أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - عبد الحسين شعبان - المثقف وفقه الأزمة – ما بعد الشيوعية الأولى -ح 13















المزيد.....

المثقف وفقه الأزمة – ما بعد الشيوعية الأولى -ح 13


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 4845 - 2015 / 6 / 22 - 16:57
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


المثقف وفقه الأزمة – ما بعد الشيوعية الأولى /ح 13
ظواهر سلبية رافقت الجبهة الوطنية مع حزب البعث وتكرّست وازدادت في المنفى

وقد أورد العاني رسالة مذيّلة بتوقيع المكتب السياسي، كان قد تسلّمها من كريم أحمد في 10 نيسان/أبريل/1983 الذي أبلغه فيها "أنك مجمد من اللجنة المركزية، ونطلب منك جواباً تحريرياً على الرسالة" التي نشرها نصاً وهي كما وردت في مذكرات العاني " صفحات من السيرة الذاتية".
أبو حسان، تحية،
لقد وصل إلى علم الحزب إن ثابت حبيب العاني صمد صموداً بطولياً لدى اعتقاله في 1/5/1971 في قصر النهاية، ولكنه في الأخير ضعف فوافق على التعاون في مجال الطلاب وفي مجال العلاقات مع الاتحاد السوفييتي، لقاء الحفاظ على تنظيماته وتقديم المساعدة له عن طريق أخيه، كما كان على اتصال مع أحد المحامين وكان في السلك العسكري في مكتبه في شارع السعدون.
التوقيع المكتب السياسي
يقول ثابت حبيب العاني: لقد احتقرت الاتهام ولم أهتم به، وبألم وحرقة وانفعال يمضي في سرد ما عاناه حين يجيب على الرسالة باختصار " إذا تحقق هذا الشيء، فأنا استحق عقوبة الإعدام" ويضيف أنه كتب عدّة رسائل لكنه لم يتلقّ جواباً، وآخرها كما يذكر رسالة موجهة إلى المؤتمر الرابع في 15/11/1985 وإنه بقي على هذا الحال واضعاً نفسه تحت تصرّف الحزب حتى 15/5/1989، ولم يستلم أي جواب باستثناء رسالة استلمها بتاريخ 21/11/1985، والتي أبلغ فيها عدم وجود شيء جديد وأنه تم استبعاده من حضور المؤتمر.
وعلى القارئ أن يتخيّل النتيجة فبعد نحو 20 عاماً يأتي عزيز محمد لزيارته في بودابست في مطلع العام 1990 ليخبره " أن المخبر طلع كذّاب في قضيتك"، تصوّروا هكذا بكل بساطة يتم التعامل مع قضايا من هذا النوع. هكذا يجري الأمر ونحن خارج السلطة، فما بالك لو كان الحكم بيدنا، وكثيراً ما كان عامر عبدالله يتندّر، بأن أكثر من ناظم كزار لكان بيننا.
ولو حللنا اللغة الخشبية الجامدة التي كُتبت بها رسالة المكتب السياسي والتي استبعدت كلمة رفيق من صيغة المخاطبة المعروفة، لأدركنا أية قسوة يتم التعامل بها مع رفيق قضى عمره كله في الحزب ولم يعرف شيئاً سواه، وهي ذات اللغة التي تم التعامل بها برسائل مشابهة وربما أكثر قسوة مع نوري عبد الرزاق ومهدي الحافظ وبهاء الدين نوري وآخرين، وهي تعكس نمطاً من السلوك اللاإنساني الذي يمتاز بالجحود والتنكّر للرفقة لمجرد واش عابر ومعروف ، وقد سبق للمنبر أن نوّهت عنه، لكن هناك من أراد توظيف قضية أبو حسان في الصراعات الداخلية ولأغراضه الخاصة.
وبعد وعود وانتظار بردّ الاعتبار وإبلاغ الأحزاب الشيوعية بسقوط التهمة والاتهام وإعلان ذلك على الملأ وبشكل خاص للرفاق، لكن شيئاً من ذلك لم يحدث، وقد كتب ثابت حبيب العاني آخر رسالة إلى المكتب السياسي في 10 آذار/مارس/1992 وانتظر ثلاثة أشهر ولم يستلم جواباً، فاضطرّ هو هذه المرّة لإعلان القضية على الشيوعيين، وقد لقيت قبل هذا التاريخ سخطاً واستنكاراً لتلك الأساليب البوليسية واللاأخلاقية.
أعود إلى القضية قبل ذلك لعرضها من وجهة نظرنا:
حينما تيقّنا إن قضية العاني لم تعد سرّاً، فهي السرّ المعلن الذي يتهامس به كثيرون، وكانت المسألة معروفة لدى الأنصار، قرّرنا في المنبر الكتابة عن الموضوع والدفاع عن ثابت حبيب العاني. وكتب حينها مهدي الحافظ مقالة مهمة، نشرناها تحت عنوان ضوء " ماذا جرى لأبي حسّان؟" وهي من أفضل ما كتب عن أبي حسّان حتى ذلك الحين، سواء في إنصافه وفي وضع القضية في سياق سياسي وأخلاقي وإنساني وقانوني، ناهيكم عن جانبها الحزبي، وتضمّنت المقالة تحميل المسؤولية عن حياة "أبو حسّان" لإدارة الحزب وعن احتمالات تعرّضه في ظروف غامضة وملتبسة إلى ما يهدد حياته.
وعلى الرغم من أن ثابت العاني لم يكن مرتاحاً من نشر مقالة مهدي الحافظ في حينها أو وضع القضية على طاولة البحث العلني، وكان يأمل حلّها داخلياً، لكنه كما أعتقد شعر في قرارة نفسه بأن المسألة أبعد من ذلك بكثير، وكان مجرد نشرها يعني الإفراج عن طابع الكتمان والغموض الذي أريد أن توضع فيه. وكان لنشر مقالة الحافظ صدىً إيجابياً في الأوساط الحزبية الشيوعية والوطنية العراقية، وكذلك لدى الأحزاب الشيوعية وحركات التحرر الوطني العربية، وأستطيع القول إن مقالة مهدي الحافظ وحملة المنبر ساهمتا في الضغط على إدارة الحزب لحل قضية أبو حسان وردّ الاعتبار إليه، خصوصاً وأن هناك مطالبات كثيرة بالاعتذار منه علناً وإعادة إبلاغ الأحزاب الشيوعية عدم صحة ما سبق وأن تلقته من آخرين بخصوص وضعه.
كما إن عامر عبدالله الذي لم يكن يحبّذ النشر في حينها، إلاّ أنه عند نشرنا مقالة الحافظ اعتبرها تمثّل حقيقة، كان قد خاطب عزيز محمد لإجلائها، وقد نشرت في الكتاب، ما يشير إلى تعاطف عزيز محمد مع الموضوع، لكن الأمور، كانت قد خرجت من بين يديه وأضحت القضية أعقد من ذلك، لأسباب تتعلق بتلبّد سماء الحزب بالكثير من الغيوم، السياسية والتنظيمية، ونشوء مراكز قوى داخل الحزب وغياب قراراته الموحدة، والأمر لا يتعلق بظروف المنفى وأوضاع الأنصار فحسب، بل بتداخل قوى وعناصر خارجية مؤثرة على توجهه وسياساته. وهو ما ظهر بالبيانات المتضاربة بخصوص احتلال الفاو وقبلها بالانضمام إلى جبهتين متعارضتين لا يفصل الأولى عن الثانية سوى أسبوعين فقط. (المقصود جبهة جوقد في الشام وجبهة جود في كردستان).
وكان موقف عامر عبدالله الحقيقي هو القريب إلى ما نشر في المنبر، حيث عمل جاهداً خلال سنوات غير قليلة لإجلاء الحقيقة، ولا أدري لماذا نعود وبعد هذا الذي حصل لإعادة إلقاء اللوم على عامر عبدالله متهمين إياه بأنه وراء القضية منذ أن بدأت وحتى مماته. ؟! إن ذلك الموقف اللاّ مسؤول هو استمرار إساءة لعامر عبدالله حياً أو ميتاً، ناهيكم عن محاولة إبعاد الأنظار عن المسؤولين الحقيقيين والمتواطئين والساكتين عن قضية ثابت العاني.
وقد سبق أن تمت الإشارة من جانب مهدي الحافظ في مقالته وهو ما تم التأكد منه إلى أن الجهة التي سرّبت الخبر كان قد جاء دورها بعد احتلال الكويت العام 1990، وقد سبق لإدارة الحزب في حينها أن وقعت بياناً مع جهة مجهولة، اتّضح أنها هي ذات الجهة المعنية، التي ليست بعيدة عن أجهزة الاستخبارات البريطانية، وهو ما كان ثابت حبيب العاني يتحسس منه جداً، وقد سبق لكمال مجيد أن نشر عن هذا الموضوع في جريدة القدس العربي، في معرض نقده.
1. أين مذكرات عامر عبدالله؟
كثر القيل والقال والتأكيد والنفي بوجود أو عدم وجود مذكرات مكتوبة لعامر عبدالله، وكانت قناعتي ولا تزال إن عامر عبدالله كتب مطالعات ومواقف وآراء وحوارات وذكريات، واستحضر أسماء وتواريخ في إطار دفاتر كان يجمع فيها الكثير من الاقتباسات والشواهد والنصوص والكتابات، وحاول تلخيصها، وأظن إن بعضها كان حاضراً في كتابه المهم "مقوّضات النظام الاشتراكي العالمي " الذي صدر في العام 1997 عن مكتبة رمضان في لندن.
أما مذكراته وإن كانت قد تمت طباعة نسخ منها، لكنها لم تكتمل بصورتها النهائية، وهناك من قام باستنساخها بخطّه، لأن خط عامر عبدالله صعب القراءة، خصوصاً عندما يكتب بسرعة، علماً بأن هناك من قال لي أنه قام بطبع فصول أو أجزاء منها، وقد ظنّ هذا البعض إنها اكتملت أو أصبحت جاهزة للطبع، لكنني ما زلت أعتقد أنها كمذكرات كاملة ومهيأة للطبع، لم تكن قد أنجزت، وهذه هي معلوماتي وكنت قد اطّلعت على تلك الدفاتر التي كانت تمتلئ بالجديد وتصحّح وتعدّل ويضاف إليها ويحذف منها منذ أوائل الثمانينيات، بما فيها مكاتبات رسمية ورسائل كان قد كتبها " أبو عبدالله" عندما كان وزيراً.
قد أكون مخطئاً إذا كان هناك من لديه معلومة أفضل أو أدق أو أوثق من هذه المعلومة، وإذا كان هناك من يعرف أكثر من ذلك، لماذا لا يقول أين هي المذكرات؟ ومن أخذها؟ ولماذا لم يحتفظ هو بنسخة منها أو يأتمن أحداً عليها ممن يثق به، إلاّ إذا كانت هناك جهة ما وقفت وراء إخفاء المذكرات، فتلك مسألة أخرى ولا علم لي بها، ولنسأل من هي الجهة التي وقفت وراء إخفاء مذكرات عامر عبدالله إن وجدت؟ وما هي مصلحتها؟ وكيف تمكّنت أن تضع يدها عليها؟
ثم ماذا تريد تلك الجهة من إخفاء المذكرات أو تغييبها، خصوصاً وأن بعض رفاقه كانوا قد اطلعوا على أجزاء منها مثلما هو الرفيق عبد الرزاق الصافي (أبو مخلص) والرفيق باقر ابراهيم (أبو خولة) وآخرين، علماً بأنني نشرت جزءًا منها في كتابي عن عامر عبدالله، وهي محاضرة له عن سيرته قدّمها في الكوفة كاليري لكنها هي الأخرى لم تكتمل، واكتفى في النصف الثاني منها بوضع رؤوس أقلام للاستذكار. وأنوي طبع جزء آخر، لكنه بحاجة إلى تدقيق وتبويب وعناوين، في وقت لاحق، وقد وصلني مؤخراً بعد طبع كتابي عن عامر عبدالله، لكنني ما زلت أقول إن ذلك ليس مذكرات مكتملة، بل كانت أقساماً وفصولاً بعضها مترابط وبعضها الآخر كان بصورة أولية أو حتى عناوين ونقاط استدلالية لمراحل زمنية وحوادث وتواريخ، وكما هو واضح في محاضرته في الكوفة كاليري، حين بدأ بالكتابة بتفصيل، ثم انتقل في النصف الثاني من المحاضرة، إلى الاستعانة برؤوس الأقلام لاستكمال محاضرته.
أمام إصرار من يقول إن هناك مذكرات وهي موجودة فعلاً، لا أجد في نفسي القدرة على الزعم أو الادعاء بعدم اكتمالها، وهناك مصدران مقرّبان لهذا الإصرار، وإن اختلفا في أسباب اختفاء المذكرات. قلت لو تمكّن عامر عبدالله من نشر مذكراته وهو على قيد الحياة، لكنّا قد أضفنا إلى مكتبتنا العربية والعراقية بشكل خاص سفر مجيد وأدب رفيع ولغة أنيقة ومعلومات ثرّة وأسرار كبيرة، لكن ذلك لم يحصل للأسف الشديد.
حصل الأمر بالنسبة لأبو كَاطع (شمران الياسري)، فقد أصرّ حميد الياسري (ابن أخيه) على وجود حاجيات شخصية وكتابات وخصوصيات لدى رحيله، لكنها لم تصل إلى ورثته وإلى متناول القراء وظلّ يطالب ويطالب، ولكن دون جدوى، في حين أن الجهة التي وضعت اليد عليها كما يقول، لم تقل رأياً حول الموضوع، واستمرت في سكوتها إلى الآن وهو ما حاولت إضاءته في كتابي الموسوم " أبو كَاطع- على ضفاف السخرية الحزينة" الصادر في لندن العام 1998.
مرّة أخرى أعتقد وخارج "نظرية المؤامرة" الشائعة، إن شخصية مثل عامر عبدالله أو مثل "أبو كَاطع"، يفترض فيهما كتبا مذكراتهما، لكن موتهما الغامض وبالسرعة الخارقة ودون إنذار، جعل هناك مجالاً للتقوّلات والآراء المتناقضة. كنت ولا أزال أتمنّى أن يكون لعامر عبدالله مذكرات كاملة وأن ترى النور، لأنها ستكون إضافة حقيقية للفكر والسياسة والثقافة العراقية، التي كان أحد روّادها الأكثر جدلية وحضوراً.

2. بعثيون وإنْ لم ينتموا !!
حين اقتربنا من موقع الدولة بعد عقد الجبهة الوطنية العام 1973، بدأت بعض أمراضها تتسرب إلينا، من بيروقراطية إلى ولاءات وبطانات وحجب للرأي الآخر، تارة بزعم عدم استيعاب التطورات والتأثر بعقد الماضي والحساسية من الحليف " البعثي" وتارة أخرى، الحرص على العلاقة مع الحليف والحذر من وصول الآراء المخالفة له ولتوجهاته، الأمر الذي قد يؤدي إلى ما لا يحمد عقباه، ولعلّ واحدية الرأي والحرص الشديد على العلاقة مع الحليف، هما اللذان كانا وراء مثل تلك التوجّهات، التي لم تستطع الحفاظ على ما هو قائم، بل ساهمت في انفراط عقد الجبهة، التي بدا فيها عنصر التوازن مختلاًّ على نحو واضح.
كانت النظرة قاصرة أمام ضغط الواقع الذي كان فيه الحكم يميل إلى التشدّد والانفراد والاستئثار وعدم الحرص على العلاقة، في حين بقينا نحن نتحدث عن المكتسبات والمنجزات والعلاقة الستراتيجية، وكأننا ندور في حلقة مفرغة تماماً أو نتحدث عن أمور لا علاقة لها بالواقع. أما الحرص على العلاقة مع الحليف فقد كانت أقرب إلى الحب من طرف واحد، وكلّما تمادينا في إظهار الولاء والتخضّع ومحاولة إثبات إخلاصنا وكشف ما عندنا، ازداد الحليف إعراضاً عنّا وصدوداً واتساعاً مع مرور الأيام.
لقد اقتادنا " الحليف" ذات مرّة لنصدر بياناً أشد قسوة ضد النظام السوري، إثر تفجير حصل في صندوق النفايات عند مدخل مطار بغداد، بعد أن كانت وكالة الأنباء العراقية (واع) قد أصدرت بياناً باسم الحكومة ويعبّر عن وجهة نظرها، فقمنا باقتطاع فقرات منه ونشرنا ما يعجبنا بطريق الشعب، الأمر الذي أغاظ الحليف، فدعا لاجتماع للجبهة وبعد محاولات تقريض ونقد صدر بيان باسمها أشدّ عنفاً واتهاماً ضد النظام السوري، وقمنا في اليوم التالي بنشره بالكامل مع الممنونية.
لقد برزت بعض الظواهر السلبية خلال سنوات الجبهة الوطنية مع حزب البعث بين أعوام 1973-1979 في حياة الحزب الداخلية، وكانت هناك حساسية شديدة إزاء الرأي الآخر المخالف لإدارة الحزب، واستمرت هذه الظواهر وتكرّست وازدادت خطورة في المنفى وفي كردستان في ظروف حركة الأنصار، وترافقت مع إجراءات بيروقراطية للإدارة الحزبية، ونهج التفريط والتخلّص من المعارضين بأساليب مختلفة.
كانت المحاضِر الحزبية خلال فترة " الجبهة العتيدة" تذيّل باستمرار (لا وجود لرأي مخالف) ، بل إن بعض البيروقراطيين كانوا يسعون بكل ما يستطيعون للحصول على " الجائزة الذهبية" عندما يختم المحضر: عدم وجود رأي مخالف، وحتى لو اعترض الرفيق أو أبدى رأياً مخالفاً أو ناقش في موضوع، فإنه يطلب منه في ختام الاجتماع، تأكيد انسجام رأيه مع رأي الحزب (المقصود-الإدراة)، حتى وإن أبدى رأياً مخالفاً، حيث يتم تخفيفه باعتباره استفساراً أو ملاحظة لا ترتقي إلى حدود الاختلاف أو الاعتراض أو عدم القناعة.
واشتهر بعض الرفاق بذلك ممن كانوا يأتون برأي الحليف ويستشهدون به بمناسبة أو دون مناسبة، بل يبالغون في ذلك، لدرجة كان بعضنا يتندّر، وإن كان الأمر مزاحاً إنهم "ممثلون" عن حزب البعث داخل حزبنا، قد يكون بعضهم عن إيمانية عمياء أو ممالئة للإدارة الحزبية، وبعضهم الآخر عن اعتياد بعدم المعارضة وتجنب أي شيء يختلف مع الإدارة الحزبية، وبعضهم لا رأي له، فهو يفضّل السكوت على الكلام، وكان عامر عبدالله في "مذكّرته" المشار إليها قد أشار إلى ضرورة استنطاق الساكتين، لأن بعضهم لا يحاول إبداء رأي، وإن أعطي رأياً فإنه أقرب إلى رأي زئبقي، لا تستطيع أن تحسبه مع أو ضد.
وعلى الرغم من تراجع النهج الحكومي سواء بالإجراءات القمعية ضد الحزب الديمقراطي الكردستاني والشعب الكردي بعد تجدد القتال في العام 1974 فإن بعض عناصر الإدارة كان متحمساً لحمل السلاح ضد الحركة الكردية، أو عند توقيع اتفاقية 6 آذار (مارس) العام 1975 المذلّة والمجحفة والتي "قمنا" بتأييدها للأسف، أو بإجراءات الحكومة بخصوص حركة خان النص (بين النجف وكربلاء) في شباط (فبراير) العام 1977 التي تحمّس البعض لضربها، مثلما تحمّس هؤلاء لحلّ أو " تجميد" اتحاد الطلبة واتحاد الشبيبة ورابطة المرأة، والتعهّد بعدم العمل في الجيش، معرضين منتسبي هذه المنظمات والرفاق عموماً لمخاطر شتى، بل جعلت منهم "محكومين" مسبقاً مع وقف التنفيذ، وهو ما استثمره الحكم لاحقاً بإجبار عشرات الآلاف من الشيوعيين وأصدقائهم والمواطنين عموماً على التوقيع على المادة 200 من قانون العقوبات البغدادي التي تعني حكم الشخص لنفسه بالإعدام سلفاً بعد توقيعه على تعهد بذلك، وترك موضوع التنفيذ لصاحب السلطة، لكن هؤلاء "الرفاق" ظلّوا يراهنون على ضعف الذاكرة، فبالغوا بالشعارات الرنانة لاحقاً، في حين كانت حماستهم للحكم البعثي تقترب من وصف صدام حسين "إنهم بعثيون وإنْ لم ينتموا".



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- متلازمة الدّين والإنسان
- المثقف وفقه الأزمة – ما بعد الشيوعية الأولى /ح 12
- تحدّيات التنوير منظوراً إليها أكاديمياً!
- المثقف وفقه الأزمة – ما بعد الشيوعية الأولى /ح 11
- عن القوة الناعمة
- المثقف وفقه الأزمة – ما بعد الشيوعية الأولى /ح 10
- المثقف وفقه الأزمة – ما بعد الشيوعية الأولى /ح 9
- المثقف وفقه الأزمة – ما بعد الشيوعية الأولى /ح 8
- المثقف وفقه الأزمة – ما بعد الشيوعية الأولى /ح 7
- المثقف وفقه الأزمة – ما بعد الشيوعية الأولى /ح 6
- العقد الثاني لليسار في أمريكا اللاتينية
- المثقف وفقه الأزمة – ما بعد الشيوعية الأولى /ح 5
- المثقف وفقه الأزمة – ما بعد الشيوعية الأولى /ح 4
- المثقف وفقه الأزمة – ما بعد الشيوعية الأولى /ح 3
- المثقف وفقه الأزمة – ما بعد الشيوعية الأولى /ح 2
- الرمادي بعد الموصل.. كيف ولماذا سقطت؟
- المثقف وفقه الأزمة – ما بعد الشيوعية الأولى /ح 1
- العراقي يُقتل حتى في السويد
- تقسيم العراق وحكاية الأعظمية
- النظام الإقليمي العربي ومعادلات القوة العالمية


المزيد.....




- ترامب: جامعة كولومبيا ارتكبت -خطأ فادحا- بإلغاء حضور الفصول ...
- عقوبات أميركية جديدة على إيران تستهدف منفذي هجمات سيبرانية
- واشنطن تدعو بغداد لحماية القوات الأميركية بعد هجومين جديدين ...
- رئيس الوزراء الفلسطيني يعلن حزمة إصلاحات جديدة
- الاحتلال يقتحم مناطق بالضفة ويشتبك مع فلسطينيين بالخليل
- تصاعد الاحتجاجات بجامعات أميركية للمطالبة بوقف العدوان على غ ...
- كوريا الشمالية: المساعدات الأمريكية لأوكرانيا لن توقف تقدم ا ...
- بيونغ يانغ: ساحة المعركة في أوكرانيا أضحت مقبرة لأسلحة الولا ...
- جنود الجيش الأوكراني يفككون مدافع -إم -777- الأمريكية
- العلماء الروس يحولون النفايات إلى أسمنت رخيص التكلفة


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - عبد الحسين شعبان - المثقف وفقه الأزمة – ما بعد الشيوعية الأولى -ح 13