أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد الصلعي - مجتمع آخر أو مجتمع الجناكا -رواية-21-














المزيد.....

مجتمع آخر أو مجتمع الجناكا -رواية-21-


خالد الصلعي

الحوار المتمدن-العدد: 4840 - 2015 / 6 / 17 - 09:46
المحور: الادب والفن
    



مرت ببطنهاالمنتفخ ووقفت في انتظار مْحْمْد ، قبل أيام كانت بطنها عادية ، متى انتفخت وأين وكيف ؟ أسئلة لا يطرحها الا الأغبياء في عالم الجناكا ، هي نفسها قد تجهل أب من في بطنها ، وتختلط عليها الأوقات والكيفيات . فحين يتعاطون مادة الهيروين أو الكوكايين يتعاطونها غالبا جماعة ، ويستعملون أحيانا كميات كبيرة خاصة حين يجتمعون ويتشاركون ذكورا واناثا في مقدار كبير .
لايبقى أمامهم وأمامهن الا استنشاق وتدخين وشرب تلك المادة ، ومنهم ومنهن من يحقنون بها أنفسهم . تحصل الغيبوبة التامة وتلك الحالة من نرفانا تعاطي المخدرات القوية تجلب نشوة بعيدة عن عالم المعقول والمحسوس والملموس ، ويصير الواحد منهم أو منهن جسدا قحا ، لا روح فيه ولا احساس .
ينسلخ الاحساس العادي أو ذلك الاحساس المترقي بعواطف جياشة طبيعية ، الى احساس متعالي ومفارق . وفي هذه الحالة يصعب على الحامل الجانكية اذا مارست علاقة جنسية مع أحدهم أن تتذكر الواقعة بكل تجلياتها وحركاتها وشخوصها .
توقفت تنتظر مْحْمْد الذي كان يركن احدى السيارات حول دائرة الساحة . موقف ممنوع على السيارات والدراجات ذات العجلات الثلاث أو أي وسيلة نقل الركن فيه . لكن مْحْمْد جعله موقفا للسيارت يجني منه ثمن المخدرات التي يتعاطاها .
هي الفوضى التي تضرب خيامها الممزقة في بنية هذا المجتمع . حتى السلطات تخلت عن وظيفتها في تنظيم المرور في ساحة تافيلالت ، وفرض احترام القانون بقوة القانون . ومْحْمْد لن يجد مكانا أفضل من هذا يسترزق منه ثمن مخدراته .
جاء مْحْمْد مهرولا اليها ، تحدث معها حديثا خفيفا ثم اتجهت نحو زنقة 49 تجر خطاها بثقل بطنها ، وبين الحين والحين تلتفت وراءها لتتأكد من قدومه .
شباب الحي الذي يجتمع عند زاوية الزنقة من بائعي الحشيش ، وبائعي المخدرات ومستعمليها يتابعونها بأعينهم ويتهامسون بينهم . يتساءلون : "متى حبلت سلمى ؟ " ، من جعلها تحبل ؟" ، هل يكون مْحْمْد ؟ " ثم تعلو قهقهة الجمع ، فحين تندر أحدهم بمْحْمْد ، هذا الفتي الأربعيني ، الضعيف البنية ، القصير القامة ، بتجاعيده التي غزت وجهه قبل الأوان ، وقال لهم :"كيف له أن ينجب منها ؟ انه شبه ميت ولا ويعجز أن يضاجع امرأة " .
هرول وراءها مْحْمْد وهو والملابس تتلاعب بها حركة احتكاه بالريح ، واقترب منها . أخرج من جيبه حفنة من الدراهم وراح يعدها أمامها وهما يتابعان طريقهما نحو بائع المخدرات ليذهبا توا الى منزل عائلته الذي هجرته أمه واخواته البنات ، وتركته له ولأخيه "الشريف " ، يعيثان فيه فسادا بعد ان لم يعد بالامكان اصلاحهما .
هي مثلها مثل الك البنت التي حين تفتح فمها للحديث او الضحك تبدو أسناها المسوداء المهشمة ، لم تتجاوز بعد سن الثلاثين ، لكنها انحلت الى شبه دمية مرمية منذ زمان بعيد في مكان مهجور ، تعاورت عليها صروف الحر والقر وتجعدت مادتها البلاستيكية ، وبين الحين والحين يتوهمها طير جارح كائن بشري قينقرها نقرا خاطفا ويكتشف أنها صناعة بلاستيكية .
حين حلت بالمنطقة ، كانت تدفع ابنها في عربة أطفال قديمة . وحين يصرخ تصرخ هي أيضا في وجهه :أصمت . في هذه السنة بالذات كثرت المدمنات اللواتي اما حملن أو ولدن ، في عشر سنوات سيتضاعف الرقم حتما . في عشرين سنة ستتحول منطقة ما الى مدينة خالصة للمدمنين والمدمنات .
اللحظة الآن اقتراب غروب الشمس . المكان حي 49 ، الحالة اختلاط كبير بين أصناف المارين والعابرين والواقفين والمطلين من الأسطح والنوافذ . أطفال صغار لايلتفتون الى الحياة الا كما تبدو لهم . ربما في عرفهم هذه هي طبيعة الحياة البشرية في كل مكان . خليط هجين بين مشردين وسخين وقذرين ، تعلق بثيابهم أوساخ ضخمة ووجوههم شاحبة ومقززة ومنفرة ، وبينهم يعبر أشخاص من الاناث والذكور بثياب نظيفة وبسلوط عادي ؛ أحيانا يسترقون النظر الى أولئك المدمنين ، ولا يكثرون تأملهم ، فقد صار الأمر طبيعيا وعاديا وسلوكا يوميا .



#خالد_الصلعي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بحث عن أساب فشل العرب ومجتمعاتهم
- مجتمع آخر أو مجتمع الجناكا -رواية-20-
- نحن الحالمون .......
- مجتمع آخر أو مجتمع الجناكا -رواية-19
- مجتمع آخر أو مجتمع الجناكا -رواية-18-
- مجتمع آخر أو مجتمع الجناكا-رواية-17-
- مجتمع آخر أو مجتمع الجناكا-رواية -16-
- الرموز تلك السجون اللامرئية :قراءة في عنف رموز السلطة في الم ...
- الصحافة العربية المريضة
- محمد صالح المسفر والسقوط المدوي لعرب الخليج
- الانتخابات في المغرب بين المشاركة والمقاطعة :نحو عقلية جديدة ...
- هل تسطيع الشعوب العربية الاستفادة من منجزات ايران ؟
- فخ ايران اليمني
- العرب بين المعنى والتسعير
- جنت براقش على نفسها
- قصيدة الغد بين محمود درويش وشارل بودلير
- الأمة العربية في رحلة الى الجحيم
- الشعر نبض الحياة
- لي أخ لا أعرفه
- نحو بناء مثقف جديد-2-


المزيد.....




- -فيلة صغيرة في بيت كبير- لنور أبو فرّاج: تصنيف خادع لنص جميل ...
- باللغة الفارسية.. شيخ الأزهر يدين استمرار الغارات الإسرائيلي ...
- “اخر كـلام “موعد عرض مسلسل المؤسس عثمان 195 الموسم السابع في ...
- فيلم -المخطط الفينيقي-.. كم تدفع لتصبح غنيا؟
- حرارة الأحداث.. حين يصبح الصيف بطلا صامتا في الأفلام
- -بردة النبي- رحلة كتاب روائي في عقل إيران الثورة
- تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك 2025 بتحديثه الجديد على النايل ...
- قصة الرجل الذي بث الحياة في أوليفر تويست وديفيد كوبرفيلد
- وزيرة الثقافة الروسية: زاخار بريليبين مرشح لإدارة مسرح الدرا ...
- “وأخيرا بعد طول انتظار” موعد عرض مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 1 ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد الصلعي - مجتمع آخر أو مجتمع الجناكا -رواية-21-