أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ميلاد سليمان - مغالطة حرق الاحداث














المزيد.....

مغالطة حرق الاحداث


ميلاد سليمان

الحوار المتمدن-العدد: 4839 - 2015 / 6 / 16 - 08:40
المحور: الادب والفن
    




"حرق الأحداث" هو ذلك المفهوم المُبهم، الذي يطلقه البعض على تلك الحالة التي يعتقدون فيها أن "لهفة ومتعة الفيلم يتم الانقضاض عليها وحلها وفضحها، لمجرد قيام شخص بسرد جزء أو كل أحداث الفيلم (Spoiler)"، مما يجعلنا في مواجهة عدة تساؤلات منها: هل حقًا يمكن حرق الأحداث!؟، هل حكي وسرد جزء من أحداث الفيلم قد يُغني عن مشاهدته بشكل كامل!؟، هل لكافة المشاهدين نفس الذاقة ونفس لغة التعبير عن فن الصورة!؟، علاقة المقال التحليلي والنقدي بحرق الأحداث!؟. ومن خلال محاولة الإجابة عن هذه التساؤلات، ننتقل لبيان عدة نقاط، من شأنها توضيح "مغالطة حرق الأحداث" وهي:
1- الرواية تستخدم الكتابة على الورق (الدال الكتابي) للتعبير، وهي علاقة أحادية بين الكاتب والورق، بينما السينما تستخدم فن حركة الصورة (الدال البصري) للتعبير، وفيها علاقات متعددة بين تخصصات متداخلة، بالتالي لكل مجال أداته وطريقته في توصيل المعنى والفكرة و إبراز الدلالة، والتي تختلف بين القطاعين، مما يجعل من الصعوبة بمكان حكي الفيلم شفهيًا أو كتابيًا، مهما بلغت حرفية ودقة من يحاول "حرق الأحداث".
2- حبكة الفيلم نسيج واحد متصل، سيمفونية متعددة الأدوات، هناك مثلا: التصوير، والإضاءة، والديكور، والموسيقا والمؤثرات الصوتية، والمكياج، والخدع الجرافيك، والتمثيل وبراعته، والعبارات ومدى حرفية الممثلين في إلقائها بنبرات صوتهم المميزة، يجمع كل ذلك مايسترو واحد هو المخرج، الذي يُعد أول عين تتخيل الفيلم وتراه في الصورة النهائية التي سيخرج وفقا لها، بالتالي من يحكي الفيلم -حارق الأحداث- لن يتمكن من إيصال كل هذه السيمفونية من خلال أداة واحدة فقط هي الكلام!!، بل سيكون من الأسهل أن يعرض الفيلم لك.
3- لو كان حكي الفيلم يكفي لحرق أحداثه وضياع متعته، ربما سيكتفي المخرج بعد ذلك بطبع نسخ من سيناريو الفيلم، ويقوم بتوزيعها على الناس، بدلا من أن يرهق نفسه ومعه باقي فريق العمل من الفنيين والفنانين والحرفيين في المشاركة لصنع الفيلم. ولكن ذلك لم ولن يحدث، وهناك تجربة إصدار كتب تحتوي على سيناريو بعض الأفلام الهامة، ولكنها قلما تلقى إهتمام القاريء العادي، بل يتناولها القاريء المتخصص بالدراسة كمقدمة أولية قبل المشاهدة، لمعرفة بنيَّة الفيلم وبراعة المخرج وفريق العمل في صنع هذا الصرح الفني.
4- أحداث وتفاصيل الرواية (نص مكتوب) لا تتحول -عادًة- إلى فيلم (صور متحركة) كما هي بنفس التفاصيل، دون إدخال تغييرات ورؤى متعددة، بالتالي حتى لو كنت قد قرأت رواية وتظن إنها ستتحول إلى عمل سينمائي وتظل محتفظًا بنفس أجوائها فأنت مخدوع أو موهوم، المخرج ليس رسام كوميكس، ينقل لك الرواية بأمانة كما هي، بل هناك خيانة مبدعة للنص، هناك رؤية خاصة به في صنع الرموز والإيحاء والحبكة والحركة، كذلك مدير التصوير في اختيار الكادرات والعدسات والمشاهد المناسبة، إلى آخر العناصر الفيلمية التي تشارك في ظهور العمل. وهناك عشرات الأمثلة عن روايات تحولت إلى أفلام ومازال البعض يقوم بعقد تلك المقارنات البائسة بين كلاهما، ويحاول إظهار الاختلافات، ليصادر على حرية المخرج ورؤيته وبراعته في تصوير الفيلم، ونذكر رواية "المريض الإنجليزي" للروائي الإيطالي مايكل أونداتجي، وأشهر مثال مصري "الثلاثية" و"الطريق" و"السمان والخريف" واللص والكلاب" و"زقاق المدق" وغيرها الكثير للكاتب العالمي صاحب الحظ الأوفر في تحويل أعماله إلى أفلام الأستاذ نجيب محفوظ.
بالتالي كان من السهل على دعاة هذا الرأي أن يقترحوا على الروائي أن يتعلم حرفيّة كتابة السيناريو ويكتب للسينما مباشرة ويترك عمله الروائي!!، أو يقف بنفسه كحارس على يد المخرج يوجهه ليكون الفيلم مطابق للرواية!!؟. بالتالي إن كانت الرواية وهي النص الأصلي المأخوذ عنه الفيلم لم يطابق الصورة المتحركة على الشاشة الفضية فما بالك بشخص يريد سرد ما رآه على هذه الشاشة!؟.
5- المقال النقدي والمقال التحليلي للفيلم، حينما يحتويان على أجزاء من الفيلم (مشاهد/ لقطات)، يكون الكاتب قد قام بذلك من أجل تحليلها وإبراز عمق الدلالة والمعنى فيها، من أجل النقد وإبراز مراكز القوى والضعف في التعبير البصري وغيره من أدوات فيليمة، لبيان "ماذا يريد الفيلم أن يقول!؟، وكيف حاول أن يقول!؟". فلا حرج على الكاتب أن يسرد لنا بعض أحداث الفيلم، ولا يعتبر هنا "حارق للأحداث".
6- المقال النقدي والمقال التحليلي، يُعدان أحد طرق حفظ وأرشفة موقف ورأي وتذوق الكاتب/ الناقد عن الفيلم، فهناك عشرات الأفلام التي تاهت في غياهب التاريخ؛ سواء بسبب السرقات للأصول الخاصة بشريط الفيلم، أو لسوء أماكن تخزينه أو لعدم وجود شريط للفيلم من الأساس إلا مع المخرج ويرفض عرضه لأسبابه الخاصة!!؟. خاصة وإنه لا يوجد في مصر أرشيف سينمائي يضم تاريخ السينما المصرية، ومعظم الأفلام غير متوفرة على شبكة الإنترنيت ومواقع المشاهدات أو شرائط الفيديو!!؟. بالتالي لم يبقَ عن الأفلام سوى مقالات تحكي قصة الفيلم وتعرض شريط بياناته وفريق العمل، تعد كوثيقة نعود لها لمعرفة احداث الفيلم وتفاصيله، ورؤية الناقد له.
7- المقال النقدي والمقال التحليلي، مفاتيح ذاتية للدخول إلى بوابات الفيلم، الناقد يكتب رؤيته، والتي يتفق معنا من بداية المقال، إنه موقف شخصي بحت، يعبر فيه عن ما ظهر في نفسه عند مشاهدة الفيلم، وينتظر منا نحن أيضًا أن نفعل المثل فور مشاهدتنا، وهذا المقال النقدي/ التحليلي يساعدنا في التعرف على جماليات فن الفيلم وليس يوجهنا لإصدار أحكام مطلقة على حبكته أو أحداثه أو طريقة عمل فريقه، بالتالي المقال يُعد "وسيط مؤقت قد يسبق أو يعقب اللقاء الحي مع الفيلم نفسه"، ولا يعتبر حرق للأحداث.



#ميلاد_سليمان (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفاعل الأمين
- ولكنها مريم
- عملوها الفرنجة
- الحكومة.. وضبط النفس
- بالشفا يا فيلسوف
- سقوط طاغية
- الثالوث الأقدس.. تقسيم مهام
- عدو العلمانية الأول
- سياق تصنيع الإرهاب
- نافورة أبدية الوعي
- تغليف الخرافة بالعلم
- أزمة الثقافة الجنسية 4
- نجاح وفشل الثورات
- التحرش فكر وفعل
- رهبان وبرليتاريين
- كنيسة الكهنة
- حتما ستنتهي الأديان
- مأزق الثقافة الجنسية ج3
- سنوات الضياع
- مأزق الثقافة الجنسية 2


المزيد.....




- موعد نزال توبوريا ضد أوليفيرا في فنون القتال المختلطة -يو إف ...
- الليلة..الأدميرال شمخاني يكشف رواية جديدة عن ليلة العدوان ال ...
- أعظم فنان نفايات في العالم أعطى للقمامة قيمتها وحوّلها إلى م ...
- “أحداث مشوقة في انتظارك” موعد عرض المؤسس عثمان الحلقة 195 ال ...
- نتيجة الدبلومات الفنية 2025 برقم الجلوس فور ظهورها عبر nateg ...
- صدر حديثا : محطات ديوان شعر للشاعر موسى حلف
- قرنان من نهب الآثار التونسية على يد دبلوماسيين برتبة لصوص
- صراع الحب والمال يحسمه الصمت في فيلم -الماديون-
- كيف يبدو واقع السينما ومنصات البث في روسيا تحت سيف العقوبات؟ ...
- الممثل عادل درويش ضيف حكايتي مع السويد


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ميلاد سليمان - مغالطة حرق الاحداث