أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الرحيم التوراني - قصة واقعية: حكاية داعشي في قطار فاس - مراكش














المزيد.....

قصة واقعية: حكاية داعشي في قطار فاس - مراكش


عبد الرحيم التوراني
صحفي وكاتب

(Abderrahim Tourani)


الحوار المتمدن-العدد: 4839 - 2015 / 6 / 16 - 08:39
المحور: الادب والفن
    




في مقصورة القطار، الرابط بين مدينتي فاس ومراكش، جلس رجل سبعيني، مالئا بمؤخرته المترهلة سعة مقعدين، ثم استرسل في ثرثرة لا حدود لها.

قال عن نفسه ومن دون سؤال، مخاطبا رفاق السفر، إنه كاتب من شرق المتوسط. وأضاف أنه عمل مستشارا للأخ العقيد لسنوات طويلة، قبل أن يقرر الفرار من جبروته إلى المغرب.

"المغرب - يقول صاحبنا- هو البلد الديمقراطي الوحيد في المنطقة، المغرب ذو تاريخ غني".

ولم ينس الرجل أن يقلل من قيمة وشأن الجزائر الشقيقة. ثم عرج لينتصر للمغربيات، قال إنهن أخواته وبناته وعماته وخالاته، وأخبرنا أنه متزوج من فترة بشابة مغربية بارة.

قال: "لا يجب على كلب مثل نبيل عيوش أن يهين المرأة المغربية".

وصمت لحظة، وزع خلالها نظرات ضيقة على الجالسين قبالته وجنبه، ثلاث نساء ورجلين وأنا. إنه يريد اكتشاف وقع كلماته علينا.

ابتسمت إحداهن ابتسامة غامضة، وطأطأ آخر رأسه علامة موافقة ورضا. زاد من رفع نبرة صوته الأجش قائلا:

- لو كان بيدي الأمر لذبحت هذا اللانبيل العيوش، حلال سفك دم هذا الديوث.

حينها رفعت عيني عن صفحات الجريدة التي بين يدي، وتوقفت عن تمثيل دور إهمال ما يتفوه به الرجل. لم أتردد في وصف من يطلق مثل هذا الكلام ب"الداعشي".

بدا لي الرجل يتغير لون وجهه غير الحليق. كان المسكين ينتظر أن يتم شكره، وتوسيمه ربما، على مجاملته للمغرب وللمغربيات، بدلا من أن يهاجم. ثم توجه إلي بثقة كبيرة قائلا إنه "سيهزمني"، (لم يقل إنه سيقنعني). قلت له أنا لا أتفق مع ما جاء في الفيلم المقصود، لكني ضد أحكام القتل. لم يكن يسمعني لكونه انهال علي بسرد سيل من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، والقصص والوقائع التاريخية، من عصر النبوة وبدايات الإسلام.
كنت كلما أردت مقاطعته كان يرفع من صوته ويدعي أنه أكبر مني سنا، وأكثر مني معرفة ودراية وإلماما بمثل هذه القضايا والأمور الجوهرية، وما علي إلا الإنصات والإصغاء إلى ما يقوله من درر معرفية.
إحدى المسافرات معنا، محجبة بالمناسبة، كانت تقوم بمهمة إتمام العبارات الأخيرة من الأحاديث التي يذكرها، وكان هو يثني على نباهتها وألمعيتها، وفجأة احمرت عيناه واتجه صوبها دامعا، وفي مشهد ميلودرامي ضعيف الإخراج والأداء:

- والله لإنك أختي.. أختي.. أنت أختي.. في العروبة والإسلام.. وأريد أن أقبلك.. أقبل رأسك.

مانعت المرأة، غطت بيديها رأسها. لكن الرجل وقف بكل جوارحه، وانتبه الجميع إلى انتفاخ سرواله الرمادي اللون. بعدها جلس يتمتم بكلمات غامضة، ثم ما لبث أن انخرط في النوم ليعلو شخيره ويملأ كل المقصورة.

بعد ساعات طالت، نزل جميع من كان في القطار ، وبقي مستشار العقيد وحيدا، ليس هنالك من يحادثه.

لم يجرؤ أحد أن يوقظه ويخبره أن القطار وقف في المحطة الأخيرة.



#عبد_الرحيم_التوراني (هاشتاغ)       Abderrahim_Tourani#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بصدد منع فيلم حول دعارة الخليجيين في المغرب: -الزِّنا اللِّي ...
- (بمناسبة خطبة الوزير الحبيب الشوباني والوزيرة سمية بنخلدون) ...
- عندما يقترف بنكيران -الكلام- وينام عل ضيق ...
- je suis ni charlie.. ni charlot.. stop à lislamophobie
- أغنام وأرانب مغدورة
- مصطفى النهيري.. كاتب من زمن آخر
- بوحمارة في -درب مولاي الشريف-
- النمرة غلط
- قصة نادرة عن البلاد الممسوخة لم يكتبها فرانز كافكا
- رحيل الفنان التشكيلي المغربي فريد بلكاهية: جنازة صغيرة لفنان ...
- المشنوق يشرب القهوة في السقف
- فتاة -النيكريسكو- وإدريس الخوري
- البيروقراطي والأرستقراطية
- ثلاث أقاصيص كاذبة
- القيامة فاتت من هنا
- لا عراء للوحيد
- أحلام مليئة بالأخطاء
- كلاب الأوطوروت
- عندما تمردت شخصيات الكاتب ضده
- عطلة استجمام في الوليدية


المزيد.....




- التعبيرية في الأدب.. من صرخة الإنسان إلى عالم جديد مثالي
- يتصدر عمليات البحث الأولى! .. فيلم مشروع أكس وأعلى الإيردات ...
- المخرج علي ريسان يؤفلم سيرة الروائي الشهيد حسن مطلك وثائقياً ...
- فنانون سوريون ينعون ضحايا تفجير كنيسة مار إلياس
- المفكر الإيراني حميد دباشي.. التصورات الغربية عن الهوية الإي ...
- فيلم -باليرينا-.. درس جديد في تصميم الأكشن على طريقة -جون وي ...
- التشادي روزي جدي: الرواية العربية طريقة للاحتجاج ضد استعمار ...
- ما آخر المستجدات بحسب الرواية الإسرائيلية؟
- تردد قناة ماجد الجديد لأطفالك 2025 بأحلى أفلام الكرتون الجذا ...
- -أسرار خزنة- لهدى الأحمد ترصد صدمة الثقافة البدوية بالتكنولو ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الرحيم التوراني - قصة واقعية: حكاية داعشي في قطار فاس - مراكش