلف بغداد وللامبريالية في الشرق الأوسط، في حين كانت الثورة الكوبية طعنة للولايات المتحدة من خاصرتها، وعلى الرغم من اختلاف المسارين، حيث أطيح بالأولى العام 1963 بانقلاب دموي، فإن الثانية استمرت بالتحدّي طوال خمسة عقود ونيّف من الزمان.
وإذا كان جيلنا «اليساري» قد تأثر بالاتجاه الجيفاري الذي كان حاضراً، لاسيّما بالدعوة للكفاح المسلح والالتحام بالثورة الفلسطينية وشعاراتها، منذ أواسط الستينات، فإنه انتكس وتراجع منذ أواخر السبعينات التي كانت بدايتها اتفاقيات كامب ديفيد.
أما أمريكا اللاتينية، فقد اختارت مساراً آخر للتغيير كان عنوانه «الثورة في صندوق الاقتراع» وقد لعبت مؤسسات المجتمع المدني، ناهيكم عن لاهوت التحرير، دوراً كبيراً في نشر الثقافة الحقوقية، لاسيّما ثقافة حقوق الإنسان، وفي تعبئة القوة الانتخابية باتجاه انتخابات ديمقراطية شفّافة، تحت شعارات جديدة، آخذة بالاعتبار التطوّر العالمي الكبير الذي حصل في هذا الميدان، وبخاصة في حقل ثورة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والإعلام والثورة العلّمية - التقنية المتصاعدة والعولمة بوجهها الإيجابي، ناهيكم عن وجهها القبيح أيضاً.
ولعلّ تجربة فوز اليسار في أمريكا اللاتينية مدهشة ومثيرة وتستحق القراءة الدقيقة، لاسيّما لجهة اصطفاف القوى والاستقطابات والتحالفات الجديدة، على الرغم من انحسار اليسار وتراجعه على المستوى العالمي، بما فيه أوروبا وبخاصة في البلدان الاسكندنافية التي كانت الأحزاب الاشتراكية واليسارية تحكمها وما زال بعضها حاكماً، حيث تراجع في السويد والدنمارك إضافة إلى ألمانيا وغيرها، مثلما انتكست التجربة الاشتراكية واليسارية العالمية، والمتمثّلة في انهيار أنظمة بلدان أوروبا الشرقية في أواخر الثمانينات، بعد هدم جدار برلين وانحلال الاتحاد السوفييتي في العام 1991، وتراجع أنظمة التحرر الوطني، كما كنّا نطلق عليها المتأثرة بالتجارب الاشتراكية العالمية.
أما في أمريكا اللاتينية فقد استطاعت القوى اليسارية أن تحرز النصر عبر صندوق الاقتراع في كل من تشيلي بقيادة السيدة (باشليت)، وفي فنزويلا، فاز (هوغو شافيز) الاشتراكي اليساري بنبرته العالية، وعند وفاته في 5 مارس/آذار العام 2013 حلّ محلّه نيكولاس مادورو، وفي الإكوادور فاز رافائيل كوريّا، وفي بوليفيا فازت القوى الاشتراكية اليسارية بقيادة ايفوموراليس مثلما حازت أغلبية مقاعد البرلمان في باراغواي بقيادة لوغومينديز، وتعتبر تجربة نيكاراغوا مثيرة للجدل، فقد وصل دانيال أورتيغا قائد الثورة الساندينية المسلحة سابقاً، إلى السلطة بعد غياب عنها دام 15 عاماً، بواسطة صندوق الاقتراع هذه المرّة وليس بالبندقية.
إنّ هذه التجارب الكبرى بحاجة إلى تأمّل ودراسة، لاسيّما من جانب الحركات التي سُمّيت يسارية وثورية في بلداننا العربية، وكيف تراجعت؟ ولماذا؟ وما هو أفقها الحالي والمستقبلي؟! وهو ما ينبغي التوقّف عنده، انطلاقاً من استنتاج مهم نصيغه على شكل سؤال: لماذا فشل اليسار عندنا ونجح في أمريكا اللاتينية؟
جدير بالذكر أن بلدان مثل البرازيل والأرجنتين وفنزويلا طرأت عليها تغييرات مهمة خلال العقدين الماضيين، لاسيّما في ظل نجاح اليسار للوصول إلى السلطة، وذلك بتنامي معدّلات النمو الاقتصادي، واعتماد توزيع أكثر عدالة للثروة، إضافة إلى نشوء التكتلات الإقليمية مثل «السيلاك» و«اليوناسور» و«الميركوسور» بين دول القارّة، وهذه الأمور جميعها ليست بمعزل عن دور اليسار، فلم يعد يلعب دور المعارضة، بل اتّجه صوب المسار الديمقراطي والتحوّل الاجتماعي.
وقد مثّلت الانتخابات باعتبارها إحدى الآليات الديمقراطية، نقطة ارتكاز لتجديد النظام السياسي وتداول السلطة بين النخب السياسية الحاكمة.
لقد فاز اليسار كما جرت الإشارة إليه في خمسة بلدان وأحرز يسار الوسط نجاحات في بلدان أخرى مثل كولومبيا والأرغواي والأرجنتين، دون أن يعني أنه لم يواجه صعوبات كبيرة وتحدّيات قاسية في عدد من هذه البلدان، وستعتمد النتائج المستقبلية على برنامجه الانتخابي وقدرته على تحقيق مكاسب جديدة لمصلحة الجمهرة الأوسع والأكثر فقراً من المواطنين، حيث المنافسة والاستقطاب بين التيارات أصبح شديداً.
يمكننا القول: إنه منذ مطلع العام 2010 بدأ العقد الثاني لصعود اليسار ديمقراطياً إلى سدّة الحكم، حين حلّ محل الأحزاب اليمينية، خصوصاً بعد فشل تجربة الأنظمة الديكتاتورية والعسكرية. ويتعزّز دور دول أمريكا اللاتينية اليوم بشبكة علاقاتها الخارجية مع دول وقوى خارج نطاق نفوذ واشنطن، مثل«قمة البريكس» التي تضم الدول الأسرع نمواً اقتصادياً في العالم ونعني بها البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا.
والاسم في هذا التحالف مأخوذ من الأحرف الأولى اللاتينية من الدول الخمس المؤسسة.
لقد حقّق البرنامج الاجتماعي لليسار الأمريكي اللاتيني خلال العقد الماضي تغييراً إيجابياً في حياة قطاعات واسعة وشرائح مهمة من الناس الذي منحوه أصواتهم، وهذه المنجزات هي التي يمكن أن تشكّل اليوم رافعة جديدة للتيار اليساري، حتى وإنّ كانت تواجهه صعوبات شديدة، مثل التظاهرات التي شهدتها البرازيل، أو المطالبة بتعديل الدستور التشيلي، أو المطالبة بزيادة حرية التعبير في الأكوادور، لكن اليسار يظل في أمريكا اللاتينية خياراً شعبياً لنهج التنمية والعدالة الاجتماعية، حاز ثقة أغلبية الناخبين.
وإذا كان الحديث عن المسار الديمقراطي فإنه ليس خياراً يسارياً فقط، بل أصبح القاسم المشترك لجميع الأطراف من اليمين واليسار، ولم يعد بإمكان أحد تغيير شروط اللعبة بالكامل، لكن كل طرف يسعى لتحسين أدائها، والحصول على أكبر نسبة من الأصوات، سواءً أكان في السلطة أو في المعارضة، وعلى أساس المطالب الشعبية والأصوات الانتخابية، فإن هذا الطرف يعمل لتخفيف يمينيته، بتبنّي بعض المطالب الاجتماعية، وذاك الطرف يخفّض من سقف راديكاليته، ليكسب أوساط أخرى أو يطمئنها على أقل تقدير.
على نتائج العقد الثاني اليساري في أمريكا اللاتينية، ستقرّر وجهة المسار الديمقراطي والتنمية الاجتماعية بكل وجوهها والعلاقة بالتجمّعات الدولية، بما لها من مزايا وإيجابيات حسب نظر اليسار، وما لها من سلبيات وثغرات، لاسيّما الابتعاد عن الولايات المتحدة، حسب رؤية اليمين.



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المثقف وفقه الأزمة – ما بعد الشيوعية الأولى /ح 5
- المثقف وفقه الأزمة – ما بعد الشيوعية الأولى /ح 4
- المثقف وفقه الأزمة – ما بعد الشيوعية الأولى /ح 3
- المثقف وفقه الأزمة – ما بعد الشيوعية الأولى /ح 2
- الرمادي بعد الموصل.. كيف ولماذا سقطت؟
- المثقف وفقه الأزمة – ما بعد الشيوعية الأولى /ح 1
- العراقي يُقتل حتى في السويد
- تقسيم العراق وحكاية الأعظمية
- النظام الإقليمي العربي ومعادلات القوة العالمية
- الثقافة والمواطنة والهّوية في العالم العربي
- بحر العلوم: السكون الرؤوم! 4
- بحر العلوم: السكون الرؤوم! 3
- بحر العلوم: السكون الرؤوم! 2
- بحر العلوم: السكون الرؤوم! 1
- انطولوجيا المثقفين العراقيين!
- العراق .. دعه ينزف!!
- -أغصان الكرمة- المسيحيون العرب-
- الفلسفة التاوية وصنوها الفلسفة الصوفية
- تفاحة كوبا وسلّة أمريكا
- عن الأمن الإنساني


المزيد.....




- مصدر يعلق لـCNNعلى تحطم مسيرة أمريكية في اليمن
- هل ستفكر أمريكا في عدم تزويد إسرائيل بالسلاح بعد احتجاجات ال ...
- مقتل عراقية مشهورة على -تيك توك- بالرصاص في بغداد
- الصين تستضيف -حماس- و-فتح- لعقد محادثات مصالحة
- -حماس- تعلن تلقيها رد إسرائيل على مقترح لوقف إطلاق النار .. ...
- اعتصامات الطلاب في جامعة جورج واشنطن
- مقتل 4 يمنيين في هجوم بمسيرة على حقل للغاز بكردستان العراق
- 4 قتلى يمنيين بقصف على حقل للغاز بكردستان العراق
- سنتكوم: الحوثيون أطلقوا صواريخ باليستية على سفينتين بالبحر ا ...
- ما هي نسبة الحرب والتسوية بين إسرائيل وحزب الله؟


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - العقد الثاني لليسار في أمريكا اللاتينية